جولة الإعادة للدوائر الملغاة للنواب.. غلق باب التصويت في اليوم الأول بسفارات وقنصليات مصر بدول نيوزيلندا وأستراليا وكوريا واليابان    رئيس الوزراء يقرر الترخيص ل «هيئة الرعاية الصحية» بتأسيس شركة مساهمة    جيبوتي تغلق مقر بعثة أرض الصومال ردا على الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم    عباس: حرب الإبادة الإسرائيلية لن تحقق أهدافها سياسيا ولا أمنيا    أهم أخبار الإمارات اليوم الأربعاء.. حكومة أبوظبي تصدر قانونا جديدا للموارد البشرية    بيراميدز يتعاقد مع الفلسطيني حامد حمدان.. تفاصيل الصفقة ومدة العقد    تقرير مستشفى العباسية يؤجل محاكمة قاتل مهندس كرموز في الإسكندرية إلى يناير    الداخلية تكشف ملابسات واقعة اعتداء متبادل بين سيدة ووالدي زوجها بالإسكندرية    وزير الثقافة يشيد بمبادرة المتحدة لوقف نشر أخبار مشاهير السوشيال ميديا    المحكمة العربية للتحكيم تطلق ملتقى الوعي الوطني لشباب الصعيد    عاجل | " المالية " تزف بشرى سارة مع بدء التطبيق الإلزامى لنظام «ACI» جوًا غدًا    تحديث سعر الذهب الآن فى مصر عقب صدمة الهبوط الكبير اليوم    الحكم على 60 معلمًا بمدرسة بالقليوبية بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وإدارية    أمم إفريقيا - ديسابر: مباراة الجزائر؟ قادرون على مواجهة كبار القارة    إنجازات التجديف في 2025، ميدالية عالمية ومناصب دولية وإنجازات قارية    رئيس جامعة المنوفية يتابع امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية العلوم    «التضامن»: تسليم 567 طفلًا لأسر بديلة وتطبيق حوكمة صارمة لإجراءات الكفالة    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لاستقبال أعياد رأس السنة وعيد الميلاد المجيد    باحثة سياسية تكشف أبرز السيناريوهات المحتملة للمشهد السياسي في لبنان    بيت الزكاة والصدقات يعلن دخول القافلة الإغاثية 13 لغزة عبر منفذ رفح فجر اليوم    مستشفى إبشواي المركزي بالفيوم يطلق مبادرة "المضاد الحيوي ليس حلا"    عاجل- مجلس الوزراء يوافق على تخصيص قطع أراضٍ للبيع بالدولار لشركات محلية وأجنبية    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وأصلح ولاتتبع سبيل المفسدين 000؟!    محافظ الدقهلية: دراسة تطوير منزل أم كلثوم بمسقط رأسها    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    التضامن: برنامج «تكافل وكرامة» الأكبر في المنطقة العربية للدعم النقدي المشروط    اجتماع مفاجئ بين الرئيس السيسي والقائد العام للقوات المسلحة    تصعيد إسرائيلي شمال غزة يدفع العائلات الفلسطينية للنزوح من الحي الشعبي    مدبولي يوجه بسرعة الانتهاء من الأعمال المتبقية بمشروعات «حياة كريمة»    البدوى وسرى يقدمان أوراق ترشحهما على رئاسة الوفد السبت    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    ضبط 150 كيلو لحوم وأحشاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببنها    الداخلية تضبط قائدى دراجتين ناريتين بدون لوحات بعد استعراض خطير بدمياط    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    استهدف أمريكيين أصليين وخط مياه.. تفاصيل فيتو ترامب الأول بالولاية الثانية    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    الرقابة المالية تقر تجديد وقيد 4 وكلاء مؤسسين بالأنشطة المالية غير المصرفية    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    كييف تعلن إسقاط 101 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    سعر الريال القطري في البنك المركزي صباح اليوم    الدوري السعودي - مدرب الاتفاق: حصلنا عل نقطة من فم الأسد.. وفينالدوم لعب وهو محترق    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليتنا نتعلم من الحيوانات
نشر في صوت الأمة يوم 13 - 01 - 2015

وظل يحاول مساعدة القرد الذى فقد وعيه. ظل القرد الطبيب المعالج، يجذب القرد المريض شمالا ويمينا، ويعمل على إفاقته بالتحريك والرجرجة، ثم قام بضرب رأس القرد المصاب بهوادة فى الارض، حتى أفاق ثم وضعه فى ماء قريب حتى غسله ونظفه، ثم انطلقا قبل أن يقترب القطار منهما أو يلحق بهما أو بأيهما الأذى.
كانت المحطة مكتظة بالركاب الذين كانوا ينتظرون القطار وكانوا مشدوهين بهذا المنظر العجيب.قارن أيها القارىء بين ما فعله هذا القرد الحيوان مع قرد مثله، وبين ما تقوم به المنظمات الإرهابية وأهل العنف والحركات المماثلة وخصوصا داعش اليوم، وكلهم فى الهم سواء، إذ أنهم من أصحاب الفكر والفقه الشاذ أو الداعشى. يقومون بالذبح والقتل والسبى وتهجير السكان، بعد عمليات الإذلال والاهانات العديدة، وأحيانا يكون ذلك بسبب العقيدة المخالفة، والحرق والإجهاز على الجريح والاسر، كل هذا داخل الوطن العربى والاسلامى، فى وقت يتربص فيه العدو الحقيقى بالمنطقة، وتكثر المخططات المعادية التى تستهدف المنطقة. أين هذا من الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة؟ ذلك المنهج الجميل الذى يأمر به الله تعالى، ويؤسفنا أن نرى بعض الدعاة والمؤسسات الدعوية، أبعد ما تكون عن ذلك المنهج.
إن أخطر ما ينتج عن المنهج المنحرف فى الدعوة، والتركيز على السياسة والحكم أكثر من الدعوة، هو تشويه صورة الاسلام خصوصا والدين عموما، فنرى فى بلد الأزهر وآل البيت، نرى من يلحد أو ينتحر يائسا، بعد الانحراف عن المسار الصحيح. كما نرى مواجهة للتطرف والتشدد الدينى وهذا واجب وضرورة، ونرى أحيانا تسامحا أو تجاهلا أو إهمالا أو إستحسانا مع تطرفات أخرى، لاعلاقة لها بالدين، بل أحيانا تكون ضد الدين أو فهم الدين سلبيا، وتقع تلك المجموعات أو الأفراد حتى فى مهاجمة بعض الثوابت.
تنعت داعش نفسها بتنظيم الدولة الاسلامية،ويستميت بعضهم وخصوصا فى الغرب باستعمال هذا الاسم، حتى تلصق بالإسلام كل تلك الهمجية والوحشية التى تستخدمها داعش. أنا أعتقد بوضوح أن أمامنا مشوارا طويلا لنقدم للعالم نموذجًا للدولة الإسلامية الرشيدة، التى ترسى القيم الانسانية وفى مقدمتها الحريات والعدل والمساواة وكل حقوق الانسان، ويحتاج ذلك أن نخرج من التقليدية والنمطية، وأن نخرج من التخلف القائم لانه ليس قدرا، بل هو من الاهمال، والبعد عن الاحسان الذى أمرنا الله تعالى به، ونحن يجب أن نهرب من قدر الله إلى قدر الله الآخر . (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ).
هناك 55 دولة أو 56 دولة أعضاء فى منظمة المؤتمر الإسلامى ،ليس منها اليوم من يشارك أصلا أو كثيرا أو قليلا، فى صناعة الحضارة المعاصرة. النموذج الذى ينبغى أن نقدمه للعالم نموذج عظيم ينافس النماذج القائمة ويتفوق عليها، اذا أحسنا عرض هذا النموذج كما ينبغى قولا وعملا. هناك بعض الدول العربية أو الاسلامية أقرب إلى الاسلام الصحيح، وأحيانا نرى بعضها أو بعض حكامها أميل إلى التغريب الواضح، ولا يأخذون عن الغرب إلا سواءته، لا يأخذون عنه إمتلاك القوة والبحث العلمى والتقدم التقنى والديمقراطية الصحيحة، بل كان بعض أولئك الحكام أبعد عن الاسلام الوسطى الصحيح، وهذه داعشية فى نفس الطريق ولكن فى الاتجاه المعاكس.
الرحمة التى شهدناها فى منظر القردين، أوضح ما تكون، عنه فى سلوك بعض بنى الانسان. أين نحن من تلك الرحمة الالهية التى وسعت كل شىء، وكان النبى صلى الله عليه وسلم، رحمة للعالمين وللأسف الشديد، تختفى تلك الرحمة إن وجدت. عند التنافس أو الصراع أو الكراهية، رغم قوله سبحانه وتعالى (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).
إن القيم الإسلامية كلها قيم إنسانية ،ومنها العدل الذى لم يشهد العالم له مثيلا، وهو العدل الذى امر به الله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان)، وهو العدل الكامل، حتى مع الأعداء، وحتى فى أصعب الأوقات ومنها الحروب. ومنها المساواة بين بنى البشر، فالكل فى الخلق سواء (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا* إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ *)، ومنها فى الحديث، «لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى».
ومن تلك القيم الاسلامية الانسانية العظيمة الجميلة المتعددة، التى يفتقر اليها معظم العالم العربى، الحريات حتى فى اختيار الدين. لم يقهر الله سبحانه وتعالى، وهو الخالق البارئ العظيم المصور القاهر فوق عباده، ولم يجبر الناس على اختيار دين معين، ولو أراد لفعل «.وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً «، ولكنه سبحانه ترك الحرية للمخلوق الضعيف أن يختار (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، أو(فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ). وكذلك «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ». هذه القيم الثلاث الاساسية – العدل والمساواة والحريات-، اذا طبقت ومورست كما ينبغى، تعين كثيرا مع الاحسان والجودة فى الخروج من التخلف، وربما بعد نجاح هذا النموذج عندنا قد نراه، يضارع النموذج القائم حاليا حتى فى الغرب ويتغلب عليه، وما ذلك على الله تعالى بعزيز. العلة فى الانسان وليست أبدا فى الأديان. الاديان السماوية كلها تدعو إلى الرحمة والتسامح والمغفرة والعمل الصالح وعمارة الأرض بعيدا عن الضرر والاضرار بالآخرين. ولمن يريد أن يعتبر عليه أن ينظر فى الوصايا العشر التى نزلت على سيدنا موسى عليه السلام، ودعا إليها سيدنا عيسى عليه السلام، وأشار إليها القرآن الكريم .الوصايا العشر تنص على:
لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.
لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِى الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِى الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ.
لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا.
اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.
أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِى يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.
لاَ تَقْتُلْ.
لاَ تَزْنِ.
لاَ تَسْرِقْ.
لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.
لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِك.
هذه الوصايا العشر تصلح أن تكون أساسا للمواطنة وخصوصا فى البلاد التى تتعدد فيها العقائد وأتباع الديانات السماوية الثلاث . وهى لا تختلف فى شئ عن القيم التى وردت فى كثير من النصوص القرآنية بل تؤيدها وتدل على أن الدين واحد ومصدر الأديان السماوية واحد كذلك.
والنص القرآنى يقول «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا* وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ * إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا «.
والنص القرآنى الآخر يقول «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ «.
رحمة الله تعالى على شعراء الحكمة حيث قالوا:
نعيب زماننا والعيب فينا ** وما لزماننا عيب سوانا.
والله الموفق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.