أعلن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أن الحكومة ستبحث إعادة النظر في قانون الإعلام وواقع قطاع الإعلام بشكل عام في تونس، وإيجاد الآليات الكفيلة بضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين. وقال الشاهد خلال ورشة عمل حول سلامة الصحفيين في تونس وقضايا الإفلات من العقاب، التي نظمتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، اليوم الأربعاء إن الحكومة ستعمل قريبًا على تطوير المرسومين 115 و116 المنظمين لقانون الإعلام في شكل قانون، مع مزيد من إثرائه في اتجاه ضمان حماية الصحفيين وتكريس تنوع واستقلالية وسائل الإعلام، مبرزًا حرص الحكومة على الحفاظ على المكاسب التي تحققت في مجال حرية الصحافة، والعمل على تدعيمها بالاستناد إلى الدستور. وأضاف أن المكاسب التي تحققت في مجال حرية الصحافة لا يمكن تعزيزها دون تطوير البنية التشريعية والقانونية، وهو ما حظى بأولوية مطلقة من قبل الحكومة والمؤسسة التشريعية، حيث صادق مجلس نواب الشعب في مارس 2016 على القانون الأساسي المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة بهدف تحقيق الشفافية والمساءلة. وأكد أن إنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين "قضية معقدة ومتشابكة"، يتداخل فيها التشريعي والعملي، لكنها تظل لدى الحكومة "قضية مبدأ لا يمكن أن تخضع لمزايدة أو تأجيل"، معتبرًا أن إنجاح هذه المسألة سيحدد النجاح في المسائل الاقتصادية والاجتماعية، وفق تقديره. واعتبر رئيس الحكومة "أن تونس محتاجة أكثر من أي وقت مضى إلى صحافة مهنية وشجاعة وجريئة ومستقلة عن كل التجاذبات المالية والسياسية"، مشددًا على أهمية الوعي بأن صحافة بهذه المواصفات "لا يمكن أن تنشأ وتتطور دون دعم الدولة لها"، ودون تطوير بنيتها المادية المتعلقة بالخصوص بتسهيلات الطبع والنشر. كان الرئيس التونسي قد أكد صباح اليوم خلال لقاءه مع وفد الصحفيين التونسيين الذي زار بغداد الأسبوع الماضي أنه الضامن لحرية الإعلام وأن لا ديمقراطية بدون حرية تعبير، مبرزًا الدور المحوري للإعلام في تدعيم مسار الانتقال الديمقراطي وضرورة حرص الصحفيين وهياكلهم المهنية على الحفاظ على مصداقية القطاع. من جانبه، قال رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ناجي البغوري، إن النقابة سجلت أكثر من 180 حالة طرد لصحفيين، وأكثر من 480 حالة تأخر في الحصول على الأجور في وقتها، خلال عام واحد من سبتمبر 2015 إلى سبتمبر 2016، معتبرًا ذلك مؤشرًا خطيرًا يهدد مهنة الصحافة في تونس. وأضاف أن تسلل المال الفاسد إلى قطاع الإعلام في تونس، يعد ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، وباتت تهدد المهنة الصحفية بشكل واضح، معتبرا أن ما يقدمه البعض لتبرير تنامي هذه الظاهرة، على غرار تأثر الإعلام بالأزمة الاقتصادية وضيق سوق الإشهار، "لا يمكن أن تخفي إلا استهتار بالمجهودات الصحفية، وتدفع بالمهنيين إلى تحمل أزمات ليسوا مسؤولين عنها"، على حد قوله. وشدد على أن الدفاع عن حرية الصحافة وعن قضاياها النبيلة، يتطلب صياغة اتفاقيات قطاعية مشتركة جديدة، وتفعيل إلزام المؤسسات الإعلامية باحترام كامل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحافيين، وبعث وكالة وطنية للإشهار تراعي في عملية توزيعها احترام الحقوق المادية والمعايير الأخلاقية. من جهته، أبرز ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتونس والمنسق العام بالنيابة للأمم المتحدةبتونس ديميتر شاليف، أهمية فرض عقوبات مادية ومعنوية تجاه مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين، باعتبار أن التجربة أكدت أن الإفلات من العقاب يساهم في تفاقم الصراعات والحد من حرية الصحافة، وفق تعبيره، مشيرا في هذا السياق، إلى الدور المحوري للدولة عبر إرساء وتدعيم الآليات الكفيلة بحماية الصحافيين ومصادر المعلومات التي يستقون منها أخبارهم.