قبل سفره للولايات المتحدةالأمريكية لإحياء ليالى شهر رمضان، بعد أن تم اختياره شخصية العام الدينية فى تصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر الاسلام السمح الوسطى، حرص الدكتور ابراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية على توضيح أهمية الخطاب الدينى وكيفية تطويره والقضاء على فوضى الفتاوى وضوابط الخروج على الحاكم وغيرها من القضايا. • ما تأثير الخطاب الدينى على الأوضاع السياسية المصرية؟ الخطاب الدينى خلف الكثير من التحديات والمخاطر على الأوضاع السياسية والتى تتمثل فى ظاهرة الفرقة والشقاق والخلاف بين أصحاب المعتقد الواحد، وأيضا غياب أدب الحوار، وارتفاع وتيرة التخوين والطعن فى الآخر ومصادرة آرائه وفرض الوصاية على كل ما يصدر منه.
هذا الداء خطير جدا على المسلمين، كما أن ظاهرة التسطيح الدينى تعد من أهم التحديات التى تواجه الأمة والتى تركز على المظهر الخارجى والقشور بعيدا عن جوهر الدين الإسلامى بما يمتاز به من قدرة على التعامل فى إيجاد الحلول لكل ما يستعصى على المسلم، كما أن الأخطر من كل هذا هو الخلط فى المفاهيم بمعنى الخلط بين كل ما هو سياسى ودينى وبين ما هو دينى وعام وبين ما هو فتوى وما هو رأى، كل هذا من شأنه أن يخلق حالة من الضجيج والفوضى فى المجتمع والتى يستحيل معها التوصل إلى أية حلول للأزمات التى تواجه الأمة.
ولكى نتغلب على كل هذا لا بد من أن نتخلق بأخلاق النبى ونهتدى بهدى الإسلام بعيدا عن التشدد والمغالاة والالتزام بالوسطية والاعتدال وهو منهج الأزهر الشريف ودار الافتاء المصرية، ونضيف لكل ما سبق إخلاص النية لله تعالى والعمل على خدمة الدين الإسلامى بعيدا عن النظرة الشخصية للأمور للحفاظ على تماسك ووحدة الأمة الإسلامية.
• ما تأثير فوضى الفتاوى أو إطلاق الفتاوى بطريقة عشوائية على المجتمع وما هى الحلول لهذه المشكلة؟ سيكون الهم الأكبر فى دار الافتاء المرحلة المقبلة هو القيام بوظيفة الدار من بيان للأحكام الشرعية بطريقة منضبطة تحد من الفتاوى التى تحدث بلبلة فى المجتمع وتقضى على ما يسمى بفوضى الفتاوى، وسيكون هذا الأمر من خلال طريقتين: الأولى وهى الإسهام الفاعل فى بث مزيد من الوعى العام لدى جماهير الأمة بهذه القضية، والعمل على إرساء ما سماه بعض علمائنا ب«ثقافة الاستفتاء»؛ لأن هذا بمثابة التحصين من الوقوع فى هذا الإشكال، والطريقة الثانية تتمثل فى العمل الدءوب على تصحيح المفاهيم الفاسدة التى تخلفها تلك الفتاوى الشاذة والغريبة على مجتمعاتنا وعلى روح الإسلام الوسطى الذى اتخذه الأزهر منهاجا له، فالمؤسسة الأزهرية هى عنوان للوسطية الإسلامية التى تسع الجميع وتحتوى الجميع، وستظل بفضل الله عز وجل مرتكزا لكل دعوات الخير، وقيادة لا أقول روحية فقط، وإنما قيادة فكرية قادرة على ضبْط إيقاع المجتمع إذا ظهر فيه النشاز فى أى صورة من صوره.
• هل تتغير أسباب الخروج على الحاكم أم يجب الالتزام بها نصا كما وردت فى الشرع؟ العلاقة بين الحاكم والرعية بمثابة عقد اجتماعى، وعلى الحاكم أن يلتزم به وبآلياته والتى تتطلب تحقيق مجموعة من المبادئ والحقوق منها تحقيق العدل والمساواة والحرية والعيش الكريم، وفى حالة ما إذا لم يلتزم الحاكم بهذه المبادئ والحقوق فيجب حينها على الشعب محاسبته وأن يكون فى إطار من السلمية وبعيدا عن العنف، فالمعارضة السلمية لولى الأمر الشرعى جائزة ومباحة شرعا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر، أما فكرة العنف والخروج المسلح معصية كبيرة ارتكبها الخوارج ضد الخلفاء الراشدين ولكنهم لم يكفروا ولم يخرجوا من الإسلام، وهذا هو الحكم الشرعى الذى يجمع عليه أهل السنة والجماعة.