24 عاما من الحرمان والفراق .. ربما يكون هذا التعبير هو ما يصلح لوصف حالة البرازيليين قبل بطولة كأس العالم عام 1994 والذين فشلوا في الفوز ببطولتهم المفضلة طوال هذه المدة .. ماذا يفيد أن تنال لقب أمتع فريق أو يبكي وداعك الملايين كل مرة إن كانت الكأس الذهبية بعيدة؟! هذه الخواطر وغيرها كانت تدور في أذهان لاعبين مثل روماريو وبيبتو ودونجا .. لاعبون سيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه كأبطال صنعوا "الثورة الصفراء" في بطولة أمريكا 94. لم يكن غياب الكأس وحده هو ما يزعج البرازيليين بل كان ابتعادهم عن المنافسة أمرا مخيفا خاصة إذا عرفنا أنهم فشلوا في بلوغ المربع الذهبي منذ بطولة "الأرجنتين 1978" ، فيما كان "شبح" جارتهم أوروجواي التي فازت بكأس العالم مرتين ودخلت عالم النسيان بعدها نموذجا لا يغيب عن الأذهان. ويقول النجم البرازيلي ليوناردو الذي كان ضمن فريق السامبا 94 : "كان الانتصار الذي أنقذ الكرة البرازيلية وفتح الطريق للوصول إلى النهائي في بطولتي 1998 و2002 ، وأعاد اللاعب البرازيلي للاحتراف في أندية أوروبا الكبرى". أجواء ما قبل البطولة : دخلت الولاياتالمتحدةالأمريكية المنتشية بانتصارها في الحرب الباردة اختبارا جديدا للقوة باستضافة كأس العالم لكرة القدم - تلك اللعبة التي لا تستهوي الأمريكيون كثيرا - وسط مخاوف من عدم نجاح البطولة جماهيريا ، وأخذت اللجنة المنظمة تقوم بالدعاية في المدن المستضيفة وتعيد تصميم أرضية ملاعب "الرجبي" لتصبح ملاعب كرة قدم توفر أجواء رائعة لتشجيع 24 منتخبا يشاركون في البطولة ، وعلى عكس ما توقع المتشائمون حققت البطولة معدل حضور جماهيري بلغ 70 ألف متفرج في كل مباراة. وفي المقابل كان عالم كرة القدم يؤمن في ذلك الوقت بوجود قوتين عظميين تتنافسان على اللقب العالمي هما ألمانيا والأرجنتين طرفا المبارتين النهائيتين عامي 1990و1986 ، ولم تغب كلاهما عن نهائي كأس العالم منذ عام 1974. وسمح الاتحاد الدولي "الفيفا" للمرة الأولى للحكام بالتخلي عن زيهم الأسود "الجنائزي" ومنحهم الفرصة للاختيار من بين ثلاثة قمصان بألوان الأصفر والفوشيا والرمادي ، كما منع حراس المرمى من التقاط الكرة بأيديهم من المدافعين ليسرع من إيقاع اللعب.
باجيو بعد إضاعة ركلة الترجيح الشهيرة الدور الأول : جاء الدور الأول مثيرا في المجموعات الست بلا استثناء ولم يشهد مفاجأت مدوية إلا بخروج الكاميرون التي بلغت دور الثمانية في البطولة السابقة بعد تعادل مع السويد 1-1 وخسارتين مذلتين مع البرازيل 3-0 وروسيا بنتيجة 6-1 ، وكان الهدف الأخير بواسطة النجم روجيه ميلا الذي صار أكبر لاعب يسجل هدفا في تاريخ نهائيات كأس العالم وهو في الثانية والأربعين و39 يوما من عمره ، أما أهداف روسيا الست فجاء خمسة منها بواسطة أوليج سالينكو الذي سجل رقما قياسيا جديدا. كما ودعت كولومبيا الدور الأول بعد خسارتين أمام رومانيا والولاياتالمتحدةالأمريكية وانتصار وحيد على سويسرا في المجموعة الأولى رغم التوقعات العديدة التي رشحتها لبلوغ الأدوار النهائية وعلى رأسها ترشيح بيليه لها بالفوز باللقب ! ، ودفع مدافعها أندريس إسكوبار حياته ثمنا لهدف سجله في مرماه أمام الولاياتالمتحدة حيث اغتاله مسلحون بعد عودته إلى بلاده. أما نيجيريا فكانت ظاهرة الدور الأول بحق ، ولن ينسى الأفارقة مشهد الهداف رشيدي ياكيني يحتفل بهدفه الأول في شباك بلغاريا خلال المباراة التي انتهت لصالح النسور الخضر بثلاثية نظيفة. ياكيني "اقتحم" المرمى بالكرة وأخذ يعانق الشباك صارخا : "انتبه أيها العالم .. الأفارقة قادمون" ، ومن خلف المرمى كان المصورون يلتقطون صورته ليفوز واحد منهم بجائزة أفضل صورة صحفية في البطولة. وتواصلت العروض النيجيرية الممتعة رغم الخسارة أمام الأرجنتين بنتيجة 2-1 في أحد أمتع مباريات البطولة، ثم بالفوز على اليونان 2-صفر، ليصعد النسور لمواجهة إيطاليا في دور الستة عشر. أما أغرب المجموعات في تاريخ بطولات كأس العالم فكانت المجموعة الخامسة التي ضمت كل من إيطاليا والمكسيك وأيرلندا والنرويج ، إذ انتهت مبارياتها وفي حوزة كل فريق أربعة نقاط ، وتساوى الجميع في فارق الأهداف فاحتكمت الفيفا إلى عدد الأهداف التي سجلها كل فريق فجاءت في مصلحة المكسيك وتساوت إيطاليا وأيرلندا وخرجت النرويج بفارق هدف. أما المنتخب العربي السعودي فلم يكن أقل من نيجيريا حيث قدم أفضل عروضه على الإطلاق في تاريخ المونديال ، فرغم فشله في الحفاظ على تقدمه بهدف فؤاد أنور وخسارته على يد هولندا 2-1 في أول مبارياته ، تمكن "الأخضر" من الفوز على شقيقه المغربي بذات النتيجة. وفي مباراته المصيرية