تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    استقرار سعر الذهب اليوم الأربعاء 29-5-2024 في بداية التعاملات    الصالة الموسمية بمطار القاهرة الدولي تستقبل طلائع حجاج بيت الله الحرام    انفجار عنيف يهز أمريكا.. تحطم النوافذ وتطاير الحطام عبر الشارع (فيديو)    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    من الأرض إلى السماء.. 4 دول تحشد جيوشها لحرب نووية وجنود غير بشرية تستعد للقتال    هجوم مركّز وإصابات مؤكدة.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إسرائيل يوم الثلاثاء    «الرفاهية» تتسبب في حظر حسابات السوشيال بفرمان صيني (تفاصيل)    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    منها تيك توك وميتا وإكس، أمريكا تطالب شركات التكنولوجيا بالإبلاغ عن المحتوى المعادي للسامية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    10 أطعمة تحمي العين وتقوي البصر.. تناولها فورا    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    شوفلك حاجة تانية، هل حرض شيكابالا مصطفى شوبير للرحيل عن الأهلي؟    يرسمان التاتوه على جسديهما، فيديو مثير لسفاح التجمع مع طليقته (فيديو)    إغلاق حساب سفاح التجمع على تيك توك.. ما القصة؟    شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    ادخل اعرف نتيجتك..نتائج الشهادة الإعدادية في محافظة البحيرة (الترم الثاني) 2024    النفط يرتفع وسط توقعات بشأن قرار أوبك+ وتراجع الدولار    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    هل يمكن أن تدخل مصر في صراع مسلح مع إسرائيل بسبب حادث الحدود؟ مصطفى الفقي يجيب    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    «خبطني بشنطته».. «طالب» يعتدي على زميله بسلاح أبيض والشرطة تضبط المتهم    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    شيكابالا يكشف عن نصيحته ل مصطفى شوبير بشأن الرحيل عن الأهلي    إرشادات للتعامل مع مرضى الصرع خلال تأدية مناسك الحج    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    شعبة المخابز تكشف حقيقة رفع الدعم عن رغيف الخبز    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    مؤقتا، البنتاجون ينقل رصيف غزة إلى إسرائيل    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأعلى للآثار» يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بعد ترميمه.. صور    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    المخرج محمد فاضل الحاصل على جائزة النيل: مصر ولادة وكان ولا يزال لدينا مؤلفون عظماء    تراجع سعر الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي الجمهورية في حواره مع الأهرام المسائي
الدولة المدنية هي الأصلح لمصر

المادة الثانية من الدستور فوق دستورية وأرفض إلغاءها المظاهرات السلمية جائزة شرعا ، ساندنا الثورة منذ بدايتها ولكن بالدعوة الي محاربة الفساد وإعادة البناء ، تظاهرات النقاب ليست ضدي ولا علاقة لي بفتواه ، المؤسسة الدينية لم تفقد مصداقيتها والفضائيات أحدثت فوضي في الخطاب الديني
أجري الحوار‏:‏
محمد ربيع غزالة
تصوير‏:‏ مصطفي السنوسي
‏*‏ ما هي أسباب الفتنة الطائفية؟
‏**‏ الشرع الإسلامي يأمر المسلمين بحماية المسيحيين وكنائسهم وهذا وحده لايكفي للقضاء علي اسباب الفتنة الطائفية التي لها اسباب مركبة ونتيجة لثقافة سائدة تجب معالجتها بتحرك مجتمعي شامل وانه يجب علي من يعرف معلومات عن احتجاز اي شخص ابلاغ الجهات الامنية والنيابة لاتخاذ الاجراءات اللازمة ومن الخطأ محاولة الافراد فض هذا الاحتجاز ان وجد بأنفسهم‏.‏
‏*‏ أثارت فتواك بشأن النقاب ضجة كبيرة ما ردك علي ذلك؟
‏**‏ الاحتجاجات ضد حكم المحكمة القضائية الادارية وليست ضدي لان فتوي النقاب اصدرها المجلس الاعلي للازهر ومجمع البحوث الإسلامية‏.‏
‏*‏ ما مفهوم الدولة بالنسبة لفضيلة المفتي؟ وما هو النموذج المثالي للدولة في مصر؟
‏**‏ هناك ثلاثة انواع من الدول‏,‏ اولاها الدولة الدينية‏,‏ وهي التي تعني ان يكون الحاكم نائبا عن الله‏,‏ كأنه موحي اليه من الله والاسلام لايعرف الدولة الدينية‏.‏ الثانية هي الدولة العلمانية وهي التي تشترط في دساتيرها ابعاد الدين عن كل شيء والاسلام يرفض هاتين الدولتين اما الثالثة فهي الدولة المدنية وتتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية والنموذج المثالي للدولة المصرية ولم يكن هذا امرا حديثا بل كان منذ قرن ونصف في عهد الخديو اسماعيل وفي هذا النموذج تكون الدولة دولة دستور ودولة مؤسسات وبها مجلس شعب وقوانين وتحتوي علي هيكل قضائي واداري‏.‏ اذن نحن نتبني نموذج الدولة المدنية التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية‏.‏
‏*‏ هل كان لكم موقف آخر تجاه ما حدث من قمع للثوار؟
‏**‏ نعم فقد حاولت الاتصال بالحاكم كثيرا لكنه في الحقيقة لم يكن موجودا حتي نقول له اوقف هذا السيل من العنف والقتل والدمار ولم اجد اي قناة توصلني الي الهدف العملي وكانت الطرق كلها مسدودة والاذان كلها صماء وهناك حالة من التوتر ومن الانغلاق غير القابل لأي اتصال وقتها سألت نفسي ماذا علي ان افعله؟ اترك الامور تتدهور ام امنع الدم؟ وساعتها توجهت الي الشباب في الثلاثين من يناير عبر احد البرامج التليفزيونية مخاطبا اياهم بان يدخلوا في جواري انا وشيخ الازهر ووجهاء الامة جميعا وذلك حماية لهم من القتل والاعتقال‏.‏
‏*‏ قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير للقضاء علي الفساد ورسم مرحلة جديدة من تاريخ مصر العظيم‏,‏ ما رأيكم فيما حدث؟
‏**‏ ان دار الإفتاء المصرية سئلت عن حكم المظاهرات السلمية منذ خمس سنوات وكانت اجابة الدار ان المظاهرة السلمية جائزة ومباحة لانها نوع من انواع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ونوع من تغيير الفساد فالامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام له مساحة مهمة وله تأكيد مهم وقد يكون سببها ناتجا عن ضياع المبادئ العليا كالعدالة والمساواة او عدم التوزيع الاجتماعي المعتبر والمحترم وهي ايضا نوع من انواع جماعات الضغط السياسي التي تضغط علي الادارة اذا ما رأت فيها انحرافا او اعوجاجا والامر بالمعروف والنهي عن المنكر اكده الرسول صلي الله عليه وسلم وجعله وكأنه ركن من اركان الدين وبما ان يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير كان مظاهرة سلمية اذن هنا امر بمعروف ونهي عن منكر ولابد علينا ان نتعامل بحضارة مع هذه المظاهرة التي تدعو الي العدالة الاجتماعية وانتهاء الفساد وغيرهما من الاهداف‏.‏
‏*‏ هناك أحداث خطيرة أسماها البعض بالثورة المضادة‏,‏ لعل من أهمها تسريبات وثائق أمن الدولة وما تناقلته وسائل الإعلام‏,‏ ما موقف فضيلتكم من هذه التسريبات والتي طال فضيلتكم بعض منها؟
‏**‏ انا لا ألتفت إلي هذا الكلام علي الإطلاق ما دمت اديت دوري بما يرضي الله ورسوله صلي الله عليه وسلم ولذا فانا اتصدق كل صباح بعرضي علي من يتهمني وادعو الله الا يجعل الدنيا في قلبي ويجعلها في يدي ولا افرح بالموجود واحزن علي المفقود فانا منذ‏37‏ عاما لا التفت لشيء من الاشياء التي تنقصني لان الدنيا مسرح والله فعال لما يريد ومن يسبني ربما يكون محقا او يكون محقا او يكون لذنب ارتكبته وانا تراب ابن تراب واقسم بالله العظيم لم اغضب من تلك الاتهامات لان من يتصدق بعرضه في اول النهار يضمن ان‏75%‏ من الشتامين سينتهون او يكون رد الفعل عليهم ضعيفا‏.‏
‏*‏ ما موقف المؤسسة الدينية من الثورة؟ ولماذا جاء متأخرا؟
‏**‏ لقد صدر بيان من مجمع البحوث الإسلامية دعا فيه الي القضاء علي الفساد ولم يلتفت اليه احد واعتقد ان الإعلام لعب دورا كبيرا في ذلك والقضية الثانية هي السياسة الحزبية او ما يسمي بالحراك السياسي والاجتماعي فالمؤسسة الدينية تحاول الا تكون طرفا فيها لانها طوال عمرها حكم بين الاطراف ولذلك فهي بعيدة عن ان تكون منحازة الي طرف‏,‏ لمؤسسة تتكلم عن المبادئ العامة او المبادئ العليا وقد يكون هناك خلط في بعض المفاهيم بين دور المؤسسة الدينية من الناحية الدينية والدعوية وبين مفهوم النضال فبعض الناس يريدون من المؤسسة الدينية ان تقوم بدور النضال وينزك شيوخها وقياداتها الي الشارع ويهتفون ويرفعون اللافتات وهذا لايليق بمكانتهم ودورهم الدعوي فهذا في اعتقادي سبب هذا الفهم ولذلك يجب ان نغير هذا الاعتقاد وايضا علي الناس ان يتفهموا ان وظيفتي كقاض ولست مناضلا ولا ثائرا وسأظل قاضيا لان المفتي هو احدي صور القضاء لذا فنحن نقول للجميع اتركوا هذه المؤسسة ولاتزجوا بها في الصراع والنزاع والحراك السياسي والحراك الاجتماعي‏.‏
‏*‏ ما رؤيتكم للثورة المصرية؟
‏**‏ لقد قلت اثناء الثورة يا أبناء الثورة أنتم قمتم بالثورة وأديتم واجبكم‏,‏ والناس قد استجابوا لامركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر لانكم كنتم علي حق وعليكم التزام الهدوء حتي يتم البناء وبعد ذلك اكتشفنا ان هذا الكلام كان قد لخصه الشيخ محمد متولي الشعراوي فيما ذكره عن الثائر الحق بقوله‏:‏ إن الثائر يثور من اجل هدم الفساد ثم يهدأ من اجل بناء الأمجاد وقلت ايضا في‏30‏ يناير أيها الشباب أنتم ستحكموننا وستأخذون بيدنا لمستقبل افضل وهذا الكلام مسجل فهذا هو موقفي من الثورة واعقب ذلك صدور بيان آخر عن مجمع البحوث الإسلامية يدعو فيه للقضاء علي الفساد وبالتالي فهذا هو موقفنا من الثورة المصرية العظيمة‏.‏
‏*‏ ما رأي فضيلتكم في الجدل المثار حول المادة الثانية من الدستور والمطالبة بإلغائها؟
‏**‏ لا اري جدلا حول المادة الثانية من الدستور كما هو مشاع في هذه الايام لكننا نرفض الغاءها لانها مادة فوق دستورية بمعني انها جاءت في جميع الدساتير التي مرت بها مصر بدءا من دستور‏1923‏ وحتي دستور‏1971‏ ومعني ان نلغيها اننا سنلغي مجموعة ضخمة من القوانين والتي بدورها ستؤثر علي علاقات ومكانة مصر الخارجية لذلك نحن نعتبرها مادة كينونة لايمكن إلغاؤها علي الإطلاق‏,‏ ونري ان القلق من هذه المادة قلق متوهم في الوقت الذي لانري اية فتنة من عدم إلغائها بل علي العكس هذه المادة تضمن حقوق جميع المصريين رغم اختلاف عقائدهم ومعتقداتهم لذا فأنا ادعو الي المواطنة والمواطنة معناها اعطاء الحقوق والواجبات لكل المواطنين بدون التفرقة لا في الدين ولا في اللون ولا في الجنس ولا في اي شيء آخر‏.‏
‏*‏ ما هي خصائص الفكر المتطرف؟
‏**‏ الفكر المتطرف له خصاص وظواهر من هذه الخصائص انه فكر ينكر التفسير وينكر المقاصد والمآلات والمصالح أي أنه لايريد ان يحول فهمه للنص إلي دين‏,‏ والفكر المتطرف يتميز بالتشدد وهذا موجود في البشر لكن عندما يطبع عليه الطابع الديني يتحول الي عنف والعنف يتحول إلي صدام والصدام يتحول إلي فرض رأي بهذا العنف فيكون ارهابا‏,‏ أما القضية الأخري فهي ان الفكر المتطرف من خصائصه سحب الماضي علي الحاضر هو يريد أولا ان لايدرك الواقع لأن الواقع مرفوض عنده وثانيا يريد إرغام هذا الواقع بقناعته الشخصية الماضوية‏,‏ ومن هنا يأتي الصدام‏.‏ والخصيصة الطابعة لهذا الفكر انه مهتم بالظاهر ولذلك المنظومة الأخلاقية باهتة جدا أو لا تكاد توجد عمره ما يتكلم عن الحب وعمره ما يتكلم عن حسن الجوار ولذلك نجد اصحاب هذا الفكر لديهم مشكلة في تربية الأسرة ومشكلة مع الحياة ومشكلة مع الجمال وهكذا‏.‏
‏*‏ هل فقدت المؤسسة الدينية مصداقيتها بين الناس الآن؟
‏**‏ الإحصائيات لاتكذب ففي عام‏1950‏ كان لدينا‏12‏ معهدا أزهريا والآن أصبحت‏8‏ الاف معهد وكان لدينا ثلاث كليات اصبحت الآن‏73‏ كلية وفي تلك السنوات كان عدد طلاب المعاهد الأزهرية والجامعة لايزيد علي‏15‏ ألف طالب الآن بالمعاهد مليون ونصف المليون طالب والجامعة ما يقرب من نصف مليون إلي مليونين دارس أزهري‏,‏ وكان عدد السكان عام‏1950‏ يبلغ‏17‏ مليون نسمة واليوم‏80‏ مليون نسمة لو هذه الأشياء علي عدد السكان كان الأمر يتضح بالضرب في خمسة لكن ما حدث ان ضربت في مائة فأصبح ال‏20‏ ألفا‏2‏ مليون إذن فالعلماء يقومون بواجبهم والشعب يتصل بالعلماء اتصالا قويا فلا يوجد معهد منها بني علي نفقة الدولة كله من المجهودات الذاتية إذن نستطيع القول بأن الشعب في مصر الآن أشد ارتباطا بعلمائه وهذا لايمكن ان يتأتي إلا إذا كان العلماء يقومون بدورهم‏.‏
‏*‏ ما قول فضيلتكم في فتاوي غير المتخصصين الذين نراهم في الفضائيات؟
‏**‏ هؤلاء أحدثوا فوضي في الخطاب الديني وليست في الفتاوي الحقيقية فأنت تشاهد برنامجا يتحدث عن الدين وإذا بك امام متشدد وتحول المحطة لتجد متسيبا وتحولها لتجد من يحصر الدين في الروحانيات وتحول لتجد من يحصر الدين في السياسة وهكذا فالناس تحيرت وتبلبلت من اختلاف الأداء في الخطاب الديني فسمينا هذه الحالة في أدبياتنا فوضي الفتاوي لكنها ليست فوض للفتاوي بالذات‏.‏
‏*‏ وما الذي يصنع فوضي الفتاوي؟
‏**‏ فوضي الفتاوي تحدث عندما نسمي الإجابة عن أي سؤال بأنها فتوي‏,‏ مثلا عندما يسألني احد عن من كان مع الرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في الغار فهذه ليست فتوي وقس الأمر علي ذلك والناس تسميها فتوي ونحن وراءهم نسميها كذلك ومن هنا نؤكد ان الفتوي أمر يتعلق بالعمل والتفريق بين المسائل والقضايا وبين الرأي والفتوي وإجابة السؤال أمر مهم جدا‏.‏
‏*‏ كيف ينظر فضيلة المفتي إلي الأداء الإعلامي الذي يتناول القضايا الدينية بشكل عام؟
‏**‏ الإعلام في عصرنا الحاضر في غاية الأهمية ولانستطيع ان نتخلي عنه ولإيماني بذلك تم انشاء المركز الإعلامي انطلاقا من إيمان دار الافتاء المصرية بأهمية الإعلام لتوصيل رسالة الدار إلي الأمة وتنظيم العلاقة الإعلامية بين الدار وغيرها من المؤسسات المحلية والعالمية وأنا اعتقد أن الصحافة هي أحد أهم روافد الأمل المنشود للتغيير إلي الأحسن لكن في الوقت نفسه في بعض وسائل الإعلام لانجد بناء العقلية الإنسانية هدفا حقيقيا لها وتتخذ من الإثارة غير الموضعية لأغراض في ذهن صانعي الإعلام فخبراء الإعلام يقولون ان الإثارة جزء من الإعلام الغربي ونحن للأسف رغم اختلافنا عنهم قيميا نستورد هذه الإثارة غير الهادفة‏.‏
‏*‏ ما رأيك في الصوفية والمتصوفين؟
‏**‏ الصوفية الحقيقية شيء وتصورات الناس عنها شيء آخر فالصوفية التي يعرفها ويفهمها ملايين الناس هي التي نشرت الإسلام في شرق آسيا وغربها وادخلت الإسلام وسماحته وهناك أكثر من‏90‏ طريقة صوفية يربي فيها المشايخ مريديهم علي مرتبة الإحسان أي انهم يربونهم علي عبادة الله كأنهم يرونه فإن لم يكونوا يرونه فهو يراهم ولكن هذه المعاني لاتروق للبعض‏.‏
‏*‏ هل الخلافات بين السنة والشيعة لها أصل ديني؟
‏**‏ لم تكن الخلافات بين السنة والشيعة دينية علي الإطلاق وإنما هي خلافات سياسية فالشيعة والسنة متعايشان مع بعضهما في سلام منذ قديم الأزل سواء في إيران أو في العراق أو في السعودية أو غيرها فالخلافات الأخيرة سياسية نتيجة للتوتر السياسي في المنطقة‏.‏
‏*‏ أنت دائما تنادي بالحوار مع الآخر رغم أن الآخر لايعترف بالإسلام فما فائدة هذا الحوار إذن؟
‏**‏ تعميم الآخر ليس في صالح القضية الإسلامية لكلا الطرفين فهناك من لايريد الحوار ويريد الصدام وهناك من يريد الحوار والتعاون ويجب علينا في ان نفهم هذا الذي يريد الحوار والتعاون وان نحيد أو نغير رأي من يريد الصدام إذن أنا لا أسلم هكذا وأقول هم لايريدون الحوار بل يجب علينا ان نقنع الجمهور بسوء قصد هؤلاء أو بسوء رأي هؤلاء وفي النهاية لابد من الجلوس مع الآخر وسماع رأيه والأخذ والرد معه بدلا من العزلة التي تنتهي بسوء التصور عند الطرفين‏.‏
‏*‏ في رأيك ما هو المدي المقبول لتداخل السياسة والدين؟
‏**‏ السياسة لها معنيان‏:‏ معني رعاية شئون الأمة ومعني آخر وهو المعني الحزبي‏,‏ ونظرا لأن الدين يرعي الأمة فهو يتعرض للسياسة من هذه الناحية لكن لايتدخل أبدا في السياسة الحزبية واللعبة الحزبية لأن هذه أدوات تتغير بتغير الزمان‏.‏
‏*‏ هل هناك خطط مستقبلية لدارالإفتاء المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟
‏**‏ نعم نحن نسعي في الفترة المقبلة إعادة دار الإفتاء المصرية إلي الشارع من خلال ثلاثة أهداف هي العلم الصحيح والدعوة الصحيحة والعبادة الصحيحة بمعني ان تكون مصر النموذج علي المنهج الوسطي وألا تنتشر فيها الأفكار التي تقدم الدتمير علي التعمير‏,‏ والتي تقدم المساجد علي الساجد فنحن نريد تقديم الساجد علي المساجد ونريد تقديم الوعي قبل السعي ونريد تقديم البناء والتعمير قبل التدمير إذن هذه الثلاثة العلم الصحيح والعبادة الصحيحة والدعوة الصحيحة هي التي ستكون برنامجنا للاتصال مع الجماهير لنقل المنهج الوسطي المصري الذي هو نموذج يحتاج إليه العالم كله الآن‏.‏
‏*‏ ما هي الرسالة التي تريد ان توجهها للشعب المصري في هذه المرحلة؟
‏**‏ ليست رسالة واحدة وإنما هي مجموعة رسائل‏,‏ وهي‏:‏
ضرورة الانتقال من المواقف الي الأدوار والمهام الجسام‏.‏
الحوار الوطني الواسع أهم آليات المرحلة‏.‏
التعليم مشروع مصر القومي الأول وقاطرة سائر المشروعات القومية‏.‏
البحث العلمي ضرورة حياة ومستقبل ولاتقدم بغير بحث علمي‏.‏
دعم الاقتصاد والاستثمار هو واجب الوقت وهي رسالة إلي رجال الأعمال واصحاب الأموال والأفكار في مصر والأمة والعالم‏.‏
التركيز في الفترة القادمة علي قضايا الوطن الجسام‏,‏ العمل المدني هو مجال المجتمع الخير‏,‏ تتكافل فيه الجهود‏,‏ وتتوزع فيه المهام في قضايا‏(‏ أطفال الشوارع العنوسة العشوآئيات التدريب المهني التأهيل للعمل إعانة الفقراء رعاية المواهب كسر دوائر الفقر والجهل محو الأمية‏)‏ المرض‏).‏
التواصل مع العالم‏:‏ عطاء لا أخذا فقط وتعاونا لاتبعية ومنها من خبرات وكفاءات أبنائنا المهاجرين خارج الوطن وتهيئة المناخ لهم ليعودوا ويفيدوا بلدهم‏.‏
منظومة القيم هي الإطار الذي يجب ان يحكم تفاعلات المرحلة‏.‏
المؤسسة الدينية المصرية صمام أمان ديني وفكري ومحور حركة في الداخل‏.‏
الإعلام مسئولية وطنية ومنبر حرية لتكوين رأي عام قوي لا ميدان صراع وتشتيت
‏11‏ مبادرة المصالحة مع الشرطة
‏*‏ هل من رسالة توجهها إلي الشباب؟
‏**‏ رسالتي للشباب العلم ثم العلم ثم العلم‏,‏ فنحن عطشانين علم ونحتاج إليه‏,‏ فهو الذي سيحل كل شيء علي جميع المستويات لأننا متكسرين في قضية العلم‏,‏ فمصر في المرحلة القادمة يجب أن تعتمد علي العلم مثلما فعلت كوريا‏,‏ يجب أن يكون‏80%‏ من الموازنة موجة للتعليم و‏20%‏ لبقية الأهداف‏.‏
‏*‏ هل هناك دعوة أو نداء من فضيلة مفتي الديار المصرية لكل المسلمين في مصر ليجتمعوا علي كلمة سواء وتكون لها آلية للحوار‏,‏ لأن الذي يقلق الناس إن لم يكن يخيفهم هو وجود تيارات وقوي مختلفة والناس لم تتعود عليها من قبل‏.‏
‏**‏ في ظني أن كل هذا سيهدأ وسنلتمس طريقنا الصحيح‏,‏ وأنا أدعو كل الشعب المصري بجميع طوائفه مسلمين ومسيحيين إلي دعوة تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم‏,‏ مبنية علي حب الله وحب الجار‏,‏ هيا بنا نضع أيدينا في ايد بعضنا لأن هذا هو مستقبل أبنائنا جميعا‏,‏ هيا بنا نعمل بقلوب مفتوحة ملؤها أولا الرحمة‏,‏ ثانيا الحب‏,‏ والرسول عليه الصلاة والسلام لم يقص أحدا‏,‏ لما دخل المدينة لم يقص المشركين ولم يقص النصاري‏,‏ ولم يقص المسلمين ولم يقص أحدا‏,‏ لقد استوعبهم جميعا في صحيفة المدينة وقال إننا أمة واحدة‏,‏ لقد سماهم أمة واحدة‏,‏ وجعل مفهوم المواطنة علي أبدع ما يكون‏,‏ فإذا كان هذا منذ أربعة عشر قرنا فنحن ندعو إلي هذا بجميع المفاهيم التي يطلقون عليها حديثة ومعاصرة وهكذا هذه هي عقدتنا‏,‏ إذن هيا بنا ندعو الله سبحانه وتعالي أن يمكن لنا في الأرض‏,‏ أن نأمر بالمعروف وأن ننهي عن المنكر‏,‏ وأن نتخلص من الفساد وأن ندخل في دور التربية‏,‏ فكثير من المشكلات التي نقابلها اليوم نتيجة افتقاد التربية‏,‏ لقد فقدنا التربية‏,‏ وهذا الكلام نقوله وسنستمر نقوله إلي أن نلقي الله‏.‏
‏*‏ نريد أن نقف علي أهم التطورات التي حدثت في دار الافتاء المصرية؟
‏**‏ في البداية كان هدفنا في تطوير العمل بدار الافتاء المصرية هو تحويلها إلي العمل المؤسسي‏,‏ لذا فقد قمنا بإنشاء العديد من الأقسام والإدارات التي تساهم في بناء هذه المؤسسة العريقة‏,‏ بالاضافة إلي توسيع قدر الاستفادة من إمكانات الدار في الداخل والخارج‏,‏ بما يخدم الإسلام والمسلمين‏,‏ لذلك قمنا بإنشاء إدارة الحسابات الشرعية والتي تلبي احتياجات المجتمع المسلم المعاصر في الداخل والخارج‏,‏ وتختص بكل ما تستخدم فيه الحسابات والرياضيات أو له علاقة بالمعاملات المالية كالزكاة والوقف وتقسيم التركات والديات والنفقات والوصايا والقسمة‏,‏ وجميع العقود المالية وغير ذلك من الفروع والمسائل‏,‏ وحرصنا في البداية أن تضم هذه اللجنة مجموعة من خيرة المتخصصين في العلوم الشرعية والاقتصادية‏,‏ وتقدم هذه الإدارة عدة خدمات منها تقديم الاستشارات الفقهية الاقتصادية والاجابة عن الاستفسارات حول المعاملات المالية المعاصرة‏,‏ وكل ما يخص الأفراد والمؤسسات في المعاملات المالية‏,‏ ثانيا إدارة المراجعة والتدقيق اللغوي حيث قمنا بطباعة فتاوي منتقاة من سجلات دار الافتاء المصرية في ثلاثة وعشرين مجلدا‏,‏ ونقوم بتدوينها ومراجعتها مراجعة دقيقة وادخالها ضمن مشروع ضخم علي الحاسوب‏,‏ والمشروع يتضمن ادخال الفتاوي المدونة في سجلات دار الافتاء المصرية منذ نشأتها عام‏1895‏ م التي وصل عددها إلي‏184‏ سجلا‏,‏ وتشمل أكثر من ثمانين ألف فتوي‏,‏ ثم برمجة هذه الفتاوي بالتقنية الحديثة‏,‏ وتوفيرها لمن يريد الاطلاع عليها من الباحثين والمهتمين للاستفادة منها‏,‏ ثالثا‏:‏ إنشاء قسم لترجمة الفتاوي والذي جاء انطلاقا من الدور الريادي للدار باعتبارها من أعرق المؤسسات الافتائية علي مستوي العالم‏,‏ حيث يقوم فريق الترجمة بتلقي الاسئلة من جميع أنحاء العالم بلغاته المختلفة‏(‏ الانجليزية‏,‏ الألمانية‏,‏ الفرنسية‏,‏ التركية‏,‏ الروسية الأردية‏,‏ الملايو‏,‏ الاندونيسية‏)‏ وترجمتها إلي العربية لتقوم أمانة الفتوي بدراستها والاجابة عليها ثم يعيد قسم الترجمة ترجمتها إلي لغة السائل مرة أخري‏,‏ كما يقوم القسم بترجمة الفتاوي المختارة‏,‏ والتي تختارها لجنة التقويم العلمي والتحضير الاعلامي إلي اللغات المختلفة‏,‏ رابعا تدريب المبعوثين علي الافتاء‏,‏ والذي يعتبر احدي المهام التي تفعل بها دار الافتاء دورها العلمي في مجال الافتاء‏,‏ وهدفه تأهيل المفتين باكسابهم معارف ومهارات وتغيير اتجاهاتهم ليتصفوا بالمنهج المستنير‏,‏ وبالوسطية الجامعة‏,‏ والوعي بالواقع‏,‏ خامسا‏:‏ إنشاء مركز إعداد المفتين عن بعد والذي أنشأته الدار بهدف تخريج المفتي الوسطي المتبحر في الشريعة الإسلامية‏,‏ المحيط بأحوال عصره‏,‏ وذلك بتعليمه علوم الشريعة بتفاصيلها الدقيقة التي تتيح له فهم مقاصد الشريعة وتقديم أولوياتها وفهم أدلتها بشكل يمكنه من توظيف الأدلة‏,‏ وقد اعتمدت دار الافتاء المصرية في هذا المركز استخدام تكنولوجيا التعليم عن بعد في عملية التدريس لمزاياها وفوائدها التي تتجاوز قيود الزمان والمكان‏.‏
‏*‏ مصر تمر بمرحلة فارقة في تاريخها الحديث عقب ثورة يناير‏,‏ تحتاج فيها إلي الأفكار والمبادئ التي تستعين بها لمواصلة البناء والتعمير‏..‏ فهل لديكم تصور للانتقال بمصر من مرحلة المواقف إلي مرحلة الواجبات والبناء والتطوير؟
‏**‏ إن التغيير والتطوير سنة إلهية من سنن الله الكونية‏,‏ ونحن سنظل دائما في حاجة إلي التغيير والذي هو ضرورة حضارية وسنة حياتية ومبدأ إسلامي‏,‏ ومصر في مرحلة ما بعد الثورة بحاجة إلي أفكار ورؤي تساهم في بنائها‏,‏ نوجزها في مجموعة من الرسائل أولاها دعم فكرة المؤسسية والتي تعني انفصال المؤسسة عن الشخص أي بقاء المؤسسة بعد رحيل الشخص عنها‏,‏ وهي ذاتها تعني ما ينادي به كثير من الناس من المشاركة وتداول السلطة والمسئولية وغيرها من الأفكار‏,‏ ومنها أيضا بناء أجيال جديدة قادرة علي استكمال المسيرة‏,‏ وهو ما حققته بالفعل دار الافتاء ببناء الجيل الثاني والثالث من طلاب كلية الشريعة بجامعة الأزهر‏,‏ والرسالة الثانية تمثلت في أهمية العمل المدني ومشاركة الجميع في هذا العمل من كل الطوائف بمن فيهم رجال دين‏,‏ وكذا الاهتمام بالصحة والتعليم والبحث العلمي الذي هو أساس الحضارة والذي بدونه لن نستطيع بناء أجيال وسنظل ندور في حلقة مفرغة‏,‏ وأنا في وقت سابق كنت قد اقترحت علي الحكومة المصرية أن يكون‏80%‏ من الميزانية في مصر للتعليم والبحث العلمي لأن فيه تقدم مصر‏,‏ والرسالة الثالثة تؤكد تأصيل فكرة الوعي قبل السعي‏,‏ بمعني امتلاك الوعي الكافي والمعرفة والدراية قبل البدء في عمل أي شيء ولن يتأتي ذلك إلا بالقراءة والاطلاع علي خيرات الأمم‏,‏ والرسالة الرابعة هي تأصيل قاعدة التعمير قبل التدمير أو التعمير لا التدمير أي يجب علينا أن نعمر ثم نعمر وليس في خطتنا أن ندمر‏,‏ وتوصيل رسالة الأمل الفسيح إلي الناس‏,‏ حيث إن كثيرا من الناس محبط وقلق وخائف من المستقبل‏,‏ لكن قضية الأمل هي التي ستجعل الناس تعود مرة أخري إلي العمل وإلي السعي والاجتهاد‏,‏ والرسالة الخامسة تؤكد العمل علي منظومة القيم الأخلاقية التي يجب الاهتمام بها اهتماما كبيرا‏,‏ والتي تشمل قيم التسامح والحرية الملتزمة والمساواة العاقلة والديمقراطية والشوري والتكافل الاجتماعي والصدق والشفافية والمسئولية والمحاسبة بالاضافة إلي قيمة العدل‏,‏ أما الرسالة الأخيرة فهي ضرورة حرية التعبير‏,‏ واطلاق العنان للناس بأن يفكروا ويبرزوا ما عندهم‏,‏ بعيدا عن أي نوع من التسلط علي الآخر في الرأي أو مصادرة الآراء والأفكار والأهداف‏,‏ فالمرحلة الجديدة تتطلب من الجميع أن يفكر ويبدع من أجل النهوض بمصر‏.‏
‏*‏ في الآونة الأخيرة طالب البعض بضم دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف الي الأزهر ما تعليقكم علي هذا الكلام؟ وهل بالفعل استقلت دار الإفتاء عن وزارة العدل؟
‏**‏ دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف بالفعل تحت مظلة الأزهر الشريف‏,‏ حيث إن المفتي ووزير الأوقاف ورئيس جامعة الأزهر أعضاء في مجمع البحوث الإسلامية الذي يرأسه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ورئيس مجمع البحوث الإسلامية‏,‏ وهو المنوط به الدعوة في الداخل والخارج لذلك فهو المتحدث باسم المؤسسات الدينية في مصر‏,‏ وباسم مصر بموجب القانون ونحن جميعا نتبعه من خلال مجمع البحوث الإسلامية‏,‏ والاستقلال هنا استقلال مرن يتيح لي أداء وظائفي‏,‏ دون الدخول في التعقيد والروتين أما بخصوص استقلال دار الإفتاء عن وزارة العدل فقد استقلت دار الإفتاء بالفعل عن وزارة العدل ماليا وإداريا في‏2007/11/1‏ م‏,‏ وأصبحت لها لائحة داخلية ومالية خاصة بها‏,‏ وهذا يعتبر نقلة في تاريخ دار الإفتاء المصرية ولا ينفي عنها كونها تابعة لوزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط‏,‏ دون أن يكون لوزارة العدل سلطة عليها‏,‏ وشأنها في ذلك شأن كثير من الهيئات القضائية التي استقلت عن الوزارة مع الإبقاء علي تبعيتها السياسية مثل مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا وهيئة قضايا الدولة‏,‏ وترجع هذه التبعية الي الجانب المشترك بين الدار والوزارة والذي يتمثل في النظر في قضايا الإعدام‏,‏ أما بخصوص ضمها إلي الأزهر فإنه يعني انتهاء إشرافها علي النظر في قضايا الإعدام التي تحال إليها‏,‏ وبالتالي ستختفي النظرة الشرعية عن قضايا الإعدام‏,‏ هذا بالإضافة إلي القوانين التي ترسل إلي الدار من الجهات المختلفة كمجلسي الشعب والشوري لإبداء رأي الشرع فيها‏,‏ وقس علي ذلك قضايا المواريث والزواج والطلاق وغيرها من قضايا الأسرة التي تحال الي الدار من المحاكم‏,‏ إذن التعدد في المؤسسات الدينية لا يعني التشتت بقدر ما يعني التنوع الاعتباري من حيث التخصص بما يخدم الإسلام والمسلمين‏.‏
‏*‏ ما الذي تراه مناسبا للمرحلة المقبلة فيما يخص موضوع الديمقراطية؟
‏**‏ يجب علي كل المصريين أن يعملوا علي تحقيق أهداف الثورة بصورة آمنة ومرضية‏,‏ وأن نعمل جميعا علي تحقيق الاستقرار والأمن العام‏,‏ والرفاهية الاجتماعية‏,‏ وإرساء قيم الديمقراطية الحقيقية‏,‏ وهذا يستلزم منا نحن المصريين أن نواصل روح التعاون والنوايا الحسنة وأن نلتزم جميعا بالقيم الأخلاقية التي حثت جميع الأديان عليها من خلال التمسك بهذه القيم حينها يمكننا أن نتغلب علي الصعوبات والتحديات التي تصاحب أي ثورة اجتماعية أو سياسية‏.‏
كما أن من مقتضيات المرحلة المقبلة‏,‏ الانخراط والمشاركة في المجتمع الإنساني المعاصر والإسهام في حركة الحضارة بل قيادتها‏,‏ متعاونين فيما بيننا علي البر والتقوي‏,‏ ومتفاهمين مع كل قوي الخير والتعقل ومحبي العدل عند الشعوب جميع‏,‏ إبرازا أمينا لحقيقتنا وتعبيرا صادقا عن سلامة إيماننا وعقائدنا وتقتضي أيضا الإفادة من ثورة الاتصالات لرد الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام بطريقة علمية سليمة دون ضعف أو انفعال وبأسلوب يجذب القارئ والمستمع والمشاهد والاهتمام بالبحث العلمي والتعامل مع العلوم المعاصرة علي أساس نظرة الإسلام المتميزة للكون والحياة والإنسان‏,‏ والاستفادة من إنجازات العصر في مجالات العلوم والتكنولوجيا‏.‏
‏*‏ الخروج علي الحاكم مشكلة جدلية‏..‏ ما الذي تراه فيه؟
‏**‏ المظاهرات السلمية ليست خروجا علي الحاكم‏,‏ ولكنها أمر بمعروف ونهي عن المنكر‏,‏ ولكن ما نخاف منه الدم‏,‏ ونستكبر أن تسيل الدماء‏..‏ وعندما تسيل الدماء هنا نخاف‏..‏ والنبي عندما ينظر للكعبة ويقول ما أشد حرمتك علي الله‏,‏ ولدم امرئ مسلم أشد حرمة علي الله منك‏..‏ فهو أمر صعب أن نسمع أعداد قتلي ودماء تسيل واؤكد أن المظاهرات السلمية ليست خروجا علي الحاكم‏..‏ وأصدرت فتوي بجواز المظاهرات السلمية‏.‏
‏*‏ هل طاعة الحاكم مطلقة في الشريعة الإسلامية؟
‏**‏ طاعة الحكام تكون فيما أطاع فيه الله تعالي‏,‏ والنبي صلي الله عليه وسلم أوضح هذا في قوله‏:(‏ اسمعوا وأطيعوا‏),‏ لكن السمع والطاعة هو أنه يتقي الله سبحانه وتعالي في المحكومين‏,‏ وحينئذ يصبح السمع والطاعة مسألة إدارية‏,‏ حتي نلتف جميعا حول مصلحة الوطن‏.‏
‏*‏ متي يجوز الخروج علي الحاكم؟
‏**‏ الخروج علي الحكام وضع فيه الإسلام ضوابط‏,‏ وهذه الضوابط صعبة في الفقه الإسلامي‏.‏
‏*‏ ما أبعاد هذه الصعوبة؟
‏**‏ هناك مبادئ عليا‏,‏ هذه المبادئ العليا إذا انتهكت مثل العدالة والإنصاف والمساواة وحقوق وكرامة الإنسان وعرضه‏,‏ والمصالح العليا للوطن في واقعه ومستقبله‏,‏ أدت إلي فتنة ولذلك يحدث أن تذوب مع بعض هذه المبادئ‏,‏ وتنسي يعني تنسي قيمة العدل ولابد للعدل أن يكون حاسما وشفافا وسريعا وهكذا‏,‏ والعدل أساس الملك‏,‏ إذن هذه المبادئ العليا التي سنخالفها ونتركها هي التي ستؤدي في النهاية إلي الفتنة‏,‏ والفتنة معناها أن تقع إراقة دم‏,‏ وهذا الذي يجعلنا لا نخرج علي الحكام بسهولة‏,‏ فعندما يشيع هذا النوع من مخالفة المبادئ السامية‏,‏ فهذا يعد فسادا يجيز الخروج‏,‏ ولذلك فالخروج علي الحاكم قرار صعب وليس سهلا‏.‏
‏*‏ لكن الخروج أيضا علي الحاكم قد يؤدي لحدوث فتنة؟
‏**‏ نعم قد يحدث هذا‏,‏ لكن بعض الشر أهون من بعض‏,‏ فالفتنة المترتبة علي الخروج علي المبادئ السامية أشد من الفتنة التي هي الدماء‏.‏
‏*‏ في نظرك من وراء الفتنة الطائفية التي حدثت أخيرا؟
‏**‏ نحن نريد أن نبني مستقبلا خاليا من الفتنة‏,‏ وهذا يحدث باتحاد القوي الوطنية كلها‏,‏ ولذلك نريد في هذا العصر الجديد أن تكون العلاقة جديدة‏,‏ وأنا أعتقد أن علماء الدين الإسلامي والمسيحي سيقضون علي هذه الفتنة تماما في خلال لحظات‏,‏ كما رأينا في الأيام الماضية‏,‏ وإن كانت هذه الفترة قد شهدت وقوع دم لكنها شهدت أيضا نماذج من الاتفاق الذي يمكن أن ننطلق من خلاله‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.