أرسل رئيس الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار، د. مصطفى رجب، مذكرة رسمية إلى لجنة تعديل الدستور، يطالب فيها بعدم النص على أى عدد من السنوات للقضاء على الامية، لأن تدبير المبالغ اللازمة لانجاز هذه المهمة يفوق طاقة الدولة فى الظروف الحالية. وحول مضمون هذه المذكرة دار حوارنا مع د. مصطفى رجب. •لماذا لم تعترض على المادة التى حددت فترة محو الأمية فى مصر بعشر سنوات، فى الدستور الذى تم تعطيله الآن، وقت كتابته؟ لم أوافق على تحديد فترة العشر سنوات، ولم يؤخذ رأى الهيئة رسميا فى لجان الاستماع التى خصصت لكتابة الدستور، وهذا قصور من اللجنة التأسيسية وقتها، لأن هيئة محو الأمية وتعليم الكبار، هى الجهة المنوط بها قانونا إنجاز هذه المهمة. ويتابع: ومع هذا قابلت وقت كتابة الدستور نقيب المعلمين أحمد الحلوانى، وعضو اللجنة التأسيسية أبوالعلا ماضى، وطلبت منهما أن يبلغا رأيى للجنة، بأنه لا يجوز تحديد مدد زمنية فى الدساتير، فيما يخص القضايا ذات الأبعاد المتعددة مثل محو الامية، لأن الدساتير خطوط عامة لتنظيم الحقوق والواجبات والحريات ونظام الحكم والسلطات، ويجب أن يترك الدستور تنفيذ أى خطط تنموية أو خدمية للقوانين ذات الصلة بها، وأوضحت لهما أن الالتزام بمواعيد محددة فى محو الامية قد يسقط الدستور بعد 10 سنوات، فى حال عدم التمكن من التنفيذ، لكن أحدا لم يستمع إلى ما أقول. •لكن الدستور قد أصبح نافذا فيما بعد، وأعلن أن الهيئة وضعت خطة بالفعل للقضاء على الأمية فى 10 سنوات، فيما يعنى أن الأمر كان ممكنا؟ حينما أجبرت على التعامل مع الدستور، وضعت خطة خمسية، وأخرى خمسية بعدها، وقدمتها لمساعد رئيس الجمهورية السابق للتنمية الاجتماعية د. أحمد عمران، وسلمتها أيضا لمكتب رئيس الوزراء السابق هشام قنديل، فى مارس الماضى، أى بعد نفاد الدستور بثلاثة شهور، كما قدمتها أيضا لوزير التربية التعليم مرتين، واحدة ورقية وأخرى إلكترونية. ويتابع: حددت فى الخطة احتياجات الهيئة من التمويل اللازم لمحو أمية نحو مليون ونصف المليون سنويا، تنفيذا للخطة «عدد الأميين 14 مليونا، بالإضافة إلى 330 ألف متسرب سنويا من التعليم، و200 ألف لا يجدون لهم مكانا فى الصف الأول الابتدائى»، وحددت المبلغ بما يتراوح ما بين 2 و3 مليارات جنيه سنويا، فى الوقت الذى لا تتعدى فيه ميزانية الهيئة 200 مليون جنيه فقط، يذهب 65 % منها إلى الأجور فقط. ويكمل: الخطة أيضا تتضمن ثلاثة إجراءات، أهمها سد منابع الأمية، أى منع تسرب 330 ألف طالب من المرحلتين الابتدائية والإعدادية سنويا من التعليم، وتوفير أماكن لنحو 200 ألف طفل، وصلوا لسن المدرسة ولم يجدوا مكانا فى التعليم، لعدم بناء مدارس كافية، خاصة فى 2000 نجع وقرية صغيرة، ما يمثل ثلث قرى مصر، هذا بالاضافة إلى تقليل كثافة الفصول التى يصل بعضها إلى 180 طالبا، فيما يعنى أن نصفهم لن يتعلموا فعليا. كما طلبت أيضا تثبيت نحو 70 ألف معلم تابعين للهيئة، ويعملون منذ 10 سنوات، ولا يتعدى ما يحصلون عليه شهريا 70 جنيها. •وهل تمت الاستجابة للخطة التى وضعتها الهيئة؟ للأسف حدث نوع من «اللعب القذر» مع الهيئة، فبعد تقديمى للخطة، دعيت لاجتماع مع وزير التخطيط وقتها أشرف العربى، بحضور وزير الشباب أسامة ياسين، وتعهد فيه وزير التخطيط بتوفير 3 مليارات جنيه من المنح، لصالح محو الأمية. لكن الأمور اختلفت بعد هذا اللقاء، ولم تدع الهيئة لأى اجتماع لمناقشة محو الامية، وكانت الاجتماعات تقتصر على وزراء التخطيط والشباب والثقافة والتعليم، كما كانت رئاسة الجمهورية تدعو الجمعيات العاملة فى مجال محو الامية، ولا تدعو الهيئة، لتناقش معهم الأمر. ويتابع: واكتشفت من محاضر الاجتماعات التى استطعت الحصول عليها، بطريقة ما، إن إقصاء الهيئة مقصود، ليقتصر العمل فى محو الامية على الجهات الموالية لنظام الإخوان، وأن هذه الاجتماعات كان يتم فيها التآمر على الهيئة والالتفاف على القانون 8 الخاص بمحو الأمية، لتحول كل الخيوط إلى أعضاء المجتمع المدنى الموالين للإخوان، كما تمت الإطاحة بوزير التخطيط فى أول تغيير وزارى. •وهل تم تخصيص هذه المليارات الثلاثة بالفعل لصالح محو الامية؟ لا أعرف إن كانت خصصت أم لا، وهل خصصت وسرقت، أم كانت هناك نية لسرقتها، ولم يمهلهم القدر، بعد أن أبعدونا منذ ابريل الماضى. •ولماذا لم تتابع قضية التسرب من التعليم مع وزارة التربية؟ طلبت من وزير التربية والتعليم السابق إبراهيم غنيم أكثر من مرة أن أحصل على بيان بأعداد وعناوين المتسربين من التعليم، تنفيذا للقانون الذى لزم الوزارة بتسليم الهيئة هذه البيانات، ولم يصلنى شىء، فقد رأوا أن الأفضل لهم هو التخلص منى «بدل ما يتعبوا نفسهم مع واحد صعيدى دماغه ناشفه». ويتابع: أناشد حكومة الثورة بتحقيق العدالة فى التعليم، بتوفير أماكن لنحو 200 ألف طفل لا يجدون مكانا فى الصف الاول الابتدائى، بالاستعانة بالأماكن غير التقليدية، لتكون بمثابة فصول لهؤلاء الأطفال، ووقف تسرب ثلث مليون طالب، يتركون التعليم فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية إلى العمل بسبب الفقر. وأطالب بالعودة إلى نص المادة الخاصة بمحو الأمية فى دستور 1971، والتى تنص على أن محو الأمية واجب وطنى تلتزم به كل هيئات ومؤسسات الدولة. وأطالب أيضا بعودة المادة الخاصة بالتعليم إلى ما كانت عليه فى دستور 1971، والتى تنص على أن التعليم مجانى بجميع مراحله، وليس التعليم الجيد كما جاء فى نص الدستور المعطل، من أجل الالتفاف على المجانية، فى الوقت الذى لم نعرف فيه حتى الآن هل تحسن المستوى التعليمى للطلاب فى المدارس الحاصلة على الجودة، بالمقارنة بغيرها، فأغلب الظن أن التغير كان فى التحسن فى مستوى الإدارة فقط.