لا صوت يعلو فى أروقة مجلس الدولة والمحكمة الدستورية على صوت الجدل الذى أثارته المادة السابعة من قانون الانتخابات الرئاسية بشأن تحصين قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية. فبعيدا عن الخلاف حول شرعية التحصين فى حد ذاته والأسانيد الدستورية لذلك، أثارت المادة عدة تساؤلات حول الآثار المترتبة عليها، ومدى إمكانية صدور قرارات قضائية بإحالة بعض نصوصه إلى المحكمة الدستورية بشبهة عدم الدستورية. وكذلك يثور جدل حول عودة سيناريو صدور أحكام القضاء الإدارى بوقف قرارات اللجنة رغم تحصينها، والذى ألقى بظلاله على الانتخابات الرئاسية السابقة وكاد يعطلها لولا صدور حكمين من المحكمة الإدارية العليا التى كان يرأسها آنذاك المستشار مجدى العجاتى التزاما بالمادة 28 من الإعلان الدستورى الأسبق. وتكمن الخطورة حاليا - بحسب مصادر قضائية بمجلس الدولة - فى أن هذه المادة الدستورية غير موجودة، وبالتالى فهناك إمكانية لأن ترى أى محكمة قضاء إدارى على مستوى الجمهورية وجود شبهة عدم دستورية فى المادة السابعة الخاصة بالتحصين أو أى مادة أخرى بالقانون، فتحيل القانون إلى المحكمة الدستورية أو تصرح بالطعن على هذه المواد، مما سيستغرق وقتا أطول من المفترض لإنهاء الانتخابات. وأيد هذه الرؤية المستشار عادل فرغلى، الرئيس الأسبق لمحاكم القضاء الإدارى، مؤكدا أحقية أى محكمة فى اعتبار قرارات اللجنة قرارات إدارية بموجب المادة 97 من الدستور التى تمنع صراحة تحصين أى عمل أو قرار إدارى، وساعتها سترى أن قانون الانتخابات الرئاسية يتصادم مع الدستور وأنه يحاول إضفاء حصانة على قرارات بعينها، مما يشوبه بعدم الدستورية، فتعتبر الدفع بذلك جديا وتحيله إلى المحكمة الدستورية، أو تصرح لصاحب الدعوى بالطعن أمام هذه المحكمة. وأكد فرغلى أن سابقة إبداء الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية رأيها فى مسألة التحصين لن تمنعها من التصدى لهذه الطعون المحتملة، لأنها ستنظر المسألة من جديد باعتبارها جهة إصدار حكم وليس مجرد إبداء رأى، مستنكرا عدم وضع حدود زمنية لإجراءات الطعن سواء أمام مجلس الدولة أو «الدستورية» مما قد يؤدى إلى تأخير وتعليق نتيجة الانتخابات وينتفى بذلك المبرر الذى استندت إليه الرئاسة لتسريع الانتخابات وهو الحرص على عدم تعطيلها. وفى المقابل، ورغم اعتراضه الشديد على تحصين اللجنة، قال المستشار د.محمد عطية، وزير الشئون القانونية والنائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقا، إن على جميع محاكم مجلس الدولة الالتزام بنص القانون والقضاء بعدم اختصاصها بنظر أى دعوى ضد قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، باعتبار أن القاضى يجب عليه تنفيذ التشريعات فقط وليس تجاوزها. وأضاف عطية أنه لا يمكن الطعن أمام المحكمة الدستورية على أى نص بالقانون طالما لا تختص أى محكمة أخرى بالرقابة على قرارات اللجنة العليا، مما يجعل احتمالات إحالة القانون مرة أخرى للمحكمة لإعمال رقابتها القضائية عليه «شائكة جدا وشاذة».