«المصريين الأحرار» يتدخل لحل مشكلة الكهرباء بمزرعة «القومي للبحوث» بالبحيرة    وزير الأوقاف: دراسة علم الآثار من فروض الكفاية (صور)    صرف مكافأة نهاية الخدمة للمحالين للمعاش بالصحف القومية    الأوراق المطلوبة للتصالح على مخالفات البناء في المدن الجديدة    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    حصاد 4 آلاف فدان من محصول الكمون في الوادى الجديد    مهند العكلوك: مشروع قرار لدعم خطة الحكومة الفلسطينية للاستجابة لتداعيات العدوان الإسرائيلي    "حل مجلس الأمة".. ماذا نعرف عن المواد الدستورية التي أعلن أمير الكويت تعطيلها؟    الرئيس الكولومبي يطالب «الجنائية الدولية» بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو    الدوري الإنجليزي.. سون يقود هجوم توتنهام أمام بيرنلي    ميتروفيتش يقود هجوم الهلال أمام الحزم    بحوزته 18 بندقية.. سقوط تاجر سلاح في قبضة الأمن بقنا    تأجيل محاكمة 35 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويلها في المقطم ل10 يونيو المقبل    اليوم العالمى للمتاحف.. متحف إيمحتب يُطلق الملتقي العلمي والثقافي "تجارب ملهمة"    لمدة أسبوعين.. قصور الثقافة تقدم 14 مسرحية بالمجان بالإسماعيلية وبورسعيد وشرم الشيخ    إيمي سمير غانم ل يسرا اللوزي بعد رحيل والدتها: "هنقعد معاهم في الجنة"    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    رئيس صحة الشيوخ في يوم الطبيب: الدولة أعطت اهتماما كبيرا للأطباء الفترة الأخيرة    وزير الصحة الأسبق: تاريخ مصر لم ينس تضحيات الأطباء    استعدوا لنوم عميق.. موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    «هشمت رأسه وألقته من أعلى السطح».. اعترافات المتهمة بقتل زوجها في قنا    الشناوي تدرب بالجيم.. يلا كورة يكشف تفاصيل مران مستبعدي الأهلي من مواجهة البلدية    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    وزير التموين: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    رئيس الوزراء: نستهدف الشركات العالمية للاستثمار في مصر    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    تسلل شخص لمتحف الشمع في لندن ووضع مجسم طفل على جاستن بيبر (صور)    باسم سمرة يكشف سر إيفيهات «يلا بينا» و«باي من غير سلام» في «العتاولة»    جامعة القاهرة تستضيف وزير الأوقاف لمناقشة رسالة ماجستير حول دور الوقف في القدس    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    الإمارات تهاجم نتنياهو: لا يتمتع بأي صفة شرعية ولن نشارك بمخطط للمحتل في غزة    تأجيل محاكمة المتهم بقتل 3 مصريين في قطر    عقوبة استخدام الموبايل.. تفاصيل استعدادات جامعة عين شمس لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    وزيرة التضامن: 171 مشرفًا لحج الجمعيات.. «استخدام التكنولوجيا والرقمنة»    القاهرة الإخبارية: أنباء عن مطالبة الاحتلال للفلسطينيين بإخلاء مخيمات رفح والشابورة والجنينة    التنمية المحلية: تنفيذ 5 دورات تدريبية بمركز سقارة لرفع كفاءة 159 من العاملين بالمحليات    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لكأس الأمم الأفريقية    شروط وأحكام حج الغير وفقًا لدار الإفتاء المصرية    تفاصيل زيارة وفد صحة الشيوخ لمستشفيات الأقصر    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 11-5-2024    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاء خالد يدافع عن ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 08 - 2009

للأمكنة فتنة خاصة ومذاق فريد، وفى روايات «المكان» وضوح ورهافة وحياة وسحر خاص لا تجده عند بقية الروايات الأخرى. ثمة فجوة بل هوة تفصل بين روايات تمنح المكان شهادة حياة ليكون بطلا وشاهدا على تحولات أبطال الرواية وبين أخواتها من أنواع الإبداع الأخرى.
والقارئ لأعمال الشاعر علاء خالد المحرر لمجلة «أمكنة» التى تعنى بثقافة الأمكنة يجد أن المكان قد شغل حيزا كبيرا من أعماله، ويظهر ذلك فى روايته الأخيرة «ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر» الصادرة حديثا عن دار الشروق.
فالرواية تتخذ من «بيت العائلة» مرتكزا لحكايات الجد الكبير إبراهيم العائد من شرود طويل فى الصحراء، والتى امتدت لعشر سنوات قضاها فى صحراء غرب الإسكندرية حتى وصل المغرب.
سنوات ربَّى فيها كراهيته لأخيه الكبير مصطفى الذى كان السبب فى هروبه، فقد خرج وهو ابن أربع عشرة سنة، حيث لم يجدا مفرا من الهرب، بعد أن انتزع منه أخوه مصطفى كيس الذهب من بين أصابعه المتشبثة، فكان كيس الذهب كما وصفه خالد هو المنارة التى تهدى كراهيته لمستقرها وتغذى فيه حلم الابتعاد والتيه فى الصحراء.
ولكن كان للصحراء رأى آخر، فرجع الجد الكبير بعد وفاة أخيه مصطفى الذى أوقف وقفا سمى فى عائلة الراوى ب«الوقف الصغير»، وهو عبارة عن مجموعة من البيوت والمحال، لا تتناسب مع الثروة التى استولى عليها مصطفى وحرم منها إخوانه، فكانت حياته مليئة بالأنانية والخسارات الكبيرة.
أما إبراهيم الذى عاد خاوى الوفاض، ولكن معه حياته التى افتداها بكل ثروته التى جمعها طوال عشر سنوات. فعاد «بعزيمة يمكنها أن تتكسب من شق ضيق للرزق، وقد فعل. اشترى الجد إبراهيم دكاكين وبيوتا وأراضى؛ ستسمى فيما بعد ب «الوقف الكبير» أو «وقف سيدى إبراهيم»، وهو الوقف الذى استمر فيؤه ممتدا حتى الأجيال الأخيرة للعائلة».
تلك الحكايات والصراعات بين أنانية الأخ الأكبر وعزيمة الأصغر تمثل تيمة الرواية، إذ تمتد إلى الجيل الخامس لهذه العائلة السكندرية، التى يجمعها البيت/ المكان الذى يجعل منه الكاتب شاهدا طول الرواية على مصائر الراوى والأم والأب والأصدقاء والجيران والزملاء.
ومعروف أن الشاعر السكندرى علاء خالد يعد من الأسماء البارزة فى تاريخ قصيدة النثر، وصدرت له عدة دواوين وهى «الجسد عالق بمشيئة حبر»، و«وتهب طقس الجسد إلى الرمز»،و«حياة مبيتة»، فضلا عن «خطوط الضعف»، و«المسافر»، و«طرف غائب».
علامة شفاء
الذكريات والأحلام فى مقابل ألم الواقع والنسيان هى أيضا موضوع رواية التى تبدو كأنها قصيدة نثرية طويلة علاء خالد، والتى تؤكد أن الألم فى الحلم لا وزن له، وهو تأكيد يحتاج إلى إعادة نظر وقراءات متعددة للرواية التى تتناول حياة «البيت الكبير» وبيوتا أخرى ومن فيها من بشر على لسان الراوى الشريك فى تلك الحياة.
«الحكاية علامة شفاء الراوى» عنوان وضعه خالد لإحدى قصص الرواية يقول فيها: «تزوجت أمى من أبى فى عام 1950، أى بعد سبعة عشر عاما من موت أبيها وتبدل حياتها. تلك السنوات كانت كافية لهزيمة أى حلم، ولقبول زواجها من أحد الموظفين، بعد أن كانوا يجهزونها وهى صغيرة للزواج من أحد الوجهاء.
أصرت على قبول الموظف ذى الدخل الثابت الذى يحمل مؤهلا عاليا، حتى لا تعيد مأساة أبيها مرة أخرى من جراء احترافه للتجارة. تحولت مأساة عائلة أمى إلى حكاية، تحكيها لأولادها، بعد أن تم الشفاء من تأثير المأساة، باستثناء بعض الدموع التى تتخلل بداياتها.
الحكاية هى علامة على شفاء الراوى». وهذه تبدو حيلة للكاتب علاء خالد ليبرهن على معنى جزء بسيط من روايته، ولكن من ينظر على مجمل العمل يجد أن خالد يريد أن يقول إن روايته/ حكايته علامة على الشفاء، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه: ماذا يقصد بالشفاء أو الشفاء من ماذا؟، هل من الأحلام أم من عشقه للمكان ؟!!.
رواية «ألم خفيف» قصص قصيرة متفرقة لأشخاص وأماكن تحمل عناوين «مسارات الأبناء»، و«الموظف الأبدى»، و«دادة سعادة»، و«وفاة جدى»، و«ثلاث أشجار ليمون»، و«عائلة الأستاذ يواقيم»، و«أنكل سليم»، و«الحياة هى الكتاب»، و«أطعمة حريفة ومقبلات»، وغيرها، ولكنها تشكل فى النهاية مجمل الرواية، فلا يمكن أن تقرأ قصة واحدة أو ثلاث بل عليك أن تقرأ كل القصص التى تشكل محتوى الرواية.
وهذه الطريقة التى تقسم الرواية إلى عناوين وقصص فكرة رائعة؛ لأنها تتيح للقارئ راحة بصرية ليستطيع أن يتنفس خلال قراءة الرواية التى جاءت فى 378 صفحة من القطع المتوسط، فمثلا يمكن للقارئ أن يقرأ السطور التى تحمل عنوان «الموظف الأبدى» باعتبارها قصة قصيرة منفصلة عن ذلك الموظف ولكن لا يمكن فهم مسار الرواية وتحولاتها ودور ذلك الموظف فى تغيير حياة العائلة إلا بربط قصته ببقية أجزاء الرواية.
ويحكى ذلك الجزء قصة الموظف الذى وهب حياته لمنح الآخرين فرصة النجاة من سجن الوظيفة، حيث يقول الراوى: «حتى هذه اللحظة كان جدى ما زال يعمل موظفا فى البلدية، فى انتظار تلك المصادفة التى ستغير حياته، وتضع لقب «بك» فى نهاية اسمه».
فقد قام هذا الموظف بإخفاء بعض الأوراق المهمة من عهدة الجد، وكانت تلك السرقة والشر سبب سعادة العائلة، فقد ترك الجد الوظيفة، وبدأ حياته التجارية وخلال سنوات أصبح الجد أحد أهم التجار بالإسكندرية، ووصلت به الحال إلى أنه أصبح المورد الوحيد للسكر والدقيق والأرز فى أسواق الإسكندرية، فضلا عن حصوله على لقب البكوية.
والأمر نفسه يتكرر مع بقية القصص/ الرواية التى تمثل فصلا من تاريخ الإسكندرية، لكنها إسكندرية الناس العاديين الذين نقابلهم طول الوقت وربما لا نعرفهم إلا عندما نقرأ رواية كهذه.
ألم لا وزن له
«بوفاة أمى انقطع حلم السير فى هذا النهار الطويل، اختفى الماضى من أحلامى، أو حتى إشاراته البسيطة أو حتى بواطن ذكرياته. أنا الآن سعيد لأن الماضى خرج من قائمة أحلامى، برغم شعورى ببعض الألم من هذا النسيان، ولكنه ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر.
الألم فى الحلم لا وزن له». بهذه الكلمات يختم الشاعر خالد روايته ربما لتطير الريشة وتذهب لمكان آخر ولإنسان آخر فى عائلة أخرى وهكذا، حتى يتواصل العذاب للريشة ومنْ تنتقل إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.