العامة للاستعلامات: 250 وسيلة إعلام عالمية ترصد افتتاح المتحف الكبير وتحسن الاقتصاد المصري في نوفمبر    الخريطة الكاملة لجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب 2025.. تنطلق السبت    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء يستعرض حصاد أسبوع حافل لرئيس الوزراء في ملفات الطيران والاستثمار والصحة والتنمية المحلية    أول تعليق من الجامعة العربية على اعتراف إسرائيل بأرض الصومال    عمرو أديب عن فوز مصر على جنوب إفريقيا: منتخبنا بقى يخوف.. و 30% من قوته في محمد صلاح    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم أمام وحدة مرور المحلة    وزارة السياحة والآثار تُغلق موقعًا إلكترونيًا مُزوّرًا لبيع تذاكر المتحف المصري الكبير    الملحن مدين يكشف تفاصيل «مع أصحابنا» رفقة نانسي عجرم | صورة    وفاء عامر تدعم ريهام عبد الغفور بعد أزمة الصور المسيئة وتوجه رسالة ل أشرف زكي    بإجمالي 36 قافلة.. الجيزة تستعد لإطلاق القوافل الطبية العلاجية بالمراكز والمدن    حملات تموينية مكثفة بالإسكندرية تضبط مخالفات بالمخابز والأسواق    رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الأسبق: حل الأزمة في البلاد بيد 3 دول رئيسية بالمنطقة    التعادل السلبي يحسم مواجهة زامبيا ضد جزر القمر    الشدة تكشف الرجال    عمرو الخياط يكتب: السيرة والأسطورة    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    مستشفى كفر شكر التخصصي ينقذ حياة مريض    لميس الحديدى ووزير التعليم    محكمة جنايات الإرهاب بوادي النطرون تحاكم غدا تكفيرى أسس جماعة إرهابية    الدفاع الروسية: إسقاط 77 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مهاجمة أهداف تابعة ل حزب الله في لبنان    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الرياضة: روح العزيمة والإصرار سر فوز منتخب مصر علي جنوب أفريقيا    تعرف على المتسابقين فى الحلقة الثالثة عشر من دولة التلاوة.. فيديو    2025 عام الإنجازات | فى جميع الميادين والمجالات مصر فى 2025.. نجاحات ُمبهرة وفرص واعدة    شركة مياه الشرب بالقاهرة: عودة الخدمة للزيتون قبل موعدها ب 4 ساعات    المشير طنطاوي قال "أزمة وهتعدي".. نبيل نعيم يُفجر مفاجأة بشأن تهديدات أمريكا لمصر في 2012    علي ناصر محمد: اتفاق السعودية والإمارات وإيران مفتاح حل الأزمة اليمنية    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    جمارك السلوم تمنع تهريب أدوية بشرية أجنبية الصنع    وزارة «العمل» تنظم الحد الأقصى لتواجد العاملين يوميًا بمنشآت القطاع الخاص    ما هي حساسية الشتاء؟ وطرق علاجها والوقاية منها بالمنزل    مزاد علني لبيع محال تجارية ووحدات إدارية بحدائق أكتوبر    وزير التعليم العالي يفتتح استوديو جامعة بورسعيد بتكلفة 21 مليون جنيه.. صور    أمم إفريقيا – التشكيل.. مشنجاما يقود هجوم حزر القمر وداكا أساسي مع زامبيا    مؤتمر جوارديولا: انتصرنا في 7 مباريات متتالية لكننا لسنا في وضع جيد    أحدث تصوير ل مترو الخط الرابع يكشف آخر مستجدات الموقف التنفيذي للمشروع (صور)    غرامة كبيرة| مخالفة القيادة بدون رخصة.. إحذر قانون المرور الجديد    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    وزارة العدل الأمريكية تكشف عن أكثر من مليون وثيقة مرتبطة بقضية جيفري إبستين وتأجيل الإفراج الكامل يثير جدلاً    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    رسميا.. أحمد سامي مديرا فنيا لمودرن سبورت    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    وزير النقل الألماني: خفض ضريبة الطيران لا يعني بالضرورة تذاكر أرخص    منتخب مصر يتجه إلى ملعب مواجهة جنوب أفريقيا في كأس الأمم الأفريقية    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    اتحاد السلاح يستعين بخبير بولندي لتبادل الخبرات الفنية في سلاح السيف    كوريا الشمالية تعلن خطة لتوسيع إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها العسكرية في 2026    الصورة الأولى للفنان محمود حميدة بعد مغادرته المستشفى    أمم أفريقيا 2025| مدرب تونس: جهزنا لمواجهة نيجيريا جيدًا.. ونسعى لمواصلة الانتصارات    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    مدير دار نشر: معرض القاهرة للكتاب لا يزال ظاهرة ثقافية عالمية    مستشفى العودة في جنوب غزة يعلن توقف خدماته الصحية بسبب نفاد الوقود (فيديو)    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حبيب يكشف فى مذكراته.. حقيقة ميشليات الأزهر الإخوانية (5)

• الطلبة أرادوا إيهام الأجهزة الأمنية أنهم قادرون على صد أى هجوم.. والعرض دليل على السذاجة والسطحية
• طلابنا كانوا مخترقين من الجماعة الإسلامية والسلفية الجهادية.. وتمكنوا من استدراجهم للعرض «العسكرى»
• إذا أخطأ الكبير «فى الإخوان» تركوه.. وإذا أخطأ الصغير «يا ويله ويا سواد ليله»
• المرشد وراء « البيان المسخ» عن مشاركتنا فى «6 أبريل».. وحوار محمود عزت «فضحنا» وكشف موقفنا الرافض للمشاركة فى الإضراب
• عاكف أخذته الحماسة وتوعد بإرسال 10000 مجاهد إخوانى لمواجهة إسرائيل ودعم حزب الله فى لبنان
• البشرى قال لى إن الإخوان كمن يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله
فى الحلقة الخامسة من مذكراته يكشف نائب مرشد جماعة الإخوان السابق الدكتور محمد حبيب عن اختراق التنظيمات السلفية الجهادية والجماعة الاسلامية لصفوف طلاب الإخوان خاصة فى جامعة الأزهر. ويرى حبيب أن «السلفية الجهادية» والجماعة الإسلامية استدرجوا طلاب الإخوان بالأزهر إلى العرض العسكرى الذى عرف إعلاميا ب«ميليشيا الأزهر»، عام 2006. وبعد هذا عرض «ميليشيا الأزهر» فتح تحقيق حول من المسئول من قيادات الجماعة عن تنظيمه لكن هذا التحقيق لم ينتهِ إلى شىء ويقول حبيب عن ذلك إذا أخطأ الكبير «فى الإخوان» تركوه.. وإذا أخطأ الصغير «يا ويله ويا سواد ليله».. وإلى نص الحلقة..
عندما استطلع الإخوة فى حماس رأى قيادة الجماعة فى مصر حول انتخابات المجلس التشريعى الفلسطينى التى كان مزمعا إجراؤها فى 25 يناير 2006، كان الرأى هو أن ينافسوا على 30% فقط من المقاعد، حتى يشكلوا معارضة قوية داخل المجلس من ناحية، وكى لا يتحملوا مسئولية تشكيل حكومة هى مضطرة بالضرورة للتعامل المباشر مع العدو الصهيونى، وهو الأمر الذى يؤثر سلبا على موقف حماس كحركة مقاومة من ناحية أخرى.
والذى حدث أن تسربت معلومات إلى حماس لا ندرى مدى صحتها ودقتها مفادها أن الانتخابات التشريعية سوف يتم تزويرها بهدف إظهار حماس بأنها قوة ضعيفة وليس لها تواجد فى الشارع، على خلاف ما تزعم.. بلعت حماس الطعم وقفزت إلى الشرك المنصوب لها، وما كان منها إلا أن قامت يترشيح رموزها الأقوياء من أمثال سعيد صيام ومحمود الزهار وغيرهما، فضلا عن أنها أوعزت لرجال فتح أنها سوف تلجأ لاستخدام السلاح حال ظهور أى بادرة للتزوير.
وأجريت الانتخابات وحدث ما لم نكن نريده، وهو فوز حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعى.. حاولت حماس التشاور مع فتح للتعاون فى تشكيل الحكومة، لكن الأخيرة أبت وتمنعت.. أرادت أن تترك حماس تواجه قدرها ومصيرها، واضطرت حماس فى نهاية الأمر أن تشكل الحكومة، ومنذ ذلك التاريخ بدأت المتاعب والمصاعب، سواء مع حركة فتح من ناحية، أو مع العدو الصهيونى والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى من ناحية أخرى.
من ناحيتهما، فقدت الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى صوابهما.. توارت الديمقراطية، وبرزت ازدواجية المعايير بأجلى وأوضح صورها.. فقبلها بشهر ونصف، فاز الإخوان فى مصر ب 88 مقعدا فى المجلس النيابى، عدا ال40 مقعدا التى تم تزويرها، بالرغم من أنهم لم يرشحوا إلا 161 مرشحا فقط.. وها هى حماس اليوم تفوز بأغلبية مقاعد المجلس التشريعى.
المتأمل للأحداث التى تلت فوز حماس وتشكيل الحكومة، واتفاق مكة (6 8 فبراير 2007)، وما تمخض عنه من إقامة حكومة وحدة وطنية، والمؤامرات التى أحاطت بحماس وانتهت بالمواجهة الدامية مع حركة فتح فى 14 يونيو 2007، والحصار الذى تعرض له ولا يزال أهل القطاع، والمجزرة التى قام بها العدو الصهيونى فى غزة فى الفترة من 17 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، كل ذلك يؤكد ما انتهينا إليه.
العدوان الصهيونى على لبنان:
لعلنا نتذكر جيدا أن العدوان الصهيونى على لبنان (12 يوليو 15 أغسطس 2006) جاء ردا على عملية خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين.. ولا شك أن أصداء هذا العدوان قد تجاوزت حدود لبنان إلى العالم العربى والإسلامى، بل إلى العالم كله، حيث اندلعت تظاهرات فى كل مكان تندد بالعدوان والتخريب والتدمير الذى أحدثته، ناهيك عن الضحايا والجرحى والمصابين من الشعب اللبنانى.
فى مصر، احتشد الإخوان بعشرات الألوف فى الجامع الأزهر، وقد شارك الحشد رموز من القوى السياسية والوطنية، وفى مؤتمر حاشد للإخوان بمقر النقابة العامة للمحامين بوسط القاهرة، أخذت الحماسة المرشد مهدى عاكف، وهو يخطب، فقال: إننا على استعداد لإرسال عشرة آلاف من شباب الإخوان إلى لبنان!
وقد استطاع حزب الله اللبنانى أن يكون ندا قويا، بل موجعا للعدو الصهيونى، وذلك من خلال هجمات صواريخ (الكاتيوشا)، فى الوقت الذى فشلت فيه القيادة الإسرائيلية فى فهم دلالتها الإستراتيجية، والحقيقة أن سكان شمال إسرائيل لم يكونوا مهيئين لمقاومة وابل كثيف من الصواريخ، مثل ذلك الذى انصب عليهم.. فمعظم الصواريخ القصيرة المدى سقطت فى أماكن مفتوحة وسببت أضرارا صغيرة، لكن 25% مما يقارب ال 4 آلاف صاروخ، التى تم إطلاقها أصابت مناطق مدنية، وأصابت إسرائيل بالشلل: الميناء الرئيسى، المصافى، وكثيرا من المنشآت الاستراتيجية الأخرى، أكثر من مليون إسرائيلى سكنوا فى الملاجىء، وحوالى 300 ألف تركوا منازلهم بشكل مؤقت، وطلبوا ملجأ فى الجنوب.
الحقيقة أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، اكتسب خلال هذه الحرب شعبية ضخمة على مستوى العالم العربى والإسلامى.
ميليشيات الأزهر
لا أعرف تحديدا من الذى أصدر تعليماته إلى طلاب جامعة الأزهر بعمل مثل هذا العرض الذى أطلقت عليه وسائل الإعلام «ميليشيات طلاب جامعة الأزهر».. لكن من المؤكد أن المسئول عن ذلك هو قسم طلاب الجماعة مع مكتب إدارى شرق (شرق القاهرة)، وهو إن دل على شىء فإنما يدل على السذاجة والسطحية التى كان يدير بها هؤلاء المسئولون قسم الطلاب فى الجامعات المصرية، وأعتقد أن هذا العرض لم يؤخذ فيه رأى المشرف على قسم الطلاب فى ذلك الوقت، وهو الدكتور رشاد البيومى، عضو مكتب الإرشاد، كما أعتقد أن طلاب الإخوان كانوا مخترقين من قبل آخرين، ربما تابعين للجماعة الإسلامية أو السلفية الجهادية، وهؤلاء هم الذين أوعزوا إليهم أو استدرجوهم للعرض المذكور.
فى هذا العرض ارتدى طلاب الإخوان زيا أسود، كما وضعوا على رءوسهم أقنعة سوداء أيضا كتب عليها لفظ «صامدون»، على نفس النمط الذى يميز أفراد عز الدين القسام فى غزة، وقد استعرض الطلاب بعض فنون الاشتباك التى نراها عادة من الجنود أثناء العروض العسكرية، ومن المضحك أن الطلاب اتصلوا بمحررين من جريدة «المصرى اليوم» لتغطية الحدث، وفى صباح اليوم التالى صدرت الجريدة وفى صدر صفحتها الأولى صورة الطلاب، وهم يقدمون عرضهم وفوق الصورة «مانشيتات» حمراء مثيرة.
ويرجع سبب هذا العرض إلى ما تعرض له طلاب الإخوان قبل هذا التاريخ بشهر تقريبا فى جامعة عين شمس (بمبنى كلية التجارة) عندما أرادوا إقامة احتفال لاتحاد الطلاب الموازى (كبديل لاتحاد الطلاب العادى الذى جاء نتيجة التزوير)، إذ فوجئوا بمجموعات من البلطجية التابعين للحزب الوطنى والأمن، تهجم عليهم ب«السنج» و«المطاوى» وأحدثوا فيهم إصابات شديدة، وقد تسربت أنباء عن عمد لطلاب جامعة الأزهر أنهم سوف يتعرضون لهجوم من هذا النوع، فأرادوا إيهام الأجهزة الأمنية والبلطجية أنهم قادرون على صد هذا الهجوم والتعامل معه بما يليق.
فى ذلك اليوم اتصلت معظم الصحف ووكالات الأنباء بالمرشد وبى، لاستطلاع راينا فيما هو منشور، كان تعليق المرشد دون أن يتحقق أو حتى يسأل عن الموضوع أنه عبارة عن عرض رياضى، وفى حوار صحفى قال المرشد: «بداية.. ما وقع لم يكن عرضا عسكريا، بل مجرد أداء رياضى تم تضخيمه من قبل أجهزة مغرضة أمنية وإعلامية؛ لتشويه صورة الجماعة وللنيل من نبل رسالتها وسلمية دعوتها، بصرف النظر عن كون ما حدث خطأ، والطلاب قدموا اعتذارا عنه، حيث إن هذا كله لم يؤثر من قريب أو بعيد على أصحاب العقول المتابعين لحركة الإخوان ومسيرتهم الإصلاحية الدعوية التى ترتكز على الدعوة بالحسنى والنصح الهادىء والانتقاد البناء»، وكان ردى: ليس لدىّ علم بالموضوع، وأحب قبل الإجابة عن السؤال أن أجمع معلومات عنه من مصادره، وأن أتأكد هل الصورة المنشورة صحيحة أم مفبركة؟
اتصل بى أيضا على ما أذكر الأستاذ فهمى هويدى لمعرفة الحقيقة، وحذر من تبعات ما هو منشور، وأنه لابد من إصدار بيان واضح ومحدد حول الموضوع، وفى حالة إن كان صحيحا، يجب أن يقدم اعتذار للجامعة وللشعب المصرى، وأن يحاسب من أصدر تلك التعليمات، المهم وكالعادة لم يحدث شىء من هذا كله، ومضى الأمر دون أن يسأل أحد، وعن دور هذا المسئول أو ذاك!
هكذا كانت جّل أمورنا داخل الجماعة.. لا أحد يحاسب أحدا، خاصة إذا كان مسئولا ولو من القيادات الوسيطة، ويتم ترحيلها إلى أجل غير مسمى إلى أن تنسى تماما، وهكذا تتراكم الأخطاء والخطايا، ولا أحد يتعلم أو يتعظ.. أما إذا صدر الخطأ من فرد هنا أو هناك، فيا «ويله وسواد ليله».. تنصب له الجلسات والمحاكمات، وعادة ما ينتهى الأمر إلى توقيع عقوبات، قد تكون شديدة أو بسيطة حسب مقتضى الحال.
بالطبع كانت فرصة ثمينة لنظام الحكم وللإعلام أن يطنطنوا بها، وأنها دليل على أن الإخوان يمتلكون ميليشيات مسلحة، وتناسوا أن الجماعة بكل مؤسساتها وقياداتها وأفرادها متابعون متابعة دقيقة من قبل جهاز مباحث أمن الدولة، وأن كل اجتماعاتها مرصودة ومراقبة، وهناك عشرات، بل مئات من الاجتماعات تم ضبطها وألقى القبض على كل من فيها.
إضراب 6 أبريل 2008
استغل مجموعة من الشباب اطلقوا على أنفسهم «6 أبريل» وهو اليوم الذى أعلن عمال غزل المحلة أنهم سيضربون فيه عن العمل وبدأوا يتصلون بالقوى السياسية والوطنية للمشاركة فى إضراب ذلك اليوم بهدف أن يكون إضرابا عاما يهز نظام مبارك ويزلزل أركانه.. جاءوا إلينا فى مقر مكتب الإرشاد بالروضة بالقاهرة والتقوا على ما أذكر المرشد محمد مهدى عاكف لشرح الهدف من حركتهم ودعوتهم، وقد قررنا إرسال الدكتور محمد سعد الكتاتنى كممثل لنا إلى مقر حزب الكرامة لحضور اجتماع ممثلى القوى السياسية لبحث ودراسة مسألة المشاركة، والحقيقة أن موضوع الإضراب شغل البلد من أقصاها إلى أقصاها.
فى يوم الثلاثاء السابق على يوم 6 أبريل (الذى كان يوافق يوم أحد)، كنا المرشد وأنا وبعض أعضاء مكتب الإرشاد موجودين بالمقر.. تناقشنا فى مسالة إضراب 6 أبريل، وانتهينا إلى أنى سأكتب بيانا يعرض على مكتب الإرشاد فى اليوم التالى (أى يوم الأربعاء، وهو اليوم الذى نجتمع فيه كل أسبوع) لمناقشة رأينا فى الإضراب، وهل سنشارك أم لا؟ وقد مر علينا بمقر المكتب مجدى احمد حسين، وترك لنا مذكرة أو دراسة حول التظاهر وضرورة المشاركة كأحد أساليب الضغط على النظم المستبدة.
فى جلسة الأربعاء، تم عرض البيان الذى قمت بصياغته على مكتب الإرشاد لمناقشة ما جاء به، والذى كان يرى ضرورة المشاركة، ولست مبالغا إذا قلت إن البيان تم تحويله إلى مسخ شائه، لا هو يدعو إلى المشاركة ولا يدعو إلى المقاطعة.. شىء لا لون، ولا طعم، ولا رائحة، حتى كلمة 6 أبريل تمت الإطاحة بها، علاوة على أنه لم يرد ذكر حضور الكتاتنى لاجتماع القوى السياسية، ولا مجىء شباب 6 أبريل إلينا، ولا حتى الدراسة التى تركها لنا مجدى أحمد حسين.. دافعت عن البيان الذى كتبته ببسالة، وقلت لهم إن ما انتهيتم إليه سيكون أضحوكة، فضلا عن أنه اتهام لنا كجماعة بأنها لا تذكر الحقيقة، ثم هى لا تهتم بحدث يشغل بال الرأى العام، وبالتالى هى تضع نفسها خارج السياق، وخارج التاريخ، وخارج الواقع (!).. ثم استطردت قائلا: عموما أنتم مسئولون عما يحدث، وقع المرشد على البيان، وتم تصديره إلى الفضائيات والصحف ووكالات الأنباء.. صلينا العصر، وانطلقت إلى بيتى.
بعد صلاة المغرب بقليل، فوجئت بجرس البيت يرن.. فتحت الباب، فإذا بى أجد أربعة من أعضاء مكتب الإرشاد: محمود عزت، جمعة أمين، محمد بديع، ومحمود حسين.. دخلوا واتخذوا مقاعدهم.. قلت: خيرا.. ما الذى أتى بكم فى هذه الساعة؟ نظروا إلى بعضهم.. ثم قال أحدهم: الحقيقة، لقد أتينا بخصوص البيان.. قلت: وماذا به؟ قالوا: بعد تصدير البيان، وصلت إلى موقع «إخوان أون لاين» تعليقات كثيرة تصفه بأنه بيان غائم وعائم، وأنه لا يليق بالجماعة.. قلت: هذا ما قلناه وعارضتموه.. ثم، لماذا أتيتم إلى ولم تذهبوا إلى المرشد؟ قالوا: هو لن يوافق.. قلت: ألم تسألوا أنفسكم، ما موقف المرشد إذا نحن قمنا فعلا بتعديل البيان؟! ثم أردفت قائلا: عموما، هاتوا ما عندكم.. بعد أن صاغوا بعض العبارات، قمت بالاتصال أمامهم بالمرشد هاتفيا، وأحطته علما بما كان.. رد قائلا: لا تضف حرفا على البيان، وليترك كما هو.. انصرف القوم بعد أن فشلوا فى تحقيق المراد الذى جاءوا من أجله.
فى اليوم التالى (الخميس)، وفى الساعة الثانية بعد الظهر، دخل مكتبى الصحفى الشاب أحمد البهنساوى، الذى كان يعمل كهمزة وصل بين مكتب الإرشاد وموقع «إخوان أون لاين»، وقال لى: معى حواران أحدهما للأستاذ جمعة امين، والآخر للدكتور محمود عزت.. قلت: حواران بشان ماذا؟ قال: بشأن إضراب 6 أبريل.. قلت متسائلا ومستغربا: حواران فى نفس الموضوع؟ ثم، ألم يصدر بيان فى هذا الشأن، وكان الإخوان عندى البارحة؟! أردفت قائلا: يا أحمد.. يكفى حوار واحد.. والأخ الذى لم يصدر له حوار فى «إخوان أون لاين» منذ فترة طويلة، يمكن أن ترسل حواره، أما الذى صدر له حوار فى نفس الموقع منذ فترة قصيرة، فلا داعى لإرسال حواره.. قال أحمد: إذن نرسل حوار الأستاذ جمعة امين.. وانطلق.. لكنى فوجئت به يعود مرة ثانية ليخبرنى بأن الموقع يريد الحوار فورا.. قلت: وماذا فى ذلك؟.. قال: المشكلة أن حوار الأستاذ جمعة مسجل، ويحتاج إلى يوم ونصف اليوم لتفريغه، أما حوار الدكتور محمود عزت فمكتوب فعلا وجاهز.. ولأن الدكتور عزت كان موجودا، فقد ناديته وأخبرته بما كان، وأننا سنرسل حواره، وأما حوار الأستاذ جمعة فلا، وسأتصل به هاتفيا لإبلاغه بذلك.. قال: جزاك الله خيرا، وسأتصل به أنا أيضا كذلك.. وتم إرسال حوار الدكتور محمود عزت.
مضى بقية يومى الخميس والجمعة، وفى يوم السبت صباحا، جاءنى فى مكتبى المرشد ومعه عبدالمنعم أبوالفتوح، وكانا فى ثورة عارمة.. سألنى المرشد: هل قرأت حوار الدكتور محمود عزت؟ قلت: لا.. قال: ولماذا لم تقرأه قبل إرساله إلى «إخوان أون لاين»؟ رددت: ليس من عادتى أن أراجع حوارا لأى عضو فى المكتب.. المهم أننا أحضرنا نسخة من الحوار، وبدأت فى قراءته.. كان معنونا بهذه العبارة: «لأجل هذه الأسباب نرفض المشاركة فى إضراب 6 أبريل».. استرسلت فى القراءة، فوجدت العنوان مأخوذا من النص الرئيسى.. قال المرشد: أرجو تصحيحه وفقا للبيان الذى أصدرناه يوم الأربعاء الماضى، وإعادة نشره فى الموقع.. وفعلا، قمت بالتصويب اللازم وإرساله إلى الموقع.. فى ذلك اليوم كان الدكتور عزت مسافرا.
فى يوم الأحد صباحا (الموافق 6 أبريل)، إجتمعنا المرشد وأنا والدكتور محمود وبعض الإخوان - كما هى العادة كل اسبوع - لطرح الأفكار التى سيتم اختيار أحدها لكتابة المقال الأسبوعى للمرشد، حيث ينشر فى موقع إخوان أون لاين بعدها بيومين.. بعد أن فرغنا من تحديد الموضوع ومن الذى سيقوم بكتابته، إنصرف الحاضرون، واستبقانى المرشد والدكتور محمود عزت الذى التفت إليه قائلا: إزاى يا «أفندى» تنشر حوار فى «إخوان أون لاين» مختلف تماما عما تم الاتفاق عليه فى البيان؟ هل ذكرنا أننا لن شارك فى الإضراب؟ قال الدكتور محمود (متلعثما): الشاب الذى نشر الحوار فى «إخوان أون لاين» هو المسئول عن كتابة هذا العنوان.. نظر إلى المرشد نظرة ذات معنى، وهى أن الدكتور محمود يكذب.. قال المرشد: إذن، اتصل به كى ياتينى غدا صباحا فى مكتبى.
كنت عائدا إلى أسيوط مساء ذلك اليوم، عندما اتصل بى هاتفيا الأخ أحمد سبيع (أصبح فيما بعد المستشار الإعلامى لحزب الحرية والعدالة) وهو الذى قام بنشر حوار الدكتور عزت فى الموقع لكى يبرئ ساحته، وأن المسئول عن الحوار والعنوان هو الدكتور محمود.. قلت: أعلم ذلك.. قال: حيدبحونى يا دكتور.. قلت (مداعبا): لا عليك يا أحمد «دبحة» تفوت ولا حد يموت!
بالطبع ترك حوار الدكتور محمود عزت وتناقضه مع البيان الموقع من قبل المرشد آثارا بعيدة المدى على مستوى أفراد الصف.
انتخابات المحليات
قبل شهرين تقريبا من إجراء انتخابات المحليات التى جرت فى 8 ابريل 2008، أرسلنا نستطلع آراء الإخوان فى المحافظات.. كانت الأغلبية مع المشاركة فى الانتخابات.. وكان من المفترض أننا سوف نخوضها بحوالى10 آلاف مرشح من الإخوان.. قلت لإخوانى: هذا عدد كبير للغاية، ولن يستطيع النظام الحاكم هضمه أو استيعابه، وربما كان رد فعله عنيفا.. لذا، انصح بتخفيف العدد ولو إلى الربع، أى إلى 2500 فقط، لكن قد اسمعت إذ ناديت حيا.. وكالعادة، قامت أجهزة مباحث امن الدولة بإلقاء القبض على الآلاف من الإخوان، مرشحين وغير مرشحين.. وعندما فتح باب الترشح، وضعت عقبات شديدة أمام المرشحين لدرجة أن الذين استطاعوا تقديم أوراقهم لم يتجاوزوا 400 شخص فقط.. ومن المضحك المبكى أن عدد الذين تمت الموافقة عليهم كمرشحين كانوا 21 مرشحا فقط! وقد تم رفع آلاف الدعاوى أمام القضاء، حيث حصل المرشحون الإخوان على 6000 حكم بقبول أوراقهم، إلا أن الأجهزة التنفيذية ضربت بهذه الأحكام عرض الحائط، الأمر الذى اضطر معه الإخوان أن يعقدوا مؤتمرا صحفيا عالميا يوم 7 أبريل (أى قبل التصويت بيوم) وأعلنوا فيه مقاطعتهم ودعوة الشعب لمقاطعة الانتخابات، وكان السبب الذى ساقوه للدعوة للمقاطعة، هو أن النظام لا يحترم ولا يقيم وزنا للأحكام القضائية.
فى لقاء مع المستشار طارق البشرى بعدها بأيام، قال الرجل: إن الإخوان كمن يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله.. يقصد أن الإخوان الذين لم يشاركوا فى إضراب 6 أبريل قبلها بيوم واحد وخذلوا قطاعا كبيرا من الشعب المصرى، جاءوا اليوم يناشدونه الوقوف إلى جوارهم ويطالبونه بمشاركتهم فى مقاطعة الانتخابات!
للأسف، هذا هو أسلوب الإخوان، إذ كثيرا ما كانوا يتهمون من قبل الآخرين أن الإخوان إذا ضيق النظام الحاكم عليهم وطاردهم ولاحقهم، ونصب لهم المحاكم العسكرية، صرخوا واستغاثوا، وقالوا: أين الاحزاب.. أين القوى السياسية؟ وإذا أقبلت الدنيا عليهم، أعطوا ظهورهم للجميع!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.