قال صندوق النقد الدولي، اليوم الأربعاء «إن اقتصاد إيران على وشك التعافي من ركود حاد مع انحسار التوترات بشان برنامجها النووي». وحذر الصندوق من أن السياسات الاقتصادية تفتقر للوضوح، وأن التوقعات «غير مؤكدة إلى حد كبير»، في تحذير إلى الشركات الأجنبية التي تأمل بالاستفادة من ذوبان الجليد الدبلوماسي. وقال مارتن سريسولا مساعد مدير صندوق النقد للشرق الأوسط وآسيا الوسطى في بيان «إيران تقف الآن في مفترق طرق»، مضيفا «مع مخاطر أن يواجه الاقتصاد بيئة لنمو منخفض وتضخم مرتفع، فإن هناك حاجة إلى البدء بإجراء إصلاحات لتعزيز الاستقرار والاستثمار والإنتاجية». وانكمش الاقتصاد الإيراني حوالي 6 بالمائة في 2013، فيما يرجع إلى حد كبير إلى العقوبات الغربية. وأدت تلك العقوبات إلى هبوط حاد في إيرادات البلاد النفطية وانخفاض قيمة الريال الإيراني إلى النصف، ورفعت التضخم السنوي فوق 40 بالمائة. وبدأت الآفاق تتحسن، بعد أن تولى الرئيس حسن روحاني السلطة العام الماضي. وتوصل روحاني إلى اتفاق مؤقت مع القوى العالمية في نوفمبر لكبح بعض أنشطة البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف جزئي ومؤقت للعقوبات. وزيارة فريق من صندوق النقد الدولي ومقره واشنطن إلى طهران في الأسابيع القليلة الماضية كانت علامة على قوة الدفع المتزايدة باتجاه إعادة اندماج إيران في الاقتصاد العالمي، وهذا هو أول تقرير دوري بشأن الاقتصاد الإيراني يصدره الصندوق منذ أكثر من عامين. وقال سريسولا «إن انكماش الاقتصاد الإيراني يتباطأ، وتوقع أن يسجل انخفاضا قدره 1 أو 2 بالمائة في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 20 مارس ونموا من 1 إلى 2 بالمئة في السنة المالية القادمة»، مضيفا «أن التضخم هبط بشكل سريع من حوالي 45 بالمئة في يوليو 2013 إلى أقل من 30 بالمائة في ديسمبر، فيما يرجع جزئيا إلى تضييق البنك المركزي الائتمان، وارتفاع قيمة العملة المحلية منذ اتفاق نوفمبر.. وأن التضخم قد ينهي السنة المالية الحالية عند 20 إلى 25 بالمائة». لكن سريسولا قال «ان ايران مازالت تواجه خطر ركود تضخمي وهو مزيج من نمو بطيء مع تضخم مرتفع. وأوصى بسلسلة اصلاحات اقتصادية من بينها تشديد السياسة النقدية لكبح التضخم وتقييد العجز في ميزانية الدولة». ودمجت السلطات الإيرانية العام الماضي نظاما لأسعار متعددة للصرف الاجنبي وتركز الان على سعر رسمي واحد يبلغ 24871 ريالا مقابل الدولار الامريكي، لكن صندوق النقد قال انه في ظل الظروف الحالية فإن الريال مازال يبدو مقوما بأعلى من قيمته الحقيقية عند سعر الصرف الرسمي وان السعر في السوق السوداء الذي يقترب الان من 30000 ريال مقابل الدولار أقرب إلى القيمة العادلة. والقضية الجوهرية للاقتصاد هي هل يمكن لإيران ان تصل الي اتفاق شامل مع القوى العالمية بشان خططها النووية هذا العام، وقد يرفع ذلك العقوبات الغربية بشكل دائم ويسمح بصادرات نفطية كاملة واستئناف الاستثمار الاجنبي. ولم يتطرق سريسولا إلى فرص رفع العقوبات أو التأثير المحتمل لتلك الخطوة، قائلا« ان توقعاته تستند إلي البيئة الخارجية الحالية». ولم يتضح أيضا عدد توصيات صندوق النقد التي قد تتبناها حكومة روحاني الذي يحتاج إلى الاحتفاظ بتأييد عام للتغلب على معارضة للمحادثات النووية من بعض الساسة الايرانيين. لكن حتى الان فان نهج روحاني الاقتصادي قريب فيما يبدو من نهج صندوق النقد في مجالات كثيرة، مؤكدا الحاجة الي سياسات محافظة لاصلاح مالية الدولة وكبح التضخم وهو نهج مختلف عن الادارة المضطربة لسلفه محمود أحمدي نجاد. وأقر البرلمان الإيراني هذا الاسبوع اول ميزانية للدولة قدمتها حكومة روحاني بالموافقة على خطة بقيمة 319 مليار دولار للسنة المالية القادمة، وتتضمن تخفيضات حادة في الانفاق عن خطة السنة الحالية. وحصلت أيضا على موافقة من حيث المبدأ على زيادة ضريبة القيمة المضافة وتخفيضات في الدعم للوقود والسلع الغذائية الاساسية. وتعهد محافظ جديد للبنك المركزي عينه روحاني بتقييد نمو المعروض النقدي.