تلك حقيقة.. لا شىء يحدث فى أغسطس. الحرارة تخيم على نصف الكرة الشمالى، والمتاجر مغلقة، والكونجرس فى عطلة، وتمتلئ واشنطن بالأطباء المقيمين، وتزخر باريس بالسائحين. وحتى الروس يخرجون إلى الغابات، لجمع الفطر. نعم، لا شىء مهماً يحدث فى أغسطس، باستثناء كما نعلم جميعا عندما يحدث شىء رهيب بالفعل. فالحرب العالمية الأولى اندلعت فى أغسطس، وغزو صدام حسين للكويت بدأ فى أغسطس، وفى أغسطس كانت القاعدة تعد لإسقاط مركز التجارة العالمى. وهى ليست مصادفة، إذا أردت أن تفاجئ أى إدارة أمريكية، قم بعمل شرير بينما الرئيس فى إجازة. وأغسطس، بعبارة أخرى، هو الوقت الذى ينبغى أن نعد فيه جميعا خططنا الاحتياطية، ونخطط تعديلاتنا للمسار، ونبحث التغيرات النموذجية الممكنة وهو ما لا يفعله أحد؛ لأنهم جميعا إما فى مزرعة للعنب أو فى مدينة على المحيط. ولذلك، فإلى المقيمين الذين يديرون الأمور، بينما خرج الجميع من البلدة.. عموما هذه قائمة بالأزمات التى تضطرم فى المجالات التى لا نوليها أهمية كافية، ويمكن لواحدة منها (أو أكثر!) أن تتفجر فى الشهر الحالى: إيران: تجرى فى طهران محاكمات صورية. فالثورة تلتهم أبناءها.. عشرات من زعماء المعارضة من المستوى المتوسط، والعديد منهم أعضاء فى النخبة السابقة، وهم يجسدون جانبا استثنائيا من المشهد العام، ويتوسلون طلبا للمغفرة، ويقرون بجرائم مستحيلة. وطالب نائب رئيس سابق للجمهورية الإسلامية القضاة بأن يطبقوا عليه أقصى عقوبة. وفى قفص الاتهام أيضا جواسيس فرنسيون وبريطانيون، ربما ك«اختبار» للغرب؛ فقد يكون الملالى راغبين فى تقييم كيف يمكن أن نرد على موجة أخرى وشيكة من الاعتقالات، تضم هذه المرة قيادات معارضة رفيعة المستوى مثل مير حسين موسوى، مرشح الرئاسة «الخاسر»، وعلى أكبر هاشمى رافسنجانى، الرئيس السابق. وكيف سنرد بالضبط؟ كانت الخطة «أ» التحدث إلى الإيرانيين بنبرة خطاب عقلانية. فما هى الخطة «ب»؟ روسيا وجورجيا مرة أخرى: مرت سنة على اقتحام الدبابات الروسية الحدود الجورجية، وتحركها على مسافة بضع ساعات من العاصمة، تبليسى. وفى مناسبة الذكرى السنوية الأولى، ألقى «انفصاليو» أوسيتيا الجنوبية قنابل يدوية على كل من نقاط التفتيش الحدودية الجورجية والروسية، بينما حاول قراصنة مجهولون «هاكرز» يعتقد أنهم روس بإغلاق مؤقت لموقعى تويتر وفيس بوك، فيما يبدو كمحاولة لحظر مدونة لمدون جورجى. وتتهم كل من روسيا وجورجيا الأخرى بإذكاء نزاع جديد، وهو بالضبط ما حدث قبل اندلاع الجولة الأخيرة من الأعمال العدائية. فماذا لو قامت روسيا بغزو جديد؟ الخطة «أ» كانت الضغط على «زر الإعادة» فى العلاقات مع الكرملين. فما هى الخطة «ب»؟ أفغانستان: يجرى حاليا التصعيد، ورغم أن عناصر طالبان كانوا قد اختفوا فى الجبال، عندما تدفقت موجات جديدة من القوات الأمريكية على الأقاليم الجنوبية، إلا أنهم يقومون بعملياتهم الانتقامية بطرق أخرى، عبر الانتقال إلى المدن الآن، فضلا عن الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد التى كانت سلمية من قبل. ويعتقد البعض أن الهدف الرئيسى لطالبان فى اللحظة الحاضرة، هو إشاعة الفوضى فى الانتخابات، ومن ثم التشكيك فى الفائز أيا كان. والجميع يعلم أن الاستقرار فى أفغانستان يتطلب حكومة شرعية. وفى قندهار، تم طرد ثلاث نائبات برلمانيات من منازلهن، كما تم حرق منزل امرأة أخرى، لأنها جرؤت على ترشيح نفسها. وتتزايد هجمات المتمردين، بدلا من أن تتراجع، فى أنحاء البلاد ومن المتوقع أن تزداد سوءا قبيل الانتخابات وبعدها مباشرة. وكانت الخطة «أ» هى هزيمة طالبان مرة واحدة وإلى الأبد، بتدخل منفرد وضخم للقوات، لتولية حكومة يمكن تقبلها، ثم العودة إلى الوطن. فما هى الخطة «ب»؟ العراق: لن أستفيض فى الحديث عن هذه الأزمة، لأنها تضطرم منذ سنوات فى موقعها الذى لا نوليه اهتماما كافيا، ولا يوجد مبرر خاص لأن يكون أغسطس الحالى مختلفا عن شهور أغسطس الماضية. ولكن نظرا لأننى دمرت بالفعل يومك على الشاطئ بإدراج كل هذه السيناريوهات الكئيبة، فلماذا لا نضع العراق ضمن خلطة الأزمات؟ فرغم كل شىء، سياستنا الحالية هى تسليم السلطة إلى القوات العراقية والعودة للوطن. ولكن ما الذى سوف نفعله فى حالة وقوع حادث ضخم على سبيل المثال، قصف إحدى القواعد الأمريكية المتبقية، أو خطف جنود أمريكيين؟ هل نستعيد القيادة؟ أو نعود إلى الوطن بأى حال؟ هل فكر أحد فى ذلك؟ أتمنى هذا. آمل على الأقل أن يكون هناك من فكر فى ذلك قبل أن يذهب إلى الإجازة. شهر أغسطس سعيد علينا جميعا. Washington Post Writers group