قبل شهور طويلة سألت دبلوماسيا بريطانيا كان يزور القاهرة عن التقرير الخاص الذى يعده السفير البريطانى فى الرياض جون جينكيز عن جماعة الإخوان بناء على طلب رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، فقال لى بوضوح ان التقرير لن ينتهى إلى شىء خطير يصبح خبرا رئيسيا فى وسائل الإعلام، ولن يرضى أحدا وربما لن يغضب أحدا أيضا. مساء أمس الأول الثلاثاء حضرت حفل استقبال أقامه السفير البريطانى فى القاهرة جون كايس بمقر السفارة لوزير الدولة البريطانى لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توبياس الوود الذى يزور القاهرة على رأس أكبر وفد اقتصادى استثمارى أوروبى حضر مصر. على هامش الحفل سألت دبلوماسيا بريطانيا عن نفس الموضوع فقال بوضوح: «لا تتوقع ان تسمع خبرا خارقا، الموضوع ببساطة ان رئيس الوزراء طلب من السفير جيكيز تقريرا عن مسألة محددة، والسفير نفذ المهمة، وبالتالى لن يكون هناك بيان يقول شيئا قاطعا». بعد هذين الإجابتين على مدى زمن يصل إلى العام تقريبا بت مقتنعا ان هذه الحالة هى تعبير أصيل عن طبيعة الدبلوماسية البريطانية، اى الهدوء الشديد والوقت الطويل وعدم اغضاب أحد قدر الإمكان، وبت مقنعا أيضا ان لندن اضطرت اضطرارا إلى تشكيل هذة اللجنة إرضاء لمصر والسعودية والإمارات وهو ما أعطى انطباعا كاذبا لبعض وسائل الإعلام المصرية بأن بريطانيا بصدد تصنيف جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها إرهابية. إذن بريطانيا لن تصنف الإخوان إرهابيين، لكنها فى الوقت نفسه ستقوم بالتضييق على بعض الشخصيات والجميعات الإسلامية العاملة على اراضيها كما حدث قبل أيام مع «المنتدى الإسلامى للجمعيات الخيرية» لوجود صلات تمويلية بينه وبين الإخوان وحماس على عهدة صحيفة الصنداى تليجراف. وطبقا لتقديرات دبلوماسى مصرى فإن التقييم البريطانى بشأن جماعة الإخوان ليس سيئا بل مفيد للغاية لأنه سيكشف للسلطات البريطانية الآن والأوروبية لاحقا تفاصيل الشبكة المعقدة ماليا وسياسيا وإعلاميا التى تعمل من خلالها جماعة الإخوان فى الغرب. هذا الدبلوماسى يقول انه متأكد من أن هذه المراجعة ستقود السلطات البريطانية إلى وضع العديد من الجمعيات والشخصيات تحت المراقبة المركزة، الأمر الذى سيفقد جماعة الإخوان من دعم هائل كانت تتلقاه عبر هذه الجمعيات خصوصا تلك العاملة فى مجال الإغاثة أو الأعمال الخيرية، قائلا ان بعضها كان يعمل بطريقة بعض النقابات المهنية التى سيطر عليها الإخوان من قبل، وهى ان تقوم هذه النقابات بجمع وتلقى التبرعات من المواطنين من أجل الإغاثة فى بلدان عربية وإسلامية، لكن غالبية هذه الأموال تذهب عمليا إلى جيب الجماعة أو فروعها فى الخارج. لا أزعم أننى أعرف حقيقة الأمر لكن دبلوماسيا أوروبيا التقيته قبل أيام قليلة قال ان الحادث الإرهابى اذلى استهدف صحيفة شارلى ابدو الفرنسية سيجعل العديد من البلدان الأوروبية تغير من طريقة تعاملها وتعاطيها ليس فقط مع جماعة الإخوان ولكن مع كل الحركات والتنظيمات الإسلامية، وفى رأيه ان غالبية العرب والمسلمين سوف يدفعون للأسف ثمنا لما تفعله التنظيمات الإرهابية مثل داعش، اما الثمن الأكبر فسوف تتحمله الجماعات فى الغرب، لأن السلطات الأوروبية ستراقبها من الآن وصاعدا لمعرفة مدى قربها أو دعمها للأفكار المتطرفة. فى تقدير هذا المسئول فإن كل هذا التطور لم يكن فى ذهن بريطانيا وسفيرها فى الرياض عندما بدأ العمل على التقرير، لكن المجموعة التى هاجمت الصحيفة الفرنسية ستغير الكثير من المعادلات القائمة بين الأوربيين والإسلاميين.