سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزير «العدالة».. عارض إعلان مرسي وأيد محاكمة مبارك.. وشارك بمعركة طابا ترأس لجنة الإفراج عن المدنيين المحاكمين عسكريًّا ورفض الانضمام لحوار تعديل الدستور..
أصبح المستشار محمد أمين المهدي، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أول من يتولى حقيبة «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية» التي نشأت خصيصًا في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، لتولي هذا الملف الذي تم إهماله وأجهضت كل محاولات المضي قدمًا فيه منذ فبراير 2011. وأسندت هذه الحقيبة ل«المهدي» بعد اعتراض نادي القضاة على توليه وزارة العدل التي كان مرشحًا في الأصل لها، بحجة أن وزير العدل يجب أن يكون من أبناء هيئة القضاء العادي، الأكثر عددًا بين جميع الهيئات القضائية.
وكان آخر منصب تولاه المهدي هو رئاسة لجنة حماية الحرية الشخصية، التي كانت أول لجنة شكلها الرئيس السابق محمد مرسي في 4 يوليو 2012 لبحث ملفات المدنيين المعتقلين والمحاكمين أمام القضاء العسكري تمهيدًا للإفراج عنهم.
وأسفر عمل لجنة المهدي عن الإفراج عن جميع المدنيين المحاكمين أمام القضاء العسكري طالما لم يكونوا متهمين أو مدانين في جنايات أخرى، كما كان من نتائج عمل اللجنة صدور قرار جمهوري بالعفو الشامل عن بعض الجرائم المرتكبة أثناء ثورة 25 يناير طالما استهدفت مناصرة الثورة، فيما عدا جنايات القتل العمد.
وكان المهدي مرشحًا أيضًا لرئاسة لجنة استرداد أموال مصر المهربة إلى الخارج، ولتولي ملف العدالة الانتقالية في عهد مرسي، لكن هذين الملفين لم يطرأ عليهما جديد طوال عام من حكمه.
والمستشار المهدي - 76 عامًا - كان أول مصري يشغل عضوية المحكمة الجنائية الدولية، حيث شارك في محاكمة مجرمي حرب البلقان من القيادات الصربية لدولة يوغوسلافيا السابقة، من 2001 إلى 2005، كما اختير عام 2007 من قبل أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون عضوًا أول في لجنة اختيار قضاة المحكمة الجنائية الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بموجب قرار مجلس الأمن 1646.
وتم اختيار المهدي ضمن فريق الدفاع عن موقف مصر في قضية طابا، وبالفعل أصدرت هيئة التحكيم التي انعقدت في جنيف حكمها لصالح مصر، وفي 15 مارس 1989 تسلمت مصر منطقة طابا وعادت إلى سيادتها.
شارك المهدي في تأسيس قواعد القضاء الإداري ووضع الدستور بدولة الكويت، التي عمل بها مستشارًا لأميرها جابر الأحمد الصباح من 1994 إلى 1997.
وتميزت أحكام المهدي خلال مسيرته القضائية بمجلس الدولة بالقوة المهنية والجرأة والموضوعية وإحكام الصياغة، فمن منصبه كرئيس لمجلس الدولة والدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بين عامي 2000 و2001، وكان من أبرز هذه الأحكام حكماه التاريخيان بعدم أحقية مزدوجي الجنسية والمتهربين من أداء الخدمة العسكرية في الترشح لعضوية مجلس الشعب.
وقبل ذلك بعام واحد، وتحديدًا عام 1999، كان المهدي رئيسًا للدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، وأصدر أحكامًا مهمة على رأسها إلزام الحكومة بالترخيص بإصدار صحيفة الكرامة، وبطلان مشروع وضع هريم ذهبي أعلى هرم خوفو احتفالًا بالألفية الثالثة "حماية لآثار مصر الخالدة من العبث والضرر، ولأنها تعتبر بذاتها جواهر نفيسة تعلو أي قيمة أو تتويج".
وكان المهدي أول من نبه لضرورة محاسبة رموز نظام حسني مبارك بمن فيهم الرئيس المخلوع نفسه، وفق القانون 274 لسنة 1956 بشأن محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، وذلك في مقال من جزأين نشرته «الشروق» في مايو 2011، أكد فيه المهدي أن "نظام مبارك زور إرادة الشعب، وهي جريمة يؤثمها قانون مباشرة الحقوق السياسية، وأن الموافقين على تعديل الدستور عام 2007 حنثوا بيمين احترام الدستور ورعاية مصالح الشعب".
وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، كان المهدي على رأس القانونيين الذين هاجموا إعلان 21 نوفمبر، حيث قال في تصريحات ل«الشروق» في 26 نوفمبر: إن "الإعلان يشككنا في سلامة الاستفتاء والانتخابات القادمة، وأن تحصين قانوني الاقتراع قد يكون مقدمة لإلغاء الرقابة القضائية على الصناديق كما حدث في 2007، وأن قرارات مرسي تفتقر لسمات الإعلان الدستوري، ووصفها بذلك يهدف للهروب من الرقابة القضائية والالتفاف على حقيقة أن إعلان 30 مارس هو الوثيقة الدستورية الشرعية الوحيدة الناشئة عن ثورة يناير".
وكان للمهدي موقف معارض أيضًا للطريقة التي صيغت بها مواد دستور 2012، حيث طالب بإسناد مرحلة الصياغة إلى قسم التشريع بمجلس الدولة، ورفض فيما بعد الانضمام للجنة الحوار الوطني التي أعلنت عنها مؤسسة الرئاسة لتعديل الدستور في يناير الماضي، بعدما أعلنت عن ضمه للجنة دون علمه.