- «حكاية العربى» قدوة لتعليم الشباب الصبر والإخلاص فى العمل «بدا لى مشوار حياتى فى كثير من الأحيان كطريق ملىء بالضباب تعتريه العقبات والحواجز، وتحيط به الأخطار، فلولا أن الله تعالى قد أنار لى جوانب عديدة من ذلك الطريق، برحمة منه وفضل، ولولا أنه سبحانه قد أتانا مع أخوى محمد وعبدالجيد مفاتيح ذلك المشوارالطويل، وأيَدنا بقلوب واثقة وخطى ثابتة وهممٍ عالية، ما استطعنا تبيُن حقائق وأسرار التناغم مع الحياة فى مشوارنا، وما استطعنا أن نستنهض الهمة من داخلنا، ومن داخل كل من شاركنا طريقنا الطويل،لنصنع معا ذلك الصرح الذى أقمناه.. «نعم، فبفيض هذا النور الإلهى تعلمت فى ذلك المشوار أن الله تعالى قد خلق الناس جميعا سواسية، وأنه – سبحانه سخرنا لينفع بعضنا بعضا. وأنه عزوجل قد رفع بعضنا فوق بعض درجات ليختبرنا، لا يغترَ أو يتكبر أحدنا بما لديه، أو يقنط آخر ويحزن لما افتقده. «تعلمت من كتاب الله الكريم أن المال كله مال الله، وأن الأصل فى العلاقة الناجحة بين الناس هو الحب، وأن بهجة الحياة تنعدم بدون توفُر الحب والرحمة والوفاء أو على الأقل يذهب أجمل ما فيها. «تعلمت أيضا أن حسن الخلق والصدق والأمانة والوفاء، يُشكِلون الباب الملكى المضمون للوصول إلى قلوب الناس،ولاكتساب ثقتهم فى شتى المعاملات، «وتعلمت من سيرالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أهمية العمل الجماعى الدءوب، فأغلب الأنبياء لم ينجحوا فى مسيرة دعوتهم إلى الله إلا بوجود مجموعة من المؤمنين حولهم، يعملون معا بقلوب مخلصة لنصرة الرسالة. ولقد أكرمنى ربى بمجموعة مخلصة، بدأت بأخويَ محمد وعبدالجيد –رحمه الله ثم أولادنا وأحفادنا جميعا ومجموعة من أوفى وأمهر المهندسين والخبراء والمستشارين، ثم ما يزيد على 20 ألفا من العاملين معنا فى مجموعة «العربى»، بدون كل هؤلاء ما كان لسطورهذه القصة أن تُكتب».. هكذا قدم الحاج محمود العربى لكتابه «سر حياتى»، الذى أضاف للمكتبة العربية قيمة جديدة، حيث رصد قصة نجاح واقعية، آثارها ممتدة على أرض الواقع بين القاهرة وبنها وقويسنا، بل وعبر كل مدن ومحافظات مصر. فلا يكاد يخلو بيت أو مقر شركة من أحد منتجات أو ثمرة من ثمار هذه الحكاية التنموية الناجحة، المُحفزة لكل من يقرأها أن يبدأ بما لديه من طاقة وحسن ظن بالله ثم بالناس والمخلوقات كلها من حوله، وألا ينتظر رأس مال ضخم ليبدأ بما لديه من موهبة. فقد بدأ محمود العربى برأس مال 30 قرش فى قريته «أبو رقبة» بالمنوفية، حين كان عمره أقل من ست سنوات (!!)، ويمضى محمود العربى فى سرد قصص الطفولة فى القرية بتفاصيل جذابة مثيرة عن ذكرياته فى تلك الفترة التى كانت القيم الأصيلة والأخلاقيات الرفيعة تسيطر على جوانب الحياة، والتى منها ومن حِفظِه لكتاب الله فى كتاب القرية، استمد الطفل ابن العشر سنوات قوته الداخلية التى ساعدته على مواجهة العالم بعد ذلك، وعلى الإصرار أن يحفر اسمه فى قائمة كبار الرواد الناجحين..ثم يمضى الحاج محمود فى سرد ذكرياته فى الباب الأول عن القرية وعن أبيه «إبراهيم العربى» وأمه «هانم»، ثم ذكر بالتفاصيل علاقته بالقرآن الكريم وبشيخ الكتاب «محمد عبدالمنعم»، ثم علاقته بأخويه محمد وعبدالجيد، ورسم ملامحا دقيقة لشخصية كل منهما، وأيضا بعض من التفاصيل والذكريات عن زوجاتهن – رحمهن الله وخص رقة قلب أخيه عبدالجيد – رحمه الله وقدراته الاتصالية المبهرة بتفاصيل كثيرة. وتستمر الذكريات، وتنساب الحكاية فى تدافع وقوةة، كأنها شلال من ماء عذب يجرف فى طريقه أية صعوبات أو معوقات، حتى بلغ نجاح محمود العربى وأخويه محمد وعبدالجيد وأبنائهم – الجيل الثانى (والآن معهم مجموعة كبيرة من الأحفاد – الجيل الثالث، ومعهم 21 ألف هم مجموع العاملين فى مجموعة «العربى») أن حصل عام 2008 على وسام «الشمس المشرقة» من امبراطور اليابان، ليكلل مشوار ثقة وتعاون بناء، ونجاح رائع مع اليابانيين، رصدت صفحات الكتاب أسبابه بدقة، وبتفاصيل لم تُثنِه المنافسة الحامية فى عالم التجارة والصناعة ولم تدفعه أن يخبئها. إنها الرغبة العميقة أن يستفيد بقدر الإمكان كل من يقرأ هذه الحكاية الواقعية من أحداثها، ويسعى كلٌ نحو محاكاتها من الزاوية التى يجيدها، وانطلاقا من الموهبة التى وهبها الله إياها. ويختتم الحاج محمود صفحات كتابه بقوله: كان حلما يتراءى بين عينيَ، أن ننجح بكيان «العربى» الذى أسسناه عام 1964، ولله الحمد والفضل يتحقق الحلم يوما بعد يوم، بجهد رجال أشداء أمناء، قاموا بأداء أدوارهم معنا كأفضل ما يكون. لقد كانت البداية الحقيقية يوم أقنعت نفسى وكل من حولى بأهمية التصنيع فى عام 1975، وإننى أرجو اليوم أن تنتشر ثقافة التصنيع فى مصر فى كل مكان، وبين كل عائلات مصر؛ فصحيح أننا دولة زراعية فى المقام الأول، ولكننا يجب أن نكتسب خبرات صناعية متقدمة تتوازى مع خبراتنا الزراعية، حتى نستطيع بناء مصر على أساس متين من الاحترافية والعمل الجماعى، الذى يمكن به أن ننهض بمصر بشكل حقيقى، وندفع بها (بل.. نُعيدها!) لمصاف الدول الكبرى.