من جبال تورا بورا الأفغانية، إلى صحراء بغدادالعراقية، مرورا بدروب الجهاد فى لبنان، نجح أبوهمام السورى، المسئول العسكرى لجبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة فى سوريا)، أن يحظى بثقة كبار قيادات تنظيم القاعدة أمثال أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وأبومصعب الزرقاوى، ليكون بعد ذلك أحد عقولها النافذين فى سوريا، قبل أن تنال منه إحدى الطائرات، أمس الأول. فمسيرة أبوهمام أو سمير حجازي، السورى الأصل، كما تعرفه المخابرات الغربية، مليئة بالعطاء للقاعدة ولا سيما فى مجال التخطيط، وذلك بدءا من انخراطه فيه عام 1998، وصولا لتزعمه للجناح العسكرى لجبهة النصرة فى سوريا. ففى أول لقاء بين أبوهمام وزعيم القاعدة، بن لادن، عينه الأخير مباشرة بعد المبايعة مسئولا عن السوريين فى التنظيم، وبعد أن أظهر تفوقا فى ساحات القتال، تدرج إلى مرتبه أعلى، ليكون أميرا على منطقة المطار فى قندهار الأفغانية، ذات الأهمية الاستراتيجية للقاعدة. ومع بدايات الغزو الأمريكى لكابول عام 2011، وانحصار مقاتلى التنظيم فى سلاسل جبال تورا بورا، أسند زعيم التنظيم، لأبوهمام مسئولية الوصل بين التنظيم الأم، وقيادات التنظيم الوليد فى العراق، وعلى رأسهم أبوحمزوة المهاجر وأبومصعب الزرقاوى، وهو ما عرضه للاعتقال على يد المخابرات العراقية عام 2003، سلم بعدها للمخابارات السورية التى أطلقت سراحه لعدم كفاية الأدلة. ورغم تكرار الاعتقال، لم يترك أبوهمام، مسيرته الجهادية، حيث غادر سوريا متوجها إلى لبنان، ومنها فر إلى أفغانستان مجددا، ثم عاد مجددا إلى سوريا، لقيادة الفرع الجديد للتنظيم مع بدايات الثورة السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. إلا أنه وبعد أكثر من 4 سنوات من القتال فى سوريا، شكل مقتل أبوهمام، برفقة ثلاثة من أعضاء مجلس شورى النصرة، فى عملية غامضة استهدفت مقر الجبهة فى بلدة سلقين بمحافظة إدلب، أمس الأول، ضربة قاسمة لها، وتضاربت الروايات حول ملابسات مقتلهم، ففى حين أوضح المتحدث باسم الجبهة، أن مقتل قادة الجبهة جاء فى قصف جوى من قبل طائرات التحالف الدولى لمكافحة الإرهاب، نفى التحالف تنفيذه أية ضربات جوية فى محافظة إدلب السورية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وعلى النقيض من تلك الرواية، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية بأن مقتل قادة النصرة تم فى «عملية نوعية» قام بها الجيش السورى فى إدلب، ومن المعلوم أن النصرة من أقوى الجماعات المسلحة التى تقاتل لإسقاط نظام الأسد وتسيطر على مساحات شاسعة شمال البلاد.