على مدار ثلاثة أيام، عانى مصابو اشتباكات الإسكندرية الأخيرة، التي شهدتها منطقة القائد إبراهيم، بين مؤيدي ومعارضي الدكتور محمد مرسي، التي راح ضحيتها 12 قتيلًا و275 مصابًا، رحلة عذاب، نتيجة حالة الإهمال فى الإجراءات الطبية اللازمة لإسعافهم وعلاجهم. والأبطال الحقيقيون في رحلة علاج مصابي اسكندرية هم؛ الأطباء التابعون للمستشفى الميداني، ونشطاء سياسيون، وأهالي المصابين، حيث كونت مجموعة منهم فريق عمل لمتابعة حالات المصابين والمساعدة فى علاجهم، أو نقلهم لمستشفيات أخرى، وجمع تبرعات لتكفل تلك الحالات، فضلًا عن رحلة شاقة للبحث عن فصائل الدم والبلازما. التقت «الشروق»، بعض المصابين ونقلت روايات من سمحت حالتهم بالحوار، كما التقت مع بعض أعضاء فريق العمل الميداني، الذين تولوا رحلة البحث عن العلاج لهؤلاء المصابين. وتقول الدكتورة نهى السكري، إحدى طبيبات المستشفى الميداني، والتي شاركت في علاج العديد من الحالات المصابة، إن معظم حالات الإصابات كان يتم نقلها لمستشفى الميري، ومعظمهم حالات طلق رصاص حي. وتروى «نهى»، بعض الحالات التي رأتها فمنها مسعد محمد عوض، الذي أتى لمستشفى الميري، فاقدًا للوعى، وعنده اشتباه قطع في البنكرياس، ونزيف داخلي فى البطن، حيث ظل في غرفة الاستقبال ينزف لساعات طويلة حتى ساءت حالته، وبعد عدة اتصالات مع أطباء بالمستشفى استطاعوا نقله لغرفة العناية المركزة، وهو فى حالة حرجة، حيث أصيب بغيبوبة لم يفق منها حتى الآن، مشيرة إلى أنهم لم يتمكنوا من نقله لمستشفى آخر نظرًا لخطورة الحركة عليه. وتضيف «نهى»، أن هناك حالة أخرى لمصاب يدعى حسن محمد، (20 سنة)، الذى تم استئصال الطحال له بعد أن اخترقته طلقة رصاص، فضلا عن وجود ثقبين فى المعدة، وخياطة فى شريان القلب، موضحة أنهم قطعوا ساعات طويلة للبحث عن «بلازما» لحالته، وأنهم قاموا بنقله إلى مستشفى القوات المسلحة، نتيجة حالة الإهمال التي واجهها في مستشفى الميري. وفى نفس السياق، تروى ريما المهدى، ناشطة سياسية، وإحدى المشاركات فى المستشفى الميداني لعمل الإسعافات الأولية، أن هناك قصورا واضحًا من مستشفيات وزارة الصحة بالإسكندرية، في التعامل مع المصابين بسبب الضعف في إمكانيات المستشفيات. وتذكر «ريما»، بعض الحالات التي لقيتها، ومنها فيليب عوض، والمصاب بطلق ناري فى الحوض، مؤكدة أنه ظل في غرفة الاستقبال في سرير 6 أيام الجمعة من الساعة 4 عصرا حتى 2 صباحًا، دون إجراء جراحة له، إلى أن تم نقله لمستشفى ماريمان، حيث لم يتم عرضه على طبيب الجراحة إلا الساعة 11 صباحا، ولم يتم استئصال الرصاصة له، حتى قاموا بنقله لمستشفى طيبة الخاص وهو ينزف، وأشار الطبيب المعالج لحالته أن الجرح بدأ يلتئم على الطلقة، ولذلك يجب وضعه تحت الملاحظة أسبوعا لإجراء عملية استئصال الطلقة. وتستكمل «ريما»، أن وليد سامى، المصاب بطلق ناري في الفخذ، ظل في غرفة عادية من يوم الجمعة وحتى صباح الأحد، دون عمل تغيير لجرحه، ولم يستطع أهله نقله لمستشفى خاص لسوء وضعهم المادي، فضلًا عن المصاب أحمد محمد محمود، المصاب بطلق ناري فى المعدة، وظل أيضًا في غرفة الاستقبال ما يقرب من 7 ساعات حتى ساءت حالته، بالإضافة لرامي محمد، المصاب بطلق ناري فى البطن، الذي أصيب جرحه بتلوث عقب العملية التي أجريت له بمستشفى الميري، وتم نقله لمستشفى طيبة التخصصي. وهناك حالات أخرى تدهورت بسبب الإهمال العلاجي، فقد التقت «الشروق»، بمصاب يدعى إيهاب، الذي تم نقله لمستشفى «طيبة» التخصصي يوم الأحد الماضي بعد إصابته بفيروس «سي»؛ نتيجة تلوث جرحه وعدم التئامه بسبب الإهمال الطبي، الذى عانى منه في مستشفى الميري، على حد قوله.