لطالما خلّدت كأس العالم للقارات ، منذ انطلاقها سنة 1992، للحظات طبعت ذاكرة المتتبعين وعشاق الساحرة المستديرة؛ فمنها ما امتزج بالمرارة والحسرة كالصفعة القوية التي تلقاها المنتخب الفرنسي، بطل العالم وأوروبا، سنة 2001 على يد أستراليا والهزيمة التاريخية للماتادور الأسباني قبل ثلاث سنوات أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن تلك اللحظات ما رافقتها نشوة وبهجة كبيرتين كالتألق الملفت لرونالدو وروماريو عندما سجل كل واحد منهما ثلاثية خلال نهائي 1997 ضد منتخب الكنغر (6-0)، والانتصار المثير الذي أدركته المكسيك بقيادة كواتيموك بلانكو على حساب حامل اللقب البرازيل (4-3) في نسخة 1999. يضاف إلى ذلك الملحمة الرائعة التي أخرجها كل من سيسينيو وكاكا ورونالدينيو وأدريانو عندما قلبوا النتيجة لصالح منتخب بلادهم البرازيل بعد أن كان متخلفاً بهدف دون مقابل أمام غريمه التقليدي الأرجنتين في نهائي 2005 (4-1). وتحتفظ الذاكرة أيضاً بمتعة متابعة النيجيري جاي جاي أوكوتشا وهو يرقص فرحاً عقب هزّ الشباك خلال نسخة 1995 ومراوغات دنيلسون الرائعة بعد سنتين. وما كان لهذه اللحظات الخالدة أن ترى النور لولا نجاح الخطوات الأولى في حياة هذه المسابقة المميزة؛ فقد احتشد سبعون ألف متفرج لمتابعة مستضيف الدورة، المنتخب السعودي وهو يزيح أبناء العم سام بثلاثية نظيفة في أول مباراة ضمن البطولة التي ضمت أربعة منتخبات. أما المباراة الأخرى فجمعت بين الأرجنتين وكوت ديفوار، وانتهت لفائدة نجوم التانجو برباعية دون رد سجل منها جابرييل باتيستوتا ثناية رائعة. ويؤرخ يوم السبت هذا لمرور عشرين سنة بالتحديد على المواجهة التي جمعت بين الصقور الخضر والألبسيليستي ضمن نهائي الدورة الأولى أمام 75 ألف متفرج في الرياض لتحديد هوية المتوج بأول نسخة من كأس قارات . وخلال تلك المباراة الحاسمة، تمكن الأرجنتينيون، الذين يعتمدون على اللمسة الوحيدة، من فك لغز الدفاع الإيفواري، وتسجيل باكورة أهدافهم في الدقيقة الثامنة عشر. وجاء هذا الهدف بعد أن مرّر ليوناردو رودريجيز الكرة بينه وبين زميله في نادي فيليز سارسفيلد، دييجو سيميوني، مرتين قبل أن يوجه الأخير تسديدة قوية استقرت بالزاوية السفلى من المرمى. وبعد ست دقائق من ذلك، أصبحت النتيجة 2-0 بعد أن أحكم كلاوديو كانيجيا سيطرته على الكرة داخل مربع العمليات ببراعة كبيرة وأسكنها الشباك. زادت الأرجنتينمن ثقل الحصة حيث أضافت الهدف الثالث في الدقيقة العشرين من الشوط الثاني. فقد سدد باتيستوتا كرة بارعة ارتطمت بالقائم لتسقط أمام سيميوني الذي أوهم الجميع بالتسديد مباشرة قبل أن يتجاوز أحد المدافعين ويرسل الكرة في الجهة العليا للمرمى على بعد سبع ياردات. وقد صفقت الجماهير السعودية لروعة هذا الهدف؛ غير أنه لم تمر سوى دقيقة واحدة حتى اهتز ملعب الملك فهد الدولي فرحاً بهدف سعيد العويران الذي سدد كرة ملتوية وماكرة على بعد 30 ياردة لم يتمكن الحارس المرمى سيرجيو جويكوتشيا من اعتراض طريقها. ورغم أن النتيجة لم تكن لصالحهم (1-3) إلا أن السعوديين احتفلوا لكونهم نالوا شرف تنظيم دورة عالمية ناجحة لاقت من الاهتمام والإثارة والتشويق ما جعلهم يحتضنوا النسخة التالية من هذه المسابقة العالمية.