محميات البحر الأحمر تُكثف جهودها للحفاظ على البيئة خلال عيد الأضحى (صور)    مصرع وإصابة 124 شخصا إثر زلزال بشمال شرق إيران    الدوري المصري، استمرار التعادل السلبي بين الأهلي والاتحاد السكندري بعد 30 دقيقة (صور)    وفاة ثاني حاج من الوادي الجديد خلال أداء مناسك الحج    شيرين عبد الوهاب تلغي حفلها الغنائي في دبي، اعرف التفاصيل    توجيه من عميد طب القاهرة لمديري مستشفيات قصر العيني خلال العيد    وكيل صحة الشرقية يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أبو حماد المركزي    مقررة فرع القومي للمرأة تهنئ محافظ المنيا بعيد الأضحى    في ثالث أيام العيد.. حملة مكبرة على حمامات السباحة في دمياط    نتنياهو: واشنطن تعمل على إلغاء القيود على نقل الأسلحة لنا    تامر عبدالمنعم يقدم روائع الثمانينات والتسعينات في نوستالجيا 90/80 على مسرح السامر    خروجة عيد الأضحى.. المتحف المصري بالقاهرة يواصل استقبال زواره    نتنياهو: منع أمريكا السلاح عنا غير معقول وبن غفير يتعهد بإعادة احتلال غزة    غرق طالبين في البحر بكفر الشيخ    جدول مباريات ريال مدريد بالكامل فى الدورى الإسبانى 2024-2025    «البيئة» توضح تفاصيل العثور على حوت نافق بالساحل الشمالي    مصرع 13 شخصا بسبب الفيضانات فى السلفادور وجواتيمالا    شرطة الاحتلال تفض مظاهرة معارضة للحكومة بعد إغلاق أحد شوارع القدس الغربية    محافظ المنوفية يحيل رئيس مدينة قويسنا ونائبه للتحقيق    سامح حسين عن "عامل قلق": "أعلى إيرادات في تاريخ مسرح الدولة" (صور)    نتنياهو يعلن من غير المعقول أن تمنع الولايات المتحدة السلاح والذخيرة عن إسرائيل    "أصعب لحظة في حياتي".. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    بائع غزل البنات: «كرم ربنا مغرقني وعوضني عن 31 سنة شقى    "تخاذل من التحكيم".. نبيل الحلفاوي يعلق على أزمة ركلة جزاء الزمالك أمام المصري    وزير الأوقاف: نضع خدمة القرآن والسنة نصب أعيننا    «الصحة» تقدم نصائح لتجنب زيادة الوزن في عطلة عيد الأضحى    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    كيف تتجنب سحب البطاقة الائتمانية في ماكينة الصراف الآلي؟    مجدي يعقوب يشيد بمشروع التأمين الصحي الشامل ويوجه رسالة للرئيس السيسي    محافظ الجيزة يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بعرب أبو ساعد بمركز الصف    بعد انتشار ظاهرة قطع الأشجار.. تحرك برلماني عاجل لوقف وحظر تصدير الفحم    تفاصيل جديدة في واقعة وفاة الطيار المصري حسن عدس خلال رحلة للسعودية    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الهندسة الزراعية والنظم الحيوية جامعة الإسكندرية فرع الشاطبي    إصابة 5 أشخاص نتيجة انقلاب توك توك فى ترعة الشيخ سليم فى الإسماعيلية    الجثمان مفقود.. غرق شاب في مياه البحر بالكيلو 21 بالإسكندرية    تنسيق الأزهر 2025.. ما هي الكليات التي يتطلب الالتحاق بها عقد اختبارات قدرات؟    شد الحبل وكراسى موسيقية وبالونات.. مراكز شباب الأقصر تبهج الأطفال فى العيد.. صور    خبير سياحي: الدولة وفرت الخدمات بالمحميات الطبيعية استعدادا لاستقبال الزوار    ميدو بعد أحداث الزمالك والمصري: الحكام بينفذوا أجندة.. والإرهاب هو اللي بيمشي    الزمالك يفتقد 13 لاعباً فى مواجهة فاركو وعودة عمر جابر    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    يورو 2024، التشكيل المتوقع لمباراة البرتغال والتشيك    احذر الحبس 10 سنوات.. عقوبة تزوير المستندات للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    طريقة تحضير كبسة اللحم بالأرز البسمتي    دعاء ثالث أيام عيد الأضحى.. اللهم إني أسألك إيمانا دائما وعلما نافعا    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    المالية: عودة الاقتصاد المصرى لمسار أكثر استقرارًا فى مواجهة التقلبات العالمية    انقطاع الكهرباء عن قرى جنوبية في لبنان جراء قصف إسرائيلي    جانتس: ملتزمون بإبعاد تهديد حزب الله عن سكان الشمال    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    عبد الله غلوش: «إفيهات» الزعيم عادل إمام لا تفقد جاذبيتها رغم مرور الزمن    مدرب بلجيكا: لم نقصر ضد سلوفاكيا ولو سجلنا لاختلف الحديث تماما    تعرف على حكام مباراة الاتحاد والأهلي    العثور على جثة شخص بجوار حوض صرف صحى فى قنا    مصرع شخص وإصابة 5 فى حادث تصادم بالدقهلية    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصر فلسطين .. «والله الغنى»
نشر في الشروق الجديد يوم 15 - 07 - 2014

أكتب هذا المقال يوم السبت الثانى عشر من يوليو سادس أيام العدوان الإسرائيلى على غزة، لينشر يوم الثلاثاء الخامس عشر من الشهر. وفى لحظة كتابتى له، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية، حماس، أنها ستوجه ضربة صاروخية لتل أبيب فى تمام التاسعة مساء بتوقيت فلسطين المحتلة وطلبت من وسائل الإعلام والمراسلين الصحفيين رصدها.
لا أظننى أجازف ولا أبالغ بالقول إن إسرائيل لا يمكنها أن تنتصر فى هذه الحرب. إن إسرائيل لن تنتصر إلا إذا أوقفت إطلاق الصواريخ قسرا، وهى لن تستطيع أن تفعل ذلك من الجو، فشلت فى لبنان مرة من قبل وفشلت فى غزة مرتين، وهذه الثالثة. وإن اجتاحت البر ستقع فى أكثر من ورطة، الأولى، أنها ستواجه كثافة سكانية مسلحة لم تواجهها منذ اجتياح بيروت عام 1982، فإن افترضنا أنها دخلت إلى القطاع، فإلى كم ستبقى؟ لقد كانت إسرائيل محتلة قطاع غزة أربعين سنة، ونبتت هذه المقاومة ونمت وقويت شوكتها بالرغم من ذلك حتى اضطرت إسرائيل إلى الانسحاب من القطاع منذ تسع سنوات، فكم سنة من الاحتلال الجديد برأى السيد نتنياهو تحتاج إسرائيل لتفكيك مقاومة فتية نمت بالرغم من أربعين سنة من الاحتلال القديم؟ فإن سلمنا أن إسرائيل لن تستطيع البقاء طويلا، فإن خروجها، بدون تحقيق هدفها، سيكون لا محالة هربا وانهزاما.
أما المقاومة الفلسطينية فانتصرت على أكثر من جبهة، ونصرها هذه المرة مختلف عن كل المرات السابقة. لقد قررت إسرائيل ضرب المقاومة الفلسطينية فى هذا التوقيت تحديدا لأنها تعلم أن الحكومة الحالية فى مصر شديدة العداء لحركة حماس وأن الحصار المفروض على قطاع غزة من الجنوب أشد إحكاما من أى وقت مضى، وأن الأنفاق، حتى الأنفاق، قام الجيش المصرى بتهديم أكثرها، وتعلم إسرائيل أيضا، أن المدد الإقليمى الذى كان يأتى للمقاومة الفلسطينية، ولحركة حماس تحديدا من دمشق قد انقطع، خاصة بعد خروج حركة حماس من دمشق، ثم حصار مخيم اليرموك وتجويعه من قبل الحكومة السورية. لقد حصل من قبل أن قاتلت غزةُ بدون القاهرة، ولكن هذه هى المرة الأولى التى تقاتل فيها غزة بدون القاهرة وبدون دمشق. وقد فاجأت المقاومة الفلسطينية الصديق قبل العدو بأن قدرتها، فى هذه اللحظة التى تقف فيها وحدها تماما، أكبر من قدرتها فى أى وقت مضى.
•••
إن هذا التسليح القوى الذى نراه للمقاومة الفلسطينية، فى ظل القطيعة مع سوريا منذ سنتين لا أرى له إلا سببين، الأول هو أن المقاومة استطاعت فى سنوات ما قبل القطيعة وبعدها مباشرة تطوير صناعة أسلحة محلية، بحيث لا تعرف إسرائيل ولا غير إسرائيل كمية السلاح الذى تمتلكه المقاومة ولا نوعيته، والسبب الثانى، وهو ظن من عندى، لا أملك عليه دليلا ماديا، هو أن المقاومة اللبنانية، استمرت فى إمداد المقاومة الفلسطينية بالسلاح وبخبرة استخدامه وصناعته، حتى بعد القطيعة بين حماس ودمشق. أن المقاومة اللبنانية، وأعنى حزب الله تحديدا، لطالما كان أنبل وأحكم من جميع حلفائه، وإن كانت دمشق منذ سنتين تمنُّ ولا تفعل، فإن الأشبه بحزب الله أنه يفعلُ ولا يمُنُّ. ثم إن الأمر يتعدى الأخلاق إلى الوضع الاستراتيجى. فدمشق قد ترى أن الخطر الوجودى عليها متمثل فى الجماعات الإسلامية المسلحة العاملة فى سوريا، وأنه هذا الخطر أشد عليها، فى هذه الأيام، من إسرائيل. بينما ترى كل من إيران وحزب الله، أن الخطر الوجودى عليهما، ما يزال آتيا من إسرائيل، لا من الجماعات الإسلامية المسلحة. فمصلحة كل من حزب الله وإيران الاستراتيجية تقتضى تسليح غزة وتطويق إسرئيل من جنوبها وشمالها معا.
•••
إن صح ما سبق، فهو بشرى لكل الطيبين فى هذه الأمة، إن من أسوأ نتائج الحرب الأهلية السورية كان تفريق الأمة طائفيا، ثم التفريق بين المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وهو تفريق ما كان يجب أن يحصل، ويبدو أن حكماء فى المقاومة الفلسطينية علموا أن خروج المقاومة من حلف يسلحها إلى حلف يعدها وعدا بالمال ليس قرارا صائبا، فأبقوا على علاقات جيدة بحزب الله، حتى فى فترة حكم الإخوان المسلمين لمصر، وبالرغم من قرار الإخوان المسلمين بمناوأة إيران وحزب الله فى سوريا. ويبدو أن حكماء حزب الله علموا أن مطالبة دمشق لحماس بدعم سياساتها الداخلية بما فيها قصف المدن بالطائرات وتجويع المخيمات الفلسطينية ورهن تسليحها بذلك ليس قرارا صائبا، فأبقوا على علاقات جيدة معها.
فى كل الأحوال فلا أظننى وحدى من يتمنى أن تتفشى هذه الحكمة التى قربت المقاومتين إلى بقية الأمة، فتنتهى الحرب الأهلية الرديئة فى المشرق بالتفات الجميع إلى العدو المشترك. إننى أضم صوتى إلى كل من يدعو جميع أطراف الحرب الأهلية فى سوريا والعراق ولبنان، إلى وقف فورى مفتوح غير مشروط لإطلاق النار احتراما لشهداء فلسطين وشهداء بلدانهم الذين قتلتهم إسرائيل فى تاريخها الطويل، والتزاما منهم جميعا بأولوية الصراع مع الغازى الأجنبى والعدو المشترك للأمة كلها على أى خلاف سياسى بين أبنائها.
•••
إن كل حرب سوى هذه الحرب باطلة، إن كل رصاصة تطلق فى غير اتجاه العدو المشترك فى سوريا ولبنان والعراق، هى رصاصة فى ظهورنا، إن كل عربى ومسلم يقتل عربا ومسلمين إنما يقتل نفسه، ويقتلنا. إن الحرب الطائفية لن ينتصر فيها أحد مهما طالت، وإن حربنا هذه مع إسرائيل، على قلة السلاح والأنصار، هى الوحيدة التى يمكن تحقيق أى نصر فيها.
إن النصر فى هذه الحرب خير كله، فهو يضمن استقلال المقاومة الفلسطينية عن محيطها الإقليمى، فلم يعد ممكنا لى ذراعها، لا من القاهرة ولا من دمشق، ثم هو يضمن وحدة التراب الوطنى الفلسطينى. فهذه هى المرة الأولى التى يتوافق فيها قيام انتفاضة حقيقية فى الضفة الغربية وفى القدس وفى الداخل الفلسطينى المحتل منذ عام 1948 مع حرب الصواريخ من غزة. إن هذا العمل الذى يقوم به الفلسطينيون جميعا فى كل فلسطين التاريخية لم يحدث منذ سنوات، وهو يكرس فلسطين التاريخية كيانا غير قابل للتجزىء فى نفوس الفلسطينيين جميعا، وأن سلوكهم السياسى، سلميّه وعنيفُه، ينبت من اقتناعهم هذا، بأن فلسطين، هى فلسطين كلها الممتدة من النهر إلى البحر، بما يناقض، بل ينقض، منطق اتفاقية أوسلو والاتقافيات التى أبرمت بعدها.
بقى أن نقول، إن هذه الحرب بينت مرة أخرى كيف أن النظام السياسى فى مصر لم يتغير منذ أيام حسنى مبارك، فالموقف من فلسطين يبقى بين الوساطة والحصار، لذلك فإن كل الأحزاب المعارضة أو الحركات الثورية فى مصر التى لا تلتزم من الآن بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل فى اليوم الأول من وصولها إلى السلطة، ليست من الثورية فى شىء. فلا يعقل أن تستطيع غزة المحاصرة المتروكة من الحليف والمخنوقة من العدو، أن تدافع عن نفسها بدون اتفاقية سلام، ثم أن تعجز مصر ذات العدد والعدة عن ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.