الحنفي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب معهد هندسة وتكنولوجيا الطيران    محافظة الإسماعيلية تعلن رسميا عن موعد انطلاق مهرجان المانجو    سوريا تنفي تنفيذ عملية تبادل أسرى بين الدروز وقوات العشائر بالسويداء    منتخب الناشئين تحت 17 سنة يواصل تدريباته استعدادا لكأس الخليج (صور)    ماهر فرغلي: "حسم" خرجت من عباءة الإخوان وانهيارها كشف أزمة التنظيم    بينهم أشرف عبد الباقي ومحيي إسماعيل وميمي جمال، القومي للمسرح يكرم 10 من رموزه (صور)    طريقة عمل الدونات، حلوى سريعة التحضير لأي مناسبة    محافظ سوهاج يتفقد التشغيل التجريبي للمركز الطبي بحي الكوثر    هل يحرم الإسلام حفلات التخرج؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    عاطف زايد يكتب : حسم الإرهابية ذراع الإخوان العسكري    هشام خرما يكشف عن البوستر الرسمي لألبومه الجديد «أُفُق»    الإعصار «ويفا» يحل بمقاطعة جنوبي الصين    موعد صرف معاش تكافل وكرامة أغسطس 2025    وزير الخارجية الألماني يدلي بتصريح "غريب" حول أوكرانيا    جثة على قضبان مزلقان البدرشين    «الإرهابيين كانوا عايزين يرجعونا لأيام سودة».. والدة الشهيد ماجد عبدالرازق: «حق أبوكِ رجع النهارده يا ليلى»    26 محرم.. جدول المصحف المرتل بإذاعة القرآن الكريم الإثنين    برلمانية: إحباط مخطط "حسم" الإرهابية يعكس حالة الجاهزية واليقظة الدائمة للأجهزة الأمنية    في ظل موجة حر.. إيران تدعو مواطنيها للاقتصاد في استهلاك المياه    شرطة البيئة تواصل حملاتها الأمنية على النباشين بمنطقة العجمي في الإسكندرية    من هم قادة ريال مدريد بعد رحيل مودريتش وفاسكيز؟    الطريق لإنقاذ سوريا!!    كان رايح يدفنها فمات جنبها.. قصة شاب لحق بوالدته في جنازة أبكت بني سويف    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    اتمسك بحقك    هل ملامسة القطط أو الكلاب تنقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR» ليصل العدد الإجمالي إلى 61 منشأة معتمدة    المستشار محمود فوزي: الدولة حريصة على رفع الوعي السياسي لدى الشباب    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    فوتبول إيطاليا: يوفنتوس يحدد سعر بيع تيموثي وياه    اتحاد الكاراتيه يعلن انطلاق تجارب المنتخب المصري المؤهلة لبطولة العالم 2026    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    تعليقًا علي اتهامها بتجارة الأعضاء.. "وفاء عامر" ل"علا شوشة": لن أترك حقي    محمد حمدي: الإصابات منعتني من إظهار قدراتي مع الزمالك    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    حلقة «مطروح للنقاش» تسلط الضوء على العلاقات المصرية السعودية ودورها في استقرار المنطقة    حجز قضية مقتل الطفل أدهم للنطق بالحكم في 27 يوليو    تشييع جثمان 3 فتيات شقيقات من كفر الشيخ تعرضن للغرق أثناء الاستحمام في حوض مزرعة بالبحيرة    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    "لا مجاملات".. "مصراوي" يواجه أمين عام "الأعلى للثقافة" بشأن تشكيل اللجنة العليا للمجلس- حوار    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    مصر ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    بايرن ميونخ يقترب من ضم لويس دياز بعد رفض عرضين    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشعب الثائر
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 07 - 2013

أعتقد أن من أصعب الدروس التى فرضتها علينا الأحداث الجسام التى شهدتها بلادنا فى العامين ونصف العام الماضيين هى أن ندرك أننا شعب ثائر.

فنحن تربينا على نظريات تقول إننا شعب صبور وخانع، وعلى مدى أجيال قبلنا بالمقولات الطنانة عن عبقرية المكان والمجتمعات النهرية، فإذ بنا نثبت لأنفسنا أننا نكتب تاريخنا بأنفسنا، وأنه بإمكاننا أن نخلع حكامنا إذا لم ينصاعوا لإرادتنا.

هذا الدرس، درس قوتنا الذاتية، ليس من السهل قبوله، ولكن من الممكن، بل من الواجب، استخلاص العبر منه وتحديدا بطرح سؤال أساسى وجوهرى: لماذا ثرنا؟ ومتى تنتهى ثورتنا؟ وبشكل أكثر تحديدا: لماذا ثرنا على رئيس انتخبناه فى انتخابات كانت نفسها نتيجة الجولة الأولى لثورتنا؟

•••

جماعة الإخوان سيطر عليهم الخوف من النظام السابق ولم يدركوا أن شعبا ثائرا لا يمكن أن تحركه حفنة من الفلول. أما المراقبون الغربيون فأخذوا يركزون على الاقتصاد المنهار وطوابير السولار وانقطاع الكهرباء. بالطبع كان للفلول دور فى الإطاحة بمرسى، وبالطبع كان لسوء إدارة الإخوان للاقتصاد أثر على شعور الناس بالتعب والقلق.

ولكن أكثر ما أقلق الناس هو إدراكهم أن حريتهم مهددة. فمسار التحول الديمقراطى معيب من الأساس، والدستور استأثر بكتابته فصيل واحد دون غيره، والرئيس أصدر إعلانا دستوريا حصن به قراراته من أى مساءلة قانونية، والحكومة اجتهدت فى كتابة مشاريع قوانين قلصت من المجال العام، بدءا بقانون تنظيم التظاهر ومرورا بقانون حرية تداول المعلومات، ثم قانون الجمعيات الأهلية، ثم قانون تطهير القضاء.

والرئيس غض النظر عن حصار المحكمة الدستورية، وصمم على عزل النائب العام، وعين آخر محله لم يحظ لا باحترام أعضاء النيابة ولا بثقة الشعب، والنائب العام الجديد حرك الدعاوى الجنائية ضد الثوار وزج بهم فى السجون بينما الإخوان حاولوا التصالح مع فلول النظام السابق من رجال الأعمال وأخذوا يتوددون للشرطة.

•••

إن شعور الناس فى شتى ربوع البلاد بثقتها فى نفسها وبأن وطنها يسرق منها هو ما دفعها للخروج بالملايين لكى تدافع عن حرياتها وتثور على جماعة سرية أثبتت الأيام أنها تسعى للاستئثار بالحكم لا المشاركة فيه. وكانت الرسالة التى أرسلها الشعب للإخوان يوم 30 يونيو واضحة لا لبس فيها: لقد فشلتم فشلا ذريعا فى إدارة البلاد وفى تنفيذ أهم مطلب من مطالب الثورة، الدفاع عن الحرية، لذا عليكم الرحيل.

ولكن فى نفس الوقت الذى أرسل فيه الشعب هذه الرسالة الواضحة للإخوان، رسالة الفشل، أرسل رسالة أخرى للجيش بضرورة التحرك والتعجيل برحيل مرسى. فالتقارير الصحفية تقول إن أعضاء حركة تمرد هم الذين تمسكوا بضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة قائلين إن لديهم 22 مليون استمارة تطالب بذلك. وعندما انصاع الجيش لإرادة الملايين أمسى حكم الإخوان منتهيا.

المشكلة فى تحرك الجيش لا تكمن فى كيفية توصيف هذا التحرك: هل هو انقلاب عسكرى أم انصياع للثورة، بقدر ما تكمن فى طبيعة الرسالة التى وصلت للإخوان، فعوضا عن رسالة 30 يونيو الواضحة، «لقد فشلنا والشعب رفضنا»، فهمت الجماعة حركة الجيش على أنها ترسل رسالة ثانية ملتبسة، «نحن ظُلمنا وغُدر بنا». وغنى عن البيان أن الرسالتين، رسالة الفشل ورسالة الظلم، مختلفتان فى دلالاتهما وتبعاتهما النفسية والاجتماعية والسياسية.

•••

حركة الجيش كان لها أيضا وقع مهم على الجماهير الثائرة، فالناس التى خرجت بالملايين مطالبة الإخوان بالرحيل ومدركة لقدرتها على الإطاحة برئيس ثان فى عامين رأت الجيش يتصدر المشهد ويأخذ زمام الأمور بيده، فالسيسى يلقى بيانه بينما شباب تمرد فى الخلفية، وطائرات الجيش تعلو التحرير ترسم ألوان العلم وأقواس القزح وقلوبا، وصيحات «مرسى السيسى شلحه» تمتزج بصيحات «مرسى شعبه خلعه».

ومما زاد الأمور التباسا مجزرة الحرس الجمهورى يوم الاثنين. فإضافة إلى الروايات المتضاربة عما حدث، هل الجيش هو من بدأ بالهجوم على المعتصمين أم أنه كان يدافع عن نفسه من هجوم مدبر ومخطط له من قبل، غاب عن كثير من الناس التساؤل عن الأسباب الهيكلية، المؤسسية، التى سمحت لمجزرة بهذه البشاعة أن تحدث.

هذه الأسباب تبدأ من تحديد المسئول عن تسليح الجنود برصاص حى بدل المطاطى، وتمر عبر التساؤل عن طريقة تدريب الجنود على التعامل مع المتظاهرين، ولا تنتهى بمحاولة تحديد المسئول سياسيا عن مثل تلك المجزرة. كما غابت عن كثير من الناس حقيقة أن تلك لم تكن المرة الأولى التى أزهقت فيها الأرواح وسالت فيها الدماء المصرية على يد الجيش، فبدا وقد نسينا أحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء والعباسية.

•••

إن هذا الشعب الثائر الذى استطاع أن يخلع مبارك فى الجولة الأولى من ثورته وأن يطيح بالإخوان فى الجولة الثانية، عليه أن يخضع الجيش لإرادته فى الجولة الثالثة. على المدى القصير يجب علينا المطالبة بتحقيق مستقل فى أحداث الحرس الجمهورى (مع ما صاحبها من أحداث فى المنيل وسيدى جابر وبين السرايات).

أما على المدى الطويل فيجب التمسك بضرورة وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وإخضاع ميزانية الجيش لرقابة برلمانية وفتح المجال أمام الإتيان بوزير مدنى للدفاع. عندها فقط، أى عندما نخضع الجيش لإرادتنا، سيخلد هذا الشعب الثائر للراحة وسيدرك أن ثورته قد حققت أهدافها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.