وزير الري يستعرض ملامح منظومة الري المصرية 2.0 أمام مفوضة الاتحاد الأوروبي للبيئة    استمرار تلقي طلبات الترشح لمجلس النواب بالشرقية    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    أسعار الفاكهة اليوم الاثنين 13-10-2025 في قنا    الذهب يسجل مستوى قياسي جديد مع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    مدبولي يتابع موقف تنفيذ وتشغيل محطات تحلية المياه في شمال سيناء    13 أكتوبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    مدير صندوق المناخ الأخضر: 13 مليار دولار لتمويل مشروعات خفض الانبعاثات    قرار وزاري باستمرار حظر تصدير السكر لمدة 6 أشهر    الأسهم الآسيوية تهبط متأثرة بأسوأ أداء لوول ستريت منذ أبريل    «شرم الشيخ».. منصة مصر الدائمة للحوار والسلام    حماس تسلم جميع الرهائن الأحياء إلى الصليب الأحمر    توافد قادة وزعماء العالم المشاركين في قمة شرم الشيخ للسلام    مجمع ناصر الطبي في غزة يستقبل الأسرى الفلسطينيين المحررين    الكنيست يوزع قبعات بشعار «ترامب رئيس السلام»    ستارمر: المملكة المتحدة مستعدة لدعم إعمار غزة    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 13 أكتوبر والقنوات الناقلة    وزير الرياضة: دعم متكامل للمنتخب الوطني.. وما تحقق في الكرة المصرية إنجاز يستحق الفخر    موعد مباراة ألمانيا وأيرلندا الشمالية بتصفيات المونديال.. والقنوات الناقلة    الدرندلي بعد فوز المنتخب: "أول مرة أشوف جمهور مصر بالكثافة دي"    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    إصابة 19 شخصًا في حادث تصادم أتوبيس الألومنيوم مع موتوسيكل بنجع حمادي    اليوم.. محاكمة المتهمين ب«خلية الهيكل الإداري للإخوان»    انقلاب تروسكيل محمل بالطلاب بمصرف سلام.. ومحافظ أسيوط يتابع الحادث    التحقيق مع عنصرين جنائيين حاولا غسل 130 مليون جنيه حصيلة إتجار بالأسلحة النارية    السيطرة على حريق داخل مصنع للقطن في قليوب.. وإصابة عامل باختناق    استئناف محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة وسرقة أعضائه البشرية المعروفة إعلاميًا ب«الدارك ويب»    بينهم حالات خطيرة.. إصابة 19 شخصاً في انقلاب أتوبيس شركة مصر الألومنيوم بقنا    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    بورسعيد أرض المواهب.. إطلاق مسابقة فنية لاكتشاف المبدعين    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    "الشكوى 713317" يقترب من العرض الأول بمهرجان القاهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    رئيس الرعاية الصحية يتفقد جاهزية مجمع الفيروز الطبي لتأمين قمة شرم الشيخ للسلام    انتظام اللجان الخاصة بالكشف الطبي لمرشحي انتخابات مجلس النواب بالأقصر    بعد استشهاده أمس.. ننشر نص وصية صالح الجعفراوي    رئيس جامعة حلوان يهنئ الدكتورة أماني فاخر بمناسبة تعيينها عضوا بمجلس الشيوخ    موعد مباراة منتخب المغرب ضد فرنسا فى نصف نهائى كأس العالم للشباب    «في ناس نواياها مش كويسة وعايزة تهد أي نجاح».. رسائل نارية من إبراهيم حسن بعد التأهل لكأس العالم    موعد عرض مسلسل ورود وذنوب الحلقة 2 والقنوات الناقلة وأبطال العمل    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    قرارات جديدة بشأن مد الخدمة للمعلمين المحالين إلى المعاش 2025    موجودة في كل بيت.. أهم الأطعمة لتقوية المناعة خلال تغير الفصول    صلاح عبد الله: محمد صلاح يستحق أن تُدرّس قصته في المدارس    إسرائيل تجري تعديلا عاجلا على قائمة الأسرى المشمولين في صفقة التبادل    قبل عرضه بمهرجان الجونة.. طرح البوستر الرسمى لفيلم «50 متر»    انطلاق تصوير فيلم «شمشون ودليلة» ل أحمد العوضي ومي عمر    وائل جسار يُشعل ليالي لبنان بحفل طربي قبل لقائه جمهور بغداد    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 13 أكتوبر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    إبراهيم حسن: اكتشفنا إن صلاح في حتة تانية.. وسننتحر في المغرب للفوز بكأس الأمم    عبد الظاهر السقا: تنظيم أكثر من رائع لاحتفال المنتخب بالتأهل لكأس العالم    نائب محافظ قنا يتفقد عددًا من الوحدات الصحية لمتابعة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متلازمة الكراهية والعنف
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 08 - 2014

فى استهداف محطات الكهرباء وأبراج الضغط العالى وترويع الطرق العامة بالعبوات الناسفة ومشاهد الميلشيات المسلحة على مواقع التواصل الاجتماعى توجه انتقامى يتجاوز السلطة الحالية إلى المجتمع كله.
استهداف المحطات الكهربائية ليس جديدا فقد تبنته مجموعة «سيد قطب» قبل نحو خمسة عقود كاملة لكنه هذه المرة يأتى بعد تجربة قصيرة فى الحكم نتائجها وخيمة على أقدم وأكبر التنظيمات الإسلامية فى العالم العربى.
بالمرة الأولى ارتكز مشروع العنف ضد منشآت مدنية على مقولات دمغت المجتمع بالجاهلية.. وبالمرة الثانية دعت إليه كراهية المجتمع نفسه الذى ثار عليها ووفر غطاء إطاحتها ولم يبد تضامنا مع تظاهراتها العنيفة التى خفتت بالوقت قدرتها على الحشد والتعبئة.
الكراهية أزاحت أية حسابات سياسية من رءوس فقدت عقلها.
انقطاعات الكهرباء لساعات طويلة فى اليوم الواحد تزعج حياة المواطن العادى بصورة تكاد لا تطاق والحكومة تحادثه بأنصاف الحقائق بلا خطط عمل مقنعة لخفضها على مدى زمنى معقول.
للأزمة أسباب متراكمة عهدا بعد آخر من تراخ فادح فى بناء محطات جديدة تفى بالاحتياجات المتزايدة وتقصير جسيم فى إجراءات الصيانة اللازمة والتجديد الضرورى غير أن مواجهتها فى صلب اختبارات الحكم الجديد.
حيث كان استهداف محطات الكهرباء يطلب إرباك الأداء العام ورفع منسوب الغضب الشعبى على السياسات المتبعة فإنه أفضى إلى تحميل الجماعة وحدها مسئولية تفاقم الأزمة وتعميق فجوات الكراهية معها.
العنف فى تجلياته الجديدة تعبير عن اليأس من أية عودة محتملة إلى الحكم واليأس يفاقم الكراهية ويسد الطرق على أية مراجعات ممكنة فى أسباب الإخفاق الذريع.
أمام الطرق المغلقة اتسعت ظواهر العنف وانتقل ما هو لفظى إلى ما هو مادى وما هو ممعن فى كراهيته لمجتمعه إلى الانتقام منه بعشوائية بلا مثيل وحماقة بلا حد.
فى شهر واحد استهدف العنف (300) عملية تخريب فى محطات الكهرباء بحسب رئيس الوزراء «إبراهيم محلب».
الفعل مقصود وعشوائى فى وقت واحد. مقصود من حيث العمل التنظيمى وخلاياه المسلحة تخطيطا وتنفيذا.. وعشوائى من حيث مستوى التفكير العام، فتخريب المنشآت العامة يتضرر منه الحلفاء والخصوم معا ووضع عبوات ناسفة حيثما أمكن أن توضع فى محطات مترو وأماكن مفتوحة ينال من أبرياء وسكب زيت مستخدم على طرق عامة مشروع قتل بشع لمواطنين يتصادف مرور سياراتهم دون ذنب أو جريرة وقد يكون من بينهم من يعتقد فى الأفكار التى يتبنونها.
الكراهية المتفاقمة تزكى العنف العشوائى وتولد تنظيمات محدودة الكفاءة وسريعة الانهيار.
لا يمكن لجماعة أن تتطلع لاستعادة ثقة مجتمعها وهى تعلن عليه حربا مفتوحة ولا أن تتقدم بمظلوميتها للرأى العام وهى تستبيح دماء مواطنيها.
الاستباحة تقوض نهائيا أية فرصة فى المستقبل وتقابلها استباحة مضادة والنزوع إلى العنف محكوم عليه بالاندحار.
فى المشهد العنيف فإن هناك تراجعا لأكبر التنظيمات التكفيرية «أنصار بيت المقدس» فى سيناء وخارجها، أخباره توارت إلى حد كبير وأغلب خلاياه تفككت.. والجماعات المماثلة على الحدود الغربية فى ليبيا تشغلها صراعاتها مع خصومها الذين اكتسحوا الانتخابات النيابية عن تقديم أى دعم لوجيستى للمسلحين الجدد ك«كتائب حلوان» وأشباهها بينما الأوضاع المتوترة على الحدود الشرقية مع حركة «حماس» تميل إلى إعادة صياغتها وفق تفاهمات جديدة تبدت بوادرها فى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية غير المباشرة التى احتضنتها القاهرة.. والجو العام فى المنطقة يشى بتدهور غير مسبوق لمكانة الجماعة الأم لحساب تنظيمات من نوع جديد ك«داعش» و»النصرة» تحاول أن تتمركز على الأرض وتفرض تصوراتها بقوة السلاح ممعنة فى مجازر بشعة يقابله تصاعد فى معدلات القلق الدولى وتأهب ما لمواجهات عسكرية وسياسية أكبر سوف تجهض ما تبقى من دعم لرهانات قديمة.
استعراضات السلاح تفضى إلى نتائج لا مفر منها. أولاها تقويض أية احتمالات للبحث فى منفذ سياسى للتيار الإسلامى يعيد دمجه بصورة طبيعية فى الحياة السياسية وفق القواعد الدستورية الجديدة، والمنفذ غير المصالحة مع الجماعة التى تفتقد إلى أية فرصة فى أى مدى منظور.. وثانيتها إحراج المتضامنين مع الجماعة فى الأوساط الحقوقية الدولية وداخل الميديا الغربية، فلا أحد بوسعه أن يتضامن مع الوجوه الملثمة التى ترفع السلاح وتروع مواطنيها.. وثالثتها دخول الجماعة إلى نفق مظلم من العنف لا خروج منه وأن تستغرقها لغة الكراهية مع مجتمعها إلى حد تصعب بعده أية عودة إليه. معضلة الجماعة أنها صعدت إلى السلطة بوسائل تنكرت لها رغم أنها كانت دليلا عمليا لجدوى العملين الدعوى والاجتماعى فى اكتساب الثقة العامة ودليلا عمليا آخر على فشل جماعات العنف والإرهاب ك»القاعدة» فى اختراق سياسى للمجتمعات العربية تعدل من موازينها السياسية.
حيث كان يفترض أن تلعب الجماعة دورا فى دفع تيارها إلى شىء من الاعتدال انجرفت إلى مقولاته فى الخلافة الإسلامية وتكفير خصومه السياسيين وتحالفت مع تنظيمات تكفيرية بمواريث قيادتها القطبية وتماهت فى مشروع تمكينها وخلطت فى السلطة وبعدها على نحو فادح بين «الشرعية» و«الشريعة» وبين «الثورة» و«التمكين» وبدا خطابها كله مرتبكا وغير مقنع يفتقد احترامه لعقول الآخرين.
ورابعتها التوسع فى العنف يؤدى إلى تشديد القبضة الأمنية بقبول كامل من الرأى العام واتباع سياسات تلاحق المتورطين فيه بعنف مضاد أشد قد يضر بفداحة من مواطنين لا صلة حقيقية لهم بالعنف وأصحابه. بحسب بعض التقديرات فإن نحو عُشر عضوية الجماعة خرج منها ونسب أخرى عكفت فى منازلها دون أن ترى أمامها منفذا سياسيا يساعدها أن تكون نقطة جذب جديدة لقطاعات من شبابها الغاضب.
هناك ما يشبه التفلت التنظيمى فى بنية الجماعة فلا يوجد تحت الضربات الأمنية مركز قيادى له كلمته الأخيرة على ما اعتادت طوال تاريخها بقواعد «السمع والطاعة». لا هناك تنظيم دولى يقود ولا تنظيم فى الداخل يهيمن. هناك أدوار ما لكنها محدودة وتقصر عن أن تمثل رؤية لها تأثيرها.
فى ضيق المجال السياسى ما يسمح للعنف أن يتمدد وفى الملفات المفتوحة بلا إجابة على تساؤلاتها كملف الشباب ما ينذر باضطرابات غير مستبعدة.
فى المعارك المفتوحة لا توجد قواعد فى إدارتها وبعض تداعياتها ينال بفداحة من قضيتى الديمقراطية وحقوق الإنسان.
السلاح يواجه السلاح واستهداف الشرطة يفضى إلى استعادة سياسة «الضرب فى سويداء القلب» التى دشنها وزير الداخلية الأسبق «زكى بدر» ربما بتوسع والكراهية المتفاقمة تؤدى إلى تصاعد العنف وتغييب أية فرصة جدية لإصلاح جهاز الشرطة وفق المعايير الدولية الحديثة وتغييب أية فرصة أخرى للعدالة الانتقالية.
بحسب «محمد فائق» رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان: «العدالة الانتقالية مستحيلة فى أوقات الحرب على الإرهاب». كأن الجماعة وهى تخرج من التاريخ قررت هدم المعبد على من فيه وأية مظلوميات تنسبها إلى نفسها تستحق التحقيق فيها وفق قواعد قانونية نزيهة مستبعدة بمظلوميات أخطر لشعب بأسره يروعه العنف.
غير أن ذلك كله يستدعى استراتيجية جديدة تواجه العنف والإرهاب تعمل على توسيع المجال العام وصيانة الحريات ومنع التعذيب وبناء دولة مؤسسات حديثة وأن يكون الشعب الحر ظهيرا حرا فى الحركة إلى المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.