قراءة في دفتر أحوال جوائز المهرجان «بلطية العايمة» عنوان السينما المصرية! تصوير: صلاح الرشيدي في غضون شهرين فقط حقق "أحمد حلمي" ثلاث جوائز متلاحقة عن دوره في فيلم "آسف علي الإزعاج" منحته مهرجانات متباينة الاتجاهات ولجان تحكيم مختلفة التوجهات جائزة أحسن ممثل عن فيلمه "آسف علي الإزعاج" المهرجانات هي الكاثوليكي، جمعية الفيلم، وأخيراً المهرجان القومي للسينما.. هذا التقدير يعني بوضوح شيئا واحدا وهو أن "أحمد حلمي" كان أكثر الممثلين إشعاعاً علي الشاشة.. "حلمي" يحمي موهبته بذكاء في الاختيار ولهذا أراه دائماً قادراً علي مواصلة طريق النجاح والجوائز.. لم يخضع "حلمي" نفسه لتلك القيود التي تفرض علي نجوم الشباك وهي الرهان علي اختيار سيناريو الفيلم المضمون جماهيرياً.. تحرر "حلمي" من هذا القيد وبات يبحث عن الإبداع وأثبت أنه صاحب رؤية صائبة لأن إيرادات فيلمه حققت وبفارق كبير المركز الأول أيضاً فأصبح نجم الإبداع والأرقام في 2008!! كانت جائزة أفضل ممثل دور أول ولا شك صادفت قدرا لا ينكر من الإجماع ولكن لم يكن هذا هو حال القسط الأكبر من جوائز لجنة تحكيم المهرجان وإليكم هذه القراءة في دفتر أحوال جوائز المهرجان. يستحق "ياسر عبد الرحمن" جائزة الموسيقي في فيلم "ليلة البيبي دول".. موسيقاه كانت هي الحسنة الوحيدة في الفيلم الخالي من أي لمحة إبداعية أخري. منذ أن عرض فيلمه "بصرة" في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي داخل مسابقة الفيلم العربي توقعت له جائزة لأن به لغة سينمائية عصرية.. السينما المصرية تقدم في كل عام أكثر من 15 مخرجاً جديداً ولكنها قلما تقدم مخرجاً لديه رؤية، في العادة تستعين شركات الإنتاج بالمخرجين الجدد توفيراً للنفقات إلا أن "رشوان" أنتج فيلمه بأمواله القليلة وقدم رؤيته الخاصة واستحق عن جدارة جائزة العمل الأول بالإضافة إلي الجائزة الثالثة إنتاج وقدرها 75 ألف جنيه التي جاءت بالفعل للمخرج الذي يستحقها!! يبدو أن لجنة التحكيم انقسمت حول جائزة أفضل مخرج لمن تؤول، إلي خالد مرعي "آسف علي الإزعاج" أم خالد يوسف "الريس عمر حرب".. "مرعي" دعم موقفه بحصوله علي جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثل أول.. أفضل فيلم تعني تميز عناصر الفيلم لكنهم وفي النهاية منحوه جائزة خاصة تخرجهم من المأزق.. الفيلم الآخر "الريس عمر حرب" كان له من التميز مونتاج "غادة عز الدين" التي تستحق بالفعل الجائزة طالما اعتبرت لجنة التحكيم أن "خالد يوسف" متميز في هذا الفيلم فإن هذا يعني أيضاً تفوق العناصر المشاركة في الفيلم، لماذا أغفلت منحه جائزة إنتاجية التي تمنحها للفيلم المتميز، إنه أحد تناقضات اللجنة؟! الغريب طبقاً لما انتهت إليه نتائج اللجنة هو أنها استبعدت المخرج "علي رجب" من الجوائز تماماً رغم حصول الفيلم علي القسط الوافر منها فهو حاصل علي الجائزة الثانية كأفضل فيلم وكان له أيضاً جائزة السيناريو حصل عليها "بلال فضل" عن "بلطية" في التمثيل "عبلة كامل" أحسن تمثيل دور أول نسائي عن "بلطية" الديكور "حمدي عبد الرحمن" عن "بلطية".. ما هو المطلوب أكثر من ذلك لكي يتم منح "علي رجب" في هذه الدورة لقب المخرج الأول.. لو عرفتم أن "محسن نصر" مدير التصوير في "بلطية" كان يتنافس بقوة مع "محسن أحمد" علي جائزة أفضل تصوير والفارق بينهما جاء لصالح "محسن أحمد" في فيلم "الوعد" بصوت واحد لعلمتم إلي أي مدي أخفقت اللجنة.. لجنة تحكيم تقرر تميز فيلم وتحجب الجائزة عن مخرجه ورغم أنني - شخصياً - أري "بلطية" فيلماً تقليدياً في بنائه ولا يجوز أن يحظي بتلك المكانة ولكني أتحدث عن غياب منطق ورؤية كان ينبغي أن تفرض نفسها علي لجنة التحكيم لكي تتسق نتيجتها المعلنة مع المنطق.. هل كان صوت "علي رجب" الغاضب عندما هاجم رئيس المهرجان وقال إنه مجرد موظف سيء ولهذا لم يمنحه المهرجان شيئاً.. هل لأنه وصف الوزارة بأنها وزارة التطبيع مع العدو الإسرائيلي؟ الذي أعلمه أن الوزارة لم تتدخل هذه المرة في توجيه مسار لجنة التحكيم والخطأ تتحمله اللجنة التي لم تنسق في اختياراتها.. لو سألتني عن أفضل سيناريو لقلت اثنان لا ثالث لهما يستحقان الجائزة أحمد عبد الله "كباريه" و أيمن بهجت قمر "آسف علي الإزعاج".. ولو سألتني عن أفضل ممثلة دور أول لاخترت فناناتان بسمة.. زي النهاردة، غادة عبد الرازق "الريس عمر حرب" ورغم ذلك فأنا لا أري في اختلاف وجهات النظر حول أحقية الحاصلين علي الجوائز مأزقا ولكن تناقضات اللجنة هي المأزق!! يبدو أن لجنة التحكيم بعد أن رصدت الجوائز لم تمنح نفسها فرصة في رؤية أخري حتي لا تتحول بعض الجوائز المصيبة إلي «مصيبة»!! أحلام «أديب» وكوابيس «رقيب» هل ترتدي الرقابة «البدلة الحمراء»؟! انطلق الأديب الكبير "جمال الغيطاني" رئيس لجنة التحكيم في المهرجان القومي للسينما مطالباً بإلغاء الرقابة علي المصنفات الفنية مشيراً إلي أن الرقابة الوحيدة التي يخضع لها المبدع هي ضميره وحسه الإنساني والوطني!! نبهه المخرج "خالد يوسف" الواقف بجواره علي خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا حيث يتم توزيع الجوائز أن الرقيب "علي أبو شادي" هو نفسه رئيس المهرجان "علي أبو شادي" وأن مطالبته بإلغاء الرقابة تعني بالضرورة إلغاء مقعد الرقيب وبقائه بلا أهم وظيفة يمارسها علي مدي تجاوز 10 سنوات حتي صارت جزءا من ملامحه الشخصية وكل ما يحصل عليه من مناصب أكبر هي بمثابة مكافآت عن موقفه في الرقابة!! نظر "الغيطاني" بإشفاق إلي "أبو شادي" الذي بادله نظرة استعطاف وترج وكأنه مذنب يرتدي البدلة الحمراء وفي انتظار تنفيذ حكم الإعدام النهائي وقال له "الغيطاني" لا ليس الآن.. ليس في القريب العاجل.. وهكذا أرجأ "الغيطاني" تنفيذ الحكم بضعة أشهر أو ربما بضعة سنوات ليستمر الرقيب في موقعه الأثير ولكنه سوف يذهب لا محالة للمقصلة بعد انتهاء فترة السماح.. تنفس أبو شادي الصعداء وهو يستمع إلي قرار العفو المؤقت الذي أصدره "الغيطاني"!! هل تلغي الدول في العالم الثالث وبينها مصر بالطبع.. الرقابة علي المصنفات الفنية؟ بالطبع لا.. الدولة مثلاً ألغت الرقابة علي الصحف لكنها وضعت علي رأس هذه الصحف القومية رؤساء تحرير يمارسون دور الرقيب ويضمنون أن يظل ولاء كتابها ومحرريها يتجه صوب قصر الرئاسة، حتي نفوذ الدولة تجاوز وبنسبة كبيرة ما لديها من صحف قومية إلي الصحف المستقلة والخاصة.. نعم بنسبة كبيرة تدفع الدولة برجالها إلي مراكز قيادية في هذه الصحف حتي تضمن أن تظل كل الأطياف السياسية والفكرية تسبح بحمدها.. وما ينطبق علي هذه الصحف تراه أيضاً في الفضائيات الخاصة.. الدولة تسيطر أيضاً سياسياً علي هذه القنوات.. صحيح أن الهامش المتاح أمامها أعلي من "ماسبيرو" إلا أن هذا لا يعني أنها ليس لديها خطوط حمراء بل إن الدولة تعقد صفقات مع رؤساء هذه القوات وترسل لهم مذيعيها الموالين لها ليحتلوا مساحات متميزة في إرسالها.. وهناك بعض الضيوف غير مرحب بهم في تليفزيون الدولة وأيضاً يلتزم بتلك القائمة السوداء القطاع الخاص؟! الرقابة علي المصنفات الفنية تحولت في الأعوام الأخيرة إلي فوضي رقابية.. الرقيب يرتكب أخطاء عديدة علي المستوي الوظيفي فهو ترك الجميع يسارعون بإرسال أفلامهم أو السيناريوهات إلي المؤسسات خارج حدود الرقابة لضمان رضاء هذه المؤسسات علي الرقيب وبالتالي بقائه في موقعه ولم نستمع ولو مرة واحدة أن الرقيب مستاء مما يجري حيث نري الكنيسة تراقب النصوص، والأزهر يراقب النصوص وزارة الداخلية تراقب النصوص ووزارة النقل والمواصلات تراقب النصوص!! بل أكثر من ذلك عندما تقدم المخرج "شريف عرفه" بسيناريو فيلمه "أولاد عم" إلي الرقابة وحصل علي تصريح وبدأ بالفعل التصوير فوجئ بعد أسبوعين بأن جهة سيادية في الدولة تعترض علي استكماله.. الرقيب لم يدرك أن "أولاد العم" المقصود بهم - اليهود - وأن عليه أن يخاطب الجهات الحساسة في الدولة أولاً قبل أن يمنح الفيلم تصريح التصوير؟! أشار "جمال الغيطاني" في كلمته إلي الرقابة الشعبية الاجتماعية التي هي أحياناً أشد ضراوة من الرقابة الرسمية التابعة للدولة وهذه الرقابة الشعبية هي نتاج الدولة أيضاً لأن التزمت في تقبل الآخر وافتقاد المرونة يعني أن الدولة أغلقت النوافذ أمام الناس فساروا لا يتقبلون وجهات نظر متباينة لما ألفوه وتعودوا عليه.. كما أن التردي الاقتصادي أدي إلي التمسك بقشور الأديان ومظاهرها وعلي هذا أصبحنا نستمع إلي صوت يعلو دائماً يحاكم الأعمال الفنية من خلال منظور أخلاقي ديني وينسي أننا بصدد إبداع فني لا ينطبق عليه القوانين الاجتماعية الصارمة.. مجلس الشعب وأعضاء الحزب الوطني قبل الإخوان المسلمين كثيراً ما يمارسون هذا النوع من الرقابة الشعبية.. الدولة لن تترك الرقابة تفلت من يدها برغم أن الكمبيوتر والمحمول والفضائيات أصبحوا في متناول الجميع والحقيقة أصبحت متاحة وسقطت الهالة عن الرؤساء والملوك وصار الناس يتعاملون معهم باعتبارهم بشرا.. لن ينسي أحد صورة "صدام حسين" وهو يخرج من مخبأه تحت الأرض وهم يفتشون شعره وأسنانه باعتباره مذنبا خارجا عن العدالة ولا أحد من الممكن أن تغادره تلك اللقطات التي تم تصويرها بالمحمول للحظات الأخيرة في حياة "صدام" قبل تنفيذ حكم الإعدام!! الدنيا تغيرت والرقابة أصبحت مثل "الديناصور" غير قادر علي مواصلة الحياة.. ينبغي أن تنقرض الرقابة بحكم الزمن مثل هذا الديناصور ولكن الدولة صاحبة مصلحة لكي تمسك بآخر خطوط دفاعها وهي الرقابة.. وأيضاً ستظل تبحث عن رجالها القادرين علي الدفاع عنها بالحق وبالباطل والباطل أكثر من الحق لأنها تعتقد أن بقاءها مرهون بتلك القوة، لن تسقط الرقابة بمجرد كلمة أعلنها علي الهواء مباشرة وفوق خشبة المسرح الكبير بالأوبرا، أديب حالم مثل "جمال الغيطاني".. الدولة لن تسمح بسقوط هيبتها بل إنها تزداد شراسة في الحفاظ علي رقابتها المباشرة وغير المباشرة وسوف تمتد الحياة بالرقيب علي "أبو شادي" وتختفي تلك الكوابيس ليظل الرقيب رقيباً مدي الحياة وينزع عنه البدلة الحمراء فلا إعدام للرقيب في القريب العاجل ولا البعيد الآجل!! قبل الفاصل ولا يزال الجميع في انتظار عادل إمام! · لم يدرك رئيس المهرجان خطورة أن «عادل إمام» يتم تكريمه وفي نفس الوقت يتنافس علي جائزة أفضل ممثل ياليته لم يفعلها اتجه ناحية الميكروفون وأمسك به قائلاً "عادل إمام" عنده تصوير ووعدني أن يأتي ربما كان في الطريق ونحن في انتظاره!! كانت هذه هي كلمات "علي أبو شادي" رئيس المهرجان. تخيلوا موعد تكريم "عادل إمام" محدد قبلها علي الأقل بشهرين كما أن التكريم لا يتم إلا بعد الاتفاق مع النجم علي الحضور أي أن "عادل إمام" رحب بالتكريم أولاً ووافق ثانياً علي أن يأتي للمسرح للحصول علي الدرع ورغم ذلك لم يأت ولم يعتذر ولم يرسل حتي ابنه لاستلام الجائزة.. كان الأولي برئيس المهرجان أن يعاتبه علي الهواء بدلاً من هذا الترجي المهين.. الدولة دائماً ما تمنح "عادل إمام" من خلال المؤسسة الرسمية كل ما يتمناه ووزارة الثقافة والمهرجان القومي تحديداً عندما يريد أن يحصل "عادل إمام" علي جائزة تشكل لجنة تحكيم يتم اختيارها بعناية لتضمن أن يتم التصويت لجائزة تذهب لعادل إمام بأسلوب يبدو ديمقراطياً.. هذه المرة كان الأمر بلا توجه مسبق لعادل إمام أو غيره، وهي من المرات القليلة التي لا يتم تشكيل اللجنة لتحقيق هدف ما أو لدعم نجم أو اتجاه سينمائي بعينه. مثلاً في العام الماضي عندما قررت الدولة أن تمنح الجائزة الأولي لفيلم "حين ميسرة" لأنها دخلت في معركة داخل مجلس الشعب بسبب التصريح بعرضه فكان لابد وأن يمنح جائزة لتصبح بمثابة حائط صد، اختار الرقيب لجنة التحكيم بعناية للوصول إلي هذا الهدف.. هذه المرة لم يدرك رئيس المهرجان خطورة أن "عادل إمام" يتم تكريمه وفي نفس الوقت يتنافس علي جائزة أفضل ممثل.. التكريم بالطبع هو شهادة تمنح للفنان عن تاريخه وعطائه وليس عن اللحظة الراهنة إلا أن الموقف كان يحتاج من رئيس المهرجان إلي قدر من التروي.. أولاً كان عليه أن يجنب "عادل إمام" الصراع علي الجائزة مثلما سبق وأن فعل ذلك مع "يوسف شاهين" الذي لم يكن يتنافس في فرع الإخراج في المهرجان القومي ويترك لتلاميذه التنافس.. أعتقد أن "عادل إمام" عندما سأل عن الجائزة واكتشف أنه لا جائزة حصل عليها لا هو كممثل ولا أي فرع لفيلم "حسن ومرقص" آثر الانسحاب.. "عادل" يرفض أن يقف في طابور المكرمين وعلي هذا كانت المفاجأة هي أن يقبل تكريم المهرجان مع آخرين وأعتقد أنه ربما تصور أن جائزة أحسن ممثل آتية له ولا ريب فيها ولهذا وافق.. "عادل" يري دائماً أنه لا يقارن بأحد وعندما قرر "حسين فهمي" عام 1999 أن يهدي دورة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي - عندما كان رئيساً للمهرجان - إلي نجوم الكوميديا ووضع اسم "عادل إمام" بين المكرمين ووافق "عادل" فوجئ "حسين" في اللحظات الأخيرة بأن "عادل" يعتذر بحجة أنه سوف يسافر إلي أمريكا في نفس يوم إقامة المهرجان لتصوير "هاللو أمريكا" الجزء الثالث من "بخيت وعديلة".. ورشح ابنه "رامي" لاستلام الجائزة وحضور التكريم علي الفور ألغي "حسين" التكريم بل ومنع إصدار كتاب عن "عادل إمام" كان في طريقه للمطبعة!! نعم أخطأ "عادل" عندما لم يحترم موعد تكريمه وأخطأ رئيس المهرجان عندما لم يدرك أنه لا يجوز أن تحتفي بفنان لتكريمه علي مشواره ثم تضعه في نفس الوقت متنافساً مع آخرين في لجنة التحكيم إلا أن خطأ رئيس المهرجان الأكبر عندما قال أنه لا يزال في انتظار "عادل إمام" ويبدو أنه لا يزال في انتظاره!!