«مثال رائع على قوة من لا قوة له».. هذا ما سمى به رئيس لجنة جائزة نوبل للسلام، عام 1991، السيدة البورمية البالغة من العمر آنذاك نحو 46 عاما، خلال إعلان فوزها بالجائزة بعد فوز حزبها بالأغلبية الكاسحة فى انتخابات عام 1990. ورغم وضع زعيمة المعارضة، أون سان سو تشى، قيد الإقامة الجبرية منذ عام 1989، ما منعها من المشاركة فى الانتخابات، لكن ذلك لم يمنع الناخبين من التصويت بكثافة شديدة لحزبها «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية»، أمس الأول، بأكثر من 70% وفق نتائج أولية، الأمر الذى يعكس شعبيتها الجارفة، التى لم تتغير حتى بعد ربع قرن. وُلدت أون سان سو تشى عام 1945، فى مدينة يانجون، العاصمة السابقة بورما (ميانمار حاليا)، وهى ابنة الجنرال أون سان، بطل الاستقلال ومؤسس ما يعرف بالجيش البورمى الحديث، والذى اغتيل قبل ستة أشهر بينما كانت هى فى الثانية من عمرها. وبحسب موقع «بى بى سى»، رحلت سو تشى، إلى الهند عام 1960 بصحبة والدتها، داو خين تشى، التى تم تعيينها سفيرة ميانمار فى دلهى، ثم درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد فى جامعة أوكسفورد بالمملكة المتحدة، حيث التقت بزوجها مايكل آريس. عملت وعاشت لفترة فى اليابان وبوتان، قبل أن تستقر فى المملكة المتحدة، لكن تفكيرها كان فى ميانمار. كانت بلادها فى قلب تصعيد سياسى كبير حينما عادت لبلادها عام 1988 للعناية بوالدتها المريضة، مع مظاهرات حاشدة تطالب بإصلاح اقتصادى، والتى سريعا ما قادتها هى متأثرة بأبيها الراحل، إلا أن ذلك انتهى بانقلاب عسكرى فى سبتمبر من العام نفسه، قبل أن يتم تحديد إقامتها فى العام اللاحق. وفى مايو عام 1990 أقيمت انتخابات عامة فاز فيها حزب سو تشى، لكن المجموعة العسكرية الحاكمة آنذاك لم تعترف بنتائج الانتخابات. ويبدو أن ذلك المشهد عاد ليتكرر هذه الأيام، ولكن بمشاركة «السيدة» كما يلقبها مواطنوها، ومؤشرات على اقتراب ميانمار بشكل كبير من بدء تحول ديمقراطى وحكم مدنى حقيقى، بعد عقود من الحكم العسكرى، مع إعلان فوز حزبها بالانتخابات. ويعلق الكثيرون من مواطنى ميانمار آمالهم على سو تشى فى المرحلة المقبلة، لاسيما أنها ستكون لها يد عليا فى تحديد هوية الرئيس الذى سيختاره البرلمان، إلا أن الدستور يمنع السيدة التى قضت 15 عاما بين 1989 و2010 قيد الإقامة الجبرية والاعتقال من الترشح، بسبب المادة التى تمنع من لهم أطفال بجنسيات أجنبية.