مسنة ل محافظ قنا من أمام إحدى لجان الإعادة: "أنا جاية أنتخبك يا باشا"    سعر الدينار الكويتي اليوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025 بمنتصف التعاملات    مصر واليونان تتفقان على تعزيز الاستثمارات المشتركة في الطاقة والزراعة والنقل    وزيرا التخطيط والمالية يناقشان محاور السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    وزير قطاع الأعمال: الروابط الراسخة بين مصر والإمارات ركيزة أساسية للتنمية والاستثمار    وزير الدفاع ورئيس الأركان يعقدان عدد من اللقاءات الثنائية مع قادة الوفود العسكرية    مصادر: الأمم المتحدة توسع مسار دورياتها في جنوبي سوريا    زيارة دبلوماسية يابانية إلى فلسطين لتعزيز جهود الإعمار وتحقيق حل الدولتين    إسرائيل تعلن مشاركتها باجتماع مع جهات حكومية بلبنان    الصافي تتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع لتسويق وتصدير الحلول التكنولوجية    وسط أفراح صدارة الليجا.. صدمة في برشلونة بسبب نجم الفريق    تعرف على التشكيل المتوقع لريال مدريد أمام أتلتيك بلباو    على رأسها رونالدو.. صراع مشتعل على جائزة مميزة ب جلوب سوكر    التعليم تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري    تحرير857 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    حالة الطقس.. الأرصاد تكشف خرائط الأمطار المرتقبة على محافظات الجمهورية    الأمن يضبط قضايا إتجار فى العملات الأجنبية تتجاوز 3 ملايين جنيه    القومي للسينما يقدم عروض نادي سينما الإسماعيلية    ستوري بوت | لماذا احتفى الشعب المصري والعربي ب «دولة التلاوة»؟    «مشوفتش رجالة في حياتي».. أبرز تصريحات زينة    زينة تثير الجدل بتصريح غريب عن الرجال.. اعرف التفاصيل    وزير الصحة خلال لقائه وفد جمجوم فارما: نعمل على تعزيز التصنيع المحلي ودعم برامج الكشف المبكر للأمراض    تحذير هام من وزارة الصحة.. أدوية ممنوع السفر بها لتجنب المشكلات القانونية    حزمة إجراءات لرفع كفاءة الخدمات بوحدات الرعاية الأولية بالجيزة    إنقاذ مريضة في السبعينات بعد بلعها ملعقة صغيرة في المنوفية    محافظ قنا يتفقد عدداً من مقار اللجان في جولة إعادة انتخابات النواب    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «التعليم» تعلن وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة    انقلاب ميكروباص بطريق أسيوط الغربي بعد الفيوم الجديدة    طلاب ثانية إعدادي يؤدون اختبار مادة العلوم لشهر نوفمبر بالقاهرة    انقلاب ميكروباص وإصابة 7 أشخاص في مدينة 6 أكتوبر    وضع مدرسة الإسكندرية للغات تحت إشراف مالى وإدارى بعد تعدى عامل على التلاميذ    وزير البترول والثروة المعدنية يستعرض إصلاحات قطاع التعدين ويبحث شراكات استثمارية جديدة    وزير الخارجية يلتقي مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الألماني    العربية للتصنيع توقع مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون مع شركة "Sofema" الفرنسية في صيانة وعمرة محركات الطائرات    مذكرة تفاهم بين غرفة صناعة الملابس الجاهزة والوكالة الألمانية لدعم تطوير القطاع الصناعي    محافظ القاهرة يوجه بوضع خطة عاجلة لتطوير الحديقة اليابانية بحلوان    موعد صلاة الظهر.... مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    3 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    دخل تاريخ الدوري الإنجليزي.. هالاند أسرع لاعب يصل ل100 هدف    سليمان: فيريرا رجل سيء.. وما قاله ليس صحيحا    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    «غني بالمعادن ومضادات الأكسدة».. الفوائد الصحية للعنب    احتفاءً بأديب نوبل، القاهرة للكتاب والوطني للقراءة يطلقان مسابقة لإعادة تصميم أغلفة روايات محفوظ    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    تشكيل آرسنال المتوقع أمام برينتفورد في البريميرليج    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    توجيه تهم القتل والاعتداء للمشتبه به في حادث إطلاق النار بواشنطن    الرئيس الكولومبي يحذر ترامب: مهاجمتنا تعني إعلان الحرب    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأساطير التى سقطت
نشر في الشروق الجديد يوم 21 - 10 - 2015

استدعاء الأساطير القديمة فى أوضاع جديدة خطأ سياسى فادح ارتكب على نطاق واسع أثناء الجولة الأولى من الانتخابات النيابية.
هناك من تصور أن الدعايات تستطيع أن تملأ فراغ السياسة.
هذه أسطورة فلا دعاية تقنع ما لم تستند إلى حقائق ولا نظام يتأسس على أرض صلبة بلا رؤية سياسية.
قبل الانتخابات مباشرة بثت الفضائيات بإلحاح شريطا مصورا تحت اسم «حتى لا ننسى» يذكر بتجربة الأحزاب الدينية فى الحكم ويحذر من عودتها.
وقد فشلت فى دفع المواطنين بالتخويف إلى صناديق الاقتراع.
ما كان يؤثر فى لحظات غير طبيعية لم يعد صالحا فى لحظات أخرى شبه طبيعية.
لمرتين تدافع المصريون إلى صناديق الاقتراع ل«تثبيت الدولة» التى كانت معلقة فى الهواء وخطر الإرهاب ماثل بقسوة.
فى الأولى أقروا الوثيقة الدستورية الجديدة بأغلبية ساحقة وفى الثانية انتخبوا رئيسا جديدا بأغلبية مماثلة.
السياق كله اختلف الآن.
جماعة الإخوان المسلمين ضربت على عمودها الفقرى التنظيمى، وتأثيرها تدهور فى الشارع بسبب انخراطها فى العنف والإرهاب.
والبيئة العامة لا ترشح حزب «النور» وصيفها فى الانتخابات النيابية السابقة لوراثة أدوارها.
هذه حقيقة أثبتتها الانتخابات الباهتة التى جرت.
لماذا الرهان على الفزاعات لدفع المواطنين إلى صناديق الاقتراع؟
بصيغة أخرى: لماذا غابت أية دعايات إيجابية تثير أملا فى المستقبل؟
غياب الأمل من دواعى الإحباط.
عزوف المواطنين عن المشاركة فى الانتخابات رسالة احتجاج على الحاضر وسياساته وخياراته.
لا كان دعوة من حزب ولا تحريضا من جماعة.
خطورة الرسالة فى وضوح موضوعها وعفوية فعلها.
لم تعد هناك ثقة فى المستقبل ولا فى كفاءة الأداء العام.
هذا الاستنتاج دعا إلى شىء من السخرية من إنتاج أغان تدعو المواطنين إلى ذات الطوابير القديمة يرفعون فيها الصور والأعلام ويرقصون على إيقاعاتها.
عندما تتراجع الرهانات الكبرى ويئن الشارع من وطأة الحياة المتدهورة دون أن تكون هناك أذن تصغى فالعزوف رسالة أولى وليست أخيرة.
الناس العاديون مستعدون لتحمل أية أعباء بشرط ألا يدفعوا كالعادة كل الفواتير ويعفى منها الحيتان الكبار.
المثير أن الدولة خفضت قيمة الجنيه مرتين فى أجواء الانتخابات.
من حيث التوقيت فهو جهل بالسياسة.
ومن حيث الأثر فهو ينذر بتآكل آخر فى مستويات شعبية الرئيس.
فى عزوف المدن والمناطق الحضرية بدرجة أكبر من المناطق الريفية مؤشر سلبى على احتمالات المستقبل.
فالطبقة الوسطى المدينية هى رافعة التغيير فى هذا البلد منذ تأسيس دولته الحديثة مطلع القرن التاسع عشر.
إحجام الشباب عن المشاركة فى الانتخابات مؤشر سلبى آخر على أزمة مستحكمة تنذر بتداعيات فى المستقبل المنظور.
أى اقتراب من ملف الشباب يتجاوز قضية الديمقراطية لف ودوران فى حلقة مفرغة.
فى الانتخابات التى جرت جولتها الأولى سقطت أسطورة الإعلام التعبوى.
لا يمكن أن يتأسس مستقبل على تعبئة بلا رؤية وصراخ بلا رادع.
اتهامات التخوين بلا تحرز وانتهاك حرمة الحياة الشخصية بلا سقف يفضى بالطبيعة إلى العزوف عن السياسة والسأم من الحاضر.
كل شىء يزيد عن حده ينقلب إلى ضده.
إعلام التعبئة تجاوز كل معقول فى حملات تقريع المواطنين الذين أحجموا عن الذهاب للجان الانتخابات.
مرة قال إن الذهاب للانتخابات دعم للرئيس ومرة أخرى يقول «وما شأن الرئيس».
اضطراب فى الخطاب وعجز عن الإقناع.
رغم ذلك فإن اتساع شاشات الفضائيات لحوارات مفتوحة عن أسباب العزوف حرك شيئا من المياه الراكدة السياسية والإعلامية.
اتسع المجال العام بعض الشىء وحضرت الانتقادات كما لم يحدث منذ فترة طويلة نسبيا.
اختلاف الآراء من طبيعة الديمقراطية.
لا يمكنك أن تجرى انتخابات بلا منافسة ولا برامج ثم تتوقع أن يتدفق المواطنون على صناديق الاقتراع.
العزوف من نتائج تضييق المجال العام وتراجع الحريات.
أى رهان آخر أسطورة لا أساس لها.
عندما تهندس قوانين الانتخابات وتستهدف تهميش الأحزاب فالنتائج لابد أن تكون على الصورة التى رأيناها.
تجريف المنافسة إضعاف لبنية الدولة فى أن تتماسك بعد أن تستكمل مؤسساتها وتقويض لأية رهانات فى أن تكون ديمقراطية وحديثة.
أخطر الأساطير التى ملأت بعض الشاشات أن البرلمان سوف يعطل برنامج الرئيس وأن مصر لا تحتاج إلى أية سلطة تشريعية قد تحرمه من بعض صلاحياته.
الذين يدعونك للنزول هم أنفسهم الذين مسحوا الأرض بالدستور أفضل إنجازات «يونيو» بعد أن رقصوا أمام لجان اقتراعه.
غياب المصداقية أحد أسباب العزوف.
ورغم أن البرلمان المقبل سوف يوالى الرئيس ولن ينازعه، وفى بعض الموالاة عبء يسحب من أى رصيد سياسى، إلا أن هناك ضيقا بوجوده.
نزعة الضيق أفلت عقالها من أى منطق.
أهانت بلدا قام بثورتين من أجل تأسيس دولة حديثة تنهى دولة الرجل الواحد وأساءت بقسوة لسمعة النظام أمام العالم كله.
وكانت أخطر الأساطير التى سقطت أن نواب الحزب الوطنى يتمتعون بشعبية تحسم أية انتخابات.
تسابقت القوائم والأحزاب على ضمهم قبل أن يثبت فى السباق عجزهم عن أى حشد لافت داخل المناطق التى ينتسبون إليها.
لم ننتبه إلى أن المجتمع المصرى تغير وأن سطوة المجتمعات التقليدية لم تعد على أوضاعها السابقة.
بكلام آخر لا يوجد شىء اسمه الحزب «الوطنى» والمبالغة فى خطورته أسطورة متداولة.
أعضاؤه هم نفس أعضاء كل أحزاب السلطة التى مرت على مصر فى النظامين الملكى والجمهورى على السواء.
فى غياب القوانين التى تحترم التعدد وتنحى السياسة بدا الرئيس مسئولا بصورة مباشرة عن مسار الانتخابات.
كأن العزوف استفتاء عليه.
الخارجية نفت أن تكون نسب المشاركة المنخفضة استفتاء على مدى دعم المصريين لقيادتهم.
النفى بذاته اعتراف بأن هناك جرحا فى الشعبية وظلالا على الشرعية أمام العالم.
الحكومة كلها اعترفت بطرق مختلفة بهذه الجروح والظلال.
بدت مذعورة فى تعاطيها مع الأرقام الأولية التى تسربت بعد ثلاث ساعات من بدء التصويت.
لم يكن من حق رئيس الحكومة أن يعلن أية أرقام تخفف من وطأة الصدمة، فهذه مهمة اللجنة العليا للانتخابات.
فى التحشيد الإعلامى والحكومى قلق من الرسالة السياسية لتدنى نسب المشاركة.
وهذا اعتراف آخر بالأزمة التى كشفتها الانتخابات.
أزمة الثقة العامة.
لا يصح التهوين حيث يجب أن يكون الكلام جادا.
ولا يصح التبرير حيث تجب مواجهة الحقائق بشجاعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.