غدًا.. المصريون في الخارج يُصوتون بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    البورصة المصرية تشارك في حوار موسع حول خطط تطوير السوق وتفعيل الآليات الجديدة    20 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    كشف بترولي جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    قطع المياه عن بعض المناطق في القاهرة غدًا لمدة 9 ساعات    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات بمجال التأمين    رئيس وزراء السودان يرحب بجهود السعودية وواشنطن لإحلال سلام عادل ومستدام    مصر والبحرين تبحثان تفعيل مذكرة التفاهم لتبادل الخبرات وبناء القدرات بمجالات التنمية    نازحو غزة في مهب الريح.. أمطار وعواصف تزيد معاناة المدنيين بعد النزوح    الإعلام الحكومي: الاحتلال يتوغل في المنطقة الشرقية من مدينة غزة    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    مواعيد الخميس 20 نوفمبر 2025.. قرعة الملحق العالمي والأوروبي المؤهل لكأس العالم    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    تذكرتي تطرح تذاكر مباريات الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    الأرصاد: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في هذا الموعد    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    أسباب ارتفاع معدلات الطلاق؟.. استشاري الصحة النفسية يوضح    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    أخطر حاجة إن الطفل يعرق.. نصائح ذهبية لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    البنك المركزي يعقد اجتماعه اليوم لبحث سعر الفائدة على الإيداع والإقراض    موظفة تتهم زميلتها باختطافها فى الجيزة والتحريات تفجر مفاجأة    حبس 3 متهمين بحوزتهم 11 كيلو حشيش فى سوهاج    شبورة كثيفة وانعدام الرؤية أمام حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    عيد ميلاد السيسي ال 71، لحظات فارقة في تاريخ مصر (فيديو)    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    هولندا: ندعم محاسبة مرتكبى الانتهاكات في السودان وإدراجهم بلائحة العقوبات    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    سوخوي57| أول دولة عربية وإفريقية تحصل على طائرات شبحية من الجيل الخامس    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    شوقي حامد يكتب: الزمالك يعاني    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من منكم بلا سعر؟
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 11 - 2015

فى البدء كانت قائمة الأسعار هى للإعلاميين والصحفيين.. أولئك الذين حولوا المهنة فى أحد أهم المراحل من تاريخ هذه المنطقة إلى بازار لمن يقوم بحلقات من الكتابات المتواصلة حول الانتهاكات فى بلد عربى ما.. وللمصادفة البحتة جدا يكون البلد نفطيا بتفوق. اعتاد الكثير من الرؤساء والزعماء والملوك أن يرصدوا هذه الفئة من التجار وأن يقدموا لها أو لكل واحد منها ثمنه …اختلفت الأسعار بعض الشىء وتفاوتت عمليات البيع والشراء حسب الشخص وقلمه وأهمية الاثنين.. لم يلبث وأن بدأ البث الفضائى وحين تحول الكثيرون إلى ما أسموه البرامج الحوارية بقنوات تليفزيونية مسيسة، وفى كثير من الأحيان هى الذراع الأولى لعدد من وزارات الخارجية المتواضعة فى الدبلوماسية أو حديثة العهد بها.. هنا أيضا كان لكل مقدم برنامج أو مذيع أو أو.. كان لكل منهم ثمن.. ففى عرف القائمين على هذه الدويلات، مهما كبر شأنها، يبقى الإنسان سلعة قابلة للبيع والشراء حتى يثبت هو أو هى عكس ذلك وحتى الآن حولوا ذلك إلى نظرية فى الدبلوماسية الدولية الحديثة على النمط النفطى جدا!!!
***
مع الوقت تحولت القوائم الطويلة من الصحفيين إلى رجال السياسة والعمل العام والمطالبين بحقوق الإنسان حتى وصلت إلى رجال ونساء الفكر عندما فكر بعض تجار الدبلوماسية المدفوعة الثمن أنهم بحاجة إلى مراكز بحثية تابعة حتى النخاع لهم و«مطبلة» لسياساتهم ومبررة لكل خروقاتهم خاصة منها تلك المرتبطة بحقوق الإنسان.. أتذكر ذاك الصديق الذى قضى حياته مطارد ومكروه من قبل الأنظمة القديمة والحديثة منها حتى أنه اعتاد جلسات التحقيق المطولة التى يسأل فيها عن من يدفع له «ليشوه سمعة» هذا البلد أو ذاك… هذا الصديق وفى إحدى دعوات العشاء المشبوهة مع وزيرة اشتهرت جدا بصولاتها وجولاتها على شاشات التلفزة مدافعة باستماتة عن ممارسات هى فى أبسطها تعد انتهاكا صريح للعهد الدولى لحقوق الإنسان، يقول الصديق إنه تصور أن العشاء لم يكن سوى محاولة من الوزيرة لكسب وده.. هكذا تصور ذاك الساذج بعض الشىء حتى ادعت أنها ترد على هاتفها أو أحد هواتفها وتركته مع أحد مساعديها الذى قدم له عرضا شديد الإغراء للعمل معهم على تحسين صورة ذاك البلد فى المحافل الدولية وخاصة منها الخاصة بحقوق الإنسان.. فى ذلك المساء يقول صديقى أنه أصيب بشىء من الغثيان و«القرف» لأنه وللمرة الأولى يعرف أن لكل إنسان ثمنا فى نظر هذه الوزيرة وغيرها…
***
انتهت روايته لنقرأ الكثير أخيرا عن مراكز أبحاث ودراسات ليست كلها متمركزة فى بلداننا بل كثير منها فى عواصم المدن الكبرى حيث مراكز الأبحاث التى كنا نتصور بأنها نزيهة وعلمية جدا حتى انكشف أخيرا فى أحد التقارير أن فى معظمها قد تم شراؤها من قبل حكومات محددة وخاصة بعد ما سمى ب «الربيع العربى» الذى أصاب الكثير من الحكام بالذعر الشديد رغم أنه ما لبث وأن تحول إلى فصل خريف دامى وشديد الظلمة إلا أن شراراته الأولى قد أصابت الكثير منهم بالفزع. وفيما أدركوا الدور الكبير الذى لعبته محطات التلفزة الإخبارية المختصة جدا فى الترويج لفصيل أو مجموعة مقابل الأخرى أو الدفاع عن نظام بعينه، ما لبثوا وأحسوا بأن عليهم أن يسيطروا أيضا على المراكز البحثية التى أصبحت دراساتها تشكل خطرا شديدا عليهم أيضا كما هو خطر عدسة الكاميرا وشريط الأخبار المصورة..
هنا أيضا أصبح لكل باحث سعر فى سوق الثقافة والبحث العلمى اللذين لم يسلما من ذاك المرض الخبيث جدا الذى ساهمت حكومات كثيرة وأنظمة فى نشره.. فكان إن سمعنا بذاك القومى والعروبى صاحب الرأى الحاد والصارم، ذاك الذى تحول فجأة إلى مرجعية فى الثورات العربية يصنفها حسب وكيف ما طلب منه من دفع له.. اكتشفنا فجأة أنه هو الآخر قابل للشراء ربما بثمن أكثر وأرفع من الآخرين ولكنه أيضا مجرد رقم على قوائمهم التى تطول كثيرا مع الزمن وكلما أضيفت لها أسماء لامعة وجنسيات جديدة…
وفى استشراء المرض يقوم الباحثون الكبار بإغواء الباحثين الشباب وصغار السن.. أولئك الطامحون إلى مركز يمنحهم المساحة الفكرية للكتابة والبحث والذى يدفع لهم ما يساعد فى بناء حياة مستقرة، فتستقطبهم هذه المراكز ومعظمها متمركزة فى عواصم بعينها وهى العواصم نفسها التى لم يصلها ذاك الذى سموه عدوى الثورات العربية أو عدوى الربيع العربى.. هذه العواصم ذات الفصل المناخى الواحد والتى لا تسمح بأية حرية غير حرية الاستهلاك حتى آخر درهم أو دينار أو ريال..
هذه العواصم والمدن المشوهة التى قد يستطيع أحدهم أن يكتب يوما عن كم التشويه الذى خلقته فى تاريخنا الحديث ولأجيال كثيرة قادمة لم يسلم منها حتى المفكرون والباحثون ورجال ونساء كانوا يشكلون القدوة..
***
ويبدو أن قائمة من اشترى ومن باع قد طالت وطالت حتى شملت بعض الموظفين العاملين فى المؤسسات الدولية وأخيرا خرجت لنا الجارديان بفضيحة المبعوث الخاص الذى انتقل إلى وظيفته الجديدة فى مركز للأبحاث فى تلك المدينة الاستهلاكية.. ذاك الذى فضحته رسائله على البريد الالكترونى والذى قرم العديد من المبررات كلها كانت كما يقول المثل العربى «عذرا اقبح من ذنب».
هو كآخرين جىء بهم ليكملوا حكاية مدينة تبحث عن دور أو عن صورة مختلفة.. مدن احتكرت فن العمارات الشاهقة والمراكز التجارية وأخيرا أضافت لها قوائم من المتاحف والجامعات والمراكز البحثية وغيرها.. كله كما قال ذاك الوزير «يشترى بالمال ونحن نملك منه الكثير!!!!».
***
لكل ثمنه. هكذا يعرف الأعراب ولكل وسيلته ولا شريف فيكم.. هكذا يمد ذاك الطفل المعجزة، الذى أصبح يجالس كبار رجالات ونساء السياسة والمال، لسانه لنا وللعالم ويكرر كلكم قابلون للشراء والبيع تختلفون فقط فى الأثمان بعضكم أكثر ثمنا من الآخر خاصة إذا كان أوروبى أو أى جنسية غير العربى لأن أرخصكم فى القائمة هو العربى الذى كان يوما يناطح طواحين الهواء ويردد كل الانتقادات بحق، هو نفسه الآن يقف ليدافع عن المركز البحثى الذى يرأسه ويديره بنفس عقلية إدارة المراكز التجارية التى تزدحم بها مدنهم…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.