ذكر الكاتب المصري فاروق عبد الخالق، أن دول حوض النيل عرفت عروض السينما منذ 1896، إلا أنها لم تعرف كمنتجة للسينما إلا في ستينيات القرن العشرين بعد الاستقلال الذي "لم يستتبعه استقلال ثقافي واقتصادي" يتيح لصناع السينما إنتاج أفلام تعبر عن طموح الشعوب إلى الحرية والتنمية. ويقول في كتابه «السينما في دول حوض النيل»: إن "القارة السوداء تملك ما لا يملكه غيرها من أساطير وثقافات وموسيقى وصراع للإنسان مع الطبيعة وبطولات في مواجهة الاستعمار والعنصرية والرق والاستعباد وغيرها من التفاصيل الإنسانية، التي تكفي لإنتاج أعمال سينمائية ثرية ذات طابع عالمي". ويضيف أن "هذه الدول التي عرفت عروض السينما مبكرا ظلت بعد الاستقلال السياسي خاضعة لنفوذ الاستعمار الأوروبي"، الذي فرض نوعا من التنمية والإنتاج يحول دون ظهور سينما قوية تعبر بصدق عن إفريقيا الحرة إذ كانت وسائل الاتصال والفنون تهدف "لدعم السلطة... تحولت إلى مجرد آلة للدعاية للبيروقراطية"، وأن استطاع مخرجون أفراد الإفلات من هذا السياق وقدموا أعمالا مستقلة حققت شهرة عالمية. ويصف الأفلام السابقة على الاستقلال بأنها "سينما بيضاء.. ترى في القارة السوداء خلفية كبيرة جميلة هادئة للمغامرات العاطفية أو البحث عن الثروات"، مضيفًا أن حلم رواد السينما الوطنية كان القفز بالشعوب الإفريقية إلى المستقبل وتجاوز تلك النظرة الاستشراقية. ويرى عبد الخالق، أنه بعد سنوات من الاستقلال السياسي قدم هؤلاء الرواد إلى العالم سينما إفريقية بأساليب سرد "مبتكرة" واستخدموا لغات محلية أسهمت في التقريب بين الشعوب التي شاهدت آلام الأجيال السابقة ومعاناتها تحت الاستعمار الأوروبي "الذي ادعى أنه جاء للمساعدة" في حين ظل يستنزف الثروات الطبيعية والبشرية. والكتاب، الذي يقع في 128 صفحة كبيرة القطع، أصدره «مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية» المقام حاليا، والذي يشارك في دورته الثالثة أفلام من 41 دولة.