قال الدكتور حسام عيسى، نائب رئيس الحكومة المستقيلة، إن مصر «تواجه حربا مستمرة هدفها إسقاط الدولة»، وأنه «إذا سقط الوطن فلا معنى للحرية». وكشف، فى أول ظهور تليفزيونى له بعد الاستقالة، عن تقدم الببلاوى باستقالته لرئيس الجمهورية، عقب إقرار الدستور المعدل، إلا أنها «لم تُقبل». وروى لبرنامج «صالون التحرير»، فى ضيافة الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، الذى بثته فضائية التحرير مساء أمس، تفاصيل آخر اجتماع للحكومة. وقال حسام إن أحاديث المشير عبدالفتاح السيسى تركزت فى مجلس الوزراء، ومع أعضاء الحكومة على ثلاثة موضوعات: «الفقراء» و«العدل الاجتماعى» و»وجود الدولة». شارك فى «صالون التحرير» جورج إسحق، أول منسق لحركة كفاية. والمهندس أحمد بهاء شعبان، رئيس الحزب الاشتراكى المصرى. والمخرج السينمائى مجدى أحمد على. والكاتب الصحفى جمال فهمى، وكيل أول نقابة الصحفيين. والكاتب الصحفى عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة «الشروق». بدأ السناوى الحوار قائلا: عندما تستقيل الحكومة فمن حق الرأى العام أن يعرف لماذا استقالت ولماذا الآن، وعندما تأتى حكومة جديدة، فمن حق الرأى العام أيضا أن يعرف بأى رؤية تتقدم إلى المستقبل، ومدى إدراكها لحجم المشكلات التى ربما تكون قد استدعت مغادرة الحكومة السابقة، وفيم الخلاف ولماذا التغيير؟ حسام عيسى: سؤال مشروع للغاية، لا أملك كل عناصر الإجابة، إنما سأعطيك ما أعرفه وهو قليل، بعد التصويت على الدستور بأيام طلب منى الدكتور حازم لقاءه، كنت فى المجلس الأعلى للجامعات، قال «تعالى نقعد عشان ندردش سوا». تحدثنا فى مسائل عامة، يبدو أنه كان يريد أن يتحدث إلى أحد فلم تكن هناك أمور ملحة، فسألته: أليس من الأفضل، بعد إقرار الدستور، أن تقدم الحكومة استقالتها، لأنها نهاية مرحلة أساسية، الأفضل أن نعطى السيد الرئيس الفرصة إذا كان يريد أن يختار وجوها جديدة للمرحلة الثانية والأخيرة، فرد بعفوية: «انت متصور إنى أنا معملتش كدة.. عملت كده بالفعل، ووضعت نفسى والوزارة تحت تصرف رئيس الجمهورية، والرد كان.. القضية مش تغيير الوزارة بالكامل، وقد يكون من حقك فى المرحلة التالية أن تتقدم بتعديلات فى الوزارة وتغير الأسماء التى تراها لم تنجز فى هذه المرحلة». لم يلق عرضه قبولا. بعد نصف ساعة ذهبت إلى مكتبى وكتبت استقالتى وأرسلتها للدكتور الببلاوى. السناوى: كان هذا يوم 18 يناير، منذ حوالى شهر؟ عيسى: نعم.. كتبت الاستقالة بدون أسباب، وقلت أريد أن أكون من بين من يخرجون من الوزارة عند التعديل الوزارى، لماذا لم أترك المنصب ولم أعلن الاستقالة، لأننى كنت أعتبر إن الإعلان عن الاستقالة بدون قبول رئيس الحكومة، قد تُؤوَّل على أننى غير متفق مع الحكومة أو مع رئيسها، أو مع السياسات الجارية، وهذا غير صحيح، وقررت أن أترك له القبول.. حين دعانى لاجتماع الحكومة، مساء الأحد، كنت مستغربا جدا أن الجلسة يوم الاثنين، لأنها تنعقد الثلاثاء أو الأربعاء، ومرة واحدة الخميس. التوقيت أثار عندى تساؤلات وأنا فى طريقى لمجلس الوزراء، وحين وصلت علمت بعد أول ثلاث كلمات للدكتور الببلاوى أنه قدم استقالته. قال ضاحكا: «عندى خبرين، واحد كويس وواحد مش كويس، الكويس إن الجلسة قصيرة للغاية، والوحش إن مفيش غدا فى مجلس الوزراء النهاردة»، ففهمت فى ساعتها أنه قدم الاستقالة. السناوى: كم مرة قدمت استقالتك والدكتور الببلاوى كم مرة؟ حسام: مرة واحدة. السناوى: د. حسام هناك تصريحات كثيرة قلتها، بعضها مع الأستاذ عماد حسين، أتذكر منها يوم 26 يناير قلت: أقسم بشرفى أننى لا أريد أن أبقى يوما واحدا فى الحكومة، واضح أن التجربة كانت مريرة. والدكتور الببلاوى قال إن مجلس الوزراء وافق بأغلبية مذهلة على الاستقالة؟ ما الظروف القاسية التى تدعو الحكومة إلى أن تشعر بأنها استراحت بعد أن قُبلت استقالتها أو دُعيت للاستقالة.. المشكلات موجودة والتركة ثقيلة والضغط الإعلامى مستمر، والموارد قليلة.. نحن أمام مشكلة كبيرة فى المستقبل؟ حسام: الكل يعرف أننى حتى ساعات قليلة قبل حلف اليمين كنت رافضا لقبول الوزارة، والضغوط والمكالمات التى وردتنى من شخصيات أحبها جدا وأحترمها، سواء من شباب أو من كبار السن كانت هائلة، وكان كلامى «ليس هذا مكانى ولا أريد الوزارة»، واعتبروها «خيانة».. وخلال وجودى فى الحكومة واجهت أيضا إهانات شديدة من اليوم الأول، إهانات مستمرة وقائمة على أكاذيب كاملة، بعد ثلاثة أيام من دخولى الوزارة، الجرائد اليومية بما فيها الشروق والمصرى اليوم: «حسام عيسى يقرر إلغاء الحياة السياسية فى الجامعات»، ما هذا؟ ولم يمر أسبوع حتى قرأت: «حسام عيسى يفرض الضبطية القضائية على الجامعات». كلها أشياء مناقضة لتاريخى ولما أفعله وما أنا مهتم به، ففى أول أسابيع عملى اجتمعت مع حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، وقلت لهم ياريت نعمل قانون استقلال الجامعات، وأنا موجود ويكون شرفا لى. السناوى لجورج إسحق: نعود للملعب وأريد أن أسأل الأستاذ جورج، هناك إخفاقات كثيرة للحكومة وانخفاض لشعبيتها، لكنها لعبت أدوارا فى الحفاظ على البلد، وتحملت المسئولية فى لحظة خطيرة جدا، أن تكون هناك دولة أو لا تكون. وأنت من قيادات جبهة الإنقاذ، كان فيها 9 وزراء من الجبهة، منهم 2 نواب لرئيسها، غير نائب رئيس الجمهورية المستقيل، الدكتور محمد البرادعى. وزيرا الخارجية والصناعة، فقط، المستمرون ممن انتسبوا للإنقاذ أو أحزابها. الدستور يتحدث عن إنشاء الحكومة بعد تشكيل مجلس النواب من حزب الأكثرية أو بموافقة المجلس، الآن هجوم على الحكومة السياسية، هل نتقدم أم نعود للوراء؟ جورج: أقول للدكتور حسام لا أحد يستطيع هزيمة الدولة، لأن بها قامات مثلك ومثل الدكتور الببلاوى، الذى أحييه على شجاعته، أنه قدم استقالته مرتين، مرة حين نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للمالية، والثانية حين كان رئيسا للوزراء. أنت تتحدث عن أن النخبة السياسية «خايبة»، وأضاعت البلد، وهذا كلام خطير جدا لأن البلد بدون أحزاب. فى عصر مبارك تم تجريف كل القوى السياسية واختزالها فى الحزب الوطنى، وبرغم ظهور أحزاب كثيرة جدا بعد 25 يناير 2011 إلا أنها مازالت تبنى نفسها، وليس مطلوبا أن نهزمها بهذه الطريقة، رغم أن أداءها ضعيف وسيئ. ومن غير الممكن أن نتحدث عن الإنقاذ مقارنة بحالها حين تم تشكيلها، فالجبهة الآن منظرها يكسف، هناك خلل فى الحركة السياسية والأحزاب. السناوى لجمال فهمى: حين نتكلم عن مستوى الحوار العام، هناك مشكلة كبيرة جدا، وبغض النظر عن مدى توفيق الحكومة والأخطاء التى ارتكبتها، لم يكن هناك حوارا جديا ولا مكاشفة من الحكومة، ولا معارضة ترتقى لمستوى فهم المرحلة ومتطلباتها، كنا فى حالة صراخ، باعتبارك وكيل أول نقابة الصحفيين، أسألك عن مدى مساهمة الإعلام فى الارتقاء بالوعى العام، هل كان جزءا من المشكلة وليس طريقا إلى حلها؟ فهمى: من يريد أن يقول إن إعلامنا «بعافية شوية»، فالإعلام المصرى «بعافية شويتين»، ومن يريد أن يقول إن الإعلام هو جزء من الأزمة العامة فى المجتمع، فهو بالفعل كذلك، وهو أمر منطقى. ليس لدينا إعلام يعيش فى جزيرة بمعزل عن كل مؤثرات الانهيار العام فى المجتمع، فهو جزء من هذا الانهيار. السناوى: نعود للإعلام من وجهة نظر الأستاذ عماد الدين حسين، أنت أكثر رئيس تحرير حاور د. حسام عيسى، ونقلت مراراته طول الوقت، وأنا هنا لا أتحدث عن النقد، لأن هذه الحكومة تستحق نقد حاد لأن الرهان عليها كان كبيرا جدا، لكن أنا أتحدث عن الشتائم الشخصية، لغة الحوار العام فى البلد تحتاج لتعديل جوهرى، ليعرف الناس فيم الاختلاف وألا تكون مسائل شخصية؟ حسين: بداية أحيى الدكتور حسام عيسى، وهو رجل محترم دخل وزارة محترمة وخرج منها محترما، وسيظل كذلك فوق رأس الجميع، ورأيى قولا واحد أن جزءا من الإعلام كان فيه «خسة ووضاعة» فى التعامل مع حكومة الببلاوى. ونحن فى «الشروق» طوال الفترة الماضية لم نشتم مسؤولا، اتفقنا أو اختلفنا معه، كتبنا أخبارا نقلا عن مسئولين وعندما كنا نصحح عرضنا وجهة نظر الدكتور حسام، وأفردنا له صفحات. وحين كان الإخوان يدمرون المدرجات كنا نكتب ذلك فى الصفحة الأولى، وكنا نحاول أن نقدم عملا مهنيا، فى إطار الانتقاد والاختلاف. وأسأل الدكتور حسام: إذا كان مفهوما أن الإعلام الإخوانى يريد تشويه صورتك فلهذا مبررا طبيعيا، فكيف تفسر أن جزءا أصيلا من إعلام 30 يونيو يرتكب نفس الأمر فى حقك وفى حق الحكومة بأكملها؟ وإذا كان جدول الأعمال لم تكن به القضية الرئيسية، فبالنسبة للحكومة ما رؤيتكم ولماذا لم ترتبوا جدول الأعمال الصحيح وتفرضوه على المجتمع.؟ الإخوان نجحت للأسف الشديد فى سرقة بعض شباب 30 يونيو وضمه لصفها، وهذا يخصم من رصيد الوزارة، كيف تقيم النجاحات والإخفاقات، وما الفارق بين حياتك كمعارض وحياتك كنائب لرئيس الوزراء؟ هل اختلفت لديك بعض القناعات؟ عيسى: أولا، منذ يومين كنت أستمع لأحد البرامج الحوارية، شاهدت شابا يتحدث بطريقة محترمة، يقول إن الناس الذين كانوا من المفترض أن يمثلوا الثورة تغيرت لغتهم ومنطقهم حين دخلوا الحكومة، أعتقد أن المفاهيم التى عرضتها فى جميع مواقفى لم أتغير عنها طوال حياتى، وبالذات منذ 25 يناير. مثلا: إيمانى العميق الذى قلته إن القوات المسلحة هى فى قلب الحركة الوطنية فى تاريخها دائما، من إبراهيم باشا حتى جمال عبدالناصر، ثم حتى حرب أكتوبر، قلتها طول فترة الثورة وأنا أقف ضد هتاف «يسقط حكم العسكر»، وقلت هذا هتاف «غير كريم»، ولم أنطقه أبدا، إذن هذه المواقف لم تتغير، لا أعتقد، لأننى دخلت فى حكومة 30 يونيو، فى ظل مفاهيم مضحكة أن شخصا ما يحكم من وراء الستار، هذا «كذب كامل». السناوى: مين يا فندم؟ عيسى: كان يقال إن الفريق السيسى يحكم من وراء الستار، وأنا قلت فى إحدى الفضائيات، الرجل لا يتحدث فى مجلس الوزراء إلا قليلا جدا. السناوى مقاطعا: استيضاح مهم.. متى كان يتكلم السيسى؟ عيسى: لم يكن يتكلم إلا قليلا، وحضرت واقعة يوم حلف اليمين التقيت الفريق السيسى. والتقيته قبلها، مرة واحدة فقط. (مخاطبا السناوى)، أنت تعلم وهاتفتك وقلت لك، وقابلت الأستاذ هيكل بعدها بيومين وسألنى سؤال: انطباعاتك إيه؟ فقلت: أهم شخصية فى المجلس العسكرى قابلتها هو السيسى، وقلتها لك فى التليفون. وحين التقيت السيسى يوم حلف اليمين، نظر لى من بعيد وقال: هو انت معانا؟ وأنا قلت بينى وبين نفسى: ايه ده.. هو ما يعرفش أسماء الوزراء. لأنى كنت تحت نفس الانطباع. ولم نكن دخلنا لحلف اليمين وذهبت إلى حازم، وقلت له: يادكتور حازم ألم تعرض الأسماء على الفريق السيسى، فقال لى: لا، وأنا الآن بصدد اختيار وزير العدل، وهو لا يعرف وزير العدل القادم، ولا عمر حد طلب منى الأسماء، ولا عمرى عرضتها على واحد. السيسى كان يكرر لكل الوزراء فى كل مرة: يا جماعة أرجوكم، الكلام الذى يقال فى الخارج غير صحيح، أنا مجرد وزير دفاع، وزير فى وزارة ولى صوت واحد. وحين كان يتدخل، كان يتدخل قليلا جدا، وفيه جلسات بكاملها لا يتكلم، وكان يتدخل فى المسائل الآتية: المسائل المتعلقة بحقوق الفقراء والعدل الاجتماعى، وكان يعلو صوته فيها، بشكل هائل، يتكلم بقوة وباندفاع ويخبط ع الترابيزة. السناوى: بيخبط لمين.. فيه وزراء مثلا ليهم ميل ليبرالى يمينى؟ عيسى: لا.. بيخبط لما بيلاقى إن هناك محاولات للتأجيل سواء باسم الدراسة باسم الحساب.. يقف ضدها، عندما يرى أن الموضوع استكمل من وجهة نظره، وأحيانا يرضخ بعد صدور القرار. وهذا الرجل، ولست محتاجا أن أنافق ولا أى شىء، ربما هو أكثر بنى آدم رأيته رجل دولة مكتمل منذ جمال عبدالناصر كنت أشعر بشدة الاحترام له طوال حديثه، كلما يتخذ موقفا دون أن يحاول أن يفرض رأيه إطلاقا، وينتهى يقول: ياجماعة أنا آسف أنا مجرد واحد منكم، أنا لى رأى فى هذا الموضوع، يعتذر حتى عن اندفاعه فى الحماس لقضايا مهمة جدا مثل قضايا العدل الاجتماعى. السناوى: الدكتور حسام استعدناه اليوم من الدولة للشارع، للثورة ووسط الناس وهذا مكانه الطبيعى، كلنا تأثرنا بعواطفه تجاه بلده. بهاء: كلنا عندنا هذه العواطف، وحتى ونحن ننتقد قانون التظاهر، لا ننتقده لأننا نراه غير ضرورى، لكننا ننتقد لاقتناعنا أن الطريقة التى تم إقراره وتطبيقه بها لم تفد المعركة التى يتحدث عنها الدكتور حسام. مجدى: استفدنا من قانون التظاهر، وفيه طبعا أضرار حصلت، لكن فيه فائدة أنك الآن، حتى أمام الرأى العام العالمى، تمنع مظاهرات الإخوان قبل أن تبدأ أصلا. جورج: كل يوم جمعة بيقتحموا الدنيا كلها.. محدش عارف يعمل لهم حاجة. مجدى: حين كنت تهاجم كانوا يقولون هذه مظاهرات سلمية، اكتشفنا الآن أنها ليست سلمية، أو تبدأ كذلك وتتحول لتدميرية. أيضا هناك مقولة كررناها حتى صدقناها وهى أنه هناك شرخ فى جبهة 30 يونيو، اسمحوا لى أن أختلف معكم، وكلنا فى قلب الميدان ونعرف الناس بالاسم، لا جماعة 6 أبريل جناح أحمد ماهر كان فى 30 يونيو، ولا علاء عبدالفتاح كان فى 30 يونيو. السناوى: كلنا متفقين على قضية الدولة والحفاظ عليها، وقضية الحرية وأنت تحافظ حتى مع من تختلف معهم على تطبيق القانون والعدالة. جورج: محدش هيزايد علينا فى 25 يناير و30 يونيو، لأنها أصبحت فى ديباجة الدستور، أنا مع الدكتور حسام فى حتمية الحفاظ على الدولة بكل المعايير، لكن هناك خيط رفيع بين الحفاظ على الدولة وبين أن تفقد رصيد من الشباب. حسام: تقول لى الشباب والرصيد، وعينك عليهم، وهذا حق. هؤلاء أولادنا الذين أعادوا لنا حياتنا فى 25 يناير، لكننى يوم التصويت على الدستور ذهبت للإدلاء بصوتى، فاستوقفنى عشرات المواطنين يلومون ضعف الحكومة، وعاملونى بغاية القسوة «لأنك ضعيف ومهلهل ولا تضرب بقوة لأنه لم يعد هناك مجال، حق تظاهر ايه يا أستاذ اللى بتكلمنا فيه». الناس العادية تعامل الحكومة، طول الوقت، على أن يدها مرتعشة. وعموما الموقف الدولى من ثورة 30 يونيو تغير بشدة، وأنا زرت اليونسكو رئيسا للوفد المصرى، ومصر ليست عضوة فى المجلس التنفيذى للمنظمة، وكنا بصدد خوض الانتخابات، حين ذهبت وجدت 3 سفراء فقط طالبين مقابلتى، اثنان منهم أصدقائى، عراقى وأردنى، وفى المعتاد كان يجد رئيس الوفد ثلاثين أو أربعين طلبا لمقابلته، ما يعنى أن أحدا لا يريد مقابلتك، وفى أول يوم كان الحديث عن التعليم والثقافة، والندوة تسبق المؤتمر، وارتجلت كلمة ألقيتها هناك، وقلت لهم: أنا قادم من بلد صنعت التاريخ، فلاحوها الفقراء يزرعون الأرض بيمناهم ويصنعون الحضارة بيسراهم، قادم من بلد التراث فيها عميق، حين نتكلم عن الثقافة والتعليم والعقل، فيجب أن نكون تنويريين، فالتراث قد يكون تنويرى وقد يكون قهر، والتعليم والثقافة معركتين قادمتين، بناء العقل ومقاومة الجمود هذه هى معركتنا. لم أتحدث عن الثورة والإخوان، لكن الجميع فهم أننى أتحدث عن مصر الآن، وصفق لى الجميع، وجاءنى 37 طلبا لمقابلتى، وتم انتخاب مصر بأغلبية غير مسبوقة فى اليونسكو، وانتخب رئيس المجلس التنفيذى سامح عمرو بأكبر أغلبية فى تاريخها، هذا ما كانت تفعله الحكومة، ومصر لم تكن عضوا لكنها انتخبت بأعلى نسبة. وقبل شهر واحد من سفرى لليونسكو، كنت متوجها لانجلترا لحضور افتتاح المركز الثقافى وكان قصرا للملك فاروق، وحين علم وزير التعليم العالى هناك بحضورى اعتذر عن الحضور، فلم أذهب أنا أيضا، وبعد مضى شهر ونصف وجه لى ذات الوزير دعوة شخصية لزيارة لندن. أين هذا الوضع من يوم حلف اليمين فى أوائل يوليو، كنا محاصرين حصارا كاملا، واليوم ترون أفريقيا وتغيرها، فى ظل مهاجمة الحكومة وإهانتها، كيف يمكن فى ظل غياب الموارد استعادة مصر الجميلة التى تجعل الجميع يفك حصاره بالشكل النسبى عنا، كما حدث فى السياحة رغم الجرائم التى تتم. هذا عمل دءوب ليل نهار من الحكومة، التى تهان كل لحظة. حسين: هل اعترض أحد فى الحكومة على مبلغ ال 1200 للحد الأدنى للأجور؟ حسام: أقول لك ما حدث.. بدأنا نحسبها وكانت الآراء إما 1000 أو 1200 وحين أخبرنا وزير المالية بأن التكلفة الإجمالية فى حدود 24 مليار، تمت الموافقة على مبلغ ال1200. حسين: السؤال حول دور الدولة والمعارضة وحقوق الإنسان، كيف نكون مؤيدين فى معسكر 30 يونيو وننتقد بعض ممارساتها ولايصب ذلك فى مصلحة الاخوان، نتحدث عن قمع بعض مظاهرات الطلبة وماحدث فى أبو زعبل. النقطة الثانية: عندما تقوم بتسليم ملف التعليم الجامعى لخليفتك المقبل، ما هى نصائحك له، ولمن ستعطى صوتك فى الانتخابات إذا ترشح المشير السيسى خاصة وأن علاقتك بصباحى جيدة؟ حسام: كان غضبى دائما على الفضائيات أنهم كانوا يسألوننى عن المظاهرات، ولا يسألونى عن التعليم فى بلد مستقبلها كله مرهون به، أسميت نفسى وزير الدولة لشئون المظاهرات. وفى جلسة سابقة على إصدار قانون التظاهر، دخل وزير الداخلية ثائرا، فكل يوم يموت له ضباط، وقال: لا أريد أن أدخل فى مواجهة مع الجامعات، وأريد أن أبتعد عنها. لا أريد حرس جامعة ولا نية لدى للتواجد مع الطلاب، وقال لى: يا دكتور حسام اذهب لجبهة الإنقاذ، ليتحاوروا مع الشباب، ليتظاهروا فى الجامعة كما يشاءون، لكن لا يخرجوا فى الشارع. أما عن دورى الحقيقى كوزير للتعليم الحالى فقد جئت للوزارة فى يوليه، وجاء التنسيق، ووجدت النتيجة لأحد معاهد التعليم الفنى التى تؤهل للهندسة، 300 طالب حاصلين على نتائج مابين 99.5 إلى 100% ولم تحصل فى تاريخ التعليم، شكلت لجنة وأرسلتها اكتشفنا ببساطة شديدة أن ال1% لها سعر، شوف سعر ال 100% بكام، بعض العاملين فى بعض المعاهد يبيعون الكتب والامتحانات، يحققون 250 ألف جنيه فى التيرم، وصل الفُجر أن من يصحح معه الأرقام السرية، فيمنح 3 أسئلة منفصلة، درجة واحدة! وجلست مع بعض طلاب المعهد، وقال لى أحد الطلبة إن أحد المدرسين كان يجلس ويقول لهم: شايفين الكرش ده؟ كله من الحرام. أشياء غير معقولة. وأخطر ما يتم فى الجامعات أنها تورث بالكامل، فقبل فترة جاءنى مجموعة طلبة وأخبرونى بأسماء لأبناء الأساتذة سيحصلون على «ممتاز» فى النتيجة التى لم تظهر بعد، وجاءونى بالأمس، فوجدت صدق ما قالوه، نفس الأسماء كلها حاصلة على امتياز وكلهم أبناء أساتذة. السناوى لحسام: تحدثنا عن المشير السيسى.. ماذا عن الدكتور حازم الببلاوى وقد تزاملتم مع آخرين فى باريس.. ما الذى شعرت أنه تغير فيه وأنت تزامله فى مجلس الوزراء؟ عيسى: قلت له مبروك عليك خروجك من الوزارة، ومبروك على أننى أصاحبك فى الخروج من الوزارة. صعب إنك تتكلم بشكل موضوعى عن صديق عمرك.. صعب جدا تكون موضوعى.. حازم طول عمره ليبرالى وليس اشتراكيا، وطنى مصرى من طراز رفيع ومن عائلة وطنية جدا..، لم يتغير ولا لحظة عن حازم الببلاوى الذى عرفته فى باريس. وهو فى البداية لم يخترنى واختار عمرو الشوبكى للوزارة، وحين كلمه د. سمير تناغو وقال له الشوبكى مازال صغيرا، عندك حسام فقال: لا أستطيع أن أدعوه ليأتى وزيرا فقد كان مرشحا قبلى لرئاسة الوزارة، وحين جاء ليكلمنى قلت له: أنا زعلان جدا من الكلمة التى قلتها، وأن أقبل الوزارة.. شرف لى، لذلك خرج أحد الأفاقين وقال إننى رفضت الوزارة إلا مع نائب لرئيس الوزراء، وأقسم بالله لم أعلم بأننى نائب لرئيس الوزراء إلا حين حلفت اليمين.