يبدو أن مصر تواجه قوي احتلال جديدة..قوي تأبي أن تسقط بفعل الثورة أو الغضب الشعبي..كما تأبي أن تترك هذا الوطن إلا جثة هامدة. لم يسقط الاحتلال الجديد مع سقوط النظام..ولم يحول قبلته هربا من مستقبل يحكمه القانون..فأصحاب هذا الاحتلال كانوا هم أنفسهم أمناء تطبيق القانون باسم الثورة..كما كانوا أمناء تخريبه قبلها. احتلال الفساد وضع يده علي كل شبر في هذا البلد، ويصعب أن يسلم بالرحيل إلا بثورة غاضبة من جديد. في قصة أرض العياط التي منحها النظام السابق للشركة المصرية الكويتية بتراب الفلوس شاهد جديد علي سقوط مصر تحت قبضة احتلال المفسدين حتي هذه اللحظة، رغم ما سال من دماء الشهداء وأعراضهم. لم يرحل مبارك ومعه سدنة نهب مصر، حتي أورثوا كراسيهم لسدنة جدد يبدو أنهم أكثر فسادا واستهانة بثروة هذا الوطن ومقدرات شعبه. هذه السطور تفضح سدنة الفساد الجدد الذين ضيعوا عاما من عمر الثورة في شعارات جوفاء وتخريب مستمر لاقتصاد هذا البلد ببجاحة منقطعة النظير. قبل خمسة أعوام كنا أول من فجر فضيحة تخصيص 26 الف فدان بأجود أراضي العياط للشركة الكويتية مقابل ملاليم معدودة..ففي جلسة واحدة يوم 16 فبراير 2002 كانت مصر علي موعد مع ضربة نهب قاسية قام بها يوسف والي وزير الزراعة وقتها في 10 دقائق، ثم زاد من قساوتها أحمد نظيف بعد مجيئه رئيسا لوزراء مصر، حيث اعتمد "والي" عقود 450 ألف فدان في أراضي تابعة لهيئة التنمية الزراعية بالحزام الأخضر بالتخصيص كان اعدها مساعده أحمد عبد الفتاح وقتها، ومن بينها عقد منح بموجبه الشركة الكويتية لاستصلاح الأراضي مساحة 26 ألف فدان في العياط علي ترعة الإبراهيمية مقابل 200 جنيه للمتر بغرض الزراعة. كنا أول من نشر نصوص وصورة العقد في «صوت الأمة"في عام 2007 لتقوم الشركة بتسقيعها طوال 6 سنوات ثم تتقدم بطلب تحويل هذه المساحة إلي أراضي بناء وافق عليه "نظيف" بترحيب ولا أسرع في أقل من 10 دقائق هذه المرة، ليرفع سعر متر الأرض في المنطقة التي استحوذت عليها الشركة إلي 1000 جنيه دفعة واحدة، دخلت حصيلتها إلي جيوب أصحاب الشركة بدلا من خزينة الدولة التي فقدت في هذه العملية وحدها ما يزيد علي 54 مليار جنيه بعد تغيير النشاط الاستثماري والسماح بتحويل الارض إلي أراضي بناء بدلا من الزراعة بعد 6 سنوات من التسقيع المتعمد لم يفكر مسئول خلالها بمحاسبة الشركة علي تعطيل استصلاح الأرض أو طلب سحبها كما تقضي عقود التخصيص التي كشفنا ان اغلب شروطها الجزائية علي المستثمرين مجرد حبر علي ورق.. في فضيحة كنا أول من كتب عليها تحت عنوان: "والله العظيم هذه الصفقة أضاعت علي الدولة مليار جنيه". ليأتي دور رئيس وزراء جديد بعد نظيف ألا وهو عصام شرف الذي اتخذ بمجرد جلوسه علي كرسي الوزارة القرار رقم 1009 لسنة 2011 بإعادة التفاوض مع الشركة علي تسوية أوضاعها، وتجاهل البلاغات المقدمة للنائب العام والتي تحولت إلي دعوي جنائية في إهدار المال العام، ومحاولة تسوية الأمر وديا مع الشركة التي يرأسها محمد عبد السلام قورة رجل النظام السابق، بدلا من سحبها وتقديم من مرروا الصفقة للمحاكمة. وقبل أيام تسلم الراية خلفه كمال الجنزوري الذي أعطي إشارة بدء المفاوضات لإنهاء النزاع مع الشركة في ضوء ما قدمته من اقتراحات للتسوية وعد سحب الأرض بأي حال من الأحوال. والطريف حسب معلوماتنا أن رجلين ممن ظهروا كدعاة لمواجهة الفساد ووقف نهب مصر يقفان وراء تحصين مصالح الشركة التي يضخ فيها رجال أعمال كويتيون أموال طائلة لنهب أرض مصر، وهما يحيي الجمل وأحمد كمال ابوالمجد. فالأول هو من قدم ملف التسوية لحكومة شرف وسعي لضمان بقاء الأرض في يد الشركة علي حساب المال العام، بل تشير مصادرنا إلي أن سفرياته إلي الكويت فور توليه منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة شفيق كانت لهذا الغرض فضلا عن تمرير مصالح خاصة أخري للشركات التي يعمل مستشارا بها. أما الثاني فهو محامي الشركة الذي هدد باللجوء إلي التحكيم الدولي ومقاضاة مصر وإجبارها علي ترك الأرض بحوزة الشركة وتعويضها أيضا أسوة بما فعله في قضايا تحكيم سابقة تسبب بتدخله فيها في خسارة مصر ملايين الدولارات. والطريف أيضا أن الشركة بجيوش محاميها ووزرائها ورجالها في الحكم ومن بينهم صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الحالي الذي أرسل عندما كان أمينا لمجلس الوزراء خطابا للدكتور علي لطفي رئيس وزراء مصر الأسبق بصفته أحد الوسطاء يبلغه فيه باستعداد الحكومة لتذليل جميع العقبات أمام مشروعها، تدعي أن الحكومة المصرية هي سبب توقفها عن استصلاح الأرض بسبب عدم وجود مياه، رغم ما نشرناه هنا قبل خمسة أعوام من خرائط توضح وجود مجري مائي فرعي من النيل يمر بوسط الأرض مباشرة في ميزة لا تتكر كثيرا في الأراضي التي خصصتها الدولة لرجال الأعمال في عهد النظام السابق. وكانت محكمة القضاء الإداري قد أجلت دعوي بطلان عقد بيع أرض الشركة المصرية الكويتية بالعياط والتي يمتلكها نائب الوطني السابق عبدالسلام قورة إلي جلسة 31 يناير الجاري للإعلان والاطلاع علي الأوراق والمستندات..حيث كان المهندس حمدي الفخراني أقام دعوي بطلان ضد رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية مطالبا بفسخ العقد الموقع مع الشركة المصرية الكويتية مؤكدا أنه تم بيع المتر من الأرض بخمسة قروش فقط، بسعر 4 ملايين و800 ألف جنيه واتفقت علي السداد علي 6 سنوات كاملة قامت خلالها بعملية التسقيع لتحويل الأرض للنشاط العقاري. بينما سارع أحمد كمال أبوالمجد وكيل الشركة المصرية الكويتية للتقدم بطلب لمجلس الوزراء لدفع 7 مليارات دولار ثمنا للأرض لتسوية المشكلة..متجاهلا أن القيمة الحالية للارض تقفز إلي 200 مليار جنيه. تقرير هيئة مفوضي الدولة أوصي من جهته ببطلان العقد ولهذا جاء طلب أبوالمجد للجنة منازعات الاستثمار بطلب استمرار ملكية الشركة للأرض وتعديل مد أرض زراعية لأرض عقارية في مقابل أن تدفع الشركة 7 مليارات دولار وهو ما يدعو لأهمية مثل هذه القضايا لإعادة أملاك الدولة أو مراجعة العقود كما ينبغي. وكانت الشركة المصرية الكويتية، قامت بشراء 28 ألف فدان في منطقة العياط بمحافظة الجيزة قبل نحو 10 سنوات لاستثمارها في الزراعة، وقامت باستصلاح نحو 10 آلاف فدان، وزراعة 3 آلاف فدان، لكن المشروع توقف فجأة عن عمد ، وهو ما أدي لقيام نزاع شكلي بين الشركة والحكومة. وقامت حكومة نظيف في حينه بتشكيل لجنة وزارية لحل الخلاف، وتوصلت اللجنة إلي ضرورة تحويل أرض المشروع إلي النشاط العمراني بدلا من الزراعي طالما "عجزت الدولة" عن توفير المياه، مع تحصيل فرق السعر، حيث ينخفض سعر الأراضي الزراعية بشدة مقارنة بتلك المخصصة للمشروعات العقارية..لتدخل القصة فصلا ساخرا من التواطؤ، عبر مفاوضات وهمية بين الجانبين لتحديد المساحات التي ستخصص للمشروع العقاري، إضافة إلي تحديد قيمة فرق السعر الذي يجب أن تدفعه الشركة، فيما كانت الشركة تمارس عملية تقسيم واسعة للأرض تمهيدا لبيعها. «السيناريو الأخير لحل الأزمة أقرته لجنة فض المنازعات للاستثمار، التي يرأسها قاضٍ من محكمة النقض»، حيث اتخذت قرارا يتضمن السماح للشركة البناء علي 9 آلاف فدان فقط من الأرض، «علما بأن نسبة المباني النهائية لن تتعدي ال60% من مساحة تلك الأرض»، وتحويل 10 آلاف فدان إلي حدائق بناء علي قرار من القوات المسلحة لدواعي الأمن القومي، علي أن تدفع الشركة قيمة فرق سعر تحويل الأرض من زراعي إلي عمراني عن 19 ألف فدان وليس 9 آلاف فدان، وأن تترك الشركة ل3 آلاف فدان كحرم آثار، حيث تقع الأرض بالقرب من منطقة الآثار في الجيزة، وعدد مماثل من الأفدنة سيخصص للزراعة، كانت المصرية الكويتية قد استصلحتها وبدأت في زراعتها قبل أن تبدأ هذه المشكلة، وهو ما لم يرض الشركة أيضا. «عمر الشوادفي رئيس هيئة التنمية الزراعية ورئيس مركز تخطيط أراضي الدولة السابق، والذي خرج بعد الثورة ليتحدث عن فساد وهب الأراضي في عهد النظام السابق، هو أحد المتهمين في صفقة العياط، فلطالما تولي الدفاع عن موقف الشركة وليس موقف الدولة التي يمثلها، وراح يقول إن الشركة ستدفع تكلفة تطوير البنية التحتية في مدينة العياط، وأنها ستتحمل 80 مليون جنيه تكلفة بناء محطة تحلية مياه صرف صحي قامت شركة اسبانية ببنائها في المنطقة ضمن عملية تطوير البنية التحتية للمدينة..بل وراح ينفي قيام الشركة المصرية الكويتية بالاستيلاء علي مساحة من الأراضي في المدينة غير التي قامت بشرائها، رغم ثبوت ذلك بتقارير رسمية من الأثار. الشوادفي هو واحد من اهم عناصر تمرير تلك الصفقة المشبوهة التي ضيعت علي مصر مليارات الجنيهات ومازالت تضيع، حيث كان العضو الأبرز في لجنة فض النزاع مع الشركة والذي وضع تقريرا يعفي الشركة من اي مسئولية عن تأخير استغلال الأرض في الغرض الذي خصصت له، رغم أنه - وفي مفارقة مدهشة - كان قدم مذكرة إلي سامي سعد زغلول امين عام مجلس الوزراء في 27 فبراير عام 2006 يثبت فيها أربعة مخالفات للشركة هي استخدام الأرض في أغراض عمرنية بخلاف غرض التخصيص، والتعدي علي 11 الف فدان مجاورة، والتعدي علي المنطقة الأثرية والقيام بأعمال تحجير دون ترخيص أو موافقة من وزارة الدفاع وحفر 50 بئرا للمياه دون حق. وقد تقدم شباب الخريجين بمذكرة عاجلة إلي الجنزوري قبل أيام لوقف أي تحركات تنهي الموقف لصالح الشكرة الكويتية بالمخالفة للقانون، بالقفز علي التحقيقات الجنائية التي تجري في القضية، حيث تفحص نيابة الاموال العامة البلاغ الخاص بقائمة الوزراء المسئولين في فضيحة إهدار المال العام لأرض العياط..فيما خرج اللواء عمر الشوادفي أحد المذكورين في البلاغ الذي اتهم يوسف والي ومحمد نصر لدين علام وزير الري السابق وعمر الشوادفي ومحافظ الفيوم وآخرين بوجود علاقه مشبوهة مع أحمد عبد السلام قورة ، بدأت بعد أن رفع الشوادفي تقريره لسامي سعد زغلول والذي تضمن جرائم الشركة الكويتية في حق المال العام ومنها قيام الشركة باستخدام الأرض عمرانيا وليس زراعيا بالاضافة لاستيلائها علي مساحة 11ألف فدان أخري خلاف التعاقد والتعدي علي المنطقة الاثرية رغم أن ذلك مؤثم جنائيا وقيام الشركة بأعمال تحجير في مساحة الأرض وذكر وقتها أن سعر المتر في هذه الارض 50جنيها والغريب أن هذا السعر لم يسدد حتي اليوم بالرغم من أن سعر المتر لمباني لا يقل الآن عن 500جنيه أي أن الشركة مديونة للمال العام ب54مليار جنيه وليس 5مليارات جنيه كما يدعي الشوادفي كما أن الشركة قامت ببيع مساحات كبيرة من الارض بسعر 50ألف جنيه للفدان في حين انها حصلت عليه ب200جنيه فقط.. وبعد أن أقر الشوادفي بمخالفة الشركة بتغير نشاط الارض قام هو بنفسه بمساعدة الشركة علي هذا التغيير فقد بدأ في مخاطبة مجلس الوزراء بأن الارض غير صالحة للزراعة بحجة عدم وجود مصادر ري لها واستغل الشوادفي اسم الرئيس مبارك لتمرير مصالح الشركة والحصول علي الموافقات لانشاء مدينة مبارك الجديدة وعرض علي مجلس الوزراء أن تدفع الشركة مبلغ 600جنيه للفدان مقابل تغيير النشاط وأعد مشروع قرار جمهوري لتغيير الاستخدام لمساحة 43ألف فدان من الاستخدامات الزراعية إلي العقارنة منها 10آلاف فدان بالمجان دون مقابل وبالرغم من وجود في2007/7/19 موجه لكبير مستشاري مجلس الوزراء بعدم وجود خطط حتي 2017 ويوصي باستمرار الشركة في تنفيذ مخطط التنمية الزراعية ورغم ذلك طالب الشوادفي مجلس الوزراء بتخصيص 54ألف فدان أخري للشركة في محافظة سوهاج فإن أن المهندس أيمن المعداوي القائم بأعمال رئيس هيئة التنمية الزراعية وقع عليه بالرفض نظرا لمخالفات الشركة ورغم ذلك سخر الشوادفي كل مجهوده وصلاحيات منصبه لخدمة مصالح عبدالسلام قورة والشركة الكويتية. وفي بلاغ آخر تلقاه النائب العام حمل رقم 2123لسنة2011 يتهم اللواء عدلي فايد مساعد الوزير للأمن العام السابق واللواء أحمد عبد العال مدير المباحث الجنائية بأكتوبر بمساعدة أحمد عبدالسلام قورة لعدم تنفيذ قرار التمكين في المحضر 4097لسنة2009 إداري العياط والصادر ضد الشركة الكويتية وذلك لوجود مصلحة بين فايد وعبدالعال وقورة وتقدم بالبلاغ عبد الحميد محمود المحامي وكيلا عن أولاد سعيد أبوالعز الذي قام أحمد قورة للاستيلاء علي 400فدان من أرضهم بالعياط وطالب البلاغ بالتحقيق مع كل من عمر الشوادفي رئيس جهاز استخدمات اراضي الدولة ويوسف موشيه ميزار والي وزير الزراعة السابق ومحمد نصر الدين علام وفاروق التلاوي محافظ الفيوم السابق بالتورط مع الشركة الكويتية في نهب أراضي مصر فيما يشير الي ان سلسلة من تربحوا من هذه الصفقة مازالت مجهولة في أغلبها بسبب بطء التحقيقات ووجود أطراف فاعلة في السلطة حاليا تحاول التغطية علي المتورطين وتمرير الصفقة باي وسيلة .