كان «محمد محمود» دائما مثار خلاف بين القوى السياسية.. بالنسبة لشباب الثورة هو ملحمتهم وتاريخهم فى مواجهة تحالف نظام مبارك والمجلس العسكرى السابق وجماعة الإخوان، فالأطراف الثلاثة اجتمعت وقتها ضدهم، ثم جاءت الذكرى الأولى للأحداث فى نوفمبر الماضى، عندما كانت جماعة الإخوان فى السلطة، وتجدد الجرح والاشتباكات، وسقط الشهيد جابر جيكا. وتأتى الذكرى الثانية للأحداث الدامية هذا العام، لتجدد الخلافات بين القوى السياسية، ما بين مؤيد للنزول إحياء للذكرى، ورافضين له، بالإضافة إلى دعوات من أنصار جماعة الإخوان إلى المشاركة فى الأحداث، باعتبارها فرصة نادرة لدخول ميدان التحرير تحت غطاء الذكرى، التى انتقدوها فى السابق. من جهتهم، يرفع المؤيدون للتظاهر إحياء للذكرى الثانية، شعارات تطهير وإعادة هيكلة جهاز الشرطة، ومحاسبة كل المتورطين فى قتل المتظاهرين، سواء الضباط أو الجنود أو القادة أو الوزراء وتكريم الشهداء ومصابى الثورة، وتعويض أسرهم. وفى تعليقه على ما تردد بشأن اعتزام جماعة الإخوان التوجه إلى شارع محمد محمود، لإحياء الذكرى، أكد المتحدث باسم حركة 6 أبريل «الجبهة الديمقراطية»، مصطفى الحجرى، أن ذلك لن يثنى أعضاء الحركة عن المضى فيما أعلنت عنه من فعاليات. وأوضح «لو منعنا الخوف من نزول الإخوان هذه المرة، فسيمنعنا أيضا من المطالبة بحقوقنا مع ذكرى أحداث مجلس الوزراء، ثم ذكرى أحداث الاتحادية، وهكذا سيظل الباب مفتوحا لضياع كل حقوقنا، وسيكون التظاهر لتحميل الإخوان المسئولية المباشرة عما شهدته فاعليات الذكرى الأولى، عنما كانت على رأس السلطة، وسقط وقتها شهداء برصاص الشرطة». ويقول المتحدث باسم جبهة طريق الثورة «ثوار»، خالد عبدالحميد، إن «التظاهر خلال إحياء الذكرى الثانية سيكون ضد الداخلية، والمجلس العسكرى، والمتورطين فى مقتل الشباب، وفى وصول الأحداث إلى ذلك المستوى الدامى، وأيضا ضد جماعة الإخوان، باعتبارها شريكا فى القتل، ليس بالصمت فحسب، لكن أيضا بتشويه وتخوين الثوار». أما شباب جبهة الإنقاذ الوطنى، فاختلف موقفهم من إحياء الذكرى، رغم تقاطع مطالبهم مع مطالب الحركات الثورية الأخرى الداعية إلى الاحتشاد، وبحسب أمين شباب جبهة الإنقاذ، وأمين سر الهيئة العليا للجبهة، عمر الجندى، فإنهم بادروا بإرسال مطالبهم إلى رئاسة الوزراء، التى تلقوا منها «مؤشرات إيجابية» على حد قوله. وأشار الجندى إلى أن المبادرة التى تبناها شباب الجبهة تركز على تنفيذ برنامج العدالة الانتقالية، بما يتضمنه من محاسبة المتورطين فى أعمال العنف، وتعويض المصابين وأهالى الشهداء، وتكريم الشهداء بإطلاق أسمائهم على الشوارع والميادين، وإقامة نصب تذكارى تخليدا لذكراهم، موضحا «ننتظر رد مجلس الوزراء خلال أيام». وأضاف «الفارق الشاسع بين الوضع العام خلال إحياء الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود، وبين الذكرى الثانية لها هذا العام، فهناك اتجاه قوى من السلطة الحالية للاستجابة لمطالبنا، والاستماع إلينا، فى مقابل العند والتعنت من جانب السلطة السابقة فى عام 2012، ممثلة فى نظام جماعة الإخوان، لكن سيشارك شباب الجبهة فى الفاعليات التى تجمع عليها القوى الثورية». وبينما أكد البرلمانى السابق باسم كامل، القيادى بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، اتفاق حزبه مع «مضمون» الدعوة لإحياء ذكرى محمد محمود، والمطالب المرفوعة، إلا أنه يختلف معها فى «التكتيك»، أى الاحتشاد فى الشارع، موضحا «أنا ضد الحشد والحشد المضاد، فهذه الوسيلة ثبت فشلها منذ عام 2012، وإذا كنا نطالب بحقوق الشهداء، فلا يكون ذلك عن طريق التسبب فى وقوع المزيد من الشهداء، ولن نشارك أيضا فى فاعليات ذلك اليوم بشارع محمد محمود، لأننا لن نكون أبدا فى خندق واحد مع الإخوان». وأشار كامل إلى أن الحزب يدرس عددا من المقترحات البديلة لإحياء الذكرى، منها زيارة أهالى الشهداء والمصابين فى المحافظات، أو إقامة حملات توعية أو تجميل الشوارع، مؤكدا أن «السبب الرئيسى فى عدم التوجه لشارع محمد محمود، هو تحاشى وقوع اشتباكات، سواء مع جماعة الإخوان أو قوات الأمن». ورغم تحميل معظم القوى السياسية والثورية الداعية إلى التظاهر فى الذكرى الثانية، مسئولية الأحداث سواء فى 2011 أو 2012 لجماعة الإخوان، سواء بالصمت والتخوين فى المرة الأولى، أو بالقتل المباشر فى المرة الثانية، إلا أن الجماعة دعت إلى المشاركة فى إحياء الذكرى، فيما أكدت مصادر بالجماعة أن قرار المشاركة ليس نهائيا، موضحا «هناك مظاهرات يومية فى أماكن مختلفة ومتجددة، وربما ننتهى إلى أن يكون مكان المظاهرات يوم 19 نوفمبر هو شارع محمد محمود، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائى بعد». ومن جهته، نفى وائل أبوشعيشع، المنسق الإعلامى لحملة «كمل جميلك»، الداعمة لترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى انتخابات الرئاسة، مشاركة الحملة فى أى فاعليات مرتبطة بهذا اليوم، مؤكدا أن الاحتفالية التى دعت إليها الحملة فى ذكرى مولد السيسى، تم تأجيلها إلى 21 نوفمبر، «تحاشيا للبس»، كما أشار إلى أنها ستجرى فى منطقة الجمالية التى نشأ فيها وزير الدفاع.