غرفة الصناعات الغذائية: نساند جهود الحكومة في التطوير وزيادة الصادرات وجذب الاستثمارات    "اتحاد المقاولين" يطالب بوقف تصدير الأسمنت لإنقاذ قطاع المقاولات من التعثر    محافظ أسوان يتفقد مشروع مركز شباب النصراب بإدفو    وزارتا العمل والبيئة تنفذان دورة تدريبية على استخدام وسائط التبريد والتكييف بسوهاج    زيارة بزشكيان إلى بيلاروس تكشف رغبة إيران في مقاومة الضغوط الغربية.. ومسئول أمني بطهران: الانعزال ليس خيارًا مطروحًا    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    خبير علاقات دولية: إعلان المجاعة في غزة يكشف سياسة التجويع الإسرائيلية الممنهجة    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    رغم تبرئة ساحة ترامب جزئيا.. جارديان: تصريحات ماكسويل تفشل فى تهدئة مؤيديه    قدوس يقود تشكيل توتنهام ضد مانشستر سيتي بالدوري الإنجليزي    محاضرة فنية وتدريبات خططية في مران الأهلي استعدادًا للمحلة    طقس الكويت اليوم.. حرارة شديدة تصل إلى 47 درجة ورياح متقلبة    ظهر أحد طرفيها عاريا.. النيابة تحقق في مشاجرة بمدينة نصر    «شجاعة عم طارق»| السكة الحديد تستعد لتكريم عامل مزلقان أنقذ شابًا من دهس القطار    «الصحة»: 6 حالات وفاة وإصابة 24 آخرين في حادث غرق الطلاب بالإسكندرية    نور القلوب يضىء المنصورة.. 4 من ذوى البصيرة يبدعون فى مسابقة دولة التلاوة    قافلة طبية مجانية لأكثر من 1050 مواطنًا بقرية عزاقة بمركز المنيا    صراع الأجيال وتجديد الدماء    البابا تواضروس يترأس قداس تدشين كنيسة القديس مارمينا العجايبي بالإسكندرية    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    لا دين ولا لغة عربية…التعليم الخاص تحول إلى كابوس لأولياء الأمور فى زمن الانقلاب    محافظ أسوان يتفقد سير العمل بوحدة صحة أسرة العوينية بإدفو (صور)    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    محافظ الدقهلية يتابع أعمال منظومة النظافة ورفع المخلفات بمدينتي المنصورة وطلخا ورفع 485 طن مخلفات بلدية    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    «متبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    شباب في خدمة الوطن.. أندية التطوع والجوالة يعبرون رفح ويقدمون المساعدات لقطاع غزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    ابنة سيد مكاوي عن عودة شيرين لحسام حبيب: فقدت تعاطفي معها    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    بيونج يانج توبخ سول لإطلاق طلقات تحذيرية على قواتها بالمنطقة الحدودية    إصابة 3 أشخاص في حادث سير بوسط سيناء    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    موعد مباراة النصر ضد الأهلي اليوم في نهائي كأس السوبر السعودي والقنوات الناقلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    إرهاب الإخوان في ثلاجة القرارات الأمريكية.. لعبة المصالح فوق جرائم الجماعة    ما هي اختصاصات مركز التسوية والتحكيم الرياضي المصري بقانون الرياضة بعد التصديق عليه؟    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختبار القطرى
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 11 - 2014

لا يعنى الحديث عن مصالحة مع قطر أنها جرت وحسم أمرها، فكل شىء تحت الاختبار.
حسب القاعدة الشهيرة فى العلاقات الدولية فلا عداوات دائمة والمصالح تحكم فى النهاية.
فما المصالح الاستراتيجية الكبرى.. وأين موضع الاختبار؟
هذا هو السؤال الأكثر أهمية فى الملف كله.
لم تكن هناك مفاجأة فى «اتفاق الرياض» لا من حيث مضمونه ولا من حيث أسبابه.
إعادة ترتيب البيت الخليجى مسألة حياة أو موت تشمل النظم جميعها بلا استثناء واحد.
السعودية دخلت حزام الإرهاب فى المنطقة الشرقية وسط مخاوف أن تمتد إلى مناطق أخرى والحوثيون الموالون لإيران عند حدودها.. والإمارات متحفزة لخطر أن يمتد الإرهاب إليها وتصعد إجراءاتها الأمنية.. والكويت تتحسب للخطر نفسه وصحافتها تتكلم عن اختراق لحدودها بشحنات سلاح تمر من العراق إلى السعودية.. والبحرين فى حالة انكشاف على خلفية صراع مذهبى شيعى سنى يهدد وجودها.. وعُمان منشغلة بمرض سلطانها «قابوس» وتبحث عن بوالص تأمين لمستقبلها باستضافة المباحثات الأمريكية الإيرانية فى شأن «المشروع النووى».. وقطر تجد نفسها منعزلة فى وسطها الطبيعى ومستقبل نظامها على المحك أمام التحولات العكسية فى المنطقة.
المصالح الخليجية قبل أى شىء آخر اقتضت «تفاهمات الرياض».
ولم تكن مصر بعيدة عن ما جرى.
بصراحة كاملة فإن الاستعداد لطى صفحة الماضى شىء، والدخول فى مصالحة جدية شىء آخر تماما.
الإعلام أحد عناوين الأزمة لكنه ليس صلبها، يجسد مستوى التدهور لكنه لا يصطنعه من عدم.
وقف اللغة المنفلتة من على الجانبين مسألة أساسية لبدء أى حوار مباشر وجدى، فلا أحد يحترم نفسه يقبل أن تتدنى إلى المستوى الذى وصلت إليه تجريحا فى الأعراض أو تحريضا على العنف.
هناك حدود لأى خلاف لا يصح تخطيها سواء استكملت المصالحة شروطها أو لم تستكمل.
الملفات تبدأ من الإعلام والاقتصاد ولا تنتهى ب«الإخوان المسلمين» والتحالفات الإقليمية.
الاختبار الجدى فى أية مصالحة ممكنة بعد التطمينات الضرورية هو الملف الليبى.
بالنسبة لمصر فإنه مسألة أمن قومى لا يملك أى نظام أن يتهاون فيها على أى نحو وتحت أية ذريعة.
بحسب التقديرات المتواترة تسرب عبر الحدود الليبية نحو (80٪) من شحنات السلاح إلى الداخل المصرى وبعضها متقدم استخدمت فى عمليات إرهابية واسعة النطاق.
هناك اتهامات معلنة لقطر بأنها مولت تهريب السلاح، وهذه مسألة خطيرة تحتاج إلى حوار فى أى مستوى مناسب لطرح مثل هذه الملفات.
ما يعنى مصر فى المقام الأول أن تتوقف أية عمليات تسليح وتمويل لأية جماعات تكفيرية عبر الحدود الليبية أو أية حدود أخرى.
هذا اختبار يمد جسور الثقة أو ينسفها، وهو بأسبابه يستحق أن تنفتح مصر على الحوار وتبدى ما تقدر عليه ويزيد من حسن النوايا.
وما يعنى مصر فى المقام الثانى، والدور القطرى رئيسى وجوهرى على الجانب الآخر من الصراع المسلح، أن تسوى الأزمة الليبية بما يضمن سلامة ووحدة البلد العربى الشقيق، وهذه ضرورية للعالم العربى بأسره فى حرب مع الإرهاب تستهدف وجود دوله الوطنية.
بحسب دبلوماسيين فرنسيين مطلعين على الملف الليبى فإن هناك اختيارين يتنافسان.. الأول: الاختيار المصرى وهو يرتكز على دعم الشرعية التى يمثلها البرلمان فى طبرق وتقوية مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية بما يمكنها من فرض كلمتها فى النهاية وتقويض الجماعات المسلحة.. والثانى، الاختيار الجزائرى وهو يدعو إلى حوار مباشر مع الأطراف كافة للتوصل إلى تسوية سياسية غير أن مشكلته فيمن يشارك ومن يستبعد.
من حيث الرؤية العامة، يستبعد الفرنسيون أية احتمالات لنجاح أى تدخل عسكرى فى ليبيا يماثل ما حققه الجيش الفرنسى فى شمال مالى وما أسفر عنه الحسم العسكرى من تسوية سياسية، فالجماعات التكفيرية فى مالى لم يكن عددها يتجاوز ألفى مقاتل، وهو رقم مزعج فى حرب عصابات محدودة غير أنه هين أمام قوة الجيش الفرنسى.. وبحسب الرؤية نفسها فإن الوضع فى ليبيا أكثر تعقيدا وتسليحا.
بمعنى مباشر فإن فرنسا أميل إلى الاختيار الجزائرى، وهذا ما سوف يستمع إليه الرئيس «السيسى» فى قصر الإليزيه.
عندما سألت مسئولا فرنسيا مطلعا: «هل أنتم مع الاختيار الجزائرى؟».. كانت إجابته حاسمة: «نحن مع الاختيار الفرنسى».
لكل اختيار أسبابه ومصر لا تملك ترف استبعاد أية احتمالات لتسوية سياسية تقوض الإرهاب وجماعاته وتفسح المجال لإعادة الوحدة بين المكونات المختلفة للمجتمع الليبى.
بقدر اختراق الملف الليبى تتأكد الأهمية الاستراتيجية الكبرى فى أية مصالحة ممكنة.
أما فى الملف السورى الأكثر إلحاحا على الأجندات الإقليمية والدولية فإن الدور القطرى أقل تأثيرا لكنه حاضر فى المشهد.
قطر مثل دول الخليج الأخرى مع إزاحة الرئيس السورى «بشار الأسد» وتمكين «الجيش السورى الحر» الجناح العسكرى للمعارضة التى تتبناها.
وهذه السياسة تتماشى مع ما هو معتمد من سياسات أمريكية وأوروبية فى هذا الملف.
المشكلة هنا أن الرهانات تتصادم بالحقائق على الأرض، فالمعارضة المسلحة السورية تتراجع إلى الهامش بينما النظام يهيمن على أغلب المواقع الاستراتيجية وتنازعه سطوة القوة «داعش» و«النصرة» و«أحرار الشام».
بحسب ذات المصادر الفرنسية المطلعة على ملف زيارة «السيسى» المرتقبة فإن مساحة الخلاف واسعة فى إدارة الأزمة السورية، حيث تعتقد باريس أن الرئيس السورى «بشار الأسد» جزء من المشكلة بينما ترى القاهرة أنه جزء من الحل.
القضية ليست فى الموقف من «الأسد» بقدر ما هى إيقاف نزيف الدم الوحشى وإعادة الأمر كله إلى الشعب السورى فى انتخابات حرة، تحت إشراف الأمم المتحدة.
وهنا تعقيدات جديدة، وفق المسئول الفرنسى المطلع: كيف يمكن إجراء انتخابات فى ظل حرب مع إرهاب يتمدد؟
السؤال فى محله لكنه يقتضى مقاربات جديدة.
هناك فارق بين الحقائق والأوهام وبين إنقاذ السوريين وتسوية الحسابات.
لا توجد فى باريس ولا فى روما ولا عند أى طرف دولى أو إقليمى إجابة واضحة عن مستقبل الأزمة السورية.
وبقدر ما يجرى التوافق على مقاربات جديدة عربية ودولية يمكن إنهاء الأزمة الدموية وتقليص خطر الإرهاب من أن يتمدد.
الاستنتاج الأخير فرنسى، وبصورة أو أخرى فإنه ماثل دون إعلان فى الخلفية الأوروبية.
حسب معلومات مؤكدة فإن وزيرى الخارجية المصرى «سامح شكرى» والسعودى «سعود الفيصل» تطرقا إلى المعنى نفسه.
القاهرة تحدثت بوضوح والسعودية استمعت بإنصات.
ما الخطوة التالية؟
التكهن صعب للغاية، فلا توجد إرادات دولية تفسح المجال لتسوية فى جنيف ولا توجد توافقات عربية تدفع للتعجيل بالتسوية رغم أن كلفة تمديد الحرب السورية باهظة على الأمن القومى العربى كله ومستقبل دوله وأولها فى منطقة الخليج.
لا نحن وحدنا فى هذا الملف ولا القطريون لهم الكلمة الحسم، لكن الحوار بذاته قد يساعد فى شىء من الحلحلة فى أزمة مستعصية.
بقدر المصالح الاستراتيجية العليا فإن طى صفحة الماضى، أيا كانت جراحه، هو أصوب القرارات بشرط اختراق الملفات الملغمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.