«الوافدين» تنظم فعاليات ترويجية لتعريف طلاب الهند بفرص الدراسة في مصر    البورصة المصرية تربح 4.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    15 مايو 2025.. الدولار يتراجع 25 قرشا في نهاية التعاملات.. ويسجل 50.21 جنيها للبيع    تشغيل تجريبي لمنظومة التأشيرة الاضطرارية ب مطار القاهرة منتصف يونيو (تفاصيل)    ترامب يعلن إنشاء «القبة الذهبية الأمريكية» المضادة للصواريخ    وزير الرياضة ومحافظ القليوبية يشهدان توقيع بروتوكول تعاون لتنظيم الإعلانات بالهيئات الشبابية بالمحافظة    التحقيق حول إصابة شاب إثر محاولة سرقته بالإكراه بشبين القناطر    القاهرة السينمائي" يشارك في جلسة FIAPF بمهرجان كان لتعزيز التعاون بين المهرجانات العالمية    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    رئيس اقتصادية قناة السويس يجتمع بوفد شركة ميرسك العالمية لبحث تعزيز التعاون المشترك    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    وزير الكهرباء يجتمع برؤساء الشركات لمراجعة إجراءات تأمين التغذية الكهربائية    حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة الصحة والسكان المركزية برئاسة المتيني    حقيقة الانفجارات الشمسية وتأثيرها على الإنترنت وصحة الإنسان    الأونروا تحذر من تفشي الجوع في غزة واستخدام إسرائيل المساعدات كسلاح حرب    «تعقد في الفترة الصباحية».. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي 2025 بالإسماعيلية    مدة العقد وموعد أول مباراة.. الخطيب يجتمع مع خوسيه ريفيرو قبل الإعلان الرسمي    تفاصيل صدام حسام غالي مع كولر قبل رحيله من الأهلي    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    وكيل أوقاف الإسكندرية يعقد اجتماعًا موسعًا مع أئمة إدارات العامرية أول وثان وبرج العرب    موجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الجمعة (تصل ل 42 درجة)    رئيس منطقة المنوفية الأزهرية يتفقد لجان العاصمة لمتابعة امتحانات الشهادات    «النقض» تؤيد إعدام المتهم بقتل فتاة البراجيل    إحالة أوراق عامل للمفتي لاتهامه بقتل شخص والشروع في قتل 4 آخرين بقنا    اتهام عامل بهتك عرض طفلة داخل مغسلة بمنطقة بولاق    القبض على مسجل خطر لقيامه بالنصب والاحتيال على مالكة شركة أدوية بمدينة نصر    رئيس اتحاد العمال: التشريعات الحديثة تعزز بيئة عمل آمنة وصحية    بعد وفاته.. من هو الفنان أديب قدورة؟    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    تزامنا مع ذكرى نكبة فلسطين.. قناة الوثائقية تعرض فيلم درويش شاعر القضية الليلة    «جوازة ولا جنازة».. نيللي كريم تكشف تفاصيل فيلمها الجديد    الليلة.. "بين السما والأرض" يفتتح مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    أفضل طرق تقليل القلق والتوتر في فترة الامتحانات    وزير الصحة يشهد احتفالية هيئة الرقابة الصحية GAHAR    وزير الصحة: فتح تحقيق في شكوى مصاب من تغيير مسار سيارة إسعاف    «شعبة الصيدليات»: تصنيع الدواء في مصر وتصديره يغنينا عن دخل قناة السويس    زيلينسكى يصل تركيا لبحث فرص التوصل لوقف الحرب فى أوكرانيا    زيادة رأس المال شركة التعاون للبترول إلى 3.8 مليار جنيه    النائب تيسير مطر: نكبة فلسطين جرح مفتوح فى جسد الأمة    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    خوسيه ريفيرو يقترب من قيادة الأهلي رسميًا.. تصريحات تكشف كواليس رحيله عن أورلاندو بايرتس تمهيدًا لخلافة كولر    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    وزير خارجية تركيا: هناك فرصة لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    الأهلي يواجه ريد ستار الإيفواري في كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    4 وزراء في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 ل جامعة عين شمس    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    هل يجوز لزوجة أن تطلب من زوجها تعديل هيئته طالما لا يخالف الشرع أو العرف أو العقل؟.. أمين الفتوى يوضح    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    فى فيديو مؤثر.. حسام البدري يشكر الدولة على عودته الآمنة من ليبيا    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا ويؤجل حسم لقب الليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيش عظيم يعبر المستنقع
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 07 - 2013

إنها لحظة فارقة، لا مكان فيها للمائع، أو الأُلعبان، أو الثعبان، أو المسموم، أو المأزوم. لحظة وطن يهيج فيه جنون الخسة، فتسقط الأقنعة عن شائه الوجوه وتشع بظلمتها سود الضمائر، يُرخِّص الشيطان لأصحابها أقذر الأسلحة، ويُحلل أخبث الوسائل، لا لإنقاذ شرعية مزعومة أسقطت نفسها بسوء أدائها قبل الإعلان عن سقوطها، بل لوهم استعادة غنيمة مخطوفة بحجم مصر التاريخية.
لحظة فارقة لا تخلو من قلق السؤال: هل كانت خطوة الجيش الوطنى محسوبة عندما أصغى لأنين الأمة واستجاب لخروجها الهادر الصارخ؟ سؤال يطوف بالخاطر فى لحظة من الهرج والمرج الشريرين اللذين يصطنعهما زعماء عصابة يُعلون مصالحهم الضيقة فوق سلامة الأهل وسلام الأوطان. سؤال له إجابة بديهية فى ميثاق شرف البسالة: وهل فى إغاثة أمة ملهوفة أية حسابات لدى الفرسان من أبنائها سوى مجد المسارعة إلى الغوث! وبرغم بديهية هذا السؤال الجواب، إلا أنه قد يلزمه التعزيز بإقناع العقل لا الاكتفاء بانفعال الوجدان، ومن ثم نفترض وضعا يبلوره سؤال جديد: ماذا لو لم يتحرك الجيش لتلبية نداء الأمة؟
كانت ستخرج الملايين سلميا كما خرجت قبل أن تتبين موقف الجيش، تفيض فى الشوارع والميادين فى كل أركان البلاد كما حدث، تفور وتهدر دونما استجابة من الجالس فى سدة الحكم وجماعته، وإذا استمر خروج الأمة يطلق عليها الحاكم الصدفة تابعيه، ويستدعى لها ميليشيات فروع التنظيم الدولى المسلحة من الجوار، يتم ترويع البلاد والعباد فيسود الصمت ولو إلى حين، وفى هذا الحين تسرِّع العصابة من إيقاع التمكين والأخونة، وربما تستعير من أشباهها خارج الحدود ما يدعم مخططها لتحويل الوطن الكبير إلى إمارة فى كيان طائفىٍ عابرٍ للأقطار، بغض النظر عن ضلال هذا الطموح وتنافره مع العصر. وكما إمارة حماس فى غزة أو طالبان فى أفغانستان أو دولة البشير فيما بقى من السودان، يستتب الحكم بالقوة والقهر تحت لافتات التدين الزائفة، وتنتعش جماعات التطرف كقوة احتياطية للقمع. وفى هذا السيناريو الكابوسى الذى كان ممكنا جدا أن يحدث لو لم يتحرك الجيش، ماذا عن وضع الجيش نفسه؟
«إعادة الهيكلة»، ذلك المصطلح حمَّال الأوجه، الذى هو حق يُراد به باطل فى عرف شراهة دهاقنة الإخوان للسلطة والتسلط، والذى كان يعنى إزاء الجيش والشرطة، ليس أقل من الأخونة ثم الأخونة، إما من أعلى إلى أسفل على المدى القصير، أو من أسفل إلى أعلى المدى الأطول، ولم يكن ذلك يعنى إلا تحطيم أواصر تماسك الجيش الوطنى، وتحويله إلى «لجان ردع» إخوانية للمواطنين، نوع من فرق العنف لترويع كل خارج عن إرادة الإخوان أو رافض لمشيئتهم. وتعبير «لجان الردع» هذا أستعيره من شهادة الإخوانى الشاب محمود العنانى المُتداولة على الانترنت، التى يدين فيها كِبر قادة الجماعة فى المنصورة ورفض الإصغاء لمطالبة شباب الإخوان بعدم مرور المسيرة التى يتصدرها النساء بشارع الترعة نظرا لمخاطر وجود بلطجية فى المنطقة المحيطة بالشارع وعدم وجود «لجان ردع» إخوانية كافية لحماية المظاهرة!
إذن كان الجيش يحمى وحدته وتماسك قواته وعقيدته القتالية الوطنية وهو يستجيب لاستدعاء الأمة له فى 30/ 6. كان يحمى التكوين التاريخى للأمة المصرية الذى لم يكف الإخوان عن محاولة تهشيمه خلال سنة حكمهم الفاشل، وكان يذود عن تكوينه الوطنى التاريخى فى الوقت ذاته. ومن ثم كان مُحتَّما أن يتخذ الخطوة التاريخية التى خطاها، بكل ما تنطوى عليه من مخاطر، لكننى أتصور أنه لم يتوقع كل ذلك الإجرام الإخوانى فى مستنقع المخاطر.
مستنقع من تحشيد الأتباع والمخدوعين بكل سبل التضليل والإيهام، وظَّف فيها «زعماء» منصة رابعة أعجب الادعاءات، كمنامات نزول جبريل ليصلى بهم، وتنازُل سيد الخلق، نبينا الأكرم، عن إمامة الصلاة لمحمد مرسى! كما استخدموا أحط التهديدات باستمرار التفجيرات الإرهابية فى سيناء إذا لم يعد مرسى إلى الحكم، وحولوا صراعهم على السلطة إلى صراع بين الكفر والإيمان، وصل بالبعض إلى اعتبار كل من لا ينضم إلى اعتصام رابعة كافرا بوطنه ودينه، كالتصريح الأخرق لمن كنت أحسبه أذكى قلبا وعقلا من ذلك، وهو مما زاد عليه من التضليل بيتا شخصٌ آخر لم أثق أبدا إلا فى غباء قلبه واحتيال عقله، زعم أن «المثقفين» هم معتصمو رابعة! وكل من عداهم مأجورون «حثالة وزبالة»، على حد قمامة تعبيره التى لم يحتمل تجاوزها حتى مذيع قناة «الجزيرة مباشر مصر» فراجعه فيها!
كل هذه العدوانية فى القول لم تمكث منفردة فى مستنقع الهرج والمرج الإخوانى المصطنع، فسرعان ما برز قرينها الإجرامى فى مشاهد استخدام العنف والأسلحة النارية التى وثقتها فيديوهات منشورة فى أكثر من موقع على الانترنت، إضافة للإجرام بالسلب كالدفع بالأتباع فى مواجهات مُدبَّرة بخسة للتضحية بهؤلاء الاتباع ثم استثمار مصائبهم إعلاميا، خاصة فى حالة النساء اللائى قدموهن قرابين لإنجاح مخططاتهم، كما حدث فى موقعة شهيدات المنصورة. وهم بين هذا وذاك لم يكفوا عن اللعب بالدين فى مستنقع شهواتهم للسلطة والتسلط، فاتخذوا من بيوت الله مكامن وكمائن فأهدروا قدسيتها، وجعلوا من العبادة وسيلة ادعاء للمظلومية كالصلاة على كوبرى أكتوبر، وكأنه لا مكان فى الدنيا للصلاة إلا بقطع الطريق.
مستنقع هائج فى شوارع وميادين الوادى الذى لا يهمهم تخريبه فى سبيل أطماعهم التنظيمية والشخصية، وهو مستنقع موصول عبر قنوات خبيثة بما يجرى فى سيناء، التى يتأهب الجيش الوطنى لتطهيرها من الاحتلال الإرهابى المستفحل فيها تحت الغطاء السياسى لحكم الإخوان. مستنقع كبير أسِن بفعل تحلل الضمير الوطنى لقادة هذا التنظيم العِصابى الشائخين، وقُدِّر على جيشنا الوطنى العظيم أن يعبره مع الشعب، وسيعبرانه بإذن الله، نحو تمكين الأمة من نقاء وبهاء مصر، دولةً وطنيةً مدنيةً حديثة، يحرس مدنيتها جيشٌ عصرىٌ مُترفِّعٌ جَسور.
عاش الجيش المصرى الوطنى العظيم، برغم أنف كل مائع، أو أُلعبان، أو أفعوان، أو مسموم، أو مأزوم. هنا أو هناك، فى ذلك المستنقع الذى حتما سيعبره جيشنا مع سائر الأمة، ودون استثناء لكل ذى قلب سليم من شباب الإخوان الأنقياء، كما حسنى النية ممن يزيح الله عن أبصارهم غشاوة خِداع المقامرين بدين الله فى حضيض الأطماع الدنيوية الدَنيَّة.
وأستأذنكم واستأذن أصدقائى فى الشروق، أن أتغيب أسبوعين، أخلو فيهما إلى نفسى لأتدبر أمرى ككاتب يطمح إلى كتابة مُغايرة لتلك التى لم تكف عن المجاهدة فى عبور ظلمات أوضاع فُرضت علينا بؤسها، منذ سنوات المخلوع العشرين الأخيرة وحتى سنة المنزوع الوحيدة المريرة، فثمة حاجة لكتابة تُكرِّس للبناء والنور لا مصارعة الظلمات التى حتما تصيب من يواجهها ببعض رشاشها. وكُلِّى ثقة فى أن هذه الأمة، ستجد فى الأفق القريب سقيفة خضراء نقية، تعقد تحت ظلالها تصالحا صادقا بين بنيها المخلصين لوطنهم من كافة الأطياف، خاصة الشباب. وكل عام أنتم ومصر الطيبة كلها بخير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.