تونس تسعى لحسم التأهل أمام تنزانيا.. والسنغال تحاول فك شفرة المجموعة المعقدة    بعد قليل جنايات الجيزة تحدد مصير اللاعب رمضان صبحي و3 متهمين في قضية التزوير    اليوم.. عزاء المخرج عمرو بيومى    وزير الصحة يعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025    بعد قليل.. استكمال محاكمة 32 متهما بقضية خلية الهرم    التموين تعلن اعتزامها رفع قيمة الدعم التمويني: 50 جنيه لا تكفي    محمود العسيلي: "عمرو دياب بتعلم منه وهو رقم واحد"    مجانًا ودون اشتراك بث مباشر يلاكووووورة.. الأهلي والمقاولون العرب كأس عاصمة مصر    جراحة قلب دقيقة بالتدخل المحدود في مستشفيات جامعة بني سويف تُعيد مريضًا إلى حياته الطبيعية خلال أسبوعين    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    طقس اليوم الثلاثاء| عودة الاستقرار الجوي.. ودرجات الحرارة في النازل    السيطرة على حريق داخل محل أسفل عقار بمدينة نصر.. صور    نتنياهو يوافق على طلب ترامب استئناف المحادثات مع سوريا وتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    القاهرة الإخبارية: خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول ملف الضفة الغربية    محمد منير في جلسة عمل مع أمير طعيمة لتحضير أغنية جديدة    نجما هوليوود إدريس إلبا وسينثيا إيريفو ضمن قائمة المكرمين الملكية    تراجع الأسهم الأمريكية في ختام تعاملات اليوم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 30 ديسمبر    زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل واقعة خطف طفل كفر الشيخ    تفاصيل مثيرة في واقعة محاولة سيدة التخلص من حياتها بالدقهلية    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    نجم الأهلي السابق: زيزو لم يقدم أفضل مستوياته.. ومصطفى محمد يفتقد للثقة    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    أزمة القيد تفتح باب عودة حسام أشرف للزمالك فى يناير    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    ترامب يحذر إيران من إعادة ترميم برنامجها النووي مرة أخرى    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع نجاح المؤتمر الاقتصادى... ماذا بعد؟
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 03 - 2015

نجح المؤتمر وفاق نجاحه كل التوقعات. ولا أقول ذلك تأثرا بالجو الاحتفالى الذى ساد شرم الشيخ خلال الأيام الماضية، فلم أكن حاضرا لكى أتأثر به، وإنما من خلال متابعة جلسات ووقائع المؤتمر عبر التغطية الإعلامية وكذلك عن طريق رصد ردود الأفعال له محليا ودوليا على مدى الأيام الثلاثة التى استغرقها. تحديدا فإن المؤتمر قد نجح من حيث حجم الحضور وأهميته، ومن حيث المساندة السياسية الواسعة لمصر من بلدان العالم والمؤسسات المالية الدولية بما فيها تلك التى كانت حتى وقت قريب ترفض الاعتراف بالدولة الجديدة، ومن حيث مشاركة الشركات العالمية الباحثة عن فرص استثمار واعدة، وأخيرا وليس آخرا من حيث التنظيم والشكل العام الذى خرج به المؤتمر وجعله لا يقل شأنا عن أكثر المؤتمرات العالمية تنظيما وكفاءة.
هذا النجاح يلقى مسئولية كبيرة على عاتق الحكومة، وعلى مصر كلها، فى أن تحول البرامج والاتفاقات والوعود إلى حقائق على الأرض، وأن يتم استغلال الحالة الإيجابية التى أوجدها المؤتمر لكى تكون نقطة تحول فى المسار الاقتصادى للبلد. والمهمة ليست سهلة وتتطلب تضافر كل الجهود من الحكومة ومن خارجها، كما أنها تحتاج أيضا للمزيد من الشفافية والوضوح فيما يتعلق بالبرنامج الاقتصادى للدولة فى المرحلة المقبلة، ولحوار واسع بين أطراف المجتمع المصرى حول الاختيارات والأولويات المتاحة.
هذه الشفافية مطلوبة أولا لكى يمكن التعامل بحكمة مع التوقعات الهائلة للشعب المصرى الذى جلس أمام شاشات التلفزيون مستمعا ومشاهدا لصفقات بعشرات المليارات من الدولارات، اختلط فيها الوعد بالالتزام، والمنحة بالوديعة، والتمويل بالمشاركة. ولا أقلل هنا من شأن ولا حقيقة ما تم الإعلان عنه. فأطراف الاتفاقات التى أبرمت مع الحكومة المصرية شركات عالمية كبرى عليها واجب قانونى ألا تعلن أو تفصح إلا عما يكون حقيقيا. وإنما ألفت النظر إلى ضرورة أن يتم توضيح الفارق بين صفقات تم إبرامها بالفعل وبين اتفاقات نوايا تتطلب المزيد من الدراسة والبحث قبل أن تتحول إلى عقود ملزمة، وأن يتم توضيح الآجال الزمنية لتنفيذها ومصادر تمويلها وما تقدمه الحكومة مقابلها سواء أرض أم تمويل أم مشاركة. الإعلان عن هذه التفاصيل ضرورى لكى تكون التوقعات فى محلها ولا يصاب الناس بخيبة أمل إذا لم يجدوا صدى سريعا للمؤتمر.
هناك أيضا حاجة لمزيد من التوضيح حول السياسة الاقتصادية العامة للدولة. فقد تضمنت كلمات السادة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزيرى المالية والتخطيط بعض الخطوط العريضة لهذه السياسة، خاصة من خلال خطة الدولة حتى عام 2030 التى عرضها د. أشرف العربى، وملامح السياسة الضريبية التى قدمها السيد/ هانى قدرى، وهو تقدم كبير عن حالة الغموض السابقة، كما أن شهادة مديرة صندوق النقد الدولى ونائبة رئيس البنك الدولى ومسئولة الملف الخارجى بالاتحاد الأوروبى وغيرهم قد أكدت على ثقة هذه المؤسسات الكبرى فى مستقبل الاقتصاد المصرى. ولكن هذا لا يكفى. فخطة 2030 تعتمد على مستهدفات ولكن لا تتضمن شرحا للسياسات والإجراءات التى يلزم القيام بها لكى تتحقق هذه الأهداف الطموح. الخطة مثلا تستهدف النزول بمعدل البطالة إلى 5٪ عام 2030، وبنسبة الأمية إلى الصفر، وإلى أن تكون عشر جامعات مصرية بين الخمسمائة الأفضل فى العالم، ومصر بين أكثر عشرين دولة إنتاجا لبراءات الاختراع. هذه المستهدفات وغيرها ممكنة، ولكن الخطوة التالية هى توضيح الآليات والبرامج والسياسات التى تؤدى إلى تحقيقها والفروض التى بنيت عليها، كما أنها تستلزم تمويلا وتعديلات قانونية وكوادر حكومية بكفاءة معينة. هذه الأسئلة بحاجة إلى مزيد من التوضيح والشفافية لكى يكون المجتمع مشاركا فى صنع هذه الخطة الطموح وفى متابعة تنفيذها.
أما الجانب الثالث الذى يحتاج إلى المزيد من الإيضاح فهو السياسة الاجتماعية للدولة التى تضمن توزيعا عادلا لعوائد الاستثمار والتنمية وتحقق الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر عرضة لمصاعب الحياة وتقلبات الزمان. والمؤتمر برغم أجوائه الاحتفالية لم يبدد المخاوف المشروعة بأن يكون نمط التنمية الذى يتجه إليه البلد منحازا لكبار المستثمرين ولأصحاب فرصة الالتحاق بالركب الجديد وليس لمواجهة الفقر بشكل جذرى. وقد ساعد على ذلك أن المساحة التى حظى بها هذا الموضوع فى المؤتمر للأسف لم تكن كافية، والتوقيت المخصص لها متأخرا، والتغطية الإعلامية محدودة، حتى البرامج الأخيرة التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى لم تأخذ الاهتمام الكافى برغم أهميتها. مصر بحاجة إلى حوار حقيقى وشامل حول قضية العدالة الاجتماعية، ليس فقط من منظور توجيه الدعم لمستحقيه وبرامج الحماية الجديدة، وإنما لفهم طبيعة الفقر وأسبابه وما يجعله يتركز فى مناطق أكثر من غيرها وما يحول دون استفادة الفقراء من البرامج الاجتماعية وكيفية العمل على خروجهم من هذه الحلقة المفرغة. وإذا كان المؤتمر لم يتعرض لكل ذلك باعتبار أن جمهوره كان من المستثمرين الأجانب الذين قد لا يشغلهم الموضوع أكثر مما يمثله من خطر على الأمن والاستقرار، فإن الحوار يظل مطلوبا داخل المجتمع المصرى وبين أطرافه المختلفة ومن يمثلون طبقاته وفئاته الاجتماعية لأن مستقبل البلد معلق على السياسات الاجتماعية التى نختارها.
وأخيرا فإنه مع انتهاء الموتمر وانقضاء حالة الاستنفار التى سبقته، فقد يكون من الملائم مراجعة التشريعات العديدة التى صدرت فى الأيام الأخيرة بهدوء وبعيدا عن التوتر والاستعجال الذى صاحبها، خصوصا فيما يتعلق بقانون الاستثمار وكذلك بالتعديلات الأخيرة لقانون الضرائب على الدخل التى غيرت الاتجاه العام للسياسة الضريبية مرة واحدة وطرحت أسئلة جديدة بحاجة إلى مزيد من الدراسة والفهم، وهذا موضوعه مقال آخر.
المؤتمر نجح، ولكن لكى يكون نجاحه نقطة تحول للمسار الاقتصادى وبداية جديدة للتنمية يلزم أن يعقبه حوار أكثر اتساعا وشفافية وتفصيلا حول المرحلة المقبلة، لأن نجاح هذا التحول يحتاج إلى مشاركة كل فئات الشعب، وهذه المشاركة تتطلب أن يكون الشعب شريكا فى التفكير والاختيار وليس فقط فى العمل والتنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.