• «عابدين» مهبط الحگم من «القلعة».. و«رأس التين» يگتب نهاية الأسرة العلوية • مينا بنى «الجدار الأبيض» أول قصر حاگم فى العالم • ترددت أنباء أخيرا حول نية الرئيس المنتخب، عبدالفتاح السيسى، تغيير مقر الحكم من قصر الاتحادية إلى قصر القبة، وسط حالة طوارئ عمت القصرين لتجهيزهما لاستقبال الرئيس الجديد، «الشروق» تستعيد حكايات المقار التى حكمت مصر منذ إنشاء الدولة المصرية فى عهد مينا موحد القطرين وحتى اليوم. • ومنذ أن عرفت مصر شكل الدولة الموحدة قبل 6 آلاف عام، اختلفت نظم حكمها وحكامها خلال عشرات الحقب التاريخية التى صدرت فيها قرارات ساهمت فى تغيير مصير أمم وحضارات، ولكن لم يكن مصدر تلك القرارات مكانا واحدا، بل اختار كل حاكم لمصر قصرا يكون له رمز لإدارة أقدم دولة عرفتها البشرية. • «الاتحادية» بدأ فندقًا ثم تحول لمستشفى عسكرى خلال الحرب العالمية الأولى.. وحاصره الثوار لإسقاط مبارك ومرسى • فاروق أنشأ محطة قطار كاملة فى قصر «القبة».. والسادات تابع حرب أكتوبر من «الطاهرة» يصل عدد المقار الرئاسية فى مصر حاليا إلى نحو 30 مقرا، ما بين استراحات وقصور، أشهرها قصور الاتحادية وعابدين، وحدائق القبة، والطاهرة، بالقاهرة، ورأس التين والمنتزه، بالإسكندرية، واستراحات بالإسماعيلية، والقناطر الخيرية، وأسوان، والأقصر. يعتبر قصر «الجدار الأبيض» الذى بناه الفرعون مينا عام 3200 قبل الميلاد بعد أن نجح فى توحيد مصر شمالا وجنوبا لتكون أول دولة تظهر فى التاريخ فكان مينا يبحث عن موقع يتوسط مملكتى الشمال والجنوب لكى يستطيع أن يحكم منها مصر، فقام بإنشاء قلعة محاطة بسور أبيض وسماها (من-نفر) وتعنى الجدار الأبيض (الجيزة حاليا). امتد التاريخ لتظهر عشرات العواصم والقصور الحاكمة لمصر بين طيبة، الأقصر حاليا، والنوبة ثم الشرقية، وقصور البطالمة فى الإسكندرية، حتى فتحت مصر فى عام 641م على يد عمرو بن العاص ليقرر إنشاء مقر جديد يحكم مصر منه، حيث كان جامع عمرو بن العاص بمدينة الفسطاط هو المكان الجديد. ولكن مع التغيير التاريخى فى مصر أراد بعض الحكام أن يصنعوا تاريخا جديدا لهم، فجاء أحمد بن طولون ليغير مقر الحكم من جديد مقيما مسجدا باسمه بمنطقة مجاورة للفسطاط سميت بالقطائع بعد أن قسمها لقطاعات تعيش فيها الجاليات مثل الروم وأهل النوبة وغيرهم. ومع الغزو العباسى لمصر، ظهرت قصور جديدة عرفت باسم قصور العسكر، السيدة زينب حاليا، ظلت مقرا لحكم مصر لمدة 113 عاما، أما فى الدولة الفاطمية، فاختار حكامها منطقة شارع المعز ليقيموا بها قصرين عملاقين يقطعهما شارع المعز، حيث سميت تلك المنطقة بعد ذلك بين القصرين. قصر عابدين: مصر الأوروبية يعد قصر عابدين تحفة تاريخية نادرة، بسبب الفخامة التى شيد بها، والأحداث المهمة التى شهدها منذ العصر الملكى وحتى قيام ثورة يوليو 1952، حيث جاء بناء القصر فى الفترة التى أراد فيها إسماعيل تحويل القاهرة إلى مدينة مثل المدن الأوروبية فقام ببناء القصر على نماذج القصور الأوروبية فى فرنسا خاصة. ويرجع اسم القصر إلى «عابدين بك»، أحد القادة العسكريين فى عهد محمد على باشا، وكان يمتلك قصرا صغيرا فى مكان القصر الحالى، اشتراه إسماعيل من أرملته وهدمه وضم إليه أراضى واسعة ثم شرع فى تشييد هذا القصر. ويمتاز القصر بمساحته الكبيرة التى تأتى فى مقدمتها قاعات وصالونات تتميز بلون جدرانها، فالصالون الأبيض والأحمر والأخضر تستخدم فى استقبال الوفود الرسمية أثناء زيارتها لمصر، إضافة إلى مكتبة القصر التى تحوى نحو 55 ألف كتاب، كما يحتوى القصر على مسرح يضم مئات الكراسى المذهبة. ويوجد بداخل القصر العديد من الأجنحة مثل الجناح البلجيكى الذى صمم لإقامة ضيوف مصر المهمين، وسمى كذلك لأن ملك بلجيكا هو أول من أقام فيه، ويضم هذا الجناح سريرا يعتبر من التحف النادرة نظرا لما يحتويه من الزخارف والرسومات اليدوية. وأخيرا تم تخصيص جزء من القصر ليكون متحفا يضم تحفا مهمة لأسرة محمد على، وكذلك هدايا قدمت لمصر فى عهد الرؤساء بالإضافة إلى أسلحة تاريخية تمتد لمئات السنوات. قصور المنتزه: ممنوع اختلاط الرجال بالنساء تعتبر منطقة المنتزة العملاقة أحد أبرز وأجمل المناطق الرئاسية فى مصر والتى تضم حديقة ضخمة بالإضافة إلى قصرين ملكيين، الحرملك والسلاملك، حيث بنيت فى عصر الخديو عباس حلمى الثانى عام 1892 بمدينة الإسكندرية على يد المهندس الإيطالى ارنستو فيروشى. القصر مبنى داخل حدائق تسمى «حدائق المنتزه» ويتكون من قصرين، الحرملك وهو من القصور الرئاسية، ومتحف لمقتنيات أسرة محمد على، والسلاملك الذى تحول حاليا لفندق. وكان الغرض من بناء تلك القصور أن تكون مقرا لحكم مصر فى فترة الصيف بسبب حر القاهرة وسمى بالحرملك نسبة لكلمة تركية تعنى مقر الحريم، حيث يقع قصر الأميرات لمنع اختلاطهن مع الرجال فى القصر الآخر. ويتميز هذا القصر بالجمع بين الطرز الفنية المختلفة، وأبرازها على الإطلاق الطراز البيزنطى بالإضافة إلى الطرازيين القوطى والكلاسيكى فضلا عن الطراز الإسلامى، حيث يحتوى القصر على العديد من التحف والقطع الفنية الفرنسية الطراز، كما يتميز بزخارفه التى صنعت على طراز الباروك والركوكو والذى يتكون من زخارف هندسية ونباتية متشابكة. رأس التين: أول قصر به تليفون وحمام سباحة فى مصر يختلف قصر التين عن بقية القصور الرئاسية فى أنه يعتبر أفخمها، وكذلك لموقعه المتميز على شاطئ البحر الأبيض المتوسط بمدينة الإسكندرية كما أنه كان أول قصر تدخله التليفونات عام 1879م أواخر فترة حكم الخديو إسماعيل قبل أن تخلعه بريطانيا عن العرش وأول مكان فى مصر يقام فيه حمام سباحة معاصر. وتاريخيا، تعود أهمية القصر لأحداث مهمة جرت فى أروقته، من أبرزها انتهاء حكم الأسرة العلوية فى مصر عندما شهد القصر خلع الملك فاروق ورحيله إلى منفاه بإيطاليا على ظهر اليخت الملكى المحروسة من ميناء رأس التين عام 1952، وشهد القصر أيضا اختباء الخديو توفيق أثناء دخول الإنجليز مصر بعد أن اتفق معهم على الإقامة فى القصر أثناء حربهم مع أحمد عرابى عام 1882. بدأ محمد على فى بناء قصر رأس التين عام 1834م ليضمه إلى قصوره بالإضافة إلى القصور الأخرى التى كان يملكها فى الإسكندرية وقد استعان فى بنائه وإصلاحه بمهندسين فرنسيين وبلجيكيين، وأقيم القصر على الطراز الأوروبى الذى كان شائعا فى الإسكندرية فى ذلك الوقت، نظرا لكثرة الجاليات الأجنبية الموجودة فى الإسكندرية فى تلك الفترة، وقد بنى القصر فى أول الأمر على شكل حصن، وكان فى مكانه أشجار التين التى كانت موجودة بوفرة فى تلك المنطقة، ولذلك سمى قصر رأس التين. فى الوقت الحالى، لا يوجد من القصر القديم سوى الباب الشرقى الذى أدمج فى بناء القصر الجديد، ويتكون من 6 أعمدة جرانيتية تعلوها تيجان مصرية تحمل عتبا به سبعة دوائر على هيئة كرون من النحاس كتب بداخلها بحروف نحاسية آية قرآنية وكلمات مأثورة عن العدل مثل (العدل ميزان الأمن). وقد كان لهذا القصر أول حمام سباحة مصرى له بهو مغطى بالزجاج، وقد أنشا الملك فاروق حماما بحريا بدلا منه على حاجز الأمواج بعد الحرب العالمية الثانية، فى مكان كان معدا ليكون موقعا للدفاع الجوى عن ميناء الإسكندرية. وأهدى الخديو إسماعيل القصر لزوجته، شوق نور هانم، وفيه أنجبت أكبر أنجاله الخديو توفيق، وتحول بعدها لمقر لأفخم الاحتفالات الخاصة وحفلات الزفاف الملكية. القبة: القصر الذى أحبه عبدالناصر بعتبر قصر القبة بمنطقة سراى القبة بالقاهرة، أكبر القصور فى مصر، وهو يستخدم حاليا كمقر لنزول الضيوف الأجانب من رؤساء وغيرهم، حيث بناه الخديو إسماعيل لكن لم يقم فيه أحد من حكام الأسرة الملكية، وشهد القصر أيضا وفاة الملك فؤاد، حيث ألقى فيه الملك فاروق خطابه الأول عبر الإذاعة المصرية فى مايو 1936 ناعيا والده. وبعد ثورة يوليو 1952، صار القصر أحد القصور الرئاسية الثلاثة الرئيسية فى مصر، والقصران الآخران كانا قصر عابدين فى وسط القاهرة وقصر رأس التين فى الإسكندرية، وكان الرئيس جمال عبدالناصر يميل للجلوس فيه أغلب الوقت ويحبه حيث كان يقوم باستقبال الزوار الرسميين فيه، وعندما توفى اختارت رئاسة الجمهورية قصر القبة ليكون مقر انطلاق جنازته الشعبية الضخمة عام 1970. ويمتد القصر على مساحة تبلغ نحو 80 فدانا، وظل لفترة طويلة صاحب أطول سور فى مصر حيث بلغ طول السور 6 أمتار، واحتوى القصر على محطة قطار ملكية لأول مرة، حيث كان الزوار يأتون مباشرة للقصر، سواء من الإسكندرية أو من المحطة الرئيسة للقطارات بالقاهرة. وعاد اسم قصر القبة ليتصدر الصحف عندما قام الرئيس الأسبق مرسى بالهروب إليه بديلا لقصر الاتحادية بعد أن حاصره الثوار يوم 30 يونيو حتى إسقاطه فى 3 يوليو. الطاهرة: أجمل قصور العالم رغم فخامة وجمال قصر الطاهرة بمصر الجديدة والذى يعد من أجمل قصور العالم، إلا أن مساحته الصغيرة حالت، دون تحويله إلى مقر دائم للحكم، حيث لا يكفى القصر، الذى يقع شرق القاهرة بين روكسى وحدائق القبة، جميع إدارات مؤسسة الرئاسة. بدأت قصة «الطاهرة» عندما اشترى الملك فاروق القصر باسم الملكة فريدة عام 1941 بمبلغ 40 ألف جنيه، واشترى الفيلا المجاورة له، وضم إليه عددا من الأراضى، حتى بلغت مساحته 8 أفدنة، ثم استرده منها، مقابل 117 فدانا بمحافظة الشرقية، ويحتوى القصر على عدد من التحف والتماثيل الرخامية لفنانين إيطاليين. وقد بنى القصر الأصلى فى أوائل القرن العشرين، للأميرة أمينة عزيزة، ابنة الخديو إسماعيل، والدة محمد طاهر باشا، وقد تم بناؤه على الطراز الإيطالى. وفى عام 1953، تم مصادرة قصر الطاهرة جنبا إلى جنب مع بقية قصور أسرة محمد على، من قبل الدولة بعد سقوط النظام الملكى، والكثير من متاع قصر الطاهرة الثمين ظهر فى المزادات التى ترعاها الدولة والحكومة فى محاولة لملء خزانتها. واتخذ السادات من القصر مقرا لإدارة عمليات حرب أكتوبر 1973، حيث توجد به صورة شهيرة للرئيس الراحل أنور السادات وحوله رجال الجيش، يقفون حول طاولة كبيرة يناقشون عليها خطة الحرب، وهى نفسها طاولة البلياردو التى كان أحضرها الملك فاروق من قصر محمد على فى شبرا الخيمة وضمها للقصر. كما تشير بعض الروايات إلى أن القصر كان شاهدا على آخر لقاء جمع الرئيسين الراحلين محمد نجيب وجمال عبدالناصر، كما أنه شهد زيارة الملك سعود فى مارس 1954، كما كان مقرا لإقامة فتحية نكروما، زوجة أول رئيس لغانا كوامى نكروما، وأسرتها لبعض الوقت عقب تشكيل حركة عدم الانحياز، كما كان مقرا لإقامة أرملة شاه إيران عام 1980، وأقام فيه رئيس الوزراء الفرنسى السابق ليونيل جوسبان. وفى عام 1996، رفعت بنات الملك فاروق، دعوى قضائية للمطالبة، باسترداد القصر لأنه كان ملكا لوالدتهم الملكة فريدة، على حد قولهن ولأنها لم تكن من أسرة محمد على، فلا يحق تنفيذ قرار المصادرة على القصر، وخسرن القضية. الفندق الذى أطاح بالرؤساء تحول قصر الاتحادية فى يوم وليلة إلى أهم قصر فى مصر، خاصة بعد قيام ثورة 25 يناير عندما حاصره الثوار قبل يوم من تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك ليتحول من بعدها لرمز للحرية، فكان أحد المناطق التى تجمع فيها الثوار فى 30 يونيو لإسقاط الرئيس السابق محمد مرسى بعد ذلك. لم يكن قصر الاتحادية معدا لأن يكون مقرا للحكم عندما تم بناؤه عام 1910، بل كان من المقرر أن يكون فندقا يسمى «جراند هوتيل» أنشأته إحدى شركات السياحة الفرنسية ليكون أكبر فندق فى العالم. صمم القصر المعمارى البلجيكى أرنست جاسبار بحيث يتكون من 400 حجرة، إضافة إلى 55 شقة خاصة وقاعات بالغة الضخامة، وتم تأثيث حجرات المبنى آنذاك بأثاث فاخر وتحديدا من طرازى لويس الرابع عشر ولويس الخامس عشر. أما قبة القصر فكان ارتفاعها نحو 55 مترا، وتبلغ مساحة القاعة الرئيسية 589 مترا مربعا، وصممها ألكسندر مارسيل، وقام بشئون الديكور بها جورج لوى كلود، وتم فرشها بسجاد شرقى فاخر، ووضعت بها مرايا من الأرض إلى السقف أيضا مدفأة ضخمة من الرخام، كما وضع 22 عمودا إيطاليا ضخما من الرخام. ومن الجهة الأخرى من القاعة الكبرى توجد قاعة طعام فاخرة تكفى 150 مقعدا، وقاعة أخرى ضمت 3 طاولات بلياردو، أما الأثاث فكان مصنوعا فى لندن فيما ضمت الحجرات العلوية مكاتب وأثاثا من خشب البلوط جلبت من باريس. اعتبر الفندق من أفخم الفنادق آنذاك، ولفت معماره المتميز النظر، وأصبح عامل جذب سياحى للعديد من الشخصيات الملكية فى مصر وخارجها إضافة إلى رجال الأعمال الأثرياء، إلا أن القصر تحول لمستشفى عسكرى خلال الحرب العالمية الأولى بعد أن سيطر عليه الاحتلال الإنجليزى وقتها. ولكن مع قيام ثورة 1952 تحول القصر بعد أن ظل مهجورا لفترة كمقر لعدة إدارات ووزارات حكومية حتى جاء الرئيس السادات لينقذه من تحوله لمصلحة حكومية بإعلانه فى فى يناير عام 1972 قصرا جمهوريا لاتحاد الجمهوريات العربية الذى ضم آنذاك كلا من مصر، سوريا وليبيا، ومنذ ذاك الحين عرف باسمه الحالى «قصر الاتحادية» أو «قصر العروبة». ومع تولى مبارك الحكم، تم عمل صيانة شاملة للقصر ليكون القصر الرئيسى لحكم البلاد لأنه أكثر القصور قربا من بيت مبارك، بالإضافة إلى أنه مأمن بشكل جيد ولكن تقلل دور القصر مع الوقت خاصة بعد أن اختار مبارك مدينة شرم الشيخ مقرا لاستقبال رؤساء وملوك الدول الأجنبية خلال زيارتهم لمصر.