تحديثات سعر الفراخ البيضاء والبيض اليوم الجمعة.. "استقرار"    تحديثات قيمة مواد البناء.. بكام سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة؟    المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجمة ميناء حيفا بالطائرات المسيّرة (فيديو)    موعد مباراة فاركو وسموحة بالدوري المصري والقنوات الناقلة    موعد مباراة جنوى وبولونيا في الدوري الإيطالي    العراق: استعلام رابط نتيجة السادس الابتدائي الكرخ 3 الدور الأول 2024    حكم الترجي بالنبي وآل البيت.. الإفتاء توضح    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    أشرف بن شرقي يقترب من العودة إلى الزمالك.. مفاجأة لجماهير الأبيض    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    بعد انكسار الموجة الحارة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مصرع شخص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    هشام ماجد: أرفض المقارنة بين مسلسلي «أشغال شقة» و«اللعبة»    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    فلسطين.. اندلاع اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة    ألمانيا تعلن اعتقالها نتنياهو في هذه الحالة    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أستاذ اقتصاد: التعويم قضى على الطبقة المتوسطة واتمنى ان لا أراه مرة أخرى    الشرطة: نحو 50 محتجا يواصلون الاختباء بجامعة ألمانية    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تكشف سر العزوبية: أنا ست جبانة بهرب من الحب.. خايفة اتوجع    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    بايدن: لن نرسل قوات أمريكية إلى هايتى    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 مايو 2024    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "قمة اليد والدوري المصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



15 آيار-مايو السورى
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2013

فيما يتجاوز المزادات أو المناقصات القومية، ليست المشكلة أن النظام السورى لم يردّ على الغارتين الأخيرتين على دمشق. المشكلة أنه ردّ. وجاء الرد على جبهتين على الأقل.

الرد الأول هو إعلان دمشق أن الجبهة الجولانية لم تعد منطقة أمان لحدود اسرائيل الشمالية كما كان حالها خلال السنوات الأربعين الماضية. هو إعلان فقط، اقترن بالإعلان عن النية النية فقط فى بناء «دولة المقاومة» فى سوريا. ولكن دعا الرئيس الأسد التنظيمات الفدائية الفلسطينية إلى استخدام الحدود المفتوحة على الجولان المحتل والمضموم. وسارعت المقاومة الإسلامية فى لبنان إلى إعلان انخراط قوات حزب الله فى «المقاومة الشعبية السورية لتحرير الجولان».

بانتظار طلائع «المقاومة الشعبية السورية لتحرير الجولان»، وردائفها الفلسطينية واللبنانية، ما هو بين أيدينا الآن من إعلانات لا يعدو كونه تكرارا لاستراتيجية «الممانعة»: السعى لتحرير الجولان باستخدام «الورقتين» الفلسطينية واللبنانية.

لكن حركة «حماس» صارت بعيدة عن سوريا. والمقاومة اللبنانية العسكرية توقفت عمليا فى عام 2000 بعد تحرير الشريط المحتل (خلا مزارع شبعا وتلال كفر شويا والقسم اللبنانى من قرية الغجر). ولقد وقع الانسحاب بعد أسابيع من اللقاء الفاشل بين الرئيس حافظ الأسد والرئيس الأمريكى كلينتون فى جنيف الذى انتهى قبل أن يبدأ عندما تبّين أن حكومة باراك لم تكن مستعدة للانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو، بناء على ما يسمّى ب«وديعة رابين». يضاف هذا الاعتبار إلى الضربات النوعية التى سددتها المقاومة للقوات الإسرائيلية والعميلة ما دفع إيهود باراك إلى سحب قواته من الشريط اللبنانى الجنوبى المحتل. فكانت المفارقة الغريبة فى انتصار التحرير اللبنانى أنه أفقد النظام السورى وسيلة ضغط عسكرية لتحرير الجولان. ويمكن القول إن أزمة نظام الممانعة بدأت منذ ذلك الحين.

●●●

ومع ذلك، بعدما انتصرت المقاومة الإسلامية اللبنانية على محاولة تصفيتها بواسطة الغزوة الاسرائيلية فى صيف 2006، عادت دمشق العنوان المناسب لحصاد النتائج. حينها اكد الناطق بلسان الوفد السورى إلى المفاوضات الاسرائيلية السورية غير المباشرة فى تركيا إن المقاومات لا تنتصر بل الدول هى التى تنتصر وتقطف ثمار النصر. ومع أن الغموض لا يزال يلفّ أسباب توقف تلك المفاوضات إلا أن الرئيس الأسد، عندما ابدى استعداده، فى الاسابيع الأولى من الثورة العودة إلى المفاوضات غير المباشرة فى تركيا، أضاف أن الاتفاق حاصل بين الطرفين على 98٪ من القضايا. فيمكن التكهن بأن الاثنين بالمئة الباقية لم تكن تتعلق بالجولان المنزوع السلاح والمسموح لمدنيين إسرائيليين بدخوله ولا بتولى الجيش الأمريكى محطات المراقبة والإنذار المبكرة فيه، ولا هى اصطدمت بعقبة التطبيع الكامل، الدبلوماسى والإعلامى والثقافى، بين الدولتين. يبدو أن ال2٪ الباقية كانت لا تزال تتعلق بما يمكن تسميته من الآن فصاعدا «وديعة حافظ الأسد».

وأما الرد الثانى على الغارات الإسرائيلية فجاء بمنطق الحرب الأهلية. فإذا رئيس الدولة السورية، بدلا من أن يرى فى الضربات الجوية من العدو القومى مناسبة استثنائية لدعوة «الأخوة الأعداء» إلى وقف التقاتل ورص الصفوف فى وجه الخطر الخارجى والتفاوض على تسوية ما عمل العكس تماما. أدغم العدو الخارجى بالعدو الداخلى وأعلن أن «المغامرات الإسرائيلية» هى «أحد أوجه الإرهاب والمجموعات التكفيرية». بعبارة أخرى، أعلن أن الأولوية هى لمواصلة الحرب الأهلية نحو الانتصار المستحيل.

من جهة أخرى، اعترفُ بأنى لم أفهم معنى إعلان قيادة حزب الله عن استعدادها تسلّم سلاح جديد «كاسر للتوازن» من سوريا. فهل هذا السلاح هو غير السلاح الصاروخى الارضى أو المضاد للطائرات (الإيرانى أو الروسى) الذى كانت دمشق تحاول إيصاله إلى الحزب اصلا وتلقت لذلك الضربات الإسرائيلية؟ هذا على افتراض اننا نتحدث عن «توازن» بين حزب الله وإسرائيل موضوع قابل للنقاش فى أقل تقدير. ولا أنا فهمت ما الغرض من نقل تلك الأسلحة النوعية إلى لبنان ما دامت المهمة المركزية هى الإسهام النشط فى الحرب الشعبية لتحرير الجولان، أليس الأحرى أن تبقى على الأراضى السورية لتصدّ الغارات المتوقعة حين تبدأ إسرائيل بالرد على عمليات المقاومة فى الجولان؟

وحتى لا نخلط بين أنواع الأسلحة «الكاسرة للتوازن» فكسر التوازن العسكرى ليس يناقش الآن فى بيروت أو دمشق. فقد أدى العدوان الإسرائيلى على دمشق أول أغراضه بأن أدخل الدولة الصهيونية طرفا فى الأزمة السورية. وفى موسكو يجرى البحث بين نتنياهو وبوتين فى إمكانية صفقة تؤجل أو تلغى تسليم صفقة السلاح الصاروخى السوفييتى من طراز إس 300 إلى الجيش السورى، القادر على التصدى للغارات الجوية الإسرائيلية مثل قدرته على أعاقة أى حظر جوى فعلى على الأجواء السورية، فى مقابل وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضى السورية.

●●●

لم تقرع طبول الحرب بعد، ولا حاجة للاستعجال بالتنبؤ بتسويات سريعة. فبديلا من نظرية إضعاف طرفى النزاع السورى المسلّح من أجل إجبارهما على التسوية، يجرى تجريب صيغة تعزيز الطرف الأقوى النظام على أمل تشجيعه على التفاوض. ومع ذلك فالنتائج ليست باهرة. لقد جرى تأجيل مؤتمر جنيف2، ويبدو أن ما ضرب الكف بالكف بين كيرى ولافروف لم ينسحب حماسا الرئيس أوباما الذى عاد ليذكّر، ومعه كاميرون البريطانى، بأن غرض المؤتمر تنظيم انتقال السلطة من يد الرئيس الأسد.

وبانتظار أن يتضح موقع إيران من التسوية، وهى أول المتضررين من هذا النمط من التدويل، ناهيك عن مواقع وحصص السعودية وقطر المتضاربة، سوف يجرى دم كثير فى سوريا ولن تمرّ دماء اقتحام بلدة القصير وريفها، إذا ما حصل، دون أن تستطعم المزيد من الدماء فى ريف إدلب.



سياسى وكاتب وأستاذ جامعى لبنانى
ينشر بالاتفاق مع جريدة السفير اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.