لا تندهش حينما ينتهى من فحصك طبيب أمراض القلب والشرايين فيصف الداء والدواء ثم يوصى بأن تزور طبيبا للأسنان أو اختصاصيا بعلاج أمراض اللثة، فالعلاقة بين صحة الفم والقلب والشرايين وثيقة فى الطب الحديث. وزيارة طبيب الأسنان بصفة دورية أمر يحتمه الاهتمام بالوقاية من أمراض القلب والشرايين الأولية (بغرض الوقاية من المرض) أو الثانوية (بغرض الوقاية من أى مضاعفات فى حالة وجود المرض). تشير الدراسات الحديثة إلى أن من يعانون من التهابات ميكروبية مزمنة باللثة إنما هم أكثر عرضة من غيرهم لأمراض تصلب الشرايين خاصة شرايين القلب التاجية، أيضا شرايين المخ مما قد ينجم عنه جلطات المخ أيضا. الواقع أن الخطر لا يتهدد الكبار فقط لكنه يتجاوزهم أيضا لصغار السن فمن العوامل التى قد تصيب الأطفال بالحمى الروماتيزمية هو الالتهابات المتكررة التى تصيب الحلق واللوزتين إلى جانب التهابات اللثة وتسوس الأسنان ووجود التجاويف بين الأسنان وتكرار الإصابة بالميكروبات المكورة العقدية Streptococci للجهاز التنفسى بداية من الحلق والفم والرئتين ينشأ عن تفاعل مناعى يتسبب فى الحمى الروماتيزمية وما يتبعها من تشوهات بصمامات القلب التى تتراوح بين الضيق فى الصمام، أو ينشأ عن الارتجاع فيه مما يتطلب التدخل الجراحى فيما بعد لاستبدال الصمامات أو توسيعها خشية هبوط عضلة القلب الذى يعد مشكلة حقيقية تعوق مقدرات الإنسان وتفسد عليه حياته. اللثة السليمة الصحية تبدو دائما متماسكة وردية اللون مرنة وملتصقة بالأسنان لا تنبئ بوجود مرض بها أو عرض يعلن عن خلل ما. لذا يجب فحصها باستمرار أثناء تنظيف الأسنان وملاحظة أى علامات: احمرار أو انتفاخ بها يعنى التهابا قد يصل إلى وجود بعض الصديد. نزيف ولو بسيطا عند استخدام فرشاة الأسنان أو السواك. تراجع اللثة وانفصالها عن الأسنان. ألم عند المضغ فى الأسنان. تخلخل الأسنان وربما سقوطها فجأة. اختلاف رائحة الفم وملاحظة بعض من الرائحة غير المقبولة. إصابة اللثة بالالتهاب المزمن يعنى تأثرها بعدد من أنواع البكتيريا التى تصيب الأنسجة الرخوة عامة وهى ميكروبات شرسة تتطلب جهدا دائما من الجهاز المناعى للإنسان لمقاومتها ومحاولة التغلب عليها مما يستنفد الكثير من جهد الجهاز المناعى بل يسبب فى تشتت قواه ويصيب الإنسان بحالة من الوهن قد تغرى ميكروبات أخرى كامنة بمهاجمته. بل أيضا ينتج عن تلك المقاومة المتصلة والمستمرة العديد من المركبات الضارة والخلايا الميتة التى قد تتسبب فى ضيق شرايين القلب التاجية وانسدادها مما ينشأ عنه جلطة غير متوقعة الحدوث، الأمر ذاته وارد فيما يتعلق بشرايين المخ. من الملاحظ أيضا أن الإصابة بالتهابات اللثة المزمنة يلازمها ارتفاع فى نسبة الكوليستيرول منخفض الكثافة يصل إلى ستة أضعاف القياس الطبيعى وفقا لمعلومات كلية أطباء القلب الأمريكية مما يدعو للنظر فى الأمر بجدية إذ إن ارتفاع نسبة الكوليستيرول المنخفض الكثافة الردئ كما يسمى تزيد من احتمالات الإصابة بتصلب شرايين القلب التاجية وبالتالى الجلطة المحتملة. الواقع أن الأمر هنا متعدد الجوانب فهناك الباكتيريا ذاتها التى استوطنت أنسجة اللثة الرخوة وانتعشت فيها إذ إنها أنسجة تنعم بشبكة من الشعيرات الدموية الكثيفة تتغذى الباكتيريا عليها فتعمل بهمة على تدمير خلايا تلك الأنسجة المحيطة بالأسنان فتتسبب فى خلخلتها ولا يقف الأمر عند ذلك الحد إنما تسبح فى تيار الدم متجهة رأسا للشرايين والأوردة الرئيسية ومنها إلى جدار القلب وصماماته. حالة الإنسان الصحية وحضور أجهزته المناعية هما الفيصل فى المعركة إذ إن وجود أمراض أو مشكلات صحية أخرى قد تكون فى صالح الميكروبات الضارية ضد الإنسان الذى يعانى من إصابات بالشرايين أو مرض السكر أو الفشل الكلوى. العناية باللثة والأسنان هى حجر الزاوية فى الموضوع. النظافة اليومية باستعمال الفرشاة المناسبة والسواك أو الخيط أمر يجب تعلمه بعناية فى عيادة الأسنان إذ إن التنظيف الخاطئ ربما يزيد حدة المشكلة بدلا من حلها. مراجعة الطبيب أمر واجب وبصفة دورية مرة فى العام وعلاج أى مشكلة فى حينها يساهم فى درء الخطر. الإقلاع عن التدخين يحد من فرصة الإصابة بالتهابات الفم واللثة ويحميك من ابتسامة صفراء قد لا يحبها من حولك أو تضطرك لاخفائها. الاهتمام بصحة اللثة وسلامة الأسنان أمر لا ينفصل عن الاهتمام بالقلب والشرايين. إصابة اللثة بالتهابات مزمنة تحمل خطر الإصابة بأمراض تصلب شرايين القلب والمخ. تحمل أيضا خطر الإصابة بتشوهات صمامات القلب الأصلية أو التى تم استبدالها بصمامات معدنية أو من أصل حيوانى أو أنسجة الإنسان.