محمود فوزي يعلن موافقة الحكومة علي تعديل قانون مجلس النواب وتقسيم الدوائر    القابضة للصناعات الغذائية تفتتح 21 شادرا لبيع الخراف وتضخ لحوم ودواجن بأسعار مخفضة    أسعار الذهب تعود للارتفاع الجنوني.. عيار 18 يتخطى 4 آلاف    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    هل تتعرض مصر لموجة زلازل مقبلة؟.. البحوث الفلكية ترد    منظمة الصحة العالمية تعتمد قرارًا بشأن الأوضاع الصحية في فلسطين    كندا تستدعي السفير الإسرائيلي احتجاجا على إطلاق النار على وفد دبلوماسي في جنين    برونو فيرنانديز يحسم الجدل بشأن مستقبله مع مانشستر يونايتد بعد خسارة الدوري الأوروبي    الأهلي يصطدم بمنتدى المغربي والزمالك يواجه الترجي في نصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية لليد    وكيل التعليم بالبحيرة يتفقد سير امتحانات نهاية العام لصفوف النقل الابتدائية والاعدادية والثانوية    جامع خردة يعتدي على زوجته بالضرب حتى الموت في منطقة أوسيم    شوبير يكشف كواليس أزمة مستحقات كولر مع الأهلي بعد فسخ التعاقد    محافظ قنا يُسلم جوازات السفر ل155 حاجًا من الجمعيات الأهلية باحتفالية كبرى    «تكريم عظيم».. مصطفى عماد يعلق على تكريمه من انتصار السيسي    «المشروع X» يكتسح إيرادات شباك التذاكر في أول أيام عرضه    عاصي الحلاني يختتم مهرجان القبيات الفني في لبنان أغسطس المقبل    وزير الإسكان: مد سريان الحوافز والتيسيرات للمشروعات الاستثمارية بالمدن الجديدة لمدة عام واحد    إعلام الوزراء يستعرض بالفيديو تفاصيل مشروع القطار الكهربائي السريع    إنفوجراف| «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا الجمعة 23 مايو    تحرير 534 مخالفة لقائدي الدراجات النارية غير الملتزمين بالخوذة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام الاتفاق في الدوري السعودي    تواجد حامد.. تشكيل ضمك المتوقع أمام الفتح في الدوري السعودي    البيئة: مصر تلعب دورًا رياديًا لزيادة نسبة المحميات إلى 30% بحلول 2030    نجوم الساحل يتذيل قائمة الأفلام المتنافسة على شباك التذاكر    بعد حذف «بوست» الانفصال.. هل يعود أحمد السقا ومها الصغير؟    وزير الصحة يناقش آخر مستجدات ملفات التعاون المشترك مع ممثلي البنك الدولي    الزراعة: تحصين 4.5 مليون طائر في التربية المنزلية والحضانات منذ بداية 2025    سعر الدينار الكويتى اليوم الخميس 22 - 5- 2025 أمام الجنيه    امتحانات الثانوية العامة السنوات السابقة pdf.. امتحان الأحياء للصف الثالث الثانوي (أسئلة وأجوبة)    وزارتا الشباب و «التربية والتعليم» تبحثان تطوير استراتيجية عمل المدارس الرياضية الدولية    كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ كروز مجهولة الهوية    فريق جامعة قناة السويس العلمي يشارك في ملتقى "طموح" للجامعات المصرية    اليوم.. استكمال محاكمة إمام عاشور لاعب الأهلي بتهمة سب وقذف جاره    أول تعليق من الرئيس الإسرائيلي على حادث واشنطن: الإرهاب والكراهية لن يكسرانا    "من أجل المنتخبات".. ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و 25 مايو    أسعار البيض اليوم الخميس 22 مايو2025    رئيس الحكومة يعتذر ل أصحاب المعاشات| وتوجيه هام لهيئة التأمينات    نصائح لحماية المواطنين وقت حدوث الزلازل.. تعرف عليها    حكم من يحج وتارك للصلاة.. دار الإفتاء توضح    لماذا زادت الكوارث والزلازل خلال الفترة الحالية؟.. أمين الفتوى يوضح    نصيحة من محمد فضل للزمالك: لا تفرّطوا في هذا اللاعب    مجلس الشيوخ الأمريكي يعتزم التحقيق في هوية الشخص الذي أدار البلاد بدلا من بايدن    «استمرار الأول في الحفر حتى خبط خط الغاز».. النيابة تكشف مسؤولية المتهم الثاني في حادث الواحات    المستشار عبد الرزاق شعيب يفتتح صرحا جديدا لقضايا الدولة بمدينة بورسعيد    وزارة المالية تعلن عن وظائف جديدة (تعرف عليها)    سامر المصري: غياب الدراما التاريخية أثَّر على أفكار الأجيال الجديدة    كريم محمود عبدالعزيز: «قعدت يوم واحد مع أبويا وأحمد زكي.. ومش قادر أنسى اللحظة دي»    محافظ الدقهلية: 1522 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية ابو ماضي مركز بلقاس    إجراء طبي يحدث لأول مرة.. مستشفى إدكو بالبحيرة ينجح في استئصال رحم بالمنظار الجراحي    وزير الخارجية الألماني يتصل بساعر بعد إطلاق نار على دبلوماسيين    بأجر كامل.. تفاصيل إجازة امتحانات العاملين في قانون العمل الجديد    مسلم ينشر صورًا جديدة من حفل زفافه على يارا تامر    امتدح بوستيكوجلو دون ذكر اسمه.. صلاح يهنئ توتنهام بعد التتويج بالدوري الأوروبي    اليوم.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل بالمحافظات    كيف كان مسجد أهل الكهف وهل المساجد موجودة قبل الإسلام؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    محافظ الغربية يُشيد بابنة المحافظة «حبيبة» ويهنئها لمشاركتها في احتفالية «أسرتي.. قوتي».. صور    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السلطة القضائية أمام لجنة الخمسين
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 12 - 2013

إن نصوص السلطة القضائية فى مشروع الدستور سيئة. نصوص مشروع الدستور أشبه بإعلان استقلال الهيئات القضائية عن الدولة المصرية. فمبدأ استقلال السلطة القضائية يعنى بالأساس عدم تدخل أى شخص أو سلطة فى القضايا المنظورة وعدم إمكانية عزل القضاة أو التأثير عليهم ولكنه لا يمنع بحال من الأحوال من اشتراك باقى سلطات الدولة بما لها من شرعية ديمقراطية فى تشكيل بعض المحاكم خصوصا تلك التى لها دور سياسى.
يمنح مشروع الدستور اختصاصا مطلقا للمحكمة الدستورية العليا فى اختيار أعضائها دون أى رقابة وقد صور هذا الأمر على أنه من مقتضيات استقلال السلطة القضائية وهذا غير صحيح إلا لو كان المقصود استقلالها عن الدولة المصرية. فأنا لا أعلم محكمة دستورية واحدة فى العالم تنفرد باختيار أعضائها. دائما تشارك باقى السلطات (التشريعية والتنفيذية) فى تشكيل المحكمة الدستورية التى لها بطبيعة عملها دور سياسى. هذا هو الحال مثلا مع المحكمة الدستورية فى ألمانيا والمحكمة العليا فى أمريكا والمجلس الدستورى فى فرنسا. فهل المحاكم الدستورية فى كل هذه الدول غير مستقلة؟ فهل أخطأ العالم كله فى فهم مبدأ استقلال القضاء ونجح فى ذلك فقط بعض القضاة المصريين؟ كل الدول تحاول تحقيق توازن بين السلطات ولم تقبل أن تكون سلطة من سلطاتها دولة مستقلة داخلها. قبل ثورة يناير، لم تكن هنالك للسلطتين التنفيذية والتشريعية أى شرعية فكان مفهوما أن نطلب إبعاد هاتين السلطتين إبعادا مطلقا عن السلطة القضائية ولكن هذا الوضع تغير بعد وجود انتخابات على قدر من النزاهة.
لذلك، لم تكن هناك حاجة لتحديد طريقة تشكيل المحكمة الدستورية فى الدستور وكان يجب تنظيمها فى القانون بعد دراسة المسألة دراسة علمية، ونفس الملاحظات تنطبق إلى حد ما بخصوص اختيار النائب العام وبخصوص تشكيل مجلس القضاء الأعلى.

الاستبداد ليس حكرا على السلطة التنفيذية. فسبب الاستبداد ليس كلمة «تنفيذية» ولكن كلمة «سلطة». فالسلطة المطلقة أى سلطة مفسدة مطلقة. ومشروع الدستور يعطى سلطات مطلقة للهيئات القضائية دون وجود أى نوع من الرقابة أو إمكانية للمحاسبة. ففى وسط عشرات المواد التى تضمن حقوق وامتيازات للقضاة، ليست هناك مادة واحدة تتناول أخطر مشاكل القضاء المصرى وهى غياب أى معايير لاختيار القضاة. فالدول المتقدمة وغير المتقدمة تنظم «مسابقة» لاختيار القضاة. نحتاج مادة واحدة فى الدستور تقول إنه لابد من اجتياز مسابقة للالتحاق بالنيابة والقضاء وأن تقوم بتنظيم هذه المسابقة هيئة محايدة مكونة من قضاة ومن باقى رجال القانون. المسألة بسيطة وستكفينا احتجاجات ممن لم يتم اختيارهم (وهم على حق فى عدم فهمهم سبب استبعادهم لأنه ليست هناك معايير للاختيار) وسترفع من كفاءة الهيئات القضائية بالإضافة إلى الحد من الحساسيات بين القضاة والمحامين. ومن اللافت للنظر أنه بينما اختلف القضاة فى ما بينهم بخصوص «اختصاصاتهم»، فإنهم اتفقوا على عدم إثارة مسألة اختيار القضاة لأسباب تعلمونها.

إذا أراد القضاء حصانات فيجب أن يكون لها مقابل. أقل شىء هو أن يلزم الدستور مختلف الهيئات القضائية بتقديم تقرير سنوى للبرلمان وللرأى العام عن أعمالها وعدد القضايا المفصول فيها والمشاكل التى تواجهها حتى نتبين ما هو المقابل لامتيازات القضاة. القضاة فى معظم دول العالم يفصلون فى القضايا فى مدة زمنية معقولة ويفصلون فى النزاعات العسكرية الخالصة (ولا يجرؤ أحد على اتهامهم بأنهم غير صالحين لمحاكمة المدنيين المتهمين بالإضرار بمصالح الجيش كما يحدث فى مصر) ولا يتحدثون فى السياسة ومع ذلك لا يطالبون بالاستقلال عن دولهم. بالطبع، لا أحمل القضاة المصريين مشاكل القضاء المصرى لأنهم ضحايا النظم الحالية والسابقة والأسبق ومختلف القوى السياسية الذين يعاملون القضاة كصديق أو عدو وليس كمؤسسة تحتاج إصلاحا جذريا. لا أحمل القضاة المسئولية ولكننى أحملها لكم يا أعضاء لجنة الخمسين يا من «تدسترون» قواعد شاذة ووضعا فاسدا.
لا يعطى مشروع الدستور أى ضمانة لتحسين خدمة العدالة فى مصر أو حتى إمكانية إصلاحها ذلك أنكم تنصون على عدم جواز تعديل قوانين الهيئات القضائية إلا بأغلبية ثلثى أعضاء البرلمان. فبعد إغلاق باب الإصلاح فى الدستور، تغلقون باب الإصلاح عن طريق القانون!
لو أخطأ رئيس الجمهورية فلن ينتخبه الشعب مجددا أو سيثور عليه. ولكن ماذا نفعل عندما يخطئ القضاء؟ حتى مجرد النقد العلمى والموضوعى لم يعد سهلا فتهمة إهانة السلطة القضائية جاهزة لمن تسول له نفسه إبداء رأى مخالف فيما يخص الشأن القضائى.

فلسفة الدستور يجب ألا تكون حماية الدولة من المواطنين ولكن حماية المواطنين من بطش الدولة. أود أن أعبر عن اندهاشى من طريقة صياغة المواد. فآخر من يجب أن يصوغ مادة من مواد الدستور هو المخاطب بهذه المادة لأنه يكون غير محايد لكونه صاحب مصلحة فى هذه المواد. يجب بالطبع الاستماع للمخاطبين بالقاعدة القانونية ولكن لا يجوز لهؤلاء أن يستأثروا بصياغة المواد التى تخاطبهم. فلا يجوز أن تصوغ كل جهة النصوص المنظمة لها فى الدستور لأن النتيجة كما نراها فى مشروع دستوركم هى تقرير حقوق وامتيازات دون تقرير أى نوع من الالتزامات أو الضمانات للشعب وباقى المؤسسات. أتمنى أن تراجع لجنة الخمسين ما قامت بصياغته فمشروع الدستور بشكله الحالى يهدد الدولة المصرية وينذر بتقسيمها وتفككها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.