• سعر الوحدات المطروحة مبالغ فيه ولا يخاطب محدودى الدخل الحقيقيين • الدولة تفتقر لدراسة سليمة عن حجم السوق واحتياجات محدودى الدخل.. والإيجار الحل الأنسب لهم سوق البناء فى مصر، لا سيما فيما يتعلق بالوحدات السكنية الخاصة بمحدودى ومتوسطى الدخل، يفتقر إلى تخطيط واضح حتى الآن، وهذا هو ما يقلل من قيمة وفرصة نجاح أى مبادرات تقوم بها الحكومة المصرية، هكذا لخص يحيى شوكت، باحث فى حقوق السكن والأرض بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، صورة السوق العقارى بالنسبة لمحدودى ومتوسطى الدخل فى مصر. وكان المشير عبد الفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، قد أعلن أمس الأول عن اتفاقية بين القوات المسلحة وشركة أرابتك الإماراتية لإنشاء مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس القادمة، بمعدل 200 ألف وحدة سكنية فى السنة الواحدة، على أن يتراوح سعر الوحدة ما بين 110 و130 ألف جنيه، وهو ما يمثل ما يقرب من 40% من سعر تكلفتها، بعد تبرع الجيش بالأرض. «أشك فى قدرة الحكومة على الالتزام بتنفيذ هذا المشروع، فالتجربة خير دليل على ذلك»، يقول شوكت، مدللا على كلامه بفشل الحكومة فى الالتزام بتنفيذ المشروع المشابه الذى أعلنت عنه فى إطار الخطة الخمسية لها، والذى يقضى أيضا ببناء مليون وحدة سكنية فى الفترة ما بين 2012 2017. «الدولة لم تقم حتى الآن إلا بطرح 80 ألف وحدة، وهو ما لا يمثل حتى 25% من المدرج ضمن الخطة، وهو 400 ألف وحدة سكنية لمتوسطى ومحدودى الدخل فى 2012/2013، و2013/2014»، بحسب قوله. وحتى فى مشروع إسكان مبارك، يستطرد شوكت، وعلى الرغم من مشاركة القطاع الخاص فى التمويل، لم يتم تنفيذ سوى 25% من الوحدات المخطط لها حتى الآن، بالرغم من ان المستهدف كان 1000 ألف وحدة سكنية خلال 5 سنوات. ويضيف شوكت «الحكومة المصرية لا تملك إحصائيات محددة وسليمة عن حجم طلب الإسكان لمتوسطى ومحدودى الدخل بصفة خاصة، كما أنها تتغنى ببرامج غير سليمة لحل الأزمة». «السوق العقارية يحتاج إلى رقابة صارمة قبل أى شىء»، هذا ما جاء باختصار على لسان محلل استهلاكى، فى بنك الاستثمار بلتون، منتقدا استهداف الحكومات المصرية حل مشكلة الإسكان المتوسط ومحدود الدخل بطريقة عشوائية، دون إيجاد دراسة شاملة تحصر احتياجات السوق. ف«تحديد الاحتياجات يعتمد على حساب عدد المتزوجين الجدد، وهذا تقييم غير سليم خاصة مع امتلاك لكثير من هؤلاء شققا مسبقا، أو عدم قدرتهم أيضا على توفير مبلغ لاقتناء شقق». ويضيف المحلل: «السوق لا تحتاج إلى بناء وحدات جديدة بقدر احتياجه إلى إعادة هيكلة، فهناك وحدات كثيرة مغلقة، وأخرى آيلة للسقوط، لماذا لا يتم إعادة ترميمها مثلا»، يتساءل المحلل، مستنكرا الفجوة الكبيرة بين دخل محدودى الدخل وبين أسعار الوحدات التى تخاطبهم. وأما فيما يتعلق بقيمة المشروع المعلن عنه أمس الأول، يقول شوكت: «سعرا التكلفة والبيع المحددان مبالغ فيهما.. فسعر التكلفة الحقيقى، حتى إذا كان يشتمل على تكلفة الطرق والمرافق، مبالغ فيه.. أما عن سعر البيع فهو أيضا مبالغ فيه، لا سيما أنه لن يخاطب محدودى ومتوسطى الدخل»، مشيرا إلى أن تعريف محدودى الدخل ودخلهم لا يتفق مع هذه الأرقام المعلن عنها. ووفقا لقانون التمويل العقارى، بعد التعديل الأخير، يكون محدود الدخل كل من يقل دخله عن 40 ألف جنيه كحد أقصى، و«هذا لا ينطبق على جميع الفئات، فإذا أخذنا فى الاعتبار أن التمويل العقارى لا ينطبق على جميع الفئات، نجد أن الحد الأدنى قد يصل إلى 23 ألف جنيه»، يوضح شوكت، مشيرا إلى أن دخل هذه الفئات لن يسمح لها بالحصول على تمويل لشراء هذه الوحدات. ووفقا لبحث الدخل والإنفاق للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، النصف الأعلى من محدودى الدخل هو من يصل دخله إلى 23 ألف جنيه فى الشهر، ومن هنا فإن هناك شريحة كبيرة تتجاهلها الدولة ولا تخاطبها، وهى التى يقل دخلها عن 23 ألف جنيه فى الشهر، بحسب الباحث فى حقوق السكن والأرض بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية. ويضيف شوكت: «من هنا يكون الدعم الذى تتحمله الحكومة، من طرح أراض بالمجان، وضخ استثمارات فى البنية الأساسية، من أجل تنفيذ هذه المشروعات السكنية، والتى من المفترض أن تحل أزمة الشباب منخفضى ومحدودى الدخل، تذهب جميعا إلى متوسطى الدخل». ويرى الباحث فى حقوق السكن والأرض أن الحل الأمثل لمخاطبة هذه الشريحة هو الإيجار، مستنكرا فكرة زيادة نسبة الإقراض فى التمويل العقارى من 25 إلى 40%، ف«هذه كارثة لن يقوى عليها المواطن، وستتسبب فى أزمة اقتصادية كبيرة»، بحسب قوله. كما يضيف شوكت أن الاستعانة بشركة أجنبية لتنفيذ المشروع، «تحد من تنشيط الاقتصاد»، بحسب قوله، لا سيما مع إعلان الشركة استيراد مواد الإنشاء من الخارج فى حالة ارتفاع أسعارها فى السوق المحلية.