«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشروق» تحقق من الخرطوم فى أسباب الترحيب السودانى بسد النهضة
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 11 - 2013

كشف الاجتماع الثلاثى الذى جمع مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبى الذى تتخوف القاهرة منه على حصتها التاريخية فى مياه النيل عن ميل واضح يصل لحد الترحيب من جانب الحكومة السودانية لبناء السد، وهو ما جعل حالة التناغم التام والتنسيق الكامل بين القاهرة والخرطوم فى هذا الملف الشائك جزءا من الماضى.
«الشروق» رصدت من الخرطوم أسباب انحياز الحكومة والشعب السودانى لسد النهضة، بعد أن أبدت الحكومة بشكل رسمى ونهائى انحيازها للجانب الإثيوبى خلال الجلسة الأولى من المفاوضات حول سد النهضة التى جرت مطلع الشهر الحالى فى العاصمة السودانية الخرطوم، فضلا عن أنها غضت الطرف عن توصيات اللجنة الثلاثية، والتى أكدت فى تقرير لها وجود تأثيرات سلبية على الأمن المائى السودانى والمصرى، والشكوك الدائرة حول معدلات الأمان الخاصة بالسد، فقد تجاهلت الحكومة السودانية هذه التوصيات ورأت امكانية تجاوزها ومناقشتها لاحقا.
‏الموقف السودانى المرحب بسد النهضة لم يتم كشف النقاب عنه فى الأيام الأخيرة فقط، إذ يعود لشهر مايو الماضى، عندما أعلن الدكتور أحمد بلال عثمان‏، وزير الثقافة والإعلام السودانى، والناطق الرسمى باسم الحكومة، تأييد بلاده لقيام سد النهضة الإثيوبى‏،‏ لكنه رهن الأمر بالتنسيق‏، وأخذ الملاحظات الفنية فى الاعتبار‏.
وعدد الوزير السودانى الفوائد التى ستجنيها بلاده من بناء سد النهضة، وقال إنها «تتمثل فى أنه يحجز كميات من الطمى التى يمكن أن تسبب إشكاليات فى البلاد، كما يجعل امتداد المياه مساندا لتعلية خزان الروصيرص»، ويضاف إلى ذلك استفادة السودان المتوقعة من الكهرباء التى سينتجها السد.
ويعتبر سد النهضة التى تعتزم إثيوبيا بناءه على النيل الأزرق من السدود العملاقة لأنه سيبنى على مساحة 1689 كيلومترا مربعا، والمفترض إنجازه عام 2015 لتوليد 600 ميجاوات من الكهرباء.
فوائد لا يمكن تجاهلها
ويتبى الكاتب السياسى سلمان محمد سلمان، المعنى بملف المياه والأنهار الدولية، موقفا مساندا لموقف الحكومة السودانية الرسمى والداعم لبناء سد النهضة، بعد أن روج كثيرا فى كتاباته منذ أكثر من عامين للسد.
يقول سلمان، إنه لو تبنينا نظرة موضوعية متأنية لقضية سد النهضة، سنجد أن هناك مجموعة من الفوائد لا يمكن تجاهلها، وستحقق للسودان الكثير من المكاسب.
ويبرر سلمان، رأيه بعدد من المكاسب التى عددها فى قيام السد بحجز كميات ضخمة من الطمى الذى تقتلعه الأنهار الآتية من الهضبة الإثيوبية بسبب اندفاعها الحاد، والذى تسبب على مر السنوات فى الحد من إمكانيات السدود فى السودان ومصر، وقلص من الإمكانيات التخزينية لخزانات سنار والروصيرص وخشم القربة إلى نحو النصف بسبب الطمى. كما تقلصت لنفس الأسباب إمكانية توليد الطاقة الكهربائية من هذه الخزانات بنفس القدر، بينما لم يتأثر السد العالى فى مصر بشكل واضح، حيث كانت السدود السودانية هى خط دفاع رئيسى للسد العالى.
ويضيف سلمان، أن سد النهضة سيساهم فى تنظيم انسياب النيل الأزرق، وبالتالى سيحد كثيرا من الفيضانات المدمرة التى تحدث فى السودان من خريف لآخر، فضلا عن انخفاض تبخر المياه فى بحيرة التخزين الملحقة به، والذى لن يتعدى ربع مليار متر مكعب من المياه حسب الدراسات فى الوقت الذى تفقد فيه بحيرة السد العالى وحدها نحو عشرة مليارات متر مكعب سنويا، بينما يتبخر نحو مليارين ونصف المليار متر مكعب من المياه من بحيرة خزان جبل أولياء، وتتبخر أيضا نحو ستة مليارات من المياه من خزانات سنار والروصيرص وخشم القربة ومروى.
ويؤكد سلمان، أن الكمية الكبيرة من الكهرباء المقدر توليدها من خلال السد، ستوفر قدرا كبيرا من الكهرباء وبأسعار معقولة لمصر والسودان،فى الوقت الذى تزيد فيه احتياجات مصر والسودان من الطاقة الكهربائية. مشيرا إلى أن: «اتفاق إثيوبيا ومصر والسودان على العمل المشترك فى سد الألفية، إن تم، فسيكون بلا شك بداية عملية موفقة لبرامج عمل تنموى جاد ومتكامل، مبنى على الاستفادة القصوى من إمكانيات حوض النيل الكبيرة لمواجهة الفقر والتخلف الذى يواجه شعوب الحوض، والذين يزدادون عددا وفقرا كل عام».
ويتخذ السياسيون فى السودان، موقفا مشابها لموقف الحكومة السودانية، فى الموافقة ودعم بناء السد، ويقول السفير عثمان الصديق، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بالخرطوم: «نحن فى السودان نواجه مشكلة مع اتفاقية 1959 التى قسمت حصة مياه النيل، والتى لم تشارك فيها إثيوبيا رغم طلب الامبراطور الإثيوبى الراحل هيلاسيلاسى من الرئيس جمال عبدالناصر وقتها الانضمام إليها ولم يتم الموافقة على طلبه».
وقال الصديق: «يجب أن تكون القاهرة صريحة معنا، فلا يمكن أن يكون هناك حديث دائم على أن سد النهضة سيؤثر على السودان، ويتم اكراهنا عليه، ويجب أن تفصح عن مخاوفها على أمنها المائى، والحديث هنا بين القوى السياسية فى السودان، يقول بأن السد سيأتى بالمصلحة لنا، ولا يوجد لدينا مشكلة فى الأمن المائى السودانى، والحكومة السودانية مدركة تماما لهذه المصلحة».
ويضيف الصديق «آن الأوان لمصر أن تتفهم مواقف الحكومتين الإثيوبية والسودانية وغيرهما من دول حوض النيل، ونحن دائما نرى أن النهر لايزال يجرى به كميات كافية من المياه، والآن نحن بحاجة إلى رؤية متكاملة ومشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا بدلا من جو التخوين وعدم الثقة».
تأييد شعبى
هذا الموقف المرحب ببناء السد الإثيوبى يتماهى معه ترحيب شعبى مماثل، فتحت شجرة كبيرة بجانب كوبرى توتى الذى يربط الخرطوم بجزيرة توتى، يجلس عشرات السودانيين على شاطئ النيل، بعد أن جفت مياه الفيضان التى كانت قد أغرقت هذه المنطقة خلال الشهريين الماضيين، تصطف «ستات الشاى» واللاتى يبعن المشروبات الساخنة، على كراسى خشبية وبلاستيكية صغيرة، ليقضى بعض سكان الخرطوم فسحتهم والتى لا تكون جاهزة لاستقبالهم معظم أيام السنة بسبب فيضان النيل، وارتفاع منسوب المياه ليغطى جزءا كبيرا من الشاطئ.
أربعة مراكب فقط، تقف فى هذا المكان، حيث تنقل البعض فى رحلات قصيرة داخل النيل للوصول إلى جزيرة المقرن، التى يلتقى عندها النيل الأزرق مع النيل الأبيض، ولا يقبل عليها الكثير لارتفاع تكلفتها، بعد رفع الدعم عن الطاقة والمحروقات بسبب سياسات التقشف التى تتبعها الحكومة السودانية.
بعض من العتاب حملته رسائل الكثير من السودانيين الذين قابلتهم «الشروق» لمصر، بسبب بعض الخطابات السلبية التى وجهت ضدهم فى الإعلام المصرى، لكن الشيخ حسن الطيب موظفا على المعاش عمل فترة من حياته فى مصر قال: «رغم عتابنا نعرف اننا جسد واحد، ويجب أن تدرك الشعوب ذلك، واذا كان هناك سد أو غيره لن يستطيع أن يوقف مجرى النيل الذى يربطنا سويا، ناقلا بيت شعر طالما يتذكره فى حديثه مع المصريين كما يقول «وما مصر والسودان إلا قضية.. موحدة فى غاية وجهود.. على النيل يا ابن النيل أطلق شراعنا.. وقل للياليه الهنية عودى!».
دعاية لقبول السد
قد يبدى البعض فى الشارع السودانى تخوفا من سد النهضة، لكن حملات إعلامية تتصدرها تصريحات الحكومة، تشجع دائما الرأى العام السودانى بقبول سد النهضة، فضلا عن علاقات شعبية تدعمت فى الفترة الأخيرة بين السودانيين والإثيوبيين، واستقبال الخرطوم وباقى مدن السودان للآلاف من العمالة الإثيوبية.
قبل عام ونصف العام قررت القيادة السودانية، دمج وزارة المياه والموارد المائية فى وزارة الطاقة والسدود، وعين المهندس أسامة عبدالله، وزيرا لها، والتى أصبحت معنية فى المقام الأول بقضية السدود الكهرومائية على مجرى النيل، فى السودان وخارجها على النيل الأزرق، وهو ما يعكس الرؤية الجديدة فى السودان، والتى تتجه إلى دعم مشروعات الطاقة الكهرومائية وإنشاء السدود واستغلال مياه النيل فى تحقيق التنمية.
ولم يقتصر التوجه السودانى لدعم انشاء السدود داخل وخارج السودان، على الجانب الرسمى فقط، فهناك دعم شعبى جسدته مجموعة من الأحزاب السياسية فى السودان والنشطاء السياسيين والكتاب، الذين يرون أن هذه المشروعات تجلب لهم الفائدة وتحقق التنمية لبلادهم، فى الوقت الذى يعانى فيه السودان من مشاكل اقتصادية جراء فقدان النفط بعد انفصال الجنوب، وظهور تأثير ذلك فى تدهور الاقتصاد السودانى وسياسات التقشف التى تتخذها الحكومة برفع الدعم وزيادة الأسعار.
اعتراض قانونى
اختلف موقف الخبراء القانونيين نوعا ما عن الموقف الرسمى للسودان من بناء سد النهضة، حيث تحدث الدكتور أحمد المفتى، الخبير القانونى الدولى فى المياه، وعضو لجنة التفاوض السودانى، عن ضرورة اعتراض السودان على سد النهضة، وإعطاء مهلة اضافية للتفاوض حتى يمكن الوصول إلى نتائج مرضية لجميع الأطراف، بما لا يخل بالأمن المائى لأى منهما.
يقول المفتى، إنه وفقا لقواعد واجراءات القانون الدولى، فمن الضرورى على إثيوبيا من البداية أن تخطر السودان ومصر بالسد، فالقانون الدولى يعطى السودان حق الاعتراض والتشاور، لأن إنشاء السدود يتم برؤية مشتركة حسب الاتفاقيات، وكذلك تحويل مجرى النهر دون إخطار السودان، حيث يتوجب إخطارها بخطاب مكتوب، يؤكد أن السد لن يعرض الأمن المائى السودانى والمصرى للخطر.
ويرى المفتى، الذى كان يشغل منصب وكيل وزارة العدل فى السودان، أن السودان عليه أن يتخذ الآن خطوات جادة للمحافظة على الأمن المائى، وحقوق واستخدامات كل دولة من دول حوض النيل، بعد أن أصبح التعامل فى هذا الملف أكثر تعقيدا، محذرا بأن كل يوم يمر ولا يعيد فيه السودان حساباته، قد يأتى بمستجدات اكثر سوءا مما يجعل التعامل لحفظ الأمن المائى اكثر صعوبة.
وأوضح المفتى، أنه رغم الكلام المعسول الذى يردده المسئولون الإثيوبيون عن التعاون المائى مع السودان، وعدم وجود أخطار للسد على الأمن المائى السودانى، الا أن ذلك يجب أن يكون ضمن افادة رسمية، تضع النقاط فوق الحروف، لتكون بمثابة اتفاق يستطيع ان يعتمد عليه السودان فى المحافظة على أمنه المائى.
وطالب المفتى السودان بان يعيد النظر فى استراتيجيته المائية الجديدة، حتى لا يجد نفسه قد اعطى موافقته على سد النهضة دون قيد أو شرط، ودون النظر إلى مصالحه المائية، معتقدا أن اثيوبيا لن تكون حريصة على توقيع اتفاق مائى جديد مع السودان بعد أن حصلت على موافقتها على سد النهضة.
وفى غضون ذلك، حذرت «مجموعة حوض النيل»، خلال بيان أصدرته بعد اجتماعها، الأسبوع الماضى، من خطورة التحول الشديد فى موقف الشقيقة السودان «من حليف استراتيجى لمصر فى ملف حوض النيل، إلى داعم للتوجه الإثيوبى فى قضية سد النهضة، مشيرة إلى «وجود تحفظات عديدة لدى عدد من كبار المتخصصين السودانيين على المواصفات الحالية للسد وآثارها على السودان».
وشددت مجموعة حوض النيل، فى بيانها على الحاجة الملحة لقيام رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية بزيارات عاجلة للسودان وإثيوبيا لتحقيق توافق بين وجهتى النظر المصرية والسودانية نحو سد النهضة، مع إدراك الفوائد التى قد تعود على السودان من هذا السد، والتى يمكن تحقيقها بالكامل من خلال سد أصغر يقلل من الأضرار المائية والبيئية على مصر والسودان، والاتفاق مع السودان على أجندة التفاوض مع إثيوبيا.
وترى مجموعة حوض النيل، التى تضم خبراء المياه والسدود بجامعة القاهرة، أبرزهم الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الرى الأسبق، والدكتور علاء الظواهرى، الخبير الدولى فى أمان السدود، أن أجندة التفاوض حول سد النهضة يجب أن تشمل تقليل السعة التخزينية للسد، وبما يقلل آثاره السلبية على مصر، وتحقيق توافق حول سياسات تشغيل السد الأصغر الذى يتم التوافق عليه بين الدول الثلاث، خاصة فى سنوات الجفاف، وبما يقلل احتمالات العجز فى حصتى مصر والسودان المائية وأيضا تحقيق توافق حول عدد سنوات تخزين المياه أمام سد النهضة.
وزير الرى السودانى السابق: يجب أن يتأكد خبراء عالميون من سلامة السد
تبنى خبير المياه ووزير الرى السودانى السابق، المهندس كمال على، رؤية وسطية وعلمية تجاه السد وموقف السودان منه، قائلا إن هناك اتفاقا على وجود آثار سلبية وإيجابية لسد النهضة، ولكن يجب أن يلتزم الجانب الإثيوبى لمتطلبات السودان فى فترة ملء سد النهضة وأن تتماشى الجداول الزمنية والكمية مع تشغيل منظومة السدود والمشاريع القائمة فى السودان.
وانتقد على عدم كشف وزارة السدود والمياه السودانية عن تفاصيل الدراسات الإثيوبية أو أى منافع أو أضرار على السودان والاكتفاء بتصريح عام بأن سد النهضة كله فوائد على السودان، وهو ما يشكل خطأ كبيرا، وبما أن اجتماعات اللجنة الثلاثية المدعومة بالخبراء الدوليين انتهت فى مايو الماضى وواصلت إثيوبيا العمل، فلا أتوقع أى نتائج عملية من أى اجتماعات ثلاثية تعقد من الآن فصاعدا.
وطالب وزير المياه السودانى الأسبق بضرورة التأكد من سلامة سد النهضة بواسطة خبراء عالميين لتفادى انهيار السد وحدوث عواقب مدمرة وخسائر فادحة بالنسبة للسودان، لأن السد يقع بالقرب من منطقة زلازل، ولذلك ما كان ينبغى لوزارة الكهرباء والموارد المائية أن تستعجل وتعلن أن سد النهضة كله فوائد للسودان وأنه ليس فيه أضرار للسودان، فضلا عن عدم الانتهاء من دراسة الآثار البيئية والآثار السالبة الأخرى على السودان.
مراكبى
على جبريل شاب فى العشرين من عمره يعمل على مركب فى النيل، منذ خمس سنوات لا يشغل باله ما تتنازع عليه الدول بشأن السدود أو غيرها، لا يحلم كغيره ممن يعملون معه إلا بإجراءات تساعده على تسيير مركبه طوال العام، ولا تضطره إلى وقف العمل بسبب الفيضان الذى يطرد أى «زول من الممكن يكون هنا»، على حد تعبيره.
سمع جبريل وقرأ عن الجدل المثار حول سد النهضة، قد لا يعرف الكثير من التفاصيل المعقدة، لكنه يقول بابتسامة: «والله أى زول ما بيرفض الخير.. والحكومة قالت إن السد خير.. النيل هنا للسودان وليس لأى دولة وحدها، وإثيوبيا لن توقف عنا المياه ولا نحن سنوقفها عن مصر».
صيادون
لا يعتنى المواطن السودانى البسيط، بتعقيدات السياسة أو السجال القائم بين مصر والسودان وإثيوبيا بسبب سد النهضة، وتأثيراته على الأمن المائى أو غيره، فهناك مجموعات صغيرة من الصيادين على شاطئ النيل، يبحثون فقط عن مكان يؤمنون منه رزقهم من مياه النيل طوال العام، دون الاضطرار لمغادرة قوارب الصيد الصغيرة.
«نحن دائما نقول إن مصر والسودان شعب واحد.. لكن لا نرى حقيقة هذه المقولة الآن.. مصر لا تعطينا إلا كلام تعاطف عندما يأتى الفيضان وتغرق قرى السودان ويهجر الفلاحون.. إذا كان هناك مخاطر علينا من سد النهضة، فنحن أيضا دفعنا ثمن السد العالى ولم نعوض حتى الآن»، بلغه حزينة ومتحمسة يتحدث مجاهد سليمان، رجل مسن يرتدى عمامته السودانية البيضاء، معلقا على ما آلت إليه العلاقات بين مصر والسودان، وخلافهما على سد النهضة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.