وزير المالية: الاقتصاد المصرى يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    حماس: فشل مباحثات الدوحة حول هدنة في غزة    حماس تهنئ بابا الفاتيكان الجديد وتوجه رسالة له    ميرتس يدعم اقتراح ترامب بعقد هدنة في أوكرانيا    هآرتس: واشنطن أخبرت إسرائيل أنه إذا لم تبرم صفقة مع حماس فستبقى وحدها    محمد صلاح يحصد جائزة "لاعب الموسم" من رابطة الكتاب 22 مايو    محمد صلاح يكتسح منافسيه في الدوري الإنجليزي    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    تواجد صلاح ومرموش.. أفضل 11 لاعبا للجولة 36 من فانتازي الدوري الإنجليزي    جريمة توصيل سريع، حكاية سائق توك توك قتل عامل دليفري في المعصرة    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية لتفقد مستشفى الناس    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    مصلحة الضرائب: 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    وزير الري: سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ تيسيرا ودعما للمستثمرين    احتفالات روسيا بالذكرى ال 80 للنصر العظيم..حقائق وأرقام    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    سعر الخضار والفواكه اليوم الجمعة 9 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 7جنيهات    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    وزير المالية: الاقتصاد المصري يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    ديربي تحصيل حاصل.. مباريات الجولة الأخيرة من الدوري المصري للسيدات    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    البابا تواضروس يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رعوية استمرت أسبوعين    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحل ياكيني.. بطل الطفولة
نشر في ياللاكورة يوم 07 - 05 - 2012

في وقت كان أقصى ما يتمناه المشاهد البسيط أن يجلس أمام قناة محلية تعرض بطولة عالمية كل أربع سنوات مثل كأس العالم وأمم أوروبا.. حين كانت باقات مثل الجزيرة وإيه أر تي وأبو ظبي مجرد خيالات لأباطرة بث فضائي لم يكونوا موجودين على أرض الواقع.. قبل 18 عامًا كان الفرد يجلس وسط عائلته يقترب من شاشة التلفاز يكاد يلتصق بالجهاز ذي المفتاح (الأوكرة) المعدني في وقت كان "الريموت كونترول" نوعا من الترفيه غير المنتشر.
يتفهم مواليد الثمانينات، بصفة خاصة أواخرها، ما يشار إليه عندما يسترجعون أبطال طفولتهم، مازنجر أو كابتن ماجد أو ميكي ماوس، ربما كان البعض يعشق روبن هود أو سلاحف النينجا، لكن هناك آخرين تعلقوا بكرة القدم وجلسوا يتابعون مباريات كأس العالم في أمريكا عام 1994 منتظرين رؤية أبطال غير ما دأب أصدقاؤهم على التندر بهم.
ورغم أن مَنْ ولِد في أواخر العقد التاسع مِنَ القرن الماضي كان صغيرا على تمييز طرق اللعب أو الاحتفاظ في ذاكرته بأسماء خارج نطاق حسام حسن وأحمد شوبير وجمال عبد الحميد، إلا أن صوت المعلق أشرف شاكر لا يكاد يبرح ذاكرة من استمع إلى جُمَل من نوعية "بيقول له ديجو" و "نموذج للمتابعة" أو حمادة إمام وهو يصيح "خطفها اللص الشريف روماريو يا ولد يا ولد يا ولد".. شعور مثير عند مشاهدة كينيت أندرسون يقوم بحركته الاحتفالية الشهيرة عند تسجيل هدف رائع في مرمى تافاريل.. ودهشة لا مثيل لها حين يخبرك شقيقك الأكبر أن روسيا بقيادة لاعب يدعى سالينكو دمرت مرمى الكاميرون بسداسية، يا للهول!.. وقتها كان لا يمكن أن تترك مناسبة يعاد فيها هدف كلينسمان في مرمى الحارس البلجيكي ميشيل برودوم إلا وتقترب سريعا من الشاشة لتقفز في غبطة عند رؤية عبوات المياة الكائنة خلف الشبكة تطيح بعيدًا بعد اصطدام كرة "يورجن" بها.
ولا شك أنك عندما شاهدت بيبيتو قبل أشهر قليلة يحلل المباريات في استوديو الجزيرة الرياضية مع سعدون الكواري أو الأخضر بريش، استرجعت احتفاله الشهير بعد إحراز هدف في مرمى هولندا مع روماريو ومازينيو.. حينها كان بيبيتو يحتفل بقدوم مولوده ماتيوس على طريقته الخاصة.. مرت السنون وماتيوس الآن بات لاعبا في فلامينجو، نفس النادي الذي بدأ معه والده مسيرته الرياضية.
في مونديال 94، البعض كان متعاطفا مع البرازيل والآخر كان عاشقا لمارادونا وهناك من يحفظ أسماء لاعبي إيطاليا عن ظهر قلب باجيو وماسارو وباريزي ومالديني وغيرهم.. أبهر ستويتشكوف جمهور المونديال وكذلك فعل هاجي.. الكل لم يكن يتخيل أن ينجح لاعب عربي في تسجيل هدف أسطوري ولكن العويران فعلها.. ومن وسط كل هذه الأحداث لمع ياكيني.. وحده احتفظ لنفسه بمكانة خاصة في عقول المشاهدين خصوصا صغار السن الذين لم يكونوا على علم به من قبل، ولكنه بالطبع لم يكن جديدا على قاعدة معلومات الجمهور الأفريقي والمصري على وجه الخصوص.
أبعد ما يمكن تذكره لرشيدي ياكيني، من شخص وُلد في أواخر الثمانينات، ذلك الرعب الذي تملّك جمهور الفراعنة قبل مواجهة "سوبر جرين إيجلز" في كأس الأمم الأفريقية 1994، وتسديدة قاتلة من "رقم 9" في باطن عارضة مرمى أحمد شوبير بأقدام فولاذية لم تعرف عيناه مثيلا لها.. أصوات تعالت لتصفه بالقاطرة البشرية أو أشياء من هذا القبيل غير أن احتفاله بهدفه، في أول مباراة لنيجيريا بكأس العالم، بعد مواجهة مصر السلبية، بأقل من ثلاثة أشهر، ظهر في لقطة تليفزيونية من الصعب أن تُسقطها ذاكرة الصغير قبل الكبير.
مَرّ من زمن المباراة 20 دقيقة وبلغاريا متراجعة أمام أبطال أفريقيا 94، أموكاشي وإيمانويل "بتاعنا" مع ياكيني يشكلون ضغطًا على فريق لا يمكن أن يتصور أبرز المتفائلين إمكانية حصوله على المركز الرابع مع نهاية المسابقة، وبعد كرة أولى أضاعها أموكاشي أمام الحارس ميخايلوف رافضًا التمرير لياكيني، الذي صنع الهجمة من البداية، صحح الأول خطأه ولعب كرة بينية للظهير الأيمن أوجستين أجوافين، الذي عرفه جمهور "الألفينات" مدربا للنسور، وانطلق الأخير ومرر عرضية أكملها ياكيني بلمسة في الشباك ليصنع بعدها اللقطة الشهيرة.
لم نصل إلى الآن لمغزي مناجاة ياكيني للشباك التي ارتجفت من الخوف بين أصابع سوداء قاسية وأسنان بيضاء ظلت تتحدث بكلمات تعبر عن فرحة اللاعب ذي ال30 عامًا بأول هدف مونديالي في تاريخ نيجيريا.. مرت بضعة دقائق أخرى قبل أن يسدد أمونيكي نجم الزمالك يسارية رائعة اصطدمت بالقائم الأيسر لمرمى بلغاريا لتعطي مؤشرا بأن النسور ستحلق من جديد. وبالفعل ظهر ياكيني مجددا ولكن هذه المرة كصانع للعب وليس هدافا.. أفضل لاعبي أفريقيا 1993 يمر من لاعب أو اثنين -لا يوجد أدنى مشكلة- ويمرر كرة مقوسة يخطئها دفاع بلغاريا لتصل إلى أموكاشي الذي أنهى الأمر على مرتين وذهب للراية اليسرى لكي يقدم عرضه الراقص الشهير.
نيجيريا 3 : بلغاريا 0
الجميع في المنازل والمقاهي يتابع بشغف ما يفعله أبطال القارة، ووجود أمونيكي مهاجم الزمالك في الملعب يجعل للمباراة نكهة مختلفة بالنسبة للجمهور المصري الذي طار فرحا بهدف "إيمانويل" بعد عشر دقائق من الشوط الثاني لتنتهي المباراة عمليا، لكن إبداعات ياكيني في المونديال لم تنفد بعد.
في المباراة التالية كانت الأمور مختلفة فمن لم يتابع سابقتها صار مجبرا على مشاهدة منتخب أفريقي يبدع وحده في المونديال وسط سقوط مريع للكاميرون والمغرب، لا سيما وأن المباراة هذه المرة تضع نيجيريا في مواجهة وصيف النسخة السابقة من الكأس.
يهمس أحد الأشخاص في أذن رفيقه بتساؤل منطقي عن مدى قدرة النسور على مواجهة مارادونا وكانيجيا وباتيستوتا وريدوندو، وقبل أن يجيب الآخر.. يا رباه! ياكيني يجتاز خوزيه شاموت بسهولة ويلعب الكرة لسامسون سياسيا والأخير يتكفل بإسكانها مرمى إيسلاس ليفجر فرحة نيجيرية أفريقية عارمة ممزوجة بخليط من الدهشة والاستغراب ما لبث أن خفت بريقها سريعا بإيعاز من الثعلب العجوز دييجو أرماندو مارادونا وقدم ساحرة لكلاوديو كانيجيا.
الأرجنتين 2 : نيجيريا 1
هناك من تمنى هزيمة إيطاليا في نهائي تلك البطولة وشعر بالسعادة القصوى لفوز رفاق روماريو وبيبيتو بالكأس لا لشيء إلا لتسبب الأتزوري في إقصاء نيجيريا من دور ال16 في مباراة أقل ما توصف بها بأنها درامية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ومع انسحاب النسور الخضر من أمم أفريقيا 96 وإبعادها عن البطولة التي تليها لم يجد ياكيني فرصة للظهور أمامنا من جديد إلا من خلال مشاركته كبديل في مباريات نيجيريا بكأس العالم 98 مع تقدمه في السن وظهور أبطال جديدة من نوعية فيكتور أكبيبا وجاربا لاوال ونوانكو كانو.
بالتأكيد رحل ياكيني قبل ساعات قليلة عن عالمنا بعد مشاكل نفسية واكتئاب كما قيل، لكنه لن يرحل عن التاريخ وسيذكر دومًا بأنه أحد أساطير القارة الأفريقية الذي فاز بلقبين كهداف لكأس أممها، وثالث أفضل هدافي البطولة منذ انطلاقها بعد إيتو وبوكو، وصاحب السيرة التهديفية العطرة مع فيتوريا سيتوبال البرتغالي في تسعينيات القرن الماضي.. وداعًا ياكيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.