بعد الانتهاء من تصنيعه.. الاختبارات التجريبية للقطار السريع بألمانيا (فيديو)    النقل تنشر أول فيديو للقطار الكهربائي السريع أثناء اختباره في ألمانيا    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: الجرائم الإسرائيلية وصلت إلى حد قتل موظفي الأمم المتحدة    شاروخان يصور فيلما جديدا في مصر قريبا    الأهلي يتأهل لنهائي دوري سوبر السلة بفوز صعب على الزمالك    وزير الرياضة: توجيهات الرئيس السيسي وجهت الدفة نحو ذوي الهمم    مباحث الغربية تكشف لغز «الجثة المحترقة».. والمتهم في قبضة الأمن    في غياب حجازي| الاتفاق يزيد أوجاع اتحاد جدة بخماسية في الدوري السعودي    شهية ولذيذة.. طريقة تحضير مشروب «الكاكاو البارد»    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    عاجل.. طلب مفاجئ من الشيبي للتصالح مع الشحات.. ونجم الأهلي يرد    كيشو يتأهل إلى أولمبياد باريس 2024    نقابة المهندسين بالإسكندرية تنهي أزمة 21 مهندسا بشركة راكتا للورق    مصرع طفل وإصابة آخر فى حادثتين متفرقتين ببورسعيد    مقتل وإصابة 3 أشخاص خلال مشاجرات بالأسلحة البيضاء في بورسعيد    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور    هل حسم محمد رمضان الجدل حول «جعفر العمدة 2»؟.. رد مفاجئ من الفنان (فيديو)    إقبال من أطفال الإسماعيلية على ورش الرسم والطباعة (صور)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج السبت 11-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    ختام لقاء رؤساء الكنائس الأرثوذكسية بالشرق الأوسط    فيديو.. حسام موافي يحذر من أكل الشارع بسبب الميكروب الحلزوني: مرض لعين يعيش تحت الغشاء المخاطي    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    «حماة وطن» يدشن مركز الأمل للأعمال والحرف اليدوية في الإسماعيلية    بطولة العالم للإسكواش 2024.. تأهل مازن هشام ب 3 أشواط نظيفة    فرص للسفر إلى اليونان.. اتفاق لاستقدام 5000 عامل مصري بمجال الزراعة    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    محافظ الغربية يتابع جهود الوحدات المحلية في زراعة أشجار مثمرة وأخرى للزينة    محافظ الغربية يشدد على تكثيف الحملات التفتيشية على الأسواق    عاجل: موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية العامة 2024.. طرق وخطوات الحصول عليها    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    عبدالعزيز سلامة يكتب: غريبة بين أهلها    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    البرلمان العربى: ازدواجية المعايير الدولية تدعم الاحتلال الإسرائيلى فى إبادة الفلسطينيين    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور ينتهك استقلال السلطة القضائية
نشر في الأهالي يوم 18 - 12 - 2012

بصرف النظر عن بطلان الجمعية التأسيسية التي تولت صياغة الدستور والتصويت الهزلي علي مواده ال237 والذي بدأ ظهر يوم الخميس29 نوفمبر واستمر حتي فجر يوم الجمعة 30 نوفمبر، وبالتالي ببطلان مشروع الدستور وبطلان الاستفتاء علي هذا الدستور المحدد له يوم السبت 15 ديسمبر 2012 … وبصرف النظر عن إمكانية إجراء هذا الاستفتاء من عدمه في ظل قرار مجلس إدارة نادي قضاة مصر ورؤساء نوادي قضاة الأقاليم بمقاطعة القضاء للاستفتاء وعدم مشاركتهم في الإشراف عليه … فالكارثة الكبري تتجسد في هذا المشروع الذي جاء صادما لكل الأحزاب والقوي السياسية وأساتذة القانون الدستوري والفقهاء المحترمين .
ما حدث أمر طبيعي في ظل تشكيل لجنة لصياغة الدستور وهيمنة تيار الإسلام السياسي علي عضويتها “73 من 85 من أعضاء اللجنة شاركوا في التصويت “- منهم من جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة 19 ومن التيار السلفي 11 ومن حزب الوسط والحضارة ومستقلين و9 شخصيات عامة وحزبية مناصرين لتيار الإسلام السياسي :.
وأدي هذا التشكيل إلي ضعف جلي وظاهر في صياغة مشروع الدستور
ونقطة الضعف الرئيسية في مسودة الدستور تتمثل في المنهج الذي إتبعته الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، فبدلا من إن يتم في البداية اتفاق الجمعية وتوافق أعضائها علي المبادئ العامة التي تحكم الدستور مثل شكل نظام الحكم والعلاقة بين السلطات والعلاقة بين السلطة والحرية والالتزام بالمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية من عدمه ….الخ، بدأت اللجنة عملها بتقسيم أعضائها ووضع تفاصيل المواد دون ناظم أو رابط أو رؤية متفق عليها
افتقار الصنعة
ونقطة الضعف الثانية نتجت عن ضعف واضح في الشخصيات الرئيسية التي تولت قيادات الجمعية – ولجانها الفرعية وتصدت لكتابة مواد المسودات المختلفة، فصياغة مواد مسودة الدستور تكشف عن افتقار كاتبها للصنعة والجهل باللغة العربية عامة وبالصياغات القانونية والدستورية خاصة، فالعديد من المواد كتبت بصياغات عامة وعبارات فضفاضة تحتمل أكثر من معني وتفسير وبعبارات إنشائية لا معني لها، وغير منضبطة وفي صياغات ركيكة، دفعت د0 محمد نور فرحات أستاذ فلسفة القانون وتاريخه بجامعه الزقازيق إلي المطالبة “بتأنيب من صاغوها علي سوء صناعتهم” وسانده في ذلك العديد من أساتذة القانون الدستوري في الجامعات المصرية علي اختلاف انتماءاتهم السياسية .
ونقطة الضعف الثالثة تتعلق بالا حالة في كثير من مواد الدستور للقانون ، وبصفه خاصة في المواد المتعلقة بالمبادئ العامة والحقوق والحريات العامة بما يحمله ذلك من خطر أن ينتقص القانون من أصل الحق الدستوري.
وقد انعكست هذه الظواهر السلبية علي جميع فصول وأبواب مشروع الدستور “السلفي – الإخواني”. وإذا أخذنا الفصل الثالث الخاص ب”السلطة القضائية” من المادة 168 وحتي المادة 180شاملة” المحكمة الدستورية العليا” و”الهيئات القضائية ” و” المحاماة “و” الخبراء” كمثال فسنجد التالي :
فهناك “شذوذ” واعوجاج في تعريف السلطة القضائية ، تمثل في اعتبار هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية والمحاماة والخبراء من قبيل الهيئات القضائية متجاهلة ان ” القضاء هو الفصل في الخصومات ” وبالتالي لا ينطبق لفظ الفضاء إلا علي القضاء العادي ” والنيابة العامة ومجلس الدولة.
ضد القانون
وإقحام مادة خاصة بالنائب العام بهدف إقصاء النائب العام ، وهي المادة 173 التي تحدد مدة النائب العام بأربع سنوات . وهي “مادة تفصيل” أطلق عليها القضاة والإعلام “مادة المستشار عبد المجيد محمود” . ولم يصبر رئيس الجمهورية حتي يمرر دستوره بل سارع لنقل جوهر هذه المادة الشاذة الي ما أسماه “إعلان دستوري” علي أن يعمل بها فوراً وعين نائباً عاماً جديداً اختاره هو ، ليحول بذلك النائب العام إلي موظف تابع لرئيس الجمهورية .
وإهدار أهم الضمانات التي تحول دون تغول السلطة التشريعية علي نظيرتها القضائية ، وهي لزوم موافقة المجالس القضائية العليا علي القوانين المزمع تعديلها بشأن السلطة القضائية بواسطة السلطة التشريعية ، “حتي لا يترك شأن القضاء والقضاة لتتخبط رياح أهواء التيارات السياسية بين التوافق والخصومة” .
وعدم النص علي لزوم المساواة بين جميع الهيئات القضائية ، وهو الأمر الذي يفتح باب التمييز دون موضع أو مقتضي .
وخلو مسودة الدستور من نص يلزم جهات الدولة بتنفيذ كل أحكام القضاء والتي تتوافر لها صفة الإلزامية .
وخلو النص من وجوب تحصين الأحكام ومصدريها من التناول بالقدح أو المدح في غير الأوساط العلمية علي يد المخصصين .
ويمتد العدوان للمحكمة الدستورية العليا التي وضعها في الدستور كأحد أفرع السلطة القضائية بعد أن كانت في دستور 1971 سلطة بذاتها تخضع السلطات الثلاث لأحكامها .
وخلت ( المواد من 175 وحتي 178) الخاصة بالمحكمة الدستورية من اختصاصات ثلاث رئيسية للمحكمة الدستورية العليا حازتها ومارستها في ظل دستور 1971 وهي الفصل في تناقض الأحكام النهائية ، ومنازعات التنفيذ الخاصة بأحكام المحكمة الدستورية ، وطلبات أعضاء المحكمة .
وهناك غموض متعمد فيما يتعلق بتشكيل المحكمة وتعيين أعضائها ورئيسها ، فالمادة 176 اكتفت بالقول “تشكل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشرة أعضاء ويبين القانون الجهات والهيئات القضائية أو غيرها التي ترشحهم وطريقة تعيينهم والشروط الواجب توافرها فيهم ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية” .
ولا يمكن قراءة هذا النص بعيداً عن النص المقابل في المسودات السابقة في 14 و 24 أكتوبر 2012 ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 183 علي أن أعضاء المحكمة الدستورية العليا “يختارون بناء علي ترشيح من الجمعيات العمومية للمحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض ومجلس الدولة ومحاكم الاستئناف وفقاً لما ينظمه القانون” ، لقد تراجعت الجمعية التأسيسية “الإخوانية – السلفية” شكلياً أمام اعتراض المحكمة الدستورية العليا الذي أنصب علي إعطاء رئيس الجمهورية سلطة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة “بما يشكل ردة غير مسبوقة عن مبدأ استقلال واختيار قادتها ، كما يمثل تسليطاً لإحدي سلطات الدولة وهي السلطة التنفيذية علي سلطة اخري علي نحو من شأنه أن يتجاهل ما ناضلت من أجله المحكمة الدستورية العليا بعد ثورة 25 يناير ، بما يقصر سلطة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة علي الجمعية للمحكمة” كما اعترضت علي تولي هيئات قضائية أخري ترشيح أعضاء المحكمة الدستورية العليا ، وأقول تراجعاً شكلياً لأن إحالة تشكيل المحكمة وتعيين أعضائها للقانون سيتيح للسلطة التشريعية تطبيق هذا النص الذي تم رفعه من مسودة الدستور .
أحوال الدستورية
والنص في المادة 184 من المسودة علي اختصاص المحكمة الدستورية بالرقابة السابقة علي دستورية مشروعات القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسة والتشريعية والمحلية ، من شأنه – كما قالت المحكمة الدستورية العليا في اعتراضها علي مسودة الدستور الصادرة في أكتوبر الماضي – “أن يحصن القوانين من الرقابة اللاحقة علي نحو غير ملزم للسلطة التشريعية أن تلتزم بما أبدته هذه المحكمة من أوجه العوار الدستوري بقرارها الصادر بهذا الشأن .. فيجوز أن تفصل المحكمة الدستورية في مدي دستورية نص أو أكثر ويتم إرساله للبرلمان ، ولكن يقوم المجلس التشريعي بتفسيره تفسيراً خاطئاً ويتم تطبيقه بشكل لم تصدقه المحكمة الدستور في حكمها ، ولا يمكن الطعن علي النص وإعادة القانون للدستورية العليا لمعرفة مدي تطبيق حكمها من عدمه” .
ولم يقف العدوان علي السلطة القضائية عند هذا الحد .
فقد أصدر رئيس الجمهورية سلسلة من القرارات تحت أسم “إعلان دستوري” في 22 نوفمبر 2012 حصن بمقتضاه قراراته والقوانين التي يصدرها – وبأثر رجعي – من أي رقابة قضائية واختص نفسه – بلا حق – بسلطة تعيين النائب العام دون أي ضوابط أو رقابة ، وأخل بحجية الإحكام القضائية بما نص عليه من إعادة محاكمات بنص مطلق يتسع لأحوال سبق صدور حكم بات فيها كما قال بيان لمحكمتي النقض واستئناف القاهرة ، والذي قال إن هذا الإعلان “إرساء لسابقة لم تعرفها النظم الاستبدادية !!
ورد القضاة من خلال الجمعية العمومية الطارئة لناديهم بقرار يدعو كل المحاكم لتعليق العمل بجميع دوائرها. وهو ما أكدته الجمعيات العمومية لمحاكم النقض والاستئناف والمحاكم الابتدائية في كل أنحاء البلاد ، لحين إلغاء هذا الإعلان غير الدستوري .
وواصل رئيس الجمهورية عدوانه واستفزازه للسلطة القضائية فأصدر قرارا جمهورياً يحمل رقم 297 لسنة 2012 مساء السبت أول ديسمبر ، دعا فيه الناخبين لإبداء رأيهم في مشروع دستور جمهورية مصر العربية ، علي أن يجري الاستفتاء يوم السبت 15 ديسمبر 2012 . وقامت جماهير حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين بحصار المحكمة الدستورية العليا ومنع قضائها من الدخول وتهديد حياتهم رافعين شعار “يا مرسي أدينا إشارة وإحنا نجيبهملك في شكارة” !!
ورد القضاء من خلال اجتماع مشترك لمجلس إدارة نادي القضاة مع رؤساء نوادي القضاة بالأقاليم برئاسة المستشار احمد الزند بإصدار قرار بعدم إشراف القضاة علي الاستفتاء علي الدستور ومقاطعته . ليدخل القضاة الذين يشكلون احد السلطات الثلاثة في مواجهة مع ديكتاتورية رئيس الجمهورية وحزبه وجماعته ، دفاعاً عن استقلال السلطة القضائية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.