زارت «بوابة الشروق» إحدى القرى بمحافظة أسيوط المعروفة بتأييدها للإخوان، في إطار سعيها للوصول إلى وجهة نظر الرافضين للاستفتاء على الدستور. وصلنا إلى قرية بمحافظة أسيوط تبعد عن المدينة بحوالي 70 كيلو مترًا، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 20 ألف نسمة، وبصحبتنا أحد الأشخاص الذي عمل ك«دليل» ل«بوابة الشروق» داخل القرية. البداية في شوارع ضيقة للغاية تشبه الحواري وبشكل مفاجئ وعشوائي أخذنا نسأل المارة «هتشارك في الاستفتاء على الدستور يا عم الحاج»؟ والإجابة: إنت مين وبتسأل ليه؟ وبعد الإفصاح عن هويتنا وهو الأمر الذي تكرر كثيرًا تكون الإجابة بشرط دون تصوير، وفي بعض الأحيان دون ذكر أسماء؛ خشية الملاحقة الأمنية؛ على حد قولهم. علامة رابعة فور دخولنا إلى زاوية جديدة في أحد الشوارع تقابلنا وجهًا لوجه مع «م. ط» -عامل- 31 سنة أثناء سيره واستوقفناه في الشارع وبعد سؤاله قال: أنا مقاطع هذا الدستور؛ لأنه لا يمثلنا، كما أنني لم أطلع عليه أو أقرأ مواده لكن "أمر الله"، وأشار إلى آلاف من المواطنين يقاطعون الاستفتاء، وإذا توجهوا للصناديق سوف يصوتون ب«لا» لكنهم يخشون الإفصاح بذلك؛ خوفًا من القبض عليهم. وكانت المفاجأة موافقته على التقاط بعض الصور والتسجيل «فيديو»، ثم جعل نجله الصغير والذي كان بصحبته يرفع علامة «رابعة العدوية»، وقال إن المقاطعة جاءت بناء ما يحدث في مصر منذ عزل الرئيس السابق «محمد مرسي» من تخبطات سياسية وقتل بعض الأبرياء، على حد قوله. استغفر الله العظيم يا رب قالها «أ. د» طالب، وذلك فور التوجه إليه بالسؤال أثناء تطلعه وترقبه للحوار مع المواطن الأول قال بغضب: «دستور مين يا عم استغفر الله العظيم، ده كله مش هينفع واللي بيحصل في البلد دي حرام» ثم تركنا مغادرًا وقال: «أروح أصلي أحسن». أي حاجة بس البلد تمشي أثناء التجول في شوارع القرية توجهنا إلى أحد الأشخاص يجلس على «مصطبة» أمام أحد المحال التجارية وتعرفنا عليه «ر.أ. ع» -فلاح- قائلًا: «أنا راجل لابس جلابية لا أعرف الكويس ولا الوحش.. وبعدين أي حاجة بس البلد تمشي»، وأكد أنه سيذهب للتصويت ب"نعم" حتى وإن كان معارضًا للدستور من أجل دوار عجلة الإنتاج والاستقرار؛ على حد وصفه. وقال: «أنا مش هاخد حاجة من مرسي ولا السيسي.. خلاص الشعب مابقاش يخاف وأي حد هييجي برضه ممكن الشعب يمشيه في يوم وليلة». ملكش دعوة قال «ع. ع» حاصل على مؤهل سياحة وفنادق ويعمل بأحد المحال داخل القرية بعد ركود العمل في مجاله حيث كان يعمل في شرم الشيخ: «هو فين الدستور علشان نقرر التصويت بنعم أو لا»، وتابع: حتى الآن لم تصلنا نسخ أصلية نتابع فقط تحليل المواد من شاشات التلفزيون. وقال إن صوتي في الاستفتاء لن يعرفه أحد، ومن يسألني بماذا ستصوت أجيب دائمًا: "ملكش دعوة"، مشيرًا إلى أن أي دستور لا بد من خلافات حوله، وأوضح بصوت منخفض وبلهجة تبدو حزينة أنه منذ 30 يونيو ومصر تشهد حالة من التدهور في مجال السياحة وتضرر شباب كثيرين في هذا المجال، كما أن مركز الشباب لم يقم بتوزيع نسخ الدستور على أهل القرية مثلما تفعل وزارة الشباب. البلد خربت «أ. ه» يتابع من بعيد ويترقب ويتوكأ على أحد أعمدة الإنارة ثم يقدم علينا: "عايز أنا أقولك ده مينفعش" وقد وافق على التصوير، قائلًا: «أنا مقاطع هذا الدستور..» كما أنه دستور باطل، وهناك آلاف من البشر في كل قرية سوف تقاطع الاستفتاء على الدستور على حد قوله. بعد سحب «الشرعية» لن أشارك في أي انتخابات صاحب أحد المحل ذكر لنا اسمه بعد أن استوقفنا على باب المحل وطلب عدم نشر اسمه أو التقاط صور أو حتى ذكر اسم المحل، بعد موافقتنا على ذلك استرخى على أحد الجدران وقال: «بأي منطق أذهب لانتخاب رئيس شرعي ثم يأتي أحد ويسحب هذه الشرعية ويتجاهل ملايين الأصوات»؟، وأوضح أنه لن يشارك في أي انتخابات أو استفتاءات طيلة حياته بعد اليوم. وأكد أن أسرته بها ما يقرب من 10 أصوات سيقاطعون الانتخابات، ومع أنه لم يذكر في حديثه اسم السيسي أو مرسي، إلا أنه كان من الواضح في كلامه أنه يقصدهما، وأكد أنه ليس من جماعة الإخوان إلا أنه يبحث عن معنى الديمقراطية الحقيقية. التصويت ب«لا».. من أجل الإخوان قررنا الخروج من شوارع القرية الضيقة والتي قضينا فيها قرابة الثلاث ساعات، وفور الوصول إلى الموقف الرئيس للمدينة، أحد الأشخاص يسأل: «كنت بتصور إيه جوه»؟ وبعد الإجابة عن سؤاله قال: "أنا اسمي «ب. ص» وعايز أقول إني «هروح الانتخابات وسأصوت ب"لا"». وأشار إلى أنه قرر ذلك لأن جماعة الإخوان ظُلمت كثيرًا واعتراضًا على فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، رافضًا أيضًا التقاط الصور خشية تعرضه لأي أذى، حسب قوله. خلينا قاعدين للدساتير طول السنة من بعيد نظر إلينا أحد الأشخاص يرجّح أنه سائق سيارة أجرة ويبدو أنه سمع حوارنا وتدخل قائلًا: «خلينا كدا قاعدين قبال الدساتير طول السنة وكل سنة نعمل دستور جديد.. أنا مش هروح ولا عمري حتى شاركت». وتابع: «السنة اللي فاتت كان دستور مرسي، والسنة دي دستور العسكر، واللي بعدها دستور الشرطة، وبعدها القضاء، وبعدها الإعلام.. ومفيش ولا دستور هعملوه للشعب»، على حد قوله، ثم غادر من حولنا غاضبًا.. بعدها أقلتنا سيارة للعودة.