تساؤلات قانونية عديدة فجرها قرار مجلس الوزراء باعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وهى: هل أصبح بوسع النيابة والمحاكم اتهام أى شخص ينتمى للإخوان وفق المادة 86 مكرر من قانون العقوبات، وما الآثار المترتبة على القرار وطرق تنفيذه، وهل يتم بالقبض على أعضاء الجماعة، أم يجب انتظار قرارات ضبط وإحضار لهم تصدر من الجهات القضائية، أم عدم إمكانية تفعيل القرار إلاّ فى حالة حدوث وقائع إرهابية تنسب لهذه الجماعة؟ مصادر قضائية رفيعة المستوى بمجلس الدولة قالت إن النيابة العامة ستكون أمام اختبار صعب، لأنها أمام وضع قانونى متضارب، فقانون العقوبات عرف فى مواد الإرهاب وبصفة خاصة المادة 86، الجريمة الإرهابية المنظمة، ونسبها لأى جماعة أو جمعية أو منظمة تستخدم العنف لتحقيق أهدافها الخارجة عن النظام العام والدستور، إلاّ أن القانون لم يمنح مجلس الوزراء سلطة وصف أى جماعة ب«الإرهابية». وأشار إلى أن قرار الحكومة وإن كان مستندا كما أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء إلى حكم محكمة الأمور المستعجلة الصادر بحل جماعة الإخوان، فلا يمكن أن يعلو على مواد القانون، وبالتالى تبقى مسألة اتهام جماعة الإخوان بأنها إرهابية أم لا، فى يد النيابة العامة والمحاكم فقط، ويتم ذلك من خلال التحقيقات وطلب التحريات والشهادات. وحول إمكانية شيوع ظاهرة قبض الأهالى على أعضاء جماعة الإخوان أو إبلاغ السلطات عنهم بدعوى انتسابهم لجماعة إرهابية، قالت المصادر: «لا يجوز لأى مواطن القبض على آخر أو توقيفه إلاّ فى حالات التلبس بارتكاب جريمة ولحين وصول الشرطة». وأوضحت المصادر أن هناك مسارا آخر غير قضائى، يتعلق بسلوك الشرطة باعتبارها جزءا من السلطة التنفيذية، بحيث يمكنها الآن من خلال تطبيق قرار مجلس الوزراء، أن تنفذ حرفيا الفقرة الثانية والثالثة من المادة 86 مكرر، بالقبض على أى شخص تكشف التحريات انتماءه لجماعة الإخوان كجماعة إرهابية بنص قرار الحكومة، وإحالته للنيابة العامة، وطلب معاقبته بالسجن 5 سنوات بحسب نص المادة ذاتها. ومن جهته قال المستشار عادل فرغلى، الرئيس الأسبق لمحاكم القضاء الإدارى، إنه لا حجية قانونية لهذا القرار فى مواجهة النيابة العامة أو المحاكم، لأن قانون العقوبات يخاطب الجهات القضائية وليس السلطة التنفيذية، وهو وحده الذى يحدد الجريمة وأركانها وكيفية محاسبة المتهمين فيها. وأضاف: «مجلس الوزراء تخطى الإجراءات القانونية الصحيحة مرتين، الأولى عندما أصدر القرار على خلفية الحادث الإرهابى الأخير بالمنصورة، بغير سند من التحقيقات التى من المفترض أن تباشرها النيابة العامة، لا سيما وأن هذه التحقيقات لم تسفر حتى الآن عن مسئولية الإخوان عن هذا الحادث، والمرة الثانية باغتصابه سلطة المشرع فى تحديد أركان جريمة جديدة وهى الانتماء لجماعة الإخوان تحديدا». وأكد أنه كان يمكن التغلب على العوار الذى أصاب هذا القرار بإدخال تعديل تشريعى على قانون العقوبات، إلا أن بقاء القرار دون غطاء تشريعى من القانون، لا يعطى المحاكم إمكانية الاستناد إليه من الناحية القانونية البحتة. وحول الإجراءات القضائية الواجب اتباعها إذا اتهم شخص بالانتماء للجماعة، أوضح فرغلى أن القاضى عليه فى البداية التأكد من علاقة المتهم بالجرائم المنسوبة إليه، وكذلك علاقة الجماعة بها، ولا يجوز مجرد معاقبته لأنه منتسب إليها، مشيرا فى الوقت ذاته إلى إمكانية طعن أحد أعضاء الجماعة على القرار أمام محكمة القضاء الإدارى، باعتباره قرارا إداريا، ويجوز للمحكمة أن تبطله إذا رأت أنه غير مؤسس على سند قوى. وفى جانب معارضة القرار أيضا قال د.رأفت فودة، أستاذ القانون الدستورى بجامعة القاهرة، إن قرار مجلس الوزراء «فى حكم المنعدم، وليس له أى أثر قانونى أو حجية فى مواجهة أى سلطة»، وأضاف: لا يوجد نص دستورى فى الإعلان الدستورى النافذ أو قانون، يضع معايير لاعتبار أى جماعة أو جمعية إرهابية، ومواد قانون العقوبات تجرم الإرهاب كفعل، وتوقع العقوبة على المجرم سواء كان فردا أو أكثر، لكنها لا تنظم طريقة وصف أى جماعة بأنها إرهابية». وأكد أن القرار صدر ب«عفوية سياسية لإثبات حسن نوايا الحكومة وتحت ضغط الرأى العام»، لكنه يفتقر إلى تنظيم الإجراءات التى ستترتب عليه، ولم يحدد الآثار خاصة فيما يتعلق بالإجراءات القضائية التى يجب تفعيل المواد الخاصة بقانون الإرهاب من خلالها. وتوقع فودة أن يكون الإلغاء هو مصير هذا القرار إذا تم الطعن عليه أمام مجلس الدولة من قبل أحد أعضاء الجماعة، مؤكدا أن حكم محكمة الأمور المستعجلة بحل جماعة الإخوان لا يمكن الاستناد إليه باعتبارها منظمة إرهابية، بل يرتب عليها فقط مسئولية ممارسة نشاط محظور، لأن هناك فارقا بين جماعة سياسية منحلة بحكم قضائى، وجماعة إرهابية تمارس العنف فقط لتحقيق أهدافها. وعلى الطرف المؤيد للقرار، قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن الترجمة العملية للقرار هى أن الانتماء للإخوان الآن أصبح جريمة، ويجوز للنيابة العامة التحقيق فيها، ويجب أن تصدر المحاكم أحكامها ضد المنتمين لهذه الجماعة وفقا للمادتين 86 مكرر و86 مكرر «أ» من قانون العقوبات، اللتين تنصان على عقوبة لكل من نظم وشارك فى جماعة أو تنظيم أو عصابة أو هيئة من شأنها ممارسة الإرهاب وينظم عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد، إذا كان الإرهاب هو وسيلة هذه الجماعة لتحقيق أهدافها. وأضاف: «قرار مجلس الوزراء له حجية قانونية لأنه قرار كاشف لما جاء فى القانون فقط، ومن حق أى دولة وصف جماعات داخل أو خارج أراضيها بأنها إرهابية، بناء على الأفعال التى تنسب إليها، وبموجب قرار الحكومة يجوز للنيابة العام تجميد أموال أعضاء الجماعة بموجب المادة 208 من قانون الإجراءات الجنائية». وأكد المستشار صدقى خلوصى، الرئيس الأسبق لهيئة قضايا الدولة، ضرورة تفعيل القرار قانونيا وقضائيا وبسط حجيته على جهات التحقيق والقضاء، بهدف تحقيق مصلحة البلاد العليا، وهى تهدئة الشارع ووقف العمليات الإرهابية. وأضاف: «القرار كان منتظرا منذ فترة طويلة، وما يتردد عن وجود أخطاء قانونية فيه تتعلق بتجاوز إجراءات التحقيق، أمر طبيعى فى أى قرار إدارى» داعيا لعدم استباق الأحداث وانتظار كلمة القضاء الإدارى فى القرار إذا تم الطعن عليه.