فى تحقيقات النيابة العامة قال العميد إيهاب عرفة، مأمور قسم عابدين، أثناء ثورة 25 يناير، عن واقعة السيارة الدبلوماسية: إنه تلقى إخطارا فى السابعة من مساء يوم 28 يناير، بأن الخدمات الأمنية المعينة بمحيط وزارة الداخلية ضبطت إحدى السيارات وبداخلها 3 أشخاص، فاندفع تجاهها عدد من المتظاهرين ومكنوا من كانوا بالسيارة من الهرب، ولم يتمكن وقتها من تحرير محضر لأى من المضبوطين. وأضاف أنه اُخطر فى وقت لاحق بتواجد عدد من سيارات السفارة الأمريكية بمحيط الوزارة، وانتقل لمعاينتها وأثبت فى محضره العثور على 5 سيارات، مشيرا إلى أنه لم يثبت محضر المعاينة فى دفاتر القسم لأنه مبلّغ بها من الخدمات الأمنية وليس من المبلغين. المتهم الوحيد المعروف وبرغم من أن الاتهام فى واقعة «السيارة الدبلوماسية» طال أكثر من جهة، إلا أن القضية بها متهم وحيد، هو عادل يوسف فراج، الذى ألقى القبض عليه داخل جراج السفارة الأمريكية، وكذب فى أقواله جميع الشهادات الأمنية عن الواقعة، ونفى سرقته للسيارة ودهسه للمتظاهرين أو الجنود. وقال فراج، 19 عاما، وهو طالب بمدرسة الأهرام التجارية، إنه «وصل إلى ميدان التحرير خلال تظاهرات جمعة الغضب، عندما حاصرت قوات الأمن المتظاهرين فى شارع قصر العينى، فهرع إلى جراج السفارة الأمريكية، الذى كان بابه مفتوحا على مصراعيه، ووجد شخصا يحاول تشغيل إحدى السيارات المتراصة بالجراج ولكنه فشل فى إنجاز مهمته». وأضاف أنه «اختبأ مع شابين آخرين بمكتب أمن الجراج، للبعد عن أعين قوات الأمن المركزى، وما إن دلف إلى المكتب حتى ألقت القوات القبض عليهم، وقاموا باقتيادهم إلى مبنى أمن الدولة، وعلم هناك أن أحد المقبوض عليهما معه يحمل جنسية أجنبية وآخر كانت بحوزته طلقات خرطوش، وتم نقله إلى قسم عابدين، وتعهد له مأموره بإخلاء سبيله، حتى اقتحم الأهالى ديوان القسم وأخرجوه بعد يومين من الاحتجاز». ونفى المتهم ما أفاد به مأمور قسم عابدين بالتحقيقات، بأنه تم احضاره للقسم بواسطة أحد جنود الأمن المركزى على انه قام بسرقة السيارة الدبلوماسية واستخدمها فى التعدى على الجنود، وقال انا كنت موجود فى قسم عابدين وقتها». معلومات أمن الدولة وفى التحقيقات التكميلية قال اللواء عاطف أحمد أبوشادى، مدير الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة بالقاهرة أثناء ثورة 25 يناير، إن طبيعة عمل جهاز أمن الدولة أثناء الثورة اقتصرت على جمع المعلومات وملاحظة الحالة ورفع تقارير لرئاسة الجهاز. وأضاف أبو شادى أنه اُخطر من أحد ضباط الجهاز بالقبض على شباب قاموا بسرقة عربية من السفارة الأمريكية، وأمر بترحيلهم إلى قسم عابدين، وكان من بينهم ولد صغير فى السن وأجنبى، والإخطار كان على أساس أنهم سرقوا سيارة من السفارة، موضحا أن ضباط الجهاز وعددهم 150 ضابطا بالإدارة، كانوا جميعا منشغلين بجمع المعلومات من الشارع ومتابعة الأحداث ورفع التقارير لرئاسة الجهاز، لذلك لم يحققوا مع المقبوض عليهم. وأكد أبوشادى أن معلوماته توقفت عند سرقة السيارات من السفارة الأمريكية، ولم يكن يعلم بدهس الجنود أو المتظاهرين فى ذلك الوقت، موضحا أن إخطار سرقة السيارات كان فى حدود السابعة مساء تقريبا، وإخطار ضبط السارقين ورد له بعد الإخطار الأول بساعة، أى فى حدود الثامنة مساء. شهادات متضاربة هانى سيد توفيق، 33 عاما، موظف بالتنظيم والإدارة، أحد شهود العيان على وقائع سرقة السيارات الدبلوماسية قال: إنه أثناء تواجده بالقرب من مقر الواقعة شاهد مجموعة شباب يلقون زجاجات المولوتوف على الأمن المركزى وتركوا السيارة عند مجلس الشورى، ثم عادوا لجراج الهيئة الدبلوماسية عند قصر «الدوبارة»، وسرقوا محتوياته حتى هجمت قوات الأمن على الجراج. لكنه أكد أن الواقعة تمت فى تمام العاشرة مساء خلف مجمع التحرير، بعكس ما جاء على لسان مأمور عابدين ومدير أمن الدولة بوقوع الحادث فى السابعة. وجاءت شهادة وليد عثمان، المُحقّق الأمنى بمكتب أمن السفارة الأمريكية، والمفوض من السفارة بتمثيلها أمام أقسام الشرطة والنيابات، لتؤكد على عدم صدور قرار من السفارة بخروج أى من هذه السيارات، خلال 28 يناير تحسبًا لأى تعدى أو مشاكل. وردا على سؤال النيابة عن خروج سيارات تابعة للسفارة للقيام بمهام خاصة فى ذلك اليوم، قال إن الجراج لم تخرج منه إلا السيارات التى تم سرقتها منه بعد اقتحامه. القضية تزداد تعقيداً زادت تحقيقات نيابة الثورة من أمر السيارة الدبلوماسية تعقيدا وغموضًا، لإثباتها رسميا تقدم السفارة الأمريكية ببلاغ يوم 16فبراير 2011 بسرقة 17 سيارة من مكان الجراج الكائن بشارع الشيخ ريحان خلف مجمع التحرير مساء 28 يناير2011، أى أنها قدمت البلاغ بعد 19 يوما من الواقعة، وهو المثبت فى جنحة قصر النيل التى تحمل رقم998 لسنة 2011قصر النيل. وجاء فى التحقيقات أن كتاب المخابرات العامة المؤرخ ب 14 أكتوبر2012 أفاد بأن عدد السيارات المسروقة من جراج السفارة الأمريكية 22 سيارة، تم العثور على 18 منها وتبقى 4 لم يتم العثور عليها حتى الآن، موضحا أن هناك سيارتين مضبوطتين بدائرة قسم شرطة مصر القديمة. وأسفرت التحريات عن أن عددا من المتظاهرين استولوا على عدد من السيارات من داخل الجراج وقادوها إلى الخارج، وأن السيارات يتم تخزينها بصفة دائمة وبها المفاتيح، بحسب كتاب المخابرات العامة. وأفاد تقرير آخر بفحص اللجان لملفات السيارات الخاصة بالسفارة الأمريكية لدى الإدارة العامة لمرور القاهرة تبين أولاً أنه مُرخص للسفارة الأمريكية 753 سيارة دبلوماسية، 208 سيارة ملاكى مميز، وأن السيارة ماركة «شيفروليه» تحمل لوحة لا تخصها «128/73»، وهذه اللوحة تحملها سيارة آخرى ماركة «باجيرو جيب» موديل 1998، كما أن السيارة التى تحمل رقم شاسيه 1145439 أو 11483 لم يستدل على أى تسجيل لها بإدارة المرور. وأفادت الإدارة العامة لمرور القاهرة بكتابها المرفق بأن السيارة التى تحمل كود 20 وتخص سفارة «بنما» تم تسليم لوحاتها إلى وحدة تراخيص الجمارك فى 15 مارس 2009 وحصلت على رقم 23/112 هيئة دبلوماسية واستبدلت برقم ب.ق 7381 ملاكى جيزة فى 28 نوفمبر2010. وفى تحقيقات «نيابة الثورة» فسر حبيب العادلى، وزير داخلية مبارك هذا الأمر بقوله إن «السفارة الأمريكية كانت تمتلك سيارات دبلوماسية أكثر دون غيرها من السفارات»، موضحاً أن السفارة الأمريكية كانت تهدى وزارة الداخلية وجهاز مباحث أمن الدولة قبل الثورة واثناءها سيارات كانت تملكها. وعندما سألته النيابة عن سبب امتلاك السفارة الأمريكية هذا العدد من السيارات قال العادلى «للقيام ببعص العمليات المخابراتية القذرة». بهنسى: ابحثوا عن «لوحة سيارة بنما» علق المحامى محسن بهنسى، عضو لجنة تقصى الحقائق التى أعدت التقرير الذى تسلمه محمد مرسى الرئيس السابق وأحيل لنيابة الثورة، على لغز السيارة الدبلوماسية قائلاً: اللغز فى تزوير اللوحات المعدنية الخاصة بسفارة «بنما» فى القاهرة من خلال وحدة المرور، وهو ما أغفلته التحقيقات منذ الثورة حتى الآن، بالرغم من كونه الخيط الجلى الذى يفسّر الواقعة الأكثر غموضا فى أحداث يناير. وأوضح بهنسى أن قرار ضم قضيتى دهس المتظاهرين بشارع قصر العينى والجنود فى عبد المنعم رياض، هو ما جعل الحقائق تتوه بين الأوراق دون تحديد مسئول جنائى فى الأحداث، مؤكداً أن «ذلك القرار ليس بعيدا عن تزوير أرقام سفارة بنما». وأشار بهنسى ل«الشروق» إلى أنه سيتقدم ببلاغ إلى النائب العام يحمل فى مضمونه سؤالا استنكاريا: لماذا لم يتم التحقيق فى الاستيلاء على لوحات معدنية من سيارة تابعة لسفارة بنما؟ وماذا يعنى العثور على تلك اللوحات فى السيارة التى قتلت 18 متظاهرا بشارع قصر العينى فى جمعة الغضب؟. ويأتى ذلك فى الوقت الذى يعكف فيه محامى عدد من ضحايا «السيارة الدبلوماسية»، ياسر سيد أحمد، على إعداد عريضة دعوى مدنية جديدة لرفعها أمام محكمة جنوبالقاهرة، ضد كل من وزارة الداخلية والسفارة الأمريكية ووزارة التضامن الاجتماعى، وأعضاء مكتب إرشاد جماعة الإخوان بصفتهم، لتحميلهم المسئولية المدنية التعويضية عن 30 ضحية، شهداء ومصابين. وأكد سيد أنه يحمّل وزارة الداخلية التقصير فى حماية المتظاهرين والسماح للسيارة المجهولة بدهس المتظاهرين، ومسئولية السفارة الأمريكية عن خروج السيارات التى استخدمها الجناة فى الواقعة من جراجها بوسط القاهرة. واتهم سيد، مكتب الإرشاد لإثبات محامى الجماعة جمال تاج الدين تقديمه بلاغًا باسم جماعة الإخوان فور الواقعة، يؤكد فيه علمه بقائد السيارة ومنفذ العملية، وأرشد فى بلاغه عن عدة سيارات، وقال فى بلاغ آخر إنه سيعلن عن اسم قائد السيارة من وزارة الداخلية، لكنه لم يمثل أمام جهات التحقيق.