«مولد الحسين.. احتفالات صوفية بنكهة سياسية» توجز هذه العبارة شكل الاحتفال بمولد سيدنا الحسين هذا العام، فالمشهد الحسينى انتشرت به اللافتات والدعاية السياسية المؤيدة للمشير عبدالفتاح السيسى كمرشح في الانتخابات الرئاسية القادمة ولم يخل المشهد من لافتات لتأييد الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق، كما تشهد الاحتفالات هذا العام تنافسا بين مشايخ الطرق الصوفية فى انتخابات المشيخة العامة للطرق. وتجمع الأتباع والمريدون من مشايخ الطرق الصوفية بمنطقة الجمالية للاحتفال بالمولد الذى سيحيى ليلته الختامية الشيخ محمود التهامى نقيب المنشدين، ابن الشيخ ياسين التهامى، المنشد الديني المعروف، فيما سيحيى التهامى الأب الليلة التي ستعقب الليلة الختامية مباشرة، وهو الأمر الذى يتكرر كل عام. وانتشرت شائعات بإلغاء الاحتفالات هذا العام لدواع أمنية، وهو ما نفته المشيخة العامة للطرق الصوفية فى بيان رسمى صادر عن المشيخة، وحذرت من بعض الائتلافات والجهات التي تحسب نفسها على التصوف وتنشر الشائعات لغرض إثارة البلبلة وتحقيق مكاسب شخصية. ويبدو أن النفى منطقيا، خاصة وأن احتفالات الصوفية هذا العام بالمولد النبوي الشريف قد شهد تنظيم الموكب السنوي من مسجد الجعفري بالدراسة وحتى المشهد الحسيني، وشارك فيه عشرات الآلاف وذلك مطلع العام الحالي، وشهد إقبالا كثيفا حتى الليلة الختامية دون حدوث أية مشاكل أمنية تهدد الاحتفالات. وقال شيخ مشايخ الطرق الصوفية، عبدالهادي القصبى، إن المشيخة العامة بدأت في اتخاذ إجراءات رادعة لكل من ينسب بيانات تخرج من المشيخة وسيتم إحالتهم إلى النائب العام لمحاسبتهم على تلك الادعاءات التي وصفها بالكاذبة وتهدف إلى نشر الفتنة وزعزعة الاستقرار. وقال القصبى إن الدولة قادرة على بسط الأمن وإحلال الاستقرار رغم المحاولات التى يبثها بعض الذين يسعون دائما إلى نشر الفوضى. ولأن الأجواء السياسية سيطرت على أوجه كثيرة من الحياة المصرية منذ اندلاع ثورة 25 يناير، فقد كان للموالد والاحتفالات بها النصيب الأكبر من الجانب السياسى، خاصة ما يتعلق بالانتخابات، سواء مجلس الشعب أو الانتخابات الرئاسية، ولم لا؟، ومشيخة الطرق الصوفية كانت قبلة مرشحى الرئاسة فى الانتخابات السابقة، بمن فيهم مرشح الإخوان الرئيس المعزول محمد مرسى. واستمرارا للاحتفالات الصوفية وسط أجواء سياسية ستعقد الطريقة الشبراوية وشيخها عبدالخالق الشبراوى عضو الاتحاد العالمى للطرق الصوفية ندوة سياسية بمقر الطريقة بصلاح سالم فى الليلة الختامية لمولد الحسين، يحضرها عدد من القوى السياسية ومشايخ الطرق اعضاء الاتحاد العالمى للطرق الصوفية، لتأييد المشير السيسى فى الانتخابات الرئاسية. مشايخ الصوفية بين السيسى وعنان وبعيدا عن الحالة الأمنية فقد تشهد العلاقة بين مشايخ الطرق الصوفية بعض التوتر هذا العام بسبب اقتراب انتخابات المشيخة على عضوية المجلس الأعلى للطرق الصوفية وعلى مقعد شيخ مشايخ الطرق. ورغم الخلافات، فإن المشايخ أجمعوا على تأييد المشير عبدالفتاح السيسى، فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أن المشيخة العامة للطرق الصوفية أصدرت أكثر من بيان رسمى تعلن فيه تأييدها للسيسى حال ترشحه للرئاسة، وبررت التأييد لشعبيته التى وصفتها بالجارفة، وأن تأييده أصبح مطلبا شعبيا، وأكد مشايخ الطرق أنه رجل المرحلة. ولم يختلف الحال لدى الاتحاد العالمى للطرق الصوفية والذى يضم أكثر من 20 شيخ طريقة صوفية ينتمون للمشيخة العامة للطرق، فقد أجمعوا فى أكثر من مناسبة على تأييد السيسى فى الانتخابات، وعقدوا مؤتمرات تأييد للسيسى وخارطة الطريق وللدستور فى بعض محافظات مصر، كان آخرها مؤتمر بحى السيدة زينب. ولكن يراهن البعض الآخر من الصوفية على عدم تأييد كل مشايخ الطرق الصوفية للمشير عبدالفتاح السياسى فى الانتخابات، حيث يرى خالد عنان، أمين عام السجادة العنانية، وابن عم الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق، أن موقف بعض مشايخ الطرق الصوفية قد يتغير فور إعلان الفريق سامى عنان ترشحه للرئاسة، مؤكدا أن السجادة العنانية وأعضاء عائلة عنان تربطهم علاقات وثيقة وكبيرة مع مشايخ الطرق ومشايخ القبائل العربية. وأضاف عنان فى تصريحات خاصة ل«الشروق»، أن السجادة العنانية بدأت فى الجولات الميدانية لتأييد الفريق سامى عنان، لافتا إلى أن هذه الجولات بدأت بمحافظات الصعيد، وتحديدا بمحافظة المنيا. وأشار عنان إلى أنه تم تكوين لجنة برئاسته تكون مهمتها التنسيق مع الطرق الصوفية وأبناء العموم من الأشراف والقبائل العربية من أجل تأييد الفريق سامى عنان، ولتكوين أرضية كبيرة وواسعة له قبل أن يعلن ترشحه للرئاسة. وأشار خالد عنان إلى أنه تم وضع برنامج زمنى مدته 60 يوما لتغطية كافة المواقع التى بها عائلات تنتمى للأشراف والقبائل العربية، مؤكدا أن جولاتهم لتأييد سامى عنان تلقى قبولا كبيرا حتى الآن فى محافظات الصعيد. انتخابات الصوفية تخلق التوتر بين المشايخ وبعيدا عن الانتخابات الرئاسية، فإن مشايخ الطرق الصوفية ينتظرون الإعلان عن موعد إجراء انتخابات المشيخة العامة للطرق الصوفية، وسط حالة من التحفز والتوتر بين الجبهتين المتنازعتين منذ سنوات بين شيخ المشايخ عبدالهادى القصبى، وعلاء أبوالعزائم رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية. وتأخر موعد انتخابات المشيخة لعدم وجود المجلس المحلى الذى يعد شريكا أصيلا فى العملية الانتخابية، طبقا للقانون المنظم للطرق الصوفية رقم 118 لسنة 1976. وينتظر مشايخ الطرق الصوفية إعلان مجلس الوزراء عن موعد إجراء الانتخابات، والمؤكد خوض مشايخ الطرق الصوفية من الجبهتين المتنازعتين على عضوية المجلس، وعلى كرسى شيخ المشايخ. ومن جانبه قال الشيخ علاء الدين ماضى أبوالعزائم، إن هناك حملة تشويه منظمة تمارس ضده فى هذه الأيام بغرض إبعاده عن الانتخابات. واتهم أبوالعزائم فى تصريحات عبر الهاتف ل«الشروق»، من الولاياتالمتحدة، جبهة شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبدالهادى القصبى بالتورط فى حملة التشويه واستخدام بعض وسائل الإعلام لنشر ما وصفه بالأكاذيب والمعلومات الباطلة ضده وضد مشايخ الطرق الصوفية أعضاء الاتحاد العالمى للتصوف واتهامه بالتشيع. وأشار أبوالعزائم إلى أن اتهامه بنشر التشيع فى مصر إدعاء باطل ولا أساس له، مؤكدا أن سفره لإيران لا يعنى أنه ينشر التشيع، مضيفا «القيادات الإخوانية تواجدت فى طهران، وكان منهم الكتاتنى والبلتاجى عشرات المرات طوال حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، هل هذا معناه أن الاخوان كانوا سينشرون التشيع فى مصر»، مؤكدا أنه الآن على خلاف سياسى كبير مع القيادات السياسية والدينية فى طهران بسبب تأييدهم للإخوان وتوصيف ما حدث فى 30 يونيو بالانقلاب العسكرى. وتابع أبوالعزائم «لو كنت أعمل على نشر التشيع أو تابعا لإيران لما كنت على خلاف معهم وكنت اتبعتهم وأيدت الإخوان». وتستمر الحرب بين القصبى وأبو العزائم بإعلان الأول فى بيان رسمى صادر عن المشيخة يحذر فيه مما سماه بمحاولات استغلال التصوف فى أهداف سياسية ودنيوية على غرار إنشاء أحزاب سياسية، فى إشارة إلى حزب التحرير الصوفى الذى أسسه علاء أبوالعزائم، كما انتقد تشكيل الاتحاد العالمى للصوفية وشبهه بالاتحاد العالمى لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ القرضاوى، الذى شكل هذا الاتحاد لهدم الأزهر، وبالتالى فإن الاتحاد الذى شكله أبوالعزائم يسعى لهدم مشيخة الطرق الصوفية.