فى متابعة لقرار المجلس الثقافى البريطانى فى مصر بإغلاق مكتبته، عقد بول سميث مدير المجلس البريطانى مؤتمرا صحفيا أمس الأول أكد فيه على تفعيل قرار إغلاق مكتبة المجلس الكائنة بمقره الرئيسى بالعجوزة. فى الوقت نفسه نفى سميث أن يكون قرار إغلاق المكتبة أو التى تعرف ب«مركز المعرفة والتعلم» يعود الى تكاليفها الباهظة وقال: «نعم هى تتكلف الكثير لإدارتها ولكن لم يكن الأمر سيمثل مشكلة فى حالة لو كان عدد أكبر من الأشخاص يستخدمونها». هذا الحديث تعززه الأرقام التى تفيد أن ميزانية المكتبة تعادل 3 ملايين جنيه سنويا، فى حين لا يتعدى عدد أعضاء المكتبة أكثر من 3000 شخص فى السنة. تابع مدير المجلس البريطانى: إنه لا توجد مكتبة فى العالم تقوم بتغطية تكاليفها بغض النظر عن تحقيق أرباح، وإن معظم مقدمى خدمة المكتبات بما فيها المجلس البريطانى يرغبون فى رؤية استخدامها بشكل جيد من قبل الكثير من الأشخاص. وأضاف ان الأدلة الموجودة لدى المجلس تفيد أن هذا ليس هو الحال فى مكتبة العجوزة، وأضاف «فى مدينة بحجم القاهرة، وفى دولة بحجم مصر عندما يصل الجمهور إلى أقل من 3000 شخص فهذا يشير إلى عدم الاستدامة، لقد أظهرت دراساتنا أن الأشخاص يريدون خدمات قريبة من منازلهم أو مدارسهم أو أماكن عملهم، وفى المقابل هناك أشخاص فى أسوان وأسيوط والمنيا قد يرغبون فى الحصول على خدماتنا ولكنهم لا يستطيعون زيارة المبنى الخاص بنا». تابع سميث الحديث حول تصوره لتأثر ضعف الإقبال على مكتبة المجلس الثقافى البريطانى بنمط الحياة المتغير فى مصر، وقال «لقد تغيرت الحياة فى مصر عبر السنوات، أصبح الأفراد يعملون لساعات أطول، والتنقل فى أنحاء المدينة أصبح أصعب، وأصبح الكثير من الأشخاص يقومون بشراء الكتب من مكتبات مثل ديوان ودار الشروق. وازدادت مصادر الجذب الأخرى مثل أطباق البث عبر التليفزيون، والمقاهى، ومراكز التسوق والإنترنت، والمراكز الثقافية مثل ساقية الصاوى التى تعطى الأشخاص اختيارات كثيرة لكيفية قضاء أوقات الفراغ»، وتابع «لقد انزلقت مكتبتنا الى آخر هذه القائمة فى أولويات الأشخاص». اعتبر سميث أن إغلاق مكتبة المجلس يأتى فى إطار التغيرات والتطورات التى يتخذها المجلس فى إطار الاحتفال بمرور 75 عاما على عمله فى مصر، حيث لم تعد المكتبة تقدم ذات الفائدة التى كانت تقدمها فى البداية، وقال فى هذا الصدد «عندما قمنا بافتتاح مكاتبنا فى مصر فى بادئ الأمر كانت مراكزنا فى وسط المدينةبالقاهرة والإسكندرية وطنطا والزقازيق وأسيوط. فى هذا الحين كان تركيزنا كمنظمة هو الاتيان بالأوجه الحضارية البريطانية إلى مصر وإلى الدول الأخرى التى نعمل بها كوسيلة لتعميق إدراكهم لنا، وعنصر محورى، لهذا كانت مكتبة صغيرة يمكن للأشخاص الحضور إليها لقراءة الصحف والأعمال الأدبية البريطانية فى وقت كانت هذه هى الوسيلة الوحيدة لحصولهم عليها وكانت بالفعل خدمة محببة». وتابع أن المكتبة انتقلت إلى مبنى العجوزة قبل حوالى 35 عاما، وأدخل عليها الكثير من التطوير منذ نحو ست سنوات فأصبحت مركزا للمعرفة والتعلم مزودا بآليات للتعلم المباشر والموارد الثقافية المتقدمة»، وأضاف «لقد أصبح من الواضح أن مركز المعرفة والتعلم هذا لم يعد يستخدم بالكثافة التى كنا نتطلع إليها». أضاف مدير المجلس البريطانى أن مصر قامت باستثمار الكثير من مورادها فى المكتبات الجامعية والعامة الأمر الذى تضاءل إلى جانبه دور المجلس البريطانى، وأن قرار إغلاق المكتبة انحاز إلى الابتعاد عن هذه الخدمة «قليلة الاستخدام نسبيا» حسب تعبيره. التى اختار عدد ضئيل من الأشخاص استخدامها فى القاهرة والتوجه إلى بناء وتعزيز أنشطة المجلس الأخرى التى تهدف إلى الوفاء باحتياجات التعلم والتنمية الحرفية لعدد أكبر من الأفراد فى أنحاء مصر بالإضافة إلى الوفاء بشغف الكثيرين نحو الفرص الدولية، وأكد سميث على أن المجلس لا يقوم بإغلاق شىء. بل يقوم بافتتاح مجالات أخرى، معتبرا أن مركز المعرفة والتعلم لا يتعدى كونه بعض الغرف بمبنى المجلس الثقافى البريطانى، ولكن فى المقابل سيتم إيجاد سبل أكثر فائدة ونفع لآلاف المصريين، وقال «بتوفير عدد صغير من الكتب من وعن بريطانيا سوف نقوم بمشاركة المشروعات التى تعزز النشر والقراءة والأدب فى مصر بإلحاق عدد أكبر من الأشخاص. معتبرا أن هذه الخطوة لحظة توسع للمجلس البريطانى»، وأضاف «خلال الفترة الأخيرة تطوّرت الكثير من المكتبات فى مصر بشكل لافت بشكل جعلها تصل إلى عدد أكبر من الجمهور، حتى إن المجلس الثقافى البريطانى أصبح لا يستطيع أن يضاهى الاستثمار فى مجال المكتبات فى مصر». طرحت «الشروق» خلال المؤتمر الصحفى سؤالا حول سبب عدم تقليص ميزانية المكتبة بدلا من إغلاقها بشكل كامل، وهو ما عقّبت عليه رينا جول مساعدة مدير المجلس الثقافى البريطانى بقولها إن الواقع العملى يفيد أن الميزانية المخصصة للمكتبة ستذهب لدعم كتب الدارسين للغة الانجليزية ولأنشطة تعليمية أخرى، الأمر الذى لا يجعل إغلاق المكتبة أمرا مرتبطا بتقليص أو إلغاء ميزانيات مالية، وإنما إعادة توجيه لهذه الميزانية فى سبل أفضل، خاصة مع استمرار تضاؤل عدد المستخدمين لهذه الخدمة. من ناحية أخرى، أفادت رينا جول ان المكتبة تحتوى على نحو 5000 مصدر معرفى ما بين كتب ومجلات واسطوانات مدمجة وDVD، وأن المجلس بصدد توزيع هذه الموارد على عدد من الجهات على رأسها جامعة الزقازيق لا سيما كتب الأدب الانجليزى، وقالت إن الميزانية التى تبلغ 3 ملايين جنيه كان يذهب أغلبها إلى خدمات الانترنت وأجور العاملين. من جانبه أفاد مدير المجلس البريطانى أن أحدا من العاملين فى المكتبة لن يفقد وظيفته بعد قرار إغلاقها، مؤكدا أن جميعهم سيستمرون فى العمل فى مجالات المجلس الثقافية الأخرى خاصة أنهم ليسوا أمناء مكتبات فقط ولكنهم قادرون على الانخراط فى أعمال أخرى بالمجلس. أما أعضاء المكتبة فقال عنهم «حوالى نصف الأعضاء الحاليين هم من الأشخاص الذين يتعلمون اللغة الإنجليزية أو يدرسون للحصول على أحد المؤهلات البريطانية وهذه المجموعات سوف تستمر فى الحصول على مواد دعم الدارس». بول سميث الذى كان يعمل أستاذا للأدب الانجليزى تحدث عن القراءة بقوله «الكتاب لا يزال أجمل شىء فى العالم، وبالنسبة لى فأنا أقرأ بصفة يومية، ولكن يجب الاستجابة إلى متطلبات الجمهور الجديدة». وكان فى تصريحات سابقة له نقلتها وكالة «رويترز» للأنباء قد قال إن معدلات جمهور المكتبة تشير الى أن المصريين ليسوا من كبار محبى الكتب، مؤكدا أن إغلاق المكتبات ليس اتجاها عالميا للمجلس الثقافى البريطانى، مدللا على ذلك بأن هذا ليس هو الحال فى الهند مثلا، حيث الشعب لديه توجه نحو الكتب.