- «هارون الرشيد» و«رجل الأقدار» و«عمر بن عبدالعزيز» أعمال محفورة فى الذاكرة لم يبخل الفنان الراحل على جمهوره ب3 من أهم الأعمال الدينية والتاريخية فى مسيرة الدراما العربية، والثلاثة كانت من إخراج أحمد توفيق. ففى عام 1995، قدم نور الشريف واحدا من أهم أعماله الدرامية وهى مسلسل يتناول قصة حياة الخليفة الأموى «عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين»، وهو المسلسل الذى تمكن كاتبه عبدالسلام أمين من تضمين حواره الكثير من الجمل الحقيقية التى قالها عمر عبدالعزيز بنفسه، وذلك طبقا للكثير من الكتب التاريخية والمراجع المهمة التى عاد اليها. ولكن تعرض المسلسل لاتهامات بوجود العديد من الاخطاء التاريخية به لعل أبرزها ورود ذكر العاصمة العراقية بغداد فى حوار المسلسل، مع أنه ثبت تاريخيا أن بغداد لم توجد وقت الخليفة عمر بن عبدالعزيز وتم بناؤها بعد رحيله بنحو 50 عاما فى عهد الخليفة العباسى أبوجعفر المنصور. وكذلك الخطأ المتعلق بورود أكثر من مرة على لسان عبدالملك بن مروان أن دولته تمتد من الصين إلى بحر المحيط الأطلسى وهذا غير صحيح تاريخيا، فأقصى اتساع للدولة الإسلامية زمن عبدالملك بن مروان كان من أفغانستان شرقا إلى الجزائر غربا، ولم يصل المسلمون للصين والهند والمغرب والأندلس إلا فى زمن الوليد بن عبدالملك. كما قدم نور الشريف «الأمير المجهول هارون الرشيد» عام 1997 وعرض فيه قصة الخليفة العباسى هارون الرشيد فى عهد الدولة العباسية مستعرضا المجد الذى شهدته البلاد فى عهد هذا الحاكم. وحصد مسلسل «الأمير المجهول هارون الرشيد» العديد من الجوائز المهمة وأبرزها أفضل سيناريو وأفضل إخراج وأفضل تمثيل وأفضل ديكور، والمسلسل شارك فى بطولته ما يزيد على 30 فنانا وفنانة أبرزهم عبلة كامل، وأشرف عبدالغفور، ومحمود الجندى، ورشوان توفيق، ومنى عبدالغنى، وهدى سلطان، وعبير الشرقاوى، ومحمد رياض، ومديحة حمدى، ومصطفى متولى، ووجدى العربى، وغيرهم. ووقت عرض المسلسل تعرض كذلك للعديد من الانتقادات وأبرزها تشويهه لشخصية الخليفة العباسى، حيث اتهم المسلسل بتركيزه على جانب شخصى ضيق من شخصية الخليفة العباسى «هارون الرشيد»، والذى اتسم عهده بالقوة، والرخاء، ليختصر حياته فى قصة حب لأحد نسائه أو محظياته وفى صراعات القصور بين الحريم، فى حين أن كثيرا من المراجع التاريخية أكدت أن عصر هارون الرشيد كان عصر رخاء وازدهار ولم يكن يولى أولى اهتماماته للنساء كما أشيع عنه. وعلى مدى 3 سنوات، قام الفنان نور الشريف بالإعداد لشخصية «رجل الأقدار عمرو بن العاص» قبل البدء فى تصوير المسلسل، حتى درس جيدا شخصية عمرو بن العاص ويجيد تقديمها على الشاشة عام 2003، وقد تم تقسيم المسلسل إلى مرحلتين الأولى قبل إسلام عمرو والثانية بعد إسلامه ودفاعه عن الإسلام، وبالطبع شاركه البطولة عدد كبير من الفنانين وبينهم سوسن بدر وأيمن عزب وحنان مطاوع وخليل مرى ومحمد الصاوى وخالد الصاوى وبهاء ثروت ومحمود مسعود وأحمد صفوت وغيرهم. وبالطبع لم يخل الأمر من بعض المنغصات، فحين عرض المسلسل أثيرت عاصفة هجوم ضده كان أبرزها معارضة الأزهر الشريف لوجود مشاهد تتعلق بالفتنة الكبرى فى صدر الإسلام والمتمثلة فى مقتل عثمان بن عفان، وتصميم الأزهر على حذف هذه المشاهد، وهى المشاهد التى تبدأ من قبل مقتل عثمان بن عفان أى الأسباب التى أدت إلى اندلاع الفتنة وقتله، وهو الأمر الذى قال عنه نور الشريف: «بقراءة كتب التراث الصحيحة والتاريخ الإسلامى نكتشف أن الباحثين القدامى من الطبرى إلى ابن كثير إلى ابن قيم الجوزية كانوا أكثر موضوعية من باحثى العصر الحديث، حيث ذكروا الحدث بكل مفرداته دون الشعور بحرج من تأييد جانب على آخر، ومن المؤكد أن شخصية عمرو بن العاص شخصية خلافية بدرجة كبيرة، وهذا هو السبب الرئيسى الذى دفعنى لقبول المسلسل لتحريك ذهن المشاهد للبحث عن الحقيقة، على الرغم من ان الرقابة الدينية المتمثلة فى الأزهر أصرت على حذف المشاهد المتعلقة بالفتنة الكبرى والتحكيم ووافقتها على الرأى فى الحذف الرقابة التليفزيونية»، ووقتها حزن الشريف كثيرا لحذف هذه المشاهد المهمة. وعن أسباب قبوله تجسيد عمرو بن العاص، قال نور الشريف وقتها «شخصية عمرو بن العاص درامية بالدرجة الأولى، ويتمثل ذلك فى مسألتين مهمتين الأولى تتعلق بحادث وقوع أمه فى الأسر وهى شابة حيث اعتدى عليها أربعة رجال من بينهم «العاص» الذى تم نسبه إليه لوجود شبه كبير بينهما، والمسألة الثانية كانت تتمثل فى قصر قامته، وكلتاهما كونت هذه الشخصية التى قررت بوعى أن تكون عظيمة وساعده على ذلك دهاؤه المخيف».