بينما تغلق قوات الجيش والشرطة شارع المحكمة الدستورية بالمعادى لتنفيذ قرارات الهدم الصادرة للأبراج السكنية المبنية على الأراضى الزراعية المواجهة لمستشفى المعادى العسكرى، ينشط ملاك الأبراج المخالفة خلف المستشفى لتنفيذ التشطيبات الداخلية للعقارات لفرض أمر واقع جديد من شأنه منع حملات الإزالة من الوصول إلى مبانيهم التى أوشك بعضها على الاكتمال. لا يتوقف العمل فى بناء العقارات على بعد عشرات الأمتار من عمليات الإزالة، فأصحاب هذه العقارات يحاولون الانتهاء منها فى أسرع وقت، وبعضهم قام بتوصيل الكهرباء بطريقة عشوائية، ووضع أبواب على الشقق من أجل فرض الأمر الواقع، وبعضهم بدأ بدهان واجهة العقار. أصحاب الشقق التى لم تسكن بعد لم يعدوا يأتون إلى المكان، بينما أصبح سكان العمارات القائمة فى الخلف يأتون إلى رئيس الحى اللواء محمد الطويل، الذى وقف يتعهد لهم بعدم طرد أى أسرة من مسكنها، حيث طلب من الأهالى تقديم الأوراق التى تثبت إقامتهم فى المكان إلى إدارة الحى، والتظلم من قرارات الهدم مع إرفاقها بما يثبت ملكيتهم للأرض. صرخات النساء التى لا تتوقف من حول رئيس الحى لتأكيد أن أسرهن لن تغادر المنازل إلا على جثثهم، لعدم امتلاكهم أماكن بديلة للإقامة يقابلها رد بالتأكيد بأن الهدم يستهدف فى مرحلته الأولى العقارات الحديثة التى بدأ هدمها بالفعل، بينما لا يوجد قرار بإزالة العقارات بالداخل ومن ثم لا داع لخوفهم من مغادرة منازلهم، وأنه سيقوم بعرض تظلماتهم على المحافظ لاتخاذ قرارات بشأنها. غبار عمليات الهدم الذى يملأ الجو لم تمنع السيدات وخاصة كبار السن من الالتفاف حول رئيس الحى الذى واجه سبابا من الشباب فى بعض الأوقات، وهم يخبرونه أن كلامه يناقض ما تحدث به فى إلىوم الأول من إزالة جميع الأبراج على مساحة 36 فدانا. على بعض عشرات الأمتار من الصراخ، كان خبراء المفرقعات يزرعون الديناميت أسفل العقار خلال عملية التفجير التى تستهدف مساواة الأبراج بالأرض بعدما عملت الجرارات على تكسير الطوب والأعمدة الخرسانية التى يصل ارتفاع بعضها إلى عشرة أدوار، بينما يبتعد صوت المحتجين بعدما حاولوا التصدى للهدم فى بداياته لتقوم قوات الأمن بتفريقهم مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع. جورج، أحد مالكى الأرض الزراعية، الذى قام بتحويل أرضه إلى عقار على مسطح ألفى متر، وبارتفاع سبعة أدوار، قال إنه ورث الأرض عن عائلته التى تقيم بالمنطقة منذ عشرات السنين. ويشير جورج إلى أن الحكومة هى أول من جاء للبناء على الأرض فى المنطقة بعد أن عوضت جيرانهم عن الأرض التى أقيم عليها مبنى المحكمة الدستورية، ويتعجب: ليس معقولا أن تحاسب الحكومة الأهالى على تقليدهم لها. فى المقابل تؤكد أجهزة محافظة القاهرة أن العمارات التى تجرى إزالتها وعددها 22 عمارة مازالت تحت الإنشاء وبالتالى تخلوا من أى سكان إلى جانب أنها تقام على أراض مملوكة للدولة ممثلة فى شركة المعادى للاستثمار التابعة لوزارة الصناعة،حيث كان بعض المزارعين يضعون يدهم على الأرض قبل ثورة يناير ويقومون بزراعتها، ولكنهم باعوها لآخرون للبناء عليه بدون وجه حق. وقامت أجهزة المحافظة بالتعاون مع القوات المسلحة ووزارة الداخلية، بهدم البنايات التى لا يتجاوز عدد أدوارها 5 أدوار، عن طريق تحطيم الأعمدة الخرسانية والحوائط، وإزالة الأبراج المرتفعة التى تجاوزات 10 طوابق عن طريق زرع «الديناميت» وتفجيرها عموديا. وقال اللواء محمد الطويل، رئيس حى دار السلام، إن المحافظة مصرة على هدم تلك العمارات ومساواتها بالأرض لأن تلك الأرض مملوكة للدولة ويقدر سعرها بمليارات الدولارات، وأن عملية الإزالة ستستغرق عدة أيام، بعدها سيتم نقل مخلفات الهدم إلى الصحراء وتسليم الأرض للشركة التى تمتلكها لإنشاء مشروعات قومية عليها. وفى رده على ل«الشروق» «لماذا تركت الدولة هؤلاء المواطنين يقيمون أبراجا مرتفعة تكلفت ملايين الجنيهات، ثم تقوم بهدمها الآن؟ أجاب الطويل: «حاسبوا من كان يتولى المناصب فى ذلك الوقت. وتابع: نحن اتخذنا كل الإجراءات القانونية وأخبرنا المواطنين بعدم إيجار أو شراء وحدات سكنية فى وحدات مخالفة، والتوجه للمحافظة للاستفسار عن أى عقار قبل الشراء أو الإيجار، ولكن المواطنين لم يستجيبوا واستمروا فى عمليات البناء وبيع الشقق قبل تشطيبها. وأكد الطويل أنه أثناء عمليات الهدم تبين أن أساسات العمارات وعملية التسليح بها غير مطابقة للمواصفات، وأن تلك العقارات كانت مهددة بالانهيار فى أى وقت، ما كان سيسبب كارثة انسانية، وسيتم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة ضد أصحابها، مشيرا إلى أن عدم احتجاج الأهالى على عمليات الهدم، خير دليل على تأكدهم أنهم مخالفون.