كان يردد دائما أنه يعلم أنه لن يعمر في الحياة، وطالما طالبه أصدقاؤه بالكف عن الحديث عن الموت طوال الوقت، حتى إن زميله وصديقه العزيز محمد هنيدي قال له ذات مرة: «حرام عليك يا علاء إنت كده بتَفوِّل على الجيل كله». ورغم حديثه الدائم عن الموت، والإفصاح لكل المقربين له عن شعوره بأن موته اقترب، لم يخفف ذلك صدمة رحيله المفاجئ على كل محبيه. رحل علاء ولي الدين في مثل هذا اليوم، 11 فبراير، عام 2003، وهو لم يتجاوز الأربعين عاما بعد، الأمر الذي ترك بالغ الأثر في قلوب أصدقائه الذين اعتبروا أن الموت اختطفه قبل أن يحظ بالحياة التي يستحق. عن حياته ولد علاء ولي الدين بمركز بني مزار بمحافظة المنيا، في عائلة من كبار عائلات المركز، وكان جده الشيخ سيد ولي الدين هو مؤسس أول مدرسة في القرية، وظلت تعمل لأعوام على نفقته الخاصة إلى أن ضمتها الحكومة لمنشآتها لتشرف عليها وزارة المعارف. والده كان يعمل بالتمثيل، لكن لم يلمع نجمه رغم كثرة الأدوار التي أداها، والتي أشهرها هي دور «الشاويش حسين، العسكري الضخم الذي يقوم بحراسة المتهم عادل إمام، أثناء التحقيق معه في منزله في مسرحية «شاهد ما شافش حاجه»، وكان أيضا يعمل مديرا عاما لملاهي القاهرة. عاش ولي الدين السنوات الأولى من طفولته في قريته ثم انتقل إلى القاهرة، وتلقى تعليمه بالعاصمة، وبدأ الاعتماد على نفسه ماديا أثناء فترة الدراسة، وكان أول عمل له هو فرد أمن بأحد المحال التجارية بسبب تكوينه الجسماني الضخم. بداياته الفنية بعد التخرج من المدرسة الثانوية، أراد علاء الالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، إلا أن والدته رفضت بناءً على وصية والده قبل وفاته، الذي كان يرى أنه عليه الحصول على شهادة جامعية أولا، ثم يتعلم التمثيل وممارسته كمهنة لا يعتمد عليها بشكل أساسي كمصدر دخل، لأن التمثيل «يوم فى الطالع ويوم فى النازل» على حد تعبيره. وبالفعل، التحق ولي الدين بالجامعة، عازما أن يتقدم لمعهد الفنون المسرحية فور التخرج. وكان علاء يعلم أنه موهوب، إلى جانب أنه تعلم التمثيل من والده، فتقدم لمعهد الفنون المسرحية وهو على ثقة من قبوله، لكن الصدمة كانت حين رفض المعهد قبوله بدعوى أن شكله غير ملائم! ورغم الرفض، لم يتخل عن معشوقه الأول والوحيد حينها، التمثيل، فبدأ مشواره الفني بالعمل كمساعد للمخرج الكبير نور الدمرداش، الذي كان صديق والده، والذي قال لعلاء: "إن عليه أن يتعلم كل شيء عن التمثيل حتى يحترف التمثيل، فتعلم علاء على يده كل شيء عن التمثيل وصناعة السينما، من إخراج ومونتاج وتصوير وديكور وملابس وإكسسوارات وحركة. كان الظهور الأول لعلاء ولي الدين في أدوار ثانوية في أفلام النجم عادل إمام، ومنها بدأ وجه علاء ولي الدين «الضاحك» ذو الملامح الطفولية يبدوا مألوفا للمشاهدين، لكنه لا يزال يبعد كثيرا عن الصفوف الأولى للنجوم. لفت علاء ولي الدين أنظار المخرجين والمنتجين حينها، وكان أول من آمن به المنتج مجدي الهواري، الذي قرر أن يصنع من ولي الدين نجما، رغم استنكار البعض لهذه الفكرة، إلا أن الهواري أصر، وكانت له رؤية مستقبلية، أثبتت صوابها، وأنتج له أفلامه الثلاث: «عبود على الحدود» و«الناظر» و«ابن عز»، وأيضا منتج فيلمه الأخير، «عربي تعريفه»، الذي بدأ تصوير مشاهده ولكن الموت حال بينه وبين إكماله. أعماله رغم رحيله في سن مبكرة، إلا أن رصيد علاء ولي الدين في السينما والمسرح كان زاخرا بالعديد من الأدوار، بدأ من الأدوار الثانوية، وظهوره في مشهد أو اثنين في العمل الفني، مرورا بالمشاركة في بطولات جماعية، وختاما بالبطولة المطلقة، ومن أهم أعمال ولي الدين: «آيس كريم في جليم»، «الذل»، «رسالة إلى الوالي»، «حلق حوش»، «ضحك ولعب وجد وحب»، «الإرهاب والكباب»،« المنسي»، «عبود على الحدود»، «الناظر صلاح الدين»، «ابن عز»، مسرحية «ألابندا»، مسرحية «حكيم عيون»، مسرحية «لما بابا ينام».