التهمة الجاهزة دائماً التي يوجهها بعض الاعلاميين والسياسيين إلى سوريا من أنها تدفع المقاومات الفلسطينية واللبنانية لقتال اسرائيل في حرب تخوضها هذه المقاومات نيابةً عنها وعوض أن تحرك جبهة الجولان المحتل عسكرياً تهمة مضحكة لمن ينظر إلى الأمور ببعض الحكمة وبعض المنطق. وقد فنّد كثيرون هذه التهمة موردين أسباباً عسكرية وسياسية تحول دون تحريك الجيش السوري لجبهة الجولان، ذاكرين ما لا يجهله أبسط مطلع على موضوع الحروب من أن حرب العصابات والمقاومات تختلف اختلافاً كبيراً عن حرب الجيوش النظامية فيما بينها. الأمر مفروغ منه عسكرياً إذاً فلا ضرورة للتحدث عنه هنا. ولنتحدث عن موضوع مقاومة سوريا للعدو الإسرائيلي من ناحية أخرى، هي ناحية دعم سوريا للمقاومات الفلسطينية واللبنانية ضد هذا العدو الإسرائيلي. لم يوفر النظام السوري على نفسه الحرب ولا فكر في إبعاد شبحها عن الأراضي السورية عندما التزم منذ عشرات السنين خيار دعم المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها ثم المقاومة اللبنانية، بمختلف فصائلها أيضاً، ضد العدو الإسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية واللبنانية. لقد كان النظام مدركاً للآثار التي ستنتج عن جعله دمشق عاصمةً إقليمية للمقاومين، ومع ذلك كان لمعظم حركات المقاومة الفلسطينية مكاتب رئيسة في دمشق، وكانت الأراضي السورية أماكن إيواء وتدريب لألوف المقاومين من فلسطين ولبنان وغيرهما من الدول العربية. وعلى الرغم من الضغوطات التي تعرض لها هذا النظام منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد لم يقصّر ولو يتوانَ عن تزويد المقاومين بكل ما أمكنه من دعم إعلامي ومعنوي وماديّ وعسكري، وصولاً إلى تزويده المقاومة في لبنان وفي غزة بأحدث الأسلحة التي ساعدت في تحقيق الانتصار الكبير في لبنان في العام 2006 وفي تحقيق الانتصار في غزة في العام 2012. وما هذه الحرب العالمية التي يشنها الغرب وإسرائيل وبعض العرب الذين استغلوا مطالب شعبية سلمية سوى صورة أخرى من صور محاربة سوريا فقط لأنها الدولة العربية الوحيدة التي ما تزال تتبنى خيار دعم المقاومة في وجه العدو الإسرائيلي. ولا يحتاج المرء إلى ذكاء كبير لاستنتاج أن هذه الحرب على سوريا قابلة لأن يجري إنهاؤها في أيام حين يعلن النظام السوري عن تخليه عن دعمه لحزب الله وحماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة في لبنان وسوريا.