أكتب هذه الكلمات ليل الخميس ولا أعرف ماذا سيحدث يوم الجمعة ولا املك الا ان ادعو الله ان يجنب مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن. وخلافا لما يتصوره الكثيرون فان اندلاع اعمال عنف واسعة النطاق سيصب فقط فى مصلحة الاخوان كما ان استمرار الازمة الراهنة لاطول وقت ممكن هو فى مصلحتهم ايضا. وما لم تحدث تطورات درامية تقلب الطاولة فاغلب الظن اننا بصدد لعبة القط والفار خلال الفترة المقبلة حتى تنتنهى المرحلة الانتقالية والتى لن نصل اليها فعلا الا بتوافق وطنى واسع. استمرار العنف سيعطى الاخوان وانصارهم فرصة للحصول على جرعة اكسجين منشطة تتيح لهم امتلاك ورقة ضغط ضد اجهزة الدولة. كما انه سيتحول الى اداة استنزاف ضد هذه الاجهزة وبالتالى الرهان على تكرار سيناريو 28 يناير 2011. اى انهاك مؤسسات الدولة والسيطرة عليها. كلما امتدت الازمة وكلما ظل الاخوان فى الميادين بنفس كثافة حشودهم الراهنة فانهم يراهنون على انضمام المزيد من الناس اليهم وبالتالى حدوث تغيير فى المعادلة فقد تنقلب لصالحهم فى لحظة ما. معظمنا اعتقد ان الاخوان لن يتحركوا من رابعة العدوية او ميدان نهضة مصر واذا حدث ذلك فان الحياة سوف تستمر وسيتاثر فقط اهالى المنطقتين مثلما تاثر اهالى التحرير ومحيطه طوال عامين تقريبا. لكن الاخوان كانوا يدركون اللعبة ويرفضون نظرية الموت صمتا فى ميدانى رابعة والنهضة ولذلك بدأوا يكسرون قواعد اللعبة التى اعتقد فريق 30 يونيو انها استقرت. بدأ الاخوان يتحركون ببط من الميدانين ومحاولة اكتشاف ارض جديدة واحتلالها مثلما فعلوا امام الحرس الجمهورى ثم رمسيس والسفارة الامريكية ومدينة الانتاج الاعلامى وغيرها. النظام الجديد فهم نقلة الشطرنج الاخوانية جيدا ولذلك فان احد الاسباب الرئيسية لدعوة السيسى لنزول الجماهير مرة اخرى هو رفض قواعد اللعبة الجديدة التى يريد الاخوان فرضها واللعب طبقا لقواعد السيسى وعدم التحجج بامتلاك الحشد والميادين مرة اخرى. هذه القواعد تقول بوضوح انه يمكنكم التظاهر والاعتصام فى اى مكان لكن من دون اشتباكات او خروج على القانون بما فيه تعطيل المصالح والانتاج. فى القواعد الجديدة لن يكون مسموحا للاخوان التحرك بحرية فى الشوارع خصوصا ان الرأى الشعبى يرفض معظم تحركاتهم وهو ما ظهر من الاشتباكات المتعددة بينهم وبين سكان معظم المدن التى مروا بها. اذن فان السيسى يحاول نزع اوراق الضغط اولا باول من ايدى الاخوان لكن الورقة الاكبر التى لاتزال فى جعبة الاخوان هى قدرتهم على التعطيل والتعويق والايذاء. حتى اذا عاد الاخوان لبيوتهم غدا فانهم سيحاولون تقليد شباب تمرد وبلاك بلوك اى اقراف الحكومة وموسساتها باكبر قدر ممكن من الاذى. من دون تسوية تعطى الاخوان حدا ادنى من الخروج الكريم فاغلب الظن اننا «رايحين فى ستين داهية» وتفاصيل ذلك ان الاخوان سيلجأون الى كل طرق الازعاج والتعويق ضد حكومة حازم الببلاوى وهنا علينا ان نتذكر ماذا كان يقوله محمد مرسى واقرانه عن المظاهرات وتعطيل الانتاج. مصر عبرت مواقف اصعب بكثير من قبل واغلب الظن انها سوف تعبر هذه المرة ايضا.