الجميع رفع شعار المقاطعة فى مصر، مقاطعة الدستور ومقاطعة الاستفتاء الشعبي عليه واعتماده رسميآ ، ومقاطعة عدد كبير من الصحف وبعض القنوات للتعبير عن تضخم معنى المقاطعة ، ومع هؤلاء جميعآ تبدو مقاطعة القضاة او عدد كبير منهم اوضح مظاهر الرفض رغم ظهور مؤشرات بوجود انقسام فى صفوفهم واعلان المجلس الاعلى للقضاء عن استجابته للأشراف على الاستفتاء المرتقب . المقاطعون فى ميدان التحرير يزدادون صخبآ وضجيجآ ونراهم متوحدون فى الهتاف ضد النظام يريدون اسقاطه اقتداء بنجاح ثورتهم الاولى التى اسقطت نظام مبارك وهم يلعبون لعبة بالغة الخطورة قد لا يدركون عواقبها ، وفى ظني ان النظام الحالي لن يسقط بالمظاهرات حتى لو اتجهت الى قصر الرئاسة ، وان الآوان فات ولم يعد مجديآ مجابهة سلطة تحقق نجاحآ ولو بطيئآ كل يوم ، والمقاطعة سلاح خائب ويذكرني بمعارك مقاطعة السلع الامريكية ومقاطعة اسرائيل ومقاطعة كل من يتعامل معها ومقاطعة المقاطعون ، والتى لم تنجح بل افرزت مزيد من التعاطف وجاءت كنوع من المظاهر الكاذبة. مقاطعة الدستور تأتي فى وقت متأخر للغاية ، وتتركز على الهجوم والنقد العمومي والشامل دون تفسير للقصور فى مشروع الدستور والمس كثيرآ ان من يعارض يردد عبارات لا يفهم معناها مثل غياب التوافق، او دستور الاقلية وغيرها من الانتقادات فى مقابل حرص قيادات من الاخوان وانصارهم على الشرح والتفسير للمواد محل الخلاف وطبعآ التفسير يستند على رؤيتهم ، وهكذا فان المعركة غير متكافئة بل ومفتعلة فى تصوري رغم انني من المعارضين لأستيلاء الاخوان المسلمين على السلطة ، لكنهم كانوا وما زالوا اكثر شطارة وفهمآ لقواعد اللعبة حتى لو ارتكبوا اخطاء سياسية فادحة. السر فى المقاطعة كما يراه البعض وانا معهم ، ان المقاطعون فى التحرير وجدوا انفسهم عراة ، نعم كثير من رموزهم تحالفوا مع جماعة الاخوان المسلمين وساندوا الرئيس مرسي قبل ساعات من انتخابات الاعادة الرئاسية خلال مؤتمر عقد بفندق فيرمونت مصر الجديدة ووقفوا بفخر شديد معه فى صورة جماعية للتأكيد على مساندتهم له ومحاربة الفريق شفيق رمز الفلول كما يدعون ، ارتكبوا خطأهم الجسيم وكل منهم يحلم بجزء من الكعكة يعني وزير اعلام او رئيس اتحاد اذاعة وتليفزيون او رئيس مجلس او شركة او هيئة ، بل بلغت السذاجة ببعضهم انهم شركاء فى رئاسة الدولة ، هكذا ببساطة صدقوا الوعود وارتكبوا غلطتهم التاريخية الجسيمة واعترفوا فى وقت لاحق انهم كانوا ضحية خداع والحقيقة ليست كذلك فقد سقطوا ضحية اطماعهم الشخصية . واليوم يقاطعون ويتظاهرون فى الوقت الضائع بعد ان انكشفوا وعجزوا عن تغيير الامر الواقع ولا نملك سوى الدعاء لله عز وجل بحماية مصر من ابنائها قبل اعدائها.